73- عن عبد الله بن مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلط على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها "
أخرجه مسلم في صلاة المسافرين باب من يقوم بالقرآن ويعلمه رقم 816
(لا حسد) المراد حسد الغطبة وهو أن يرى النعمة في غيره فيتمناها لنفسه من غير أن تزول عن صاحبها وهو جائز ومحمود.
(فسلط على هلكته في الحق) تغلب على شح نفسه وأنفقه في وجوه الخير.
(الحكمة) العلم الذي يمنع من الجهل ويزجر عن القبيح
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد عَلَى غَيْر مَا حَدَّثَنَاهُ الزُّهْرِيّ ) يَعْنِي أَنَّ الزُّهْرِيّ حَدَّثَ سُفْيَان بِهَذَا الْحَدِيث بِلَفْظِ غَيْر اللَّفْظ الَّذِي حَدَّثَهُ بِهِ إِسْمَاعِيل , وَرِوَايَة سُفْيَان عَنْ الزُّهْرِيّ أَخْرَجَهَا الْمُصَنِّف فِي التَّوْحِيد عَنْ عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ الزُّهْرِيّ عَنْ سَالِم.
وَرَوَاهَا مُسْلِم عَنْ زُهَيْر بْن حَرْب , وَغَيْره عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة قَالَ : حَدَّثَنَا الزُّهْرِيّ عَنْ سَالِم عَنْ أَبِيهِ.
سَاقَهُ مُسْلِم تَامًّا , وَاخْتَصَرَهُ الْبُخَارِيّ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ أَيْضًا تَامًّا فِي فَضَائِل الْقُرْآن مِنْ طَرِيق شُعَيْب عَنْ الزُّهْرِيّ حَدَّثَنِي سَالِم بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر.
فَذَكَرَهُ وَسَنَذْكُرُ مَا تَخَالَفَتْ فِيهِ الرِّوَايَات بَعْد إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
قَوْله.
( قَالَ سَمِعْت ) الْقَائِل هُوَ إِسْمَاعِيل عَلَى مَا حَرَّرْنَاهُ.
قَوْله : ( لَا حَسَدَ ) الْحَسَد تَمَنِّي زَوَال النِّعْمَة عَنْ الْمُنْعَم عَلَيْهِ , وَخَصَّهُ بَعْضهمْ بِأَنْ يَتَمَنَّى ذَلِكَ لِنَفْسِهِ , وَالْحَقّ أَنَّهُ أَعَمّ , وَسَبَبه أَنَّ الطِّبَاع مَجْبُولَة عَلَى حُبّ التَّرَفُّع عَلَى الْجِنْس , فَإِذَا رَأَى لِغَيْرِهِ مَا لَيْسَ لَهُ أَحَبَّ أَنْ يَزُول ذَلِكَ عَنْهُ لَهُ لِيَرْتَفِع عَلَيْهِ , أَوْ مُطْلَقًا لِيُسَاوِيه.
وَصَاحِبه مَذْمُوم إِذَا عَمِلَ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ مِنْ تَصْمِيم أَوْ قَوْل أَوْ فِعْل.
وَيَنْبَغِي لِمَنْ خَطَرَ لَهُ ذَلِكَ أَنْ يَكْرَههُ كَمَا يَكْرَه مَا وُضِعَ فِي طَبْعه مِنْ حُبّ الْمَنْهِيَّات.
وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ مَا إِذَا كَانَتْ النِّعْمَة لِكَافِرٍ أَوْ فَاسِق يَسْتَعِين بِهَا عَلَى مَعَاصِي اللَّه تَعَالَى.
فَهَذَا حُكْم الْحَسَد بِحَسَبِ حَقِيقَته , وَأَمَّا الْحَسَد الْمَذْكُور فِي الْحَدِيث فَهُوَ الْغِبْطَة , وَأَطْلَقَ الْحَسَد عَلَيْهَا مَجَازًا , وَهِيَ أَنْ يَتَمَنَّى أَنْ يَكُون لَهُ مِثْل مَا لِغَيْرِهِ مِنْ غَيْر أَنْ يَزُول عَنْهُ , وَالْحِرْص عَلَى هَذَا يُسَمَّى مُنَافَسَة , فَإِنْ كَانَ فِي الطَّاعَة فَهُوَ مَحْمُود , وَمِنْهُ - ( فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ ).
وَإِنْ كَانَ فِي الْمَعْصِيَة فَهُوَ مَذْمُوم , وَمِنْهُ : " وَلَا تَنَافَسُوا ".
وَإِنْ كَانَ فِي الْجَائِزَات فَهُوَ مُبَاح , فَكَأَنَّهُ قَالَ فِي الْحَدِيث : لَا غِبْطَة أَعْظَم - أَوْ أَفْضَل - مِنْ الْغِبْطَة فِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ - وَوَجْه الْحَصْر أَنَّ الطَّاعَات إِمَّا بَدَنِيَّة أَوْ مَالِيَّة أَوْ كَائِنَة عَنْهُمَا , وَقَدْ أَشَارَ إِلَى الْبَدَنِيَّة بِإِتْيَانِ الْحِكْمَة وَالْقَضَاء بِهَا وَتَعْلِيمهَا , وَلَفْظ حَدِيث اِبْن عُمَر : " رَجُل آتَاهُ اللَّه الْقُرْآن فَهُوَ يَقُوم بِهِ آنَاء اللَّيْل وَآنَاء النَّهَار " وَالْمُرَاد بِالْقِيَامِ بِهِ الْعَمَل بِهِ مُطْلَقًا , أَعَمّ مِنْ تِلَاوَته دَاخِل الصَّلَاة أَوْ خَارِجهَا وَمِنْ تَعْلِيمه , وَالْحُكْم وَالْفَتْوَى بِمُقْتَضَاهُ , فَلَا تَخَالُف بَيْن لَفْظَيْ الْحَدِيثَيْنِ.
وَلِأَحْمَد مِنْ حَدِيث يَزِيد بْن الْأَخْنَس السُّلَمِيّ : " رَجُل آتَاهُ اللَّه الْقُرْآن فَهُوَ يَقُوم بِهِ آنَاء اللَّيْل وَآنَاء النَّهَار , وَيَتَّبِع مَا فِيهِ ".
وَيَجُوز حَمْل الْحَسَد فِي الْحَدِيث عَلَى حَقِيقَته عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاء مُنْقَطِع , وَالتَّقْدِير نَفْي الْحَسَد مُطْلَقًا , لَكِنْ هَاتَانِ الْخَصْلَتَانِ مَحْمُودَتَانِ , وَلَا حَسَدَ فِيهِمَا فَلَا حَسَدَ أَصْلًا.
قَوْله : ( إِلَّا فِي اِثْنَتَيْنِ ) كَذَا فِي مُعْظَم الرِّوَايَات " اِثْنَتَيْنِ " بِتَاءِ التَّأْنِيث , أَيْ : لَا حَسَدَ مَحْمُود فِي شَيْء إِلَّا فِي خَصْلَتَيْنِ.
وَعَلَى هَذَا فَقَوْله : " رَجُل " بِالرَّفْعِ , وَالتَّقْدِير خَصْلَة رَجُل حُذِفَ الْمُضَاف وَأُقِيمَ الْمُضَاف إِلَيْهِ مَقَامه.
وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الِاعْتِصَام : " إِلَّا فِي اِثْنَيْنِ.
وَعَلَى هَذَا فَقَوْله : " رَجُل " بِالْخَفْضِ عَلَى الْبَدَلِيَّة أَيْ : خَصْلَة رَجُلَيْنِ , وَيَجُوز النَّصْب بِإِضْمَارِ أَعْنِي وَهِيَ رِوَايَة اِبْن مَاجَهْ.
قَوْله : ( مَالًا ) نَكَّرَهُ لِيَشْمَل الْقَلِيل وَالْكَثِير.
قَوْله : ( فَسُلِّطَ ) كَذَا لِأَبِي ذَرّ , وَلِلْبَاقِينَ فَسَلَّطَهُ , وَعَبَّرَ بِالتَّسْلِيطِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى قَهْر النَّفْس الْمَجْبُولَة عَلَى الشُّحّ.
قَوْله : ( هَلَكَته ) بِفَتْحِ اللَّام وَالْكَاف أَيْ : إِهْلَاكه , وَعَبَّرَ بِذَلِكَ لِيَدُلّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبْقِي مِنْهُ شَيْئًا.
وَكَمَّلَهُ بِقَوْلِهِ : " فِي الْحَقّ " أَيْ : فِي الطَّاعَات لِيُزِيلَ عَنْهُ إِيهَام الْإِسْرَاف الْمَذْمُوم.
قَوْله : ( الْحِكْمَة ) اللَّام لِلْعَهْدِ ; لِأَنَّ الْمُرَاد بِهَا الْقُرْآن عَلَى مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ قَبْل , وَقِيلَ : الْمُرَاد بِالْحِكْمَةِ كُلّ مَا مَنَعَ مِنْ الْجَهْل وَزَجَرَ عَنْ الْقَبِيح.
( فَائِدَة ) : زَادَ أَبُو هُرَيْرَة فِي هَذَا الْحَدِيث مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالْحَسَدِ الْمَذْكُور هُنَا الْغِبْطَة كَمَا ذَكَرْنَاهُ , وَلَفْظه : " فَقَالَ رَجُل لَيْتَنِي أُوتِيت مِثْل مَا أُوتِيَ فُلَان , فَعَمِلْت مِثْل مَا يَعْمَل " أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّف فِي فَضَائِل الْقُرْآن.
وَعِنْد التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث أَبِي كَبْشَة الْأَنْمَارِيّ - بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَإِسْكَان النُّون - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول.
فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِيهِ اِسْتِوَاء الْعَالِم فِي الْمَال بِالْحَقِّ وَالْمُتَمَنِّي فِي الْأَجْر , وَلَفْظه : " وَعَبْد رَزَقَهُ اللَّه عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقهُ مَالًا , فَهُوَ صَادِق النِّيَّة يَقُول : لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْت مِثْل مَا يَعْمَل فُلَان , فَأَجْرهمَا سَوَاء " , وَذَكَرَ فِي ضِدّهمَا : " أَنَّهُمَا فِي الْوِزْر سَوَاء " وَقَالَ فِيهِ : حَدِيث حَسَن صَحِيح.
وَإِطْلَاق كَوْنهمَا سَوَاء يَرُدّ عَلَى الْخَطَّابِيّ فِي جَزْمه بِأَنَّ الْحَدِيث يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْغَنِيّ إِذَا قَامَ بِشُرُوطِ الْمَال كَانَ أَفْضَل مِنْ الْفَقِير.
نَعَمْ يَكُون أَفْضَل بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ أَعْرَضَ وَلَمْ يَتَمَنَّ ; لَكِنَّ الْأَفْضَلِيَّة الْمُسْتَفَادَة مِنْهُ هِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى هَذِهِ الْخَصْلَة فَقَطْ لَا مُطْلَقًا.
وَسَيَكُونُ لَنَا عَوْدَة إِلَى الْبَحْث فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة فِي حَدِيث : " الطَّاعِم الشَّاكِر كَالصَّائِمِ الصَّابِر " حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّف فِي كِتَاب الْأَطْعِمَة إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَلَى غَيْرِ مَا حَدَّثَنَاهُ الزُّهْرِيُّ قَالَ سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِي حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ, قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا
عن ابن عباس أنه تمارى هو والحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى، قال ابن عباس: هو خضر، فمر بهما أبي بن كعب، فدعاه ابن عباس فقال: إني تماريت أنا وصاح...
عن ابن عباس قال: ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «اللهم علمه الكتاب»
عن عبد الله بن عباس، قال: «أقبلت راكبا على حمار أتان، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يد...
عن محمود بن الربيع، قال: «عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو»
عن ابن عباس، أنه تمارى هو والحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى، فمر بهما أبي بن كعب، فدعاه ابن عباس فقال: إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى ا...
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا، فكان منها نقية، قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب ا...
عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من أشراط الساعة: أن يرفع العلم ويثبت الجهل، ويشرب الخمر، ويظهر الزنا "
عن أنس بن مالك، قال: لأحدثنكم حديثا لا يحدثكم أحد بعدي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أشراط الساعة: أن يقل العلم، ويظهر الجهل، ويظهر ال...
عن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينا أنا نائم، أتيت بقدح لبن، فشربت حتى إني لأرى الري يخرج في أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر بن ال...