193- عن عبد الله بن عمر، أنه قال: «كان الرجال والنساء يتوضئون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعا»
(جميعا) مجتمعين الرجل وامرأته
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن يُوسُف ) هُوَ التِّنِّيسِيُّ أَحَد رُوَاة الْمُوَطَّأ.
قَوْله : ( كَانَ الرِّجَال وَالنِّسَاء ) ظَاهِره التَّعْمِيم فَاللَّام لِلْجِنْسِ لَا لِلِاسْتِغْرَاقِ.
قَوْله : ( فِي زَمَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) يُسْتَفَاد مِنْهُ أَنَّ الْبُخَارِيّ يَرَى أَنَّ الصَّحَابِيّ إِذَا أَضَافَ الْفِعْل إِلَى زَمَن الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُون حُكْمه الرَّفْع وَهُوَ الصَّحِيح , وَحُكِيَ عَنْ قَوْم خِلَافه لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِع , وَهُوَ ضَعِيف لِتَوَفُّرِ دَوَاعِي الصَّحَابَة عَلَى سُؤَالهمْ إِيَّاهُ عَنْ الْأُمُور الَّتِي تَقَع لَهُمْ وَمِنْهُمْ , وَلَوْ لَمْ يَسْأَلُوهُ لَمْ يُقَرُّوا عَلَى فِعْل غَيْر الْجَائِز فِي زَمَن التَّشْرِيع , فَقَدْ اِسْتَدَلَّ أَبُو سَعِيد وَجَابِر عَلَى إِبَاحَة الْعَزْل بِكَوْنِهِمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَالْقُرْآن يَنْزِل وَلَوْ كَانَ مَنْهِيًّا لَنَهَى عَنْهُ الْقُرْآن , وَزَادَ اِبْن مَاجَهْ عَنْ هِشَام بْن عَمَّار عَنْ مَالِك فِي هَذَا الْحَدِيث " مِنْ إِنَاء وَاحِد " , وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيق عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر " نُدْلِي فِيهِ أَيْدِينَا " وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الِاغْتِرَاف مِنْ الْمَاء الْقَلِيل لَا يُصَيِّرهُ مُسْتَعْمَلًا لِأَنَّ أَوَانِيَهُمْ كَانَتْ صِغَارًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيّ فِي الْأُمّ فِي عِدَّة مَوَاضِع , وَفِيهِ دَلِيل عَلَى طَهَارَة الذِّمِّيَّة وَاسْتِعْمَال فَضْل طَهُورهَا وَسُؤْرهَا لِجَوَازِ تَزَوُّجهنَّ وَعَدَم التَّفْرِقَة فِي الْحَدِيث بَيْن الْمُسْلِمَة وَغَيْرهَا.
قَوْله : ( جَمِيعًا ) ظَاهِره أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ الْمَاء فِي حَالَة وَاحِدَة , وَحَكَى اِبْن التِّين عَنْ قَوْم أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الرِّجَال وَالنِّسَاء كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ جَمِيعًا فِي مَوْضِع وَاحِد , هَؤُلَاءِ عَلَى حِدَة وَهَؤُلَاءِ عَلَى حِدَة , وَالزِّيَادَة الْمُتَقَدِّمَة فِي قَوْله " مِنْ إِنَاء وَاحِد " تَرِد عَلَيْهِ , وَكَأَنَّ هَذَا الْقَائِل اِسْتَبْعَدَ اِجْتِمَاع الرِّجَال وَالنِّسَاء الْأَجَانِب , وَقَدْ أَجَابَ اِبْن التِّين عَنْهُ بِمَا حَكَاهُ عَنْ سَحْنُون أَنَّ مَعْنَاهُ كَانَ الرِّجَال يَتَوَضَّئُونَ وَيَذْهَبُونَ ثُمَّ تَأْتِي النِّسَاء فَيَتَوَضَّأْنَ , وَهُوَ خِلَاف الظَّاهِر مِنْ قَوْله " جَمِيعًا " , قَالَ أَهْل اللُّغَة : الْجَمِيع ضِدّ الْمُفْتَرِق , وَقَدْ وَقَعَ مُصَرَّحًا بِوَحْدَةِ الْإِنَاء فِي صَحِيح اِبْن خُزَيْمَة فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ طَرِيق مُعْتَمِر عَنْ عُبَيْد اللَّه عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ أَبْصَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه يَتَطَهَّرُونَ وَالنِّسَاء مَعَهُمْ مِنْ إِنَاء وَاحِد كُلّهمْ يَتَطَهَّر مِنْهُ , وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَاب أَنْ يُقَال : لَا مَانِع مِنْ الِاجْتِمَاع قَبْل نُزُول الْحِجَاب , وَأَمَّا بَعْده فَيَخْتَصّ بِالزَّوْجَاتِ وَالْمَحَارِم.
وَنَقَلَ الطَّحَاوِيّ ثُمَّ الْقُرْطُبِيّ وَالنَّوَوِيّ الِاتِّفَاق عَلَى جَوَاز اِغْتِسَال الرَّجُل وَالْمَرْأَة مِنْ الْإِنَاء الْوَاحِد.
وَفِيهِ نَظَر , لِمَا حَكَاهُ اِبْن الْمُنْذِر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْهُ , وَكَذَا حَكَاهُ اِبْن عَبْد الْبَرّ عَنْ قَوْم , وَهَذَا الْحَدِيث حُجَّة عَلَيْهِمْ.
وَنَقَلَ النَّوَوِيّ أَيْضًا الِاتِّفَاق عَلَى جَوَاز وُضُوء الْمَرْأَة بِفَضْلِ الرَّجُل دُون الْعَكْس , وَفِيهِ نَظَر أَيْضًا فَقَدْ أَثْبَتَ الْخِلَافَ فِيهِ الطَّحَاوِيّ , وَثَبَتَ عَنْ اِبْن عُمَر وَالشَّعْبِيّ وَالْأَوْزَاعِيِّ الْمَنْع لَكِنْ مُقَيَّدًا بِمَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا , وَأَمَّا عَكْسه فَصَحَّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن سَرْجِس الصَّحَابِيّ وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ أَنَّهُمَا مَنَعُوا التَّطَهُّر بِفَضْلِ الْمَرْأَة , وَبِهِ قَالَ أَحْمَد وَإِسْحَاق , لَكِنْ قَيَّدَاهُ بِمَا إِذَا خَلَتْ بِهِ لِأَنَّ أَحَادِيث الْبَاب ظَاهِرَة فِي الْجَوَاز إِذَا اِجْتَمَعَا , وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيّ عَنْ أَحْمَد أَنَّ الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي مَنْع التَّطَهُّر بِفَضْلِ الْمَرْأَة وَفِي جَوَاز ذَلِكَ مُضْطَرِبَة , قَالَ : لَكِنْ صَحَّ عَنْ عِدَّة مِنْ الصَّحَابَة الْمَنْع فِيمَا إِذَا خَلَتْ بِهِ , وَعُورِضَ بِصِحَّةِ الْجَوَاز عَنْ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة مِنْهُمْ اِبْن عَبَّاس وَاَللَّه أَعْلَم.
وَأَشْهَر الْأَحَادِيث فِي ذَلِكَ مِنْ الْجِهَتَيْنِ حَدِيث الْحَكَم بْن عَمْرو الْغِفَارِيِّ فِي الْمَنْع , وَحَدِيث مَيْمُونَة فِي الْجَوَاز.
أَمَّا حَدِيث الْحَكَم بْن عَمْرو فَأَخْرَجَهُ أَصْحَاب السُّنَن وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيّ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان , وَأَغْرَبَ النَّوَوِيّ فَقَالَ : اِتَّفَقَ الْحُفَّاظ عَلَى تَضْعِيفه.
وَأَمَّا حَدِيث مَيْمُونَة فَأَخْرَجَهُ مُسْلِم , لَكِنْ أَعَلَّهُ قَوْم لِتَرَدُّدٍ وَقَعَ فِي رِوَايَة عَمْرو بْن دِينَار حَيْثُ قَالَ : عِلْمِي وَاَلَّذِي يَخْطِر عَلَى بَالِي أَنَّ أَبَا الشَّعْثَاء أَخْبَرَنِي.
فَذَكَرَ الْحَدِيث , وَقَدْ وَرَدَ طَرِيق أُخْرَى بِلَا تَرَدُّد لَكِنَّ رَاوِيهَا غَيْر ضَابِط وَقَدْ خُولِفَ , وَالْمَحْفُوظ مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ بِلَفْظِ " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَيْمُونَة كَانَا يَغْتَسِلَانِ مِنْ إِنَاء وَاحِد " , وَفِي الْمَنْع أَيْضًا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق حُمَيْدِ بْن عَبْد الرَّحْمَن الْحِمْيَرِيّ قَالَ : لَقِيت رَجُلًا صَحِبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَع سِنِينَ فَقَالَ " نَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَغْتَسِل الْمَرْأَة بِفَضْلِ الرَّجُل أَوْ يَغْتَسِل الرَّجُل بِفَضْلِ الْمَرْأَة وَلْيَغْتَرِفَا جَمِيعًا " رِجَاله ثِقَات , وَلَمْ أَقِف لِمَنْ أَعَلَّهُ عَلَى حُجَّة قَوِيَّة , وَدَعْوَى الْبَيْهَقِيِّ أَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُرْسَل مَرْدُودَة لِأَنَّ إِبْهَام الصَّحَابِيّ لَا يَضُرّ , وَقَدْ صَرَّحَ التَّابِعِيّ بِأَنَّهُ لَقِيَهُ , وَدَعْوَى اِبْن حَزْم أَنَّ دَاوُد رَاوِيه عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْد الرَّحْمَن هُوَ اِبْن يَزِيد الْأَوْدِيّ وَهُوَ ضَعِيف مَرْدُودَة , فَإِنَّهُ اِبْن عَبْد اللَّه الْأَوْدِيّ وَهُوَ ثِقَة , وَقَدْ صَرَّحَ بِاسْمِ أَبِيهِ أَبُو دَاوُد وَغَيْره , وَمِنْ أَحَادِيث الْجَوَاز مَا أَخْرَجَهُ أَصْحَاب السُّنَن وَالدَّارَقُطْنِيّ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَغَيْرهمَا مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس عَنْ مَيْمُونَة قَالَتْ : أَجْنَبْت فَاغْتَسَلْت مِنْ جَفْنَة , فَفَضَلَتْ فِيهَا فَضْلَة , فَجَاءَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِل مِنْهُ , فَقُلْت لَهُ فَقَالَ " الْمَاء لَيْسَ عَلَيْهِ جَنَابَة " وَاغْتَسَلَ مِنْهُ.
لَفْظ الدَّارَقُطْنِيِّ.
وَقَدْ أَعَلَّهُ قَوْم بِسِمَاكِ بْن حَرْب رَاوِيه عَنْ عِكْرِمَة لِأَنَّهُ كَانَ يَقْبَل التَّلْقِين , لَكِنْ قَدْ رَوَاهُ عَنْهُ شُعْبَة وَهُوَ لَا يَحْمِل عَنْ مَشَايِخه إِلَّا صَحِيح حَدِيثهمْ.
وَقَوْل أَحْمَد : إِنَّ الْأَحَادِيث مِنْ الطَّرِيقَيْنِ مُضْطَرِبَة إِنَّمَا يُصَار إِلَيْهِ عِنْد تَعَذُّر الْجَمْع , وَهُوَ مُمْكِن بِأَنْ تُحْمَل أَحَادِيث النَّهْي عَلَى مَا تَسَاقَطَ مِنْ الْأَعْضَاء , وَالْجَوَاز عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ الْمَاء , وَبِذَلِكَ جَمَعَ الْخَطَّابِيُّ , أَوْ يُحْمَل النَّهْي عَلَى التَّنْزِيه جَمْعًا بَيْن الْأَدِلَّة.
وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَتَوَضَّئُونَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيعًا
عن جابرا يقول جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني، وأنا مريض لا أعقل، فتوضأ وصب علي من وضوئه، فعقلت، فقلت: يا رسول الله لمن الميراث؟ إنما يرثني كل...
عن أنس قال: حضرت الصلاة، فقام من كان قريب الدار إلى أهله، وبقي قوم، «فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمخضب من حجارة فيه ماء، فصغر المخضب أن يبسط فيه...
عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم «دعا بقدح فيه ماء، فغسل يديه ووجهه فيه، ومج فيه»
عن عبد الله بن زيد قال: «أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخرجنا له ماء في تور من صفر فتوضأ، فغسل وجهه ثلاثا، ويديه مرتين مرتين، ومسح برأسه، فأقبل ب...
عن عائشة، قالت: لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم واشتد به وجعه، استأذن أزواجه في أن يمرض في بيتي، فأذن له، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم بين رجلين، تخ...
عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، قال: كان عمي يكثر من الوضوء، قال لعبد الله بن زيد: أخبرنيا كيف رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟ «فدعا بتور من ماء، فكفأ...
عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم «دعا بإناء من ماء، فأتي بقدح رحراح، فيه شيء من ماء، فوضع أصابعه فيه» قال أنس: «فجعلت أنظر إلى الماء ينبع من بين أصا...
عن أنس، يقول: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يغسل، أو كان يغتسل، بالصاع إلى خمسة أمداد، ويتوضأ بالمد»
عن سعد بن أبي وقاص عن «النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين» وأن عبد الله بن عمر سأل عمر عن ذلك فقال: نعم، إذا حدثك شيئا سعد، عن النبي صلى الله...