111-
عن أبي جحيفة، قال: قلت لعلي بن أبي طالب: هل عندكم كتاب؟ قال: " لا، إلا كتاب الله، أو فهم أعطيه رجل مسلم، أو ما في هذه الصحيفة.
قال: قلت: فما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر "
(كتاب) شيء مكتوب من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(الصحيفة) الورقة المكتوبة وكانت معلقة بسيفه.
(العقل) الدية.
(فكاك الأسير) ما يخلص به من الأسر
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا اِبْن سَلَام ) كَذَا لِلْأَصِيلِيِّ , وَاسْمه مُحَمَّد , وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ أَبُو دَاوُد وَغَيْره.
قَوْله : ( عَنْ سُفْيَان ) هُوَ الثَّوْرِيّ ; لِأَنَّ وَكِيعًا مَشْهُور بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ , وَقَالَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِيّ فِي الْأَطْرَاف.
يُقَال : إِنَّهُ اِبْن عُيَيْنَةَ.
قُلْت : لَوْ كَانَ اِبْن عُيَيْنَةَ لَنَسَبَهُ لِأَنَّ الْقَاعِدَة فِي كُلّ مَنْ رَوَى عَنْ مُتَّفِقَيْ الِاسْم أَنْ يَحْمِل مَنْ أَهْمَلَ نِسْبَته عَلَى مَنْ يَكُون لَهُ بِهِ خُصُوصِيَّة مِنْ إِكْثَار وَنَحْوه كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَبْل هَذَا , وَهَكَذَا نَقُول هُنَا لِأَنَّ وَكِيعًا قَلِيل الرِّوَايَة عَنْ اِبْن عُيَيْنَةَ بِخِلَافِ الثَّوْرِيّ.
قَوْله : ( عَنْ مُطَرِّف ) هُوَ بِفَتْحِ الطَّاء الْمُهْمَلَة وَكَسْر الرَّاء اِبْن طَرِيف بِطَاءٍ مُهْمَلَة أَيْضًا.
قَوْله : ( عَنْ الشَّعْبِيّ ) وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الدِّيَات سَمِعْت الشَّعْبِيّ.
قَوْله : ( عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ ) هُوَ وَهْب السُّوَائِيّ , وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي رِوَايَته , وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الدِّيَات : سَمِعْت أَبَا جُحَيْفَةَ.
وَالْإِسْنَاد كُلّه كُوفِيُّونَ إِلَّا شَيْخ الْبُخَارِيّ وَقَدْ دَخَلَ الْكُوفَة , وَهُوَ مِنْ رِوَايَة صَحَابِيّ عَنْ صَحَابِيّ.
قَوْله : ( قُلْت لِعَلِيٍّ ) هُوَ اِبْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.
قَوْله : ( هَلْ عِنْدكُمْ ) الْخِطَاب لِعَلِيٍّ , وَالْجَمْع إِمَّا لِإِرَادَتِهِ مَعَ بَقِيَّة أَهْل الْبَيْت أَوْ لِلتَّعْظِيمِ.
قَوْله : ( كِتَاب ) أَيْ : مَكْتُوب أَخَذْتُمُوهُ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ , وَيَدُلّ عَلَى ذَلِكَ رِوَايَة الْمُصَنِّف فِي الْجِهَاد : " هَلْ عِنْدكُمْ شَيْء مِنْ الْوَحْي إِلَّا مَا فِي كِتَاب اللَّه " وَلَهُ فِي الدِّيَات " هَلْ عِنْدكُمْ شَيْء مِمَّا لَيْسَ فِي الْقُرْآن " وَفِي مُسْنَد إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ عَنْ جَرِير عَنْ مُطَرِّف : " هَلْ عَلِمْت شَيْئًا مِنْ الْوَحْي " وَإِنَّمَا سَأَلَهُ أَبُو جُحَيْفَةَ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّ جَمَاعَة مِنْ الشِّيعَة كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ عِنْد أَهْل الْبَيْت - لَا سِيَّمَا عَلِيًّا - أَشْيَاء مِنْ الْوَحْي خَصَّهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا لَمْ يُطْلِع غَيْرهمْ عَلَيْهَا.
وَقَدْ سَأَلَ عَلِيًّا عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَة أَيْضًا قَيْس بْن عُبَاد - وَهُوَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَة وَتَخْفِيف الْمُوَحَّدَة - وَالْأَشْتَر النَّخَعِيُّ وَحَدِيثهمَا فِي مُسْنَد النَّسَائِيِّ.
قَوْله : ( قَالَ لَا ) زَادَ الْمُصَنِّف فِي الْجِهَاد " لَا وَاَلَّذِي فَلَقَ الْحَبَّة وَبَرَأَ النَّسَمَة ".
قَوْله : ( إِلَّا كِتَابُ اللَّه ) هُوَ بِالرَّفْعِ , وَقَالَ اِبْن الْمُنِير : فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ كَانَ عِنْده أَشْيَاء مَكْتُوبَة مِنْ الْفِقْه الْمُسْتَنْبَط مِنْ كِتَاب اللَّه , وَهِيَ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ : أَوْ فَهْم أُعْطِيَهُ رَجُل " لِأَنَّهُ ذُكِرَ بِالرَّفْعِ , فَلَوْ كَانَ الِاسْتِثْنَاء مِنْ غَيْر الْجِنْس لَكَانَ مَنْصُوبًا.
كَذَا قَالَ , وَالظَّاهِر أَنَّ الِاسْتِثْنَاء فِيهِ مُنْقَطِع , وَالْمُرَاد بِذِكْرِ الْفَهْم إِثْبَات إِمْكَان الزِّيَادَة عَلَى مَا فِي الْكِتَاب.
وَقَدْ رَوَاهُ الْمُصَنِّف فِي الدِّيَات بِلَفْظِ : " مَا عِنْدنَا إِلَّا مَا فِي الْقُرْآن , إِلَّا فَهْمًا يُعْطَى رَجُل مِنْ الْكِتَاب " فَالِاسْتِثْنَاء الْأَوَّل مُفَرَّغ وَالثَّانِي مُنْقَطِع , مَعْنَاهُ لَكِنْ إِنْ أَعْطَى اللَّه رَجُلًا فَهْمًا فِي كِتَابه فَهُوَ يَقْدِر عَلَى الِاسْتِنْبَاط فَتَحْصُل عِنْده الزِّيَادَة بِذَلِكَ الِاعْتِبَار.
وَقَدْ رَوَى أَحْمَد بِإِسْنَادٍ حَسَن مِنْ طَرِيق طَارِق بْن شِهَاب قَالَ : شَهِدْت عَلِيًّا عَلَى الْمِنْبَر وَهُوَ يَقُول : " وَاَللَّه مَا عِنْدنَا كِتَاب نَقْرَأهُ عَلَيْكُمْ إِلَّا كِتَاب اللَّه وَهَذِهِ الصَّحِيفَة " وَهُوَ يُؤَيِّد مَا قُلْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْفَهْمِ شَيْئًا مَكْتُوبًا.
قَوْله : ( الصَّحِيفَة ) أَيْ : الْوَرَقَة الْمَكْتُوبَة.
وَلِلنَّسَائِيّ مِنْ طَرِيق الْأَشْتَر " فَأَخْرَجَ كِتَابًا مِنْ قِرَاب سَيْفه ".
قَوْله : ( الْعَقْل ) أَيْ : الدِّيَة , وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بِهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُعْطُونَ فِيهَا الْإِبِل وَيَرْبِطُونَهَا بِفِنَاءِ دَار الْمَقْتُول بِالْعِقَالِ وَهُوَ الْحَبْل.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن مَاجَهْ بَدَل الْعَقْل " الدِّيَات " وَالْمُرَاد أَحْكَامهَا وَمَقَادِيرهَا وَأَصْنَافهَا.
قَوْله : ( وَفِكَاك ) بِكَسْرِ الْفَاء وَفَتْحهَا.
وَقَالَ الْفَرَّاء الْفَتْح أَفْصَح , وَالْمَعْنَى أَنَّ فِيهَا حُكْم تَخْلِيص الْأَسِير مِنْ يَد الْعَدُوّ وَالتَّرْغِيب فِي ذَلِكَ.
قَوْله : ( وَلَا يُقْتَل ) بِضَمِّ اللَّام , ولِلْكُشْمِيهَنِيّ : " وَأَنْ لَا يُقْتَل " بِفَتْحِ اللَّام , وَعُطِفَتْ الْجُمْلَة عَلَى الْمُفْرَد لِأَنَّ التَّقْدِير فِيهَا أَيْ الصَّحِيفَة حُكْم الْعَقْل وَحُكْم تَحْرِيم قَتْل الْمُسْلِم بِالْكَافِرِ , وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَى مَسْأَلَة قَتْل الْمُسْلِم بِالْكَافِرِ فِي كِتَاب الْقِصَاص وَالدِّيَات إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
وَوَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ وَمُسْلِم مِنْ طَرِيق يَزِيد التَّيْمِيِّ عَنْ عَلِيّ قَالَ : " مَا عِنْدنَا شَيْء نَقْرَأهُ إِلَّا كِتَاب اللَّه وَهَذِهِ الصَّحِيفَة.
فَإِذَا فِيهَا : الْمَدِينَة حَرَم.
" الْحَدِيث.
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْل عَنْ عَلِيّ : " مَا خَصَّنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ لَمْ يَعُمّ بِهِ النَّاس كَافَّة إِلَّا مَا فِي قِرَاب سَيْفِي هَذَا.
وَأَخْرَجَ صَحِيفَة مَكْتُوبَة فِيهَا : لَعَنَ اللَّه مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّه.
" الْحَدِيث.
وَلِلنَّسَائِيّ مِنْ طَرِيق الْأَشْتَر وَغَيْره عَنْ عَلِيّ : " فَإِذَا فِيهَا : الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ , يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ.
" الْحَدِيث.
وَلِأَحْمَد مِنْ طَرِيق طَارِق بْن شِهَاب : " فِيهَا فَرَائِض الصَّدَقَة " وَالْجَمْع بَيْن هَذِهِ الْأَحَادِيث أَنَّ الصَّحِيفَة كَانَتْ وَاحِدَة وَكَانَ جَمِيع ذَلِكَ مَكْتُوبًا فِيهَا , فَنَقَلَ كُلّ وَاحِد مِنْ الرِّوَايَة عَنْهُ مَا حَفِظَهُ وَاَللَّه أَعْلَم.
وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ قَتَادَة فِي رِوَايَته لِهَذَا الْحَدِيث عَنْ أَبِي حَسَّان عَنْ عَلِيّ , وَبَيَّنَ أَيْضًا السَّبَب فِي سُؤَالهمْ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَنْ ذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِل مِنْ طَرِيق أَبِي حَسَّان أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَأْمُر بِالْأَمْرِ فَيُقَال : قَدْ فَعَلْنَاهُ.
فَيَقُول : صَدَقَ اللَّه وَرَسُوله.
فَقَالَ لَهُ الْأَشْتَر : هَذَا الَّذِي تَقُول أَهُوَ شَيْء عَهِدَهُ إِلَيْك رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّة دُون النَّاس ؟ فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ قَالَ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ هَلْ عِنْدَكُمْ كِتَابٌ قَالَ لَا إِلَّا كِتَابُ اللَّهِ أَوْ فَهْمٌ أُعْطِيَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ أَوْ مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ قَالَ قُلْتُ فَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ قَالَ الْعَقْلُ وَفَكَاكُ الْأَسِيرِ وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ
عن أبي هريرة: أن خزاعة قتلوا رجلا من بني ليث - عام فتح مكة - بقتيل منهم قتلوه، فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فركب راحلته فخطب، فقال: «إن الله ح...
عن أبي هريرة، يقول: «ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب» تابعه معمر،...
عن ابن عباس، قال: لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه قال: «ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده» قال عمر إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه ال...
عن أم سلمة، قالت: استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقال: «سبحان الله، ماذا أنزل الليلة من الفتن، وماذا فتح من الخزائن، أيقظوا صواحبات الحجر، ف...
عن عبد الله بن عمر، قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم العشاء في آخر حياته، فلما سلم قام، فقال: «أرأيتكم ليلتكم هذه، فإن رأس مائة سنة منها، لا يبقى...
عن ابن عباس، قال: بت في بيت خالتي ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم عندها في ليلتها، فصلى النبي صلى الله عل...
عن أبي هريرة، قال: " إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة، ولولا آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثا، ثم يتلو {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} إلى...
عن أبي هريرة، قال: قلت: يا رسول الله، إني أسمع منك حديثا كثيرا أنساه؟ قال: «ابسط رداءك» فبسطته، قال: فغرف بيديه، ثم قال: «ضمه» فضممته، فما نسيت شيئا ب...
عن أبي هريرة قال: " حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين: فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم "