173- عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش، فأخذ الرجل خفه، فجعل يغرف له به حتى أرواه، فشكر الله له، فأدخله الجنة» (1) 174- عن حمزة بن عبد الله، عن أبيه قال: «كانت الكلاب تبول، وتقبل وتدبر في المسجد، في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك»(2)
(رجلا) لم يسم الرجل وهو من بني إسرائيل وهذا من الوقائع التي وقعت في زمانهم.
(الثرى) التراب الندي.
(أرواه) جعله ريان بإذهاب العطش عنه.
(فشكر الله له) رضي عن فعله وقبله فجازاه عليه
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا إِسْحَاق ) هُوَ اِبْن مَنْصُور الْكَوْسَج كَمَا جَزَمَ بِهِ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَج , وَعَبْد الصَّمَد هُوَ اِبْن عَبْد الْوَارِث , وَشَيْخه عَبْد الرَّحْمَن تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضهمْ لَكِنَّهُ صَدُوق وَلَمْ يَنْفَرِد بِهَذَا الْحَدِيث , وَالْإِسْنَاد مِنْهُ فَصَاعِدًا مَدَنِيُّونَ , وَأَبُوهُ وَشَيْخه أَبُو صَالِح السَّمَّان تَابِعِيَّانِ.
قَوْله : ( أَنَّ رَجُلًا ) لَمْ يُسَمَّ هَذَا الرَّجُل وَهُوَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْله : ( يَأْكُل الثَّرَى ) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ يَلْعَق التُّرَاب النَّدِيّ , وَفِي الْمُحْكَم الثَّرَى التُّرَاب , وَقِيلَ التُّرَاب الَّذِي إِذَا بُلَّ لَمْ يَصِرْ طِينًا لَازِبًا.
قَوْله : ( مِنْ الْعَطَش ) أَيْ بِسَبَبِ الْعَطَش.
قَوْله : ( يَغْرِف لَهُ بِهِ ) اِسْتَدَلَّ بِهِ الْمُصَنِّف عَلَى طَهَارَة سُؤْر الْكَلْب لِأَنَّ ظَاهِره أَنَّهُ سَقَى الْكَلْب فِيهِ.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الِاسْتِدْلَال بِهِ مَبْنِيّ عَلَى أَنَّ شَرْع مَنْ قَبْلنَا شَرْع لَنَا وَفِيهِ اِخْتِلَاف , وَلَوْ قُلْنَا بِهِ لَكَانَ مَحَلّه فِيمَا لَمْ يُنْسَخ , وَمَعَ إِرْخَاء الْعِنَان لَا يَتِمّ الِاسْتِدْلَال بِهِ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون صَبَّهُ فِي شَيْء فَسَقَاهُ أَوْ غَسَلَ خُفّه بَعْد ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَلْبَسهُ بَعْد ذَلِكَ.
قَوْله : ( فَشَكَرَ اللَّه لَهُ ) أَيْ : أَثْنَى عَلَيْهِ فَجَزَاهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ قَبِلَ عَمَله وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّة.
وَسَيَأْتِي بَقِيَّة الْكَلَام عَلَى فَوَائِد هَذَا الْحَدِيث فِي بَاب فَضْل سَقْي الْمَاء مِنْ كِتَاب الشُّرْب إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
وَقَوْله : ( وَقَالَ أَحْمَد بْن شَبِيب ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَة وَكَسْر الْمُوَحَّدَة.
قَوْله : ( حَمْزَة بْن عَبْد اللَّه ) أَيْ : اِبْن عُمَر بْن الْخَطَّاب.
( كَانَتْ الْكِلَاب ) زَادَ أَبُو نُعَيْمٍ والْبَيْهَقِيّ فِي رِوَايَتهمَا لِهَذَا الْحَدِيث مِنْ طَرِيق أَحْمَد بْن شَبِيب الْمَذْكُور مَوْصُولًا بِصَرِيحِ التَّحْدِيث قَبْل قَوْله تُقْبِل " تَبُول " وَبَعْدهَا وَاو الْعَطْف , وَكَذَا ذَكَرَ الْأَصِيلِيّ أَنَّهَا فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بْن مَعْقِل عَنْ الْبُخَارِيّ , وَكَذَا أَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُد وَالْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ رِوَايَة عَبْد اللَّه بْن وَهْب عَنْ يُونُس بْن يَزِيد شَيْخ شَبِيب بْن سَعِيد الْمَذْكُور , وَعَلَى هَذَا فَلَا حُجَّة فِيهِ لِمَنْ اِسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى طَهَارَة الْكِلَاب لِلِاتِّفَاقِ عَلَى نَجَاسَة بَوْلهَا قَالَهُ اِبْن الْمُنِير.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ مَنْ يَقُول إِنَّ الْكَلْب يُؤْكَل وَأَنَّ بَوْل مَا يُؤْكَل لَحْمه طَاهِر يَقْدَح فِي نَقْل الِاتِّفَاق , لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ جَمْع بِأَنَّ أَبْوَال الْحَيَوَانَات كُلّهَا طَاهِرَة إِلَّا الْآدَمِيّ , وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ اِبْن وَهْب حَكَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَغَيْره عَنْهُ وَسَيَأْتِي فِي بَاب غَسْل الْبَوْل , وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ : الْمُرَاد أَنَّهَا كَانَتْ تَبُول خَارِج الْمَسْجِد فِي مَوَاطِنهَا ثُمَّ تُقْبِل وَتُدْبِر فِي الْمَسْجِد , إِذْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْت غَلَق.
قَالَ : وَيَبْعُد أَنْ تُتْرَك الْكِلَاب تَنْتَاب الْمَسْجِد حَتَّى تَمْتَهِنهُ بِالْبَوْلِ فِيهِ.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ إِذَا قِيلَ بِطَهَارَتِهَا لَمْ يَمْتَنِع ذَلِكَ كَمَا فِي الْهِرَّة , وَالْأَقْرَب أَنْ يُقَال : إِنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي اِبْتِدَاء الْحَال عَلَى أَصْل الْإِبَاحَة ثُمَّ وَرَدَ الْأَمْر بِتَكْرِيمِ الْمَسَاجِد وَتَطْهِيرهَا وَجَعْل الْأَبْوَاب عَلَيْهَا , وَيُشِير إِلَى ذَلِكَ مَا زَادَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي رِوَايَته مِنْ طَرِيق اِبْن وَهْب فِي هَذَا الْحَدِيث عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : كَانَ عُمَر يَقُول بِأَعْلَى صَوْته " اِجْتَنِبُوا اللَّغْو فِي الْمَسْجِد " قَالَ اِبْن عُمَر : وَقَدْ كُنْت أَبِيت فِي الْمَسْجِد عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ الْكِلَاب.
إِلَخْ , فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الِابْتِدَاء , ثُمَّ وَرَدَ الْأَمْر بِتَكْرِيمِ الْمَسْجِد حَتَّى مِنْ لَغْو الْكَلَام , وَبِهَذَا يَنْدَفِع الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى طَهَارَة الْكَلْب.
وَأَمَّا قَوْله " فِي زَمَن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَهُوَ وَإِنْ كَانَ عَامًّا فِي جَمِيع الْأَزْمِنَة لِأَنَّهُ اِسْم مُضَاف لَكِنَّهُ مَخْصُوص بِمَا قَبْل الزَّمَن الَّذِي أُمِرَ فِيهِ بِصِيَانَةِ الْمَسْجِد , وَفِي قَوْله " فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ " مُبَالَغَة لِدَلَالَتِهِ عَلَى نَفْي الْغَسْل مِنْ بَاب الْأَوْلَى , وَاسْتَدَلَّ بِذَلِكَ اِبْن بَطَّال عَلَى طَهَارَة سُؤْره لِأَنَّ مِنْ شَأْن الْكِلَاب أَنْ تَتْبَع مَوَاضِع الْمَأْكُول , وَكَانَ بَعْض الصَّحَابَة لَا بُيُوت لَهُمْ إِلَّا الْمَسْجِد فَلَا يَخْلُو أَنْ يَصِل لُعَابهَا إِلَى بَعْض أَجْزَاء الْمَسْجِد , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ طَهَارَة الْمَسْجِد مُتَيَقَّنَة وَمَا ذُكِرَ مَشْكُوك فِيهِ , وَالْيَقِين لَا يُرْفَع بِالشَّكِّ.
ثُمَّ إِنَّ دَلَالَته لَا تُعَارِض دَلَالَة مَنْطُوق الْحَدِيث الْوَارِد فِي الْأَمْر بِالْغَسْلِ مِنْ وُلُوغه , وَاسْتَدَلَّ بِهِ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَن عَلَى أَنَّ الْأَرْض تَطْهُر إِذَا لَاقَتْهَا النَّجَاسَة بِالْجَفَافِ , يَعْنِي أَنَّ قَوْله " لَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ " يَدُلّ عَلَى نَفْي صَبّ الْمَاء مِنْ بَاب الْأَوْلَى , فَلَوْلَا أَنَّ الْجَفَاف يُفِيد تَطْهِير الْأَرْض مَا تَرَكُوا ذَلِكَ , وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ.
( تَنْبِيه ) : حَكَى اِبْن التِّين عَنْ الدَّاوُدِيّ الشَّارِح أَنَّهُ أَبْدَلَ قَوْله يَرُشُّونَ بِلَفْظِ " يَرْتَقِبُونَ " بِإِسْكَانِ الرَّاء ثُمَّ مُثَنَّاة مَفْتُوحَة ثُمَّ قَاف مَكْسُورَة ثُمَّ مُوَحَّدَة , وَفَسَّرَهُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَخْشَوْنَ فَصُحِّفَ اللَّفْظ , وَأَبْعَدَ فِي التَّفْسِير لِأَنَّ مَعْنَى الِارْتِقَاب الِانْتِظَار , وَأَمَّا نَفْي الْخَوْف مِنْ نَفْي الِارْتِقَاب فَهُوَ تَفْسِير بِبَعْضِ لَوَازِمه.
وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ سَمِعْتُ أَبِي عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا رَأَى كَلْبًا يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ فَأَخَذَ الرَّجُلُ خُفَّهُ فَجَعَلَ يَغْرِفُ لَهُ بِهِ حَتَّى أَرْوَاهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَتْ الْكِلَابُ تَبُولُ وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي الْمَسْجِدِ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ
عن عدي بن حاتم، قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إذا أرسلت كلبك المعلم فقتل فكل، وإذا أكل فلا تأكل، فإنما أمسكه على نفسه» قلت: أرسل كلبي فأجد...
عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يزال العبد في صلاة ما كان في المسجد ينتظر الصلاة ما لم يحدث» فقال رجل أعجمي: ما الحدث يا أبا هرير...
عن عباد بن تميم، عن عمه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا»
عن محمد ابن الحنفية، قال: قال علي كنت رجلا مذاء فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: «فيه الوضوء» ورواه...
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قلت أرأيت إذا جامع فلم يمن، قال عثمان «يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره» قال عثمان سمعته من رسول الله صلى الله عليه و...
عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى رجل من الأنصار فجاء ورأسه يقطر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلنا أعجلناك»، فقال: نعم...
عن أسامة بن زيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أفاض من عرفة عدل إلى الشعب فقضى حاجته، قال أسامة بن زيد فجعلت أصب عليه ويتوضأ، فقلت يا رسول الله...
عن المغيرة بن شعبة، أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، وأنه ذهب لحاجة له، وأن مغيرة «جعل يصب الماء عليه وهو يتوضأ، فغسل وجهه ويديه، ومسح...
عن عبد الله بن عباس أخبره أنه بات ليلة عند ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي خالته فاضطجعت في عرض الوسادة " واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم...