حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما - صحيح البخاري

صحيح البخاري | كتاب العلم باب: ليبلغ العلم الشاهد الغائب (حديث رقم: 104 )


104- عن أبي شريح، أنه قال لعمرو بن سعيد: - وهو يبعث البعوث إلى مكة - ائذن لي أيها الأمير، أحدثك قولا قام به النبي صلى الله عليه وسلم الغد من يوم الفتح، سمعته أذناي ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي حين تكلم به: حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: " إن مكة حرمها الله، ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما، ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، فقولوا: إن الله قد أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار، ثم عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، وليبلغ الشاهد الغائب " فقيل لأبي شريح ما قال عمرو قال: أنا أعلم منك يا أبا شريح لا يعيذ عاصيا ولا فارا بدم ولا فارا بخربة

أخرجه البخاري


أخرجه مسلم في الحج باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها رقم 1354 عمرو بن سعيد بن العاص القرشي الأموي يعرف بالأشدق وكان واليا على المدينة أيام يزيد بن معاوية قال في الفتح ليست له صحبة ولا كان من التابعين بإحسان.
(يبعث البعوث) يرسل الجيوش لقتال عبد الله بن الزبير لأنه امتنع من مبايعة يزيد واعتصم بالحرم.
(ووعاه) فهمه وحفظه.
(يسفك) يريق.
(يعضد) يقطع.
(ترخص لقتال) احتج لجواز القتال فيها وأنه رخصة عند الحاجة بقتلاه صلى الله عليه وسلم.
(الشاهد) الحاضر.
(لا يعيذ عاصيا) لا يحميه من العقوبة.
(فارا بدم) قاتلا عمدا اتجأ إليه خوف القصاص.
(فارا بجزية) سارقا احتمى به حتى لا يقام عليه الحد

شرح حديث (مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما)

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

‏ ‏قَوْله : ( عَنْ أَبِي شُرَيْح ) ‏ ‏هُوَ الْخُزَاعِيّ الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور , وَعَمْرو بْن سَعِيد هُوَ اِبْن الْعَاصِي بْن سَعِيد بْن الْعَاصِي بْن أُمَيَّة الْقُرَشِيّ الْأُمَوِيّ يُعْرَف بِالْأَشْدَقِ , وَلَيْسَتْ لَهُ صُحْبَة وَلَا كَانَ مِنْ التَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ.
‏ ‏قَوْله : ( وَهُوَ يَبْعَث الْبُعُوث ) ‏ ‏أَيْ يُرْسِل الْجُيُوش إِلَى مَكَّة لِقِتَالِ عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر لِكَوْنِهِ اِمْتَنَعَ مِنْ مُبَايَعَة يَزِيد بْن مُعَاوِيَة وَاعْتَصَمَ بِالْحَرَمِ , وَكَانَ عَمْرو وَالِي يَزِيد عَلَى الْمَدِينَة , وَالْقِصَّة مَشْهُورَة , وَمُلَخَّصهَا أَنَّ مُعَاوِيَة عَهِدَ بِالْخِلَافَةِ بَعْده لِيَزِيدَ بْن مُعَاوِيَة , فَبَايَعَهُ النَّاس إِلَّا الْحُسَيْن بْن عَلِيّ وَابْن الزُّبَيْر , فَأَمَّا اِبْن أَبِي بَكْر فَمَاتَ قَبْل مَوْت مُعَاوِيَة , وَأَمَّا اِبْن عُمَر فَبَايَعَ لِيَزِيدَ عَقِب مَوْت أَبِيهِ , وَأَمَّا الْحُسَيْن بْن عَلِيّ فَسَارَ إِلَى الْكُوفَة لِاسْتِدْعَائِهِمْ إِيَّاهُ لِيُبَايِعُوهُ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَب قَتْله , وَأَمَّا اِبْن الزُّبَيْر فَاعْتَصَمَ وَيُسَمَّى عَائِذ الْبَيْت وَغَلَبَ عَلَى أَمْر مَكَّة , فَكَانَ يَزِيد بْن مُعَاوِيَة يَأْمُر أُمَرَاءَهُ عَلَى الْمَدِينَة أَنْ يُجَهِّزُوا إِلَيْهِ الْجُيُوش , فَكَانَ آخِر ذَلِكَ أَنَّ أَهْل الْمَدِينَة اِجْتَمَعُوا عَلَى خَلْع يَزِيد مِنْ الْخِلَافَة.
‏ ‏قَوْله : ( اِئْذَنْ لِي ) ‏ ‏فِيهِ حُسْن التَّلَطُّف فِي الْإِنْكَار عَلَى أُمَرَاء الْجَوْر لِيَكُونَ أَدْعَى لِقَبُولِهِمْ.
‏ ‏قَوْله : ( أُحَدِّثك ) ‏ ‏بِالْجَزْمِ لِأَنَّهُ جَوَاب الْأَمْر.
‏ ‏قَوْله : ( قَامَ ) ‏ ‏صِفَة لِلْقَوْلِ , وَالْمَقُول هُوَ حَمْد اللَّه إِلَخْ.
‏ ‏قَوْله : ( الْغَد ) ‏ ‏بِالنَّصْبِ أَيْ أَنَّهُ خَطَبَ فِي الْيَوْم الثَّانِي مِنْ فَتْح مَكَّة.
‏ ‏قَوْله : ( سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ إِلَخْ ) ‏ ‏أَرَادَ أَنَّهُ بَالَغَ فِي حِفْظه وَالتَّثَبُّت فِيهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذهُ بِوَاسِطَةٍ , وَأَتَى بِالتَّثْنِيَةِ تَأْكِيدًا , وَالضَّمِير فِي قَوْله : " تَكَلَّمَ بِهِ " عَائِد عَلَى قَوْله قَوْلًا.
‏ ‏قَوْله : ( وَلَمْ يُحَرِّمهَا النَّاس ) ‏ ‏بِالضَّمِّ أَيْ : أَنَّ تَحْرِيمهَا كَانَ بِوَحْيٍ مِنْ اللَّه لَا مِنْ اِصْطِلَاح النَّاس , ‏ ‏قَوْله : ( يَسْفِك ) ‏ ‏بِكَسْرِ الْفَاء وَحُكِيَ ضَمّهَا , وَهُوَ صَبّ الدَّم , وَالْمُرَاد بِهِ الْقَتْل.
‏ ‏قَوْله : ( وَلَا يَعْضِد ) ‏ ‏بِكَسْرِ الضَّاد الْمُعْجَمَة وَفَتْح الدَّال أَيْ : يَقْطَع بِالْمِعْضَدِ وَهُوَ آلَة كَالْفَأْسِ.
‏ ‏قَوْله : ( وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي ) ‏ ‏أَيْ اللَّه , رُوِيَ بِضَمِّ الْهَمْزَة.
وَفِي قَوْله " لِي " اِلْتِفَات لِأَنَّ نَسَق الْكَلَام " وَإِنَّمَا أَذِنَ لَهُ " أَيْ : لِرَسُولِهِ.
‏ ‏قَوْله : ( سَاعَة ) ‏ ‏أَيْ : مِقْدَارًا مِنْ الزَّمَان , وَالْمُرَاد بِهِ يَوْم الْفَتْح.
وَفِي مُسْنَد أَحْمَد مِنْ طَرِيق عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ طُلُوع الشَّمْس إِلَى الْعَصْر , وَالْمَأْذُون لَهُ فِيهِ الْقِتَال لَا قَطْع الشَّجَر.
‏ ‏قَوْله : ( مَا قَالَ عَمْرو ) ‏ ‏أَيْ : فِي جَوَابك.
‏ ‏قَوْله : ( لَا تُعِيذ ) ‏ ‏بِضَمِّ الْمُثَنَّاة أَوَّله وَآخِره ذَال مُعْجَمَة أَيْ : مَكَّة لَا تَعْصِم الْعَاصِيَ عَنْ إِقَامَة الْحَدّ عَلَيْهِ ‏ ‏قَوْله : ( وَلَا فَارًّا ) ‏ ‏بِالْفَاءِ وَالرَّاء الْمُشَدَّدَة أَيْ : هَارِبًا عَلَيْهِ دَم يَعْتَصِم بِمَكَّة كَيْلَا يُقْتَصّ مِنْهُ.
‏ ‏قَوْله : ( بِخَرْبَةٍ ) ‏ ‏بِفَتْحِ الْمُعْجَمَة وَإِسْكَان الرَّاء ثُمَّ مُوَحَّدَة يَعْنِي السَّرِقَة كَذَا ثَبَتَ تَفْسِيرهَا فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِيّ , قَالَ اِبْن بَطَّال : الْخُرْبَة بِالضَّمِّ الْفَسَاد , وَبِالْفَتْحِ السَّرِقَة.
وَقَدْ تَشَدَّقَ عَمْرو فِي الْجَوَاب وَأَتَى بِكَلَامٍ ظَاهِره حَقّ لَكِنْ أَرَادَ بِهِ الْبَاطِل , فَإِنَّ الصَّحَابِيّ أَنْكَرَ عَلَيْهِ نَصْب الْحَرْب عَلَى مَكَّة فَأَجَابَهُ بِأَنَّهَا لَا تَمْنَع مِنْ إِقَامَة الْقِصَاص , وَهُوَ صَحِيح إِلَّا أَنَّ اِبْن الزُّبَيْر لَمْ يَرْتَكِب أَمْرًا يَجِب عَلَيْهِ فِيهِ شَيْء مِنْ ذَلِكَ , وَسَنَذْكُرُ مَبَاحِث هَذَا الْحَدِيث فِي كِتَاب الْحَجّ , وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ مِنْ الِاخْتِلَاف فِي الْقِتَال فِي الْحَرَم إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
وَفِي الْحَدِيث شَرَف مَكَّة , وَتَقْدِيم الْحَمْد وَالثَّنَاء عَلَى الْقَوْل الْمَقْصُود , وَإِثْبَات خَصَائِص الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتِوَاء الْمُسْلِمِينَ مَعَهُ فِي الْحُكْم إِلَّا مَا ثَبَتَ تَخْصِيصه بِهِ , وَوُقُوع النَّسْخ , وَفَضْل أَبِي شُرَيْح لِاتِّبَاعِهِ أَمْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّبْلِيغِ عَنْهُ وَغَيْر ذَلِكَ.


حديث إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنِي ‏ ‏اللَّيْثُ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنِي ‏ ‏سَعِيدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي سَعِيدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي شُرَيْحٍ ‏ ‏أَنَّهُ قَالَ ‏ ‏لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ ‏ ‏وَهُوَ يَبْعَثُ ‏ ‏الْبُعُوثَ ‏ ‏إِلَى ‏ ‏مَكَّةَ ‏ ‏ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الْأَمِيرُ أُحَدِّثْكَ قَوْلًا قَامَ بِهِ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏الْغَدَ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ ‏ ‏إِنَّ ‏ ‏مَكَّةَ ‏ ‏حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ ‏ ‏يَسْفِكَ ‏ ‏بِهَا دَمًا وَلَا ‏ ‏يَعْضِدَ ‏ ‏بِهَا شَجَرَةً فَإِنْ أَحَدٌ ‏ ‏تَرَخَّصَ ‏ ‏لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فِيهَا فَقُولُوا إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ وَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَقِيلَ ‏ ‏لِأَبِي شُرَيْحٍ ‏ ‏مَا قَالَ ‏ ‏عَمْرٌو ‏ ‏قَالَ أَنَا أَعْلَمُ مِنْكَ يَا ‏ ‏أَبَا شُرَيْحٍ ‏ ‏لَا يُعِيذُ عَاصِيًا وَلَا فَارًّا ‏ ‏بِدَمٍ ‏ ‏وَلَا فَارًّا ‏ ‏بِخَرْبَةٍ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح البخاري

إن دماءكم وأموالكم حرام كحرمة يومكم هذا

عن أبي بكرة، ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فإن دماءكم وأموالكم - قال محمد وأحسبه قال - وأعراضكم، عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، ألا ل...

لا تكذبوا علي فإنه من كذب علي فليلج النار

عن عليا، يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تكذبوا علي، فإنه من كذب علي فليلج النار»

من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار

عن بن الزبير، عن أبيه، قال: قلت للزبير: إني لا أسمعك تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث فلان وفلان؟ قال: أما إني لم أفارقه، ولكن سمعته يقول...

من تعمد علي كذبا فليتبوأ مقعده من النار

عن عبد العزيز، قال أنس: إنه ليمنعني أن أحدثكم حديثا كثيرا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تعمد علي كذبا، فليتبوأ مقعده من النار»

من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار

عن سلمة، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار»

تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي ومن رآني في المنام ف...

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي، ومن رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي، ومن كذب علي...

العقل وفكاك الأسير ولا يقتل مسلم بكافر

عن أبي جحيفة، قال: قلت لعلي بن أبي طالب: هل عندكم كتاب؟ قال: " لا، إلا كتاب الله، أو فهم أعطيه رجل مسلم، أو ما في هذه الصحيفة.<br> قال: قلت: فما في هذ...

إن الله حبس عن مكة القتل أو الفيل

عن أبي هريرة: أن خزاعة قتلوا رجلا من بني ليث - عام فتح مكة - بقتيل منهم قتلوه، فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فركب راحلته فخطب، فقال: «إن الله ح...

ما من أصحاب النبي ﷺ أحد أكثر حديثا عنه مني

عن أبي هريرة، يقول: «ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب» تابعه معمر،...