536- عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم» 537 - واشتكت النار إلى ربها، فقالت: يا رب أكل بعضي بعضا، فأذن لها بنفسين، نفس في الشتاء ونفس في الصيف، فهو أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير "
خرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر رقم 615، 617
(أكل بعضي بعضا) مجاز عن ازدحام أجزائها واشتدادها.
(بنفسين) مجاز عن خروج ما يبرزمنها.
(الزمهرير) شدة البرد
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( حَفِظْنَاهُ مِنْ الزُّهْرِيِّ ) فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ عَنْ جَعْفَر الْفِرْيَابِيِّ عَنْ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ شَيْخ الْمُصَنِّفِ فِيهِ بِلَفْظ " حَدَّثَنَا الزُّهْرِيّ ".
قَوْله ( عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّبِ ) كَذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِ سُفْيَان عَنْهُ , وَرَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاس السَّرَّاج عَنْ أَبِي قُدَامَةَ عَنْ سُفْيَان عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ أَوْ أَبِي سَلَمَة أَحَدهمَا أَوْ كِلَاهُمَا , وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ شُعَيْب اِبْن أَبِي حَمْزَة عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَلَمَة وَحْدَهُ , وَالطَّرِيقَانِ مَحْفُوظَانِ , فَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْث وَعَمْرو بْن الْحَارِث عِنْد مُسْلِم , وَمَعْمَر وَابْن جُرَيْجٍ عِنْدَ أَحْمَدَ , وَابْن أَخِي الزُّهْرِيّ وَأُسَامَة بْن زَيْد عِنْدَ السَّرَّاجِ , سِتَّتُهُمْ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيد وَأَبِي سَلَمَة كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَة.
قَوْله ( وَاشْتَكَتْ النَّار ) فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ " قَالَ وَاشْتَكَتْ النَّار " وَفَاعِل قَالَ هُوَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ قَبِلَ , وَوَهِمَ مَنْ جَعَلَهُ مَوْقُوفًا أَوْ مُعَلِّقًا.
وَقَدْ أَفْرَدَهُ أَحْمَد فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَان , وَكَذَلِكَ السَّرَّاج مِنْ طَرِيقِ سُفْيَان وَغَيْرِهِ , وَقَدْ اِخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الشَّكْوَى هَلْ هِيَ بِلِسَانِ الْمَقَالِ أَوْ بِلِسَانِ الْحَالِ ؟ وَاخْتَارَ كُلًّا طَائِفَة.
وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : لِكِلَا الْقَوْلَيْنِ وَجْه وَنَظَائِر , وَالْأَوَّل أَرْجَح , وَقَالَ عِيَاض : إِنَّهُ الْأَظْهَرُ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : لَا إِحَالَةَ فِي حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ.
قَالَ : وَإِذَا أَخْبَرَ الصَّادِق بِأَمْرٍ جَائِزٍ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَأْوِيلِهِ فَحَمْلُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَوْلَى.
وَقَالَ النَّوَوِيّ نَحْوُ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ : حَمْلُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ هُوَ الصَّوَابُ.
وَقَالَ نَحْوَ ذَلِكَ التوربشتي , وَرَجَّحَ الْبَيْضَاوِيّ حَمْلَهُ عَلَى الْمَجَازِ فَقَالَ : شَكَوَاهَا مَجَاز عَنْ غَلَيَانِهَا ُ وَأَكْلُهَا بَعْضُهَا بَعْضًا مَجَاز عَنْ اِزْدِحَامِ أَجْزَائِهَا , وَتَنَفُّسُهَا مَجَاز عَنْ خُرُوجِ مَا يَبْرُزُ مِنْهَا.
وَقَالَ الزَّيْن بْن الْمُنِيرِ : الْمُخْتَارُ حَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ لِصَلَاحِيَّةِ الْقُدْرَةِ لِذَلِكَ ُ وَ; لِأَنَّ اِسْتِعَارَة الْكَلَام لِلْحَالِ وَإِنْ عُهِدَتْ وَسُمِعَتْ , لَكِنَّ الشَّكْوَى وَتَفْسِيرهَا وَالتَّعْلِيل لَهُ وَالْإِذْن وَالْقَبُول وَالتَّنَفُّس وَقَصْره عَلَى اِثْنَيْنِ فَقَطْ بَعِيد مِنْ الْمَجَازِ خَارِج عَمَّا أُلِفَ مِنْ اِسْتِعْمَالِهِ.
قَوْله ( بِنَفَسَيْنِ ) بِفَتْحِ الْفَاءِ , وَالنَّفَسِ مَعْرُوف وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْجَوْفِ وَيَدْخُلُ فِيهِ مِنْ الْهَوَاءِ.
قَوْله ( نَفَس فِي الشِّتَاءِ وَنَفَس فِي الصَّيْفِ ) بِالْجَرِّ فِيهِمَا عَلَى الْبَدَلِ أَوْ الْبَيَانِ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ.
قَوْله ( أَشُدّ ) يَجُوزُ الْكَسْر فِيهِ عَلَى الْبَدَلِ , لَكِنَّهُ فِي رِوَايَتِنَا بِالرَّفْعِ.
قَالَ الْبَيْضَاوِيّ : هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيره فَذَلِكَ أَشَدّ.
وَقَالَ الطِّيبِي : جَعْل أَشَدّ مُبْتَدَأ مَحْذُوف الْخَبَر أَوْلَى , وَالتَّقْدِير أَشَدّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ مِنْ ذَلِكَ النَّفَسِ.
قُلْت : يُؤَيِّدُ الْأَوَّل رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ فَهُوَ أَشَدُّ , وَيُؤَيِّدُ الثَّانِي رِوَايَة النَّسَائِيّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ , وَفِي سِيَاقِ الْمُصَنِّفِ لَفّ وَنَشْر غَيْر مُرَتَّبٍ , وَهُوَ مُرَتَّبٌ فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ.
وَالْمُرَادُ بِالزَّمْهَرِيرِ شِدَّة الْبَرْدِ , وَاسْتُشْكِلَ وُجُودُهُ فِي النَّارِ وَلَا إِشْكَالَ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّارِ مَحَلّهَا وَفِيهَا طَبَقَةٌ زَمْهَرِيرِيَّةٌ : وَفِي الْحَدِيثِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرهمْ أَنَّ النَّارَ لَا تُخْلَقُ إِلَّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
( تَنْبِيهَانِ ) : الْأَوَّل : قَضِيَّة التَّعْلِيل الْمَذْكُور قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْهَا مَشْرُوعِيَّةُ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ شِدَّةِ الْبَرْدِ , وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَد ; لِأَنَّهَا تَكُونُ غَالِبًا فِي وَقْتِ الصُّبْحِ فَلَا تَزُولُ إِلَّا بِطُلُوعِ الشَّمْسِ , فَلَوْ أُخِّرَتْ لَخَرَجَ الْوَقْت.
الثَّانِي : النَّفَسُ الْمَذْكُور يَنْشَأُ عَنْهُ أَشَدُّ الْحَرِّ فِي الصَّيْفِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقْتَصِرْ فِي الْأَمْرِ بِالْإِبْرَادِ عَلَى أَشَدِّهِ لِوُجُودِ الْمَشَقَّةِ عِنْدَ شَدِيدِهِ أَيْضًا فَالْأَشَدِّيَّةُ تَحْصُلُ عِنْدَ التَّنَفُّسِ , وَالشِّدَّةُ مُسْتَمِرَّة بَعْدَ ذَلِكَ فَيَسْتَمِرُّ الْإِبْرَاد إِلَى أَنْ تَذْهَبَ الشِّدَّة , وَاللَّه أَعْلَمُ.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ مِنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ وَاشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ
عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبردوا بالظهر، فإن شدة الحر من فيح جهنم» تابعه سفيان، ويحيى، وأبو عوانة، عن الأعمش
عن أبي ذر الغفاري، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأراد المؤذن أن يؤذن للظهر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أبرد» ثم أراد أن يؤذن، فقا...
عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حين زاغت الشمس، فصلى الظهر، فقام على المنبر، فذكر الساعة، فذكر أن فيها أمورا عظاما، ثم قال: «من أح...
عن أبي برزة، " كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح وأحدنا يعرف جليسه، ويقرأ فيها ما بين الستين إلى المائة، ويصلي الظهر إذا زالت الشمس، والعصر وأحد...
عن أنس بن مالك، قال: «كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظهائر، فسجدنا على ثيابنا اتقاء الحر»
عن ابن عباس: " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعا وثمانيا: الظهر والعصر والمغرب والعشاء "، فقال أيوب: لعله في ليلة مطيرة، قال: عسى
عن عائشة، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العصر، والشمس لم تخرج من حجرتها» وقال أبو أسامة، عن هشام: «من قعر حجرتها»
عن عائشة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العصر، والشمس في حجرتها لم يظهر الفيء من حجرتها»
عن عائشة، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم «يصلي صلاة العصر والشمس طالعة في حجرتي لم يظهر الفيء بعد»، وقال مالك، ويحيى بن سعيد، وشعيب، وابن أبي حفصة...