66- عن أبي واقد الليثي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد والناس معه إذ أقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد، قال: فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما أحدهما: فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، وأما الآخر: فجلس خلفهم، وأما الثالث: فأدبر ذاهبا، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم عن النفر الثلاثة؟ أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه»
أخرجه مسلم في السلام باب من أتى مجلسا فوجد فرجة فجلس فيها رقم 2176
(نفر) عدة رجال من الثلاثة إلى العشرة.
(فرجة) فراغا بين شيءين.
(الحلقة) كل مستدير خالي الوسط.
(فأوى إلى الله) انضم والتجأ.
(فآواه الله) ضمه إلى رحمته.
(فاستحيا) من المزاحمة فتركها.
(فاستحيا الله منه) قبله ورحمه.
(فأعرض) ترك مجلس النبي صلى الله عليه وسلم من غير عذر.
(فأعرض الله عنه) سخط عليه
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( مَوْلَى عَقِيل ) بِفَتْحِ الْعَيْن , وَقِيلَ لِأَبِي مُرَّة ذَلِكَ لِلُزُومِهِ إِيَّاهُ , وَإِنَّمَا هُوَ مَوْلَى أُخْته أُمّ هَانِئ بِنْت أَبِي طَالِب.
قَوْله : ( عَنْ أَبِي وَاقِد ) صَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ فِي رِوَايَة النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيق يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير عَنْ إِسْحَاق فَقَالَ : عَنْ أَبِي مُرَّة أَنَّ أَبَا وَاقِد حَدَّثَهُ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ اِسْم أَبِي وَاقِد الْحَارِث بْن مَالِك , وَقِيلَ اِبْن عَوْف , وَقِيلَ عَوْف بْن الْحَارِث , وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيّ غَيْر هَذَا الْحَدِيث , وَرِجَال إِسْنَاده مَدَنِيُّونَ , وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأ , وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْ أَبِي وَاقِد إِلَّا أَبُو مُرَّة.
وَلَا عَنْهُ إِلَّا إِسْحَاق , وَأَبُو مُرَّة وَالرَّاوِي عَنْهُ تَابِعِيَّانِ , وَلَهُ شَاهِد مِنْ حَدِيث أَنَس أَخْرَجَهُ الْبَزَّار وَالْحَاكِم.
قَوْله : ( ثَلَاثَة نَفَر ) النَّفَر بِالتَّحْرِيكِ لِلرِّجَالِ مِنْ ثَلَاثَة إِلَى عَشَرَة , وَالْمَعْنَى ثَلَاثَة هُمْ نَفَر , وَالنَّفَر اِسْم جَمْع وَلِهَذَا وَقَعَ مُمَيَّزًا لِلْجَمْعِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( تِسْعَة رَهْط ).
قَوْله : ( فَأَقْبَلَ اِثْنَانِ ) بَعْد قَوْله : " أَقْبَلَ ثَلَاثَة " هُمَا إقْبَالَانِ , كَأَنَّهُمْ أَقْبَلُوا أَوَّلًا مِنْ الطَّرِيق فَدَخَلُوا الْمَسْجِد مَارِّينَ كَمَا فِي حَدِيث أَنَس , فَإِذَا ثَلَاثَة نَفَر يَمُرُّونَ , فَلَمَّا رَأَوْا مَجْلِس النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ إِلَيْهِ اِثْنَانِ مِنْهُمْ وَاسْتَمَرَّ الثَّالِث ذَاهِبًا.
قَوْله : ( فَوَقَفَا ) زَادَ أَكْثَر رُوَاة الْمُوَطَّأ : " فَلَمَّا وَقَفَا سَلَّمَا " وَكَذَا عِنْد التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيِّ.
وَلَمْ يَذْكُر الْمُصَنِّف هُنَا وَلَا فِي الصَّلَاة السَّلَام.
وَكَذَا لَمْ يَقَع فِي رِوَايَة مُسْلِم.
وَيُسْتَفَاد مِنْهُ أَنَّ الدَّاخِل يَبْدَأ بِالسَّلَامِ , وَأَنَّ الْقَائِم يُسَلِّم عَلَى الْقَاعِد , وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُر رَدّ السَّلَام عَلَيْهِمَا اِكْتِفَاء بِشُهْرَتِهِ , أَوْ يُسْتَفَاد مِنْهُ أَنَّ الْمُسْتَغْرِق فِي الْعِبَادَة يَسْقُط عَنْهُ الرَّدّ.
وَسَيَأْتِي الْبَحْث فِيهِ فِي كِتَاب الِاسْتِئْذَان.
وَلَمْ يَذْكُر أَنَّهُمَا صَلَّيَا تَحِيَّة الْمَسْجِد إِمَّا لِكَوْنِ ذَلِكَ كَانَ قَبْل أَنْ تُشْرَع أَوْ كَانَا عَلَى غَيْر وُضُوء أَوْ وَقَعَ فَلَمْ يُنْقَل لِلِاهْتِمَامِ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقِصَّة أَوْ كَانَ فِي غَيْر وَقْت تَنَفُّل , قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاض بِنَاء عَلَى مَذْهَبه فِي أَنَّهَا لَا تُصَلَّى فِي الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة.
قَوْله : ( فَوَقَفَا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) أَيْ : عَلَى مَجْلِس رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ " عَلَى " بِمَعْنَى عِنْد.
قَوْله : ( فُرْجَة ) بِالضَّمِّ وَالْفَتْح مَعًا هِيَ الْخَلَل بَيْن الشَّيْئَيْنِ.
وَالْحَلْقَة بِإِسْكَانِ اللَّام كُلّ شَيْء مُسْتَدِير خَالِي الْوَسَط وَالْجَمْع حَلَق بِفَتْحَتَيْنِ , وَحُكِيَ فَتْح اللَّام فِي الْوَاحِد وَهُوَ نَادِر.
وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب التَّحْلِيق فِي مَجَالِس الذِّكْر وَالْعِلْم , وَفِيهِ أَنَّ مَنْ سَبَقَ إِلَى مَوْضِع مِنْهَا كَانَ أَحَقّ بِهِ.
قَوْله : ( وَأَمَّا الْآخَر ) بِفَتْحِ الْخَاء الْمُعْجَمَة , وَفِيهِ رَدّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَخْتَصّ بِالْأَخِيرِ لِإِطْلَاقِهِ هُنَا عَلَى الثَّانِي.
قَوْله : ( فَأَوَى إِلَى اللَّه فَآوَاهُ اللَّه ) قَالَ الْقُرْطُبِيّ : الرِّوَايَة الصَّحِيحَة بِقَصْرِ الْأَوَّل وَمَدّ الثَّانِي وَهُوَ الْمَشْهُور فِي اللُّغَة , وَفِي الْقُرْآن ( إِذْ أَوَى الْفِتْيَة إِلَى الْكَهْف ) بِالْقَصْرِ , ( وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة ) بِالْمَدِّ , وَحُكِيَ فِي اللُّغَة الْقَصْر وَالْمَدّ مَعًا فِيهِمَا.
وَمَعْنَى أَوَى إِلَى اللَّه لَجَأَ إِلَى اللَّه , أَوْ عَلَى الْحَذْف أَيْ : اِنْضَمَّ إِلَى مَجْلِس رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَمَعْنَى فَآوَاهُ اللَّه أَيْ : جَازَاهُ بِنَظِيرِ فِعْله بِأَنْ ضَمَّهُ إِلَى رَحْمَته وَرِضْوَانه.
وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب الْأَدَب فِي مَجَالِس الْعِلْم وَفَضْل سَدّ خَلَل الْحَلْقَة , كَمَا وَرَدَ التَّرْغِيب فِي سَدّ خَلَل الصُّفُوف فِي الصَّلَاة , وَجَوَاز التَّخَطِّي لِسَدِّ الْخَلَل مَا لَمْ يُؤْذِ , فَإِنْ خُشِيَ اُسْتُحِبَّ الْجُلُوس حَيْثُ يَنْتَهِي كَمَا فَعَلَ الثَّانِي.
وَفِيهِ الثَّنَاء عَلَى مَنْ زَاحَمَ فِي طَلَب الْخَيْر.
قَوْله : ( فَاسْتَحْيَا ) أَيْ تَرَكَ الْمُزَاحَمَة كَمَا فَعَلَ رَفِيقه حَيَاء مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِمَّنْ حَضَرَ قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاض , وَقَدْ بَيَّنَ أَنَس فِي رِوَايَته سَبَب اِسْتِحْيَاء هَذَا الثَّانِي فَلَفْظه عِنْد الْحَاكِم : " وَمَضَى الثَّانِي قَلِيلًا ثُمَّ جَاءَ فَجَلَسَ " فَالْمَعْنَى أَنَّهُ اِسْتَحْيَا مِنْ الذَّهَاب عَنْ الْمَجْلِس كَمَا فَعَلَ رَفِيقه الثَّالِث.
قَوْله : ( فَاسْتَحْيَا اللَّه مِنْهُ ) أَيْ : رَحِمَهُ وَلَمْ يُعَاقِبهُ.
قَوْله : ( فَأَعْرَضَ اللَّه عَنْهُ ) أَيْ : سَخِطَ عَلَيْهِ , وَهُوَ مَحْمُول عَلَى مَنْ ذَهَبَ مُعْرِضًا لَا لِعُذْرٍ , هَذَا إِنْ كَانَ مُسْلِمًا , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مُنَافِقًا , وَاطَّلَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَمْره , كَمَا يَحْتَمِل أَنْ يَكُون قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَأَعْرَضَ اللَّه عَنْهُ " إِخْبَارًا أَوْ دُعَاء.
وَوَقَعَ فِي حَدِيث أَنَس : " فَاسْتَغْنَى فَاسْتَغْنَى اللَّه عَنْهُ " وَهَذَا يُرَشِّح كَوْنه خَبَرًا , وَإِطْلَاق الْإِعْرَاض وَغَيْره فِي حَقّ اللَّه تَعَالَى عَلَى سَبِيل الْمُقَابَلَة وَالْمُشَاكَلَة , فَيُحْمَل كُلّ لَفْظ مِنْهَا عَلَى مَا يَلِيق بِجَلَالِهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى.
وَفَائِدَة إِطْلَاق ذَلِكَ بَيَان الشَّيْء بِطَرِيقٍ وَاضِح , وَفِيهِ جَوَاز الْإِخْبَار عَنْ أَهْل الْمَعَاصِي وَأَحْوَالهمْ لِلزَّجْرِ عَنْهَا وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدّ مِنْ الْغَيْبَة , وَفِي الْحَدِيث فَضْل مُلَازَمَة حَلَق الْعِلْم وَالذِّكْر وَجُلُوس الْعَالِم وَالْمُذَكِّر فِي الْمَسْجِد , وَفِيهِ الثَّنَاء عَلَى الْمُسْتَحِي.
وَالْجُلُوس حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمَجْلِس.
وَلَمْ أَقِف فِي شَيْء مِنْ طُرُق هَذَا الْحَدِيث عَلَى تَسْمِيَة وَاحِد مِنْ الثَّلَاثَة الْمَذْكُورِينَ.
وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم.
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ وَاحِدٌ قَالَ فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا وَأَمَّا الْآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ وَأَمَّا الْآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ
عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أخبروني بشجرة تشبه، أو: كالرجل المسلم، لا يتحات ورقها، ولا ولا ولا...
عن يزيد مولى المنبعث : «أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ضالة الغنم فقال: خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب.<br> وسئل عن ضالة الإبل فغضب واحمرت و...
عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، قال: بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ سمع جلبة رجال، فلما صلى قال: «ما شأنكم؟» قالوا: استعجلنا إلى الص...
عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يأتي ابن آدم النذر بشيء لم يكن قدر له، ولكن يلقيه النذر إلى القدر قد قدر له، فيستخرج الله به من ا...
عن جرير بن عبد الله قال: «بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، فلقنني: فيما استطعت، والنصح لكل مسلم.»
عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك، فقلت: يا رسول الله، أليس قد قال الله تعالى: {فأما من أوتي كتابه بيمي...
عن أبي إسحاق: «سأل رجل البراء، وأنا أسمع، قال: أشهد علي بدرا؟ قال: بارز وظاهر.»
عن قيس قال: سمعت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل في مسجد الكوفة يقول: «والله لقد رأيتني، وإن عمر لموثقي على الإسلام، قبل أن يسلم عمر، ولو أن أحدا ارفض ل...
عن سالم بن عبد الله، أن عبد الملك بن مروان، كتب إلى الحجاج أن يأتم بعبد الله بن عمر في الحج، فلما كان يوم عرفة، جاء ابن عمر رضي الله عنهما وأنا معه حي...