567- عن أبي موسى، قال: كنت أنا وأصحابي الذين قدموا معي في السفينة نزولا في بقيع بطحان، والنبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فكان يتناوب النبي صلى الله عليه وسلم عند صلاة العشاء كل ليلة نفر منهم، فوافقنا النبي صلى الله عليه وسلم أنا وأصحابي، وله بعض الشغل في بعض أمره، فأعتم بالصلاة حتى ابهار الليل، ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بهم، فلما قضى صلاته، قال لمن حضره: «على رسلكم، أبشروا، إن من نعمة الله عليكم، أنه ليس أحد من الناس يصلي هذه الساعة غيركم» أو قال: «ما صلى هذه الساعة أحد غيركم» لا يدري أي الكلمتين قال، قال أبو موسى فرجعنا، ففرحنا بما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة باب وقت العشاء وتأخيرها رقم 641
قدموا معي في السفينة) التي أتوا بها من اليمن.
نزولا) نازلين جمع نازل.
(بقيع) المكان المتسع من الأرض.
(بطحان) واد المدينة.
(نفر) عدة رجال من ثلاثة إلى عشرة.
(ابهار الليل) تراكمت ظلمته أو ذهب أكثره.
(على رسلكم) تأنوا وابقوا على هيئتكم
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( عَنْ بُرَيْدٍ ) هُوَ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالرَّاءِ بِلَفْظِ التَّصْغِيرِ , وَشَيْخه أَبُو بُرْدَةَ هُوَ جَدُّهُ.
قَوْله : ( فِي بَقِيعِ بُطْحَانَ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَة مِنْ بَقِيع وَضَمّهَا مِنْ بُطْحَانَ.
قَوْله : ( وَلَهُ بَعْض الشُّغْلِ فِي بَعْض أَمْرِهِ فَأَعْتَمَ بِالصَّلَاةِ ) فِيهِ دَلَالَة عَلَى أَنَّ تَأْخِير النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هَذِهِ الْغَايَة لَمْ يَكُنْ قَصْدًا.
وَمِثْلُهُ قَوْله فِي حَدِيث اِبْن عُمَر الْآتِي قَرِيبًا " شُغِلَ عَنْهَا لَيْلَةً " وَكَذَا قَوْله فِي حَدِيث عَائِشَة " أَعْتَمَ بِالصَّلَاةِ لَيْلَةً " يَدُلّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنْ شَأْنه , وَالْفَيْصَل فِي هَذَا حَدِيث جَابِر " كَانُوا إِذَا اِجْتَمَعُوا عَجَّلَ , وَإِذَا أَبْطَئُوا أَخَّرَ ".
( فَائِدَةٌ ) : الشُّغْلُ الْمَذْكُورُ كَانَ فِي تَجْهِيز جَيْشٍ , رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ وَجْه صَحِيح عَنْ الْأَعْمَش عَنْ أَبِي سُفْيَان عَنْ جَابِر.
قَوْله : ( حَتَّى اِبْهَارَّ اللَّيْلُ ) ) بِالْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيد الرَّاء , أَيْ طَلَعَتْ نُجُومه وَاشْتَبَكَتْ , وَالْبَاهِرُ الْمُمْتَلِئُ نُورًا , قَالَهُ أَبُو سَعِيد الضَّرِير.
وَعَنْ سِيبَوَيْهِ : اِبْهَارَّ اللَّيْل كَثُرَتْ ظُلْمَتُهُ وَابْهَارَّ الْقَمَرُ كَثُرَ ضَوْءُهُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ : اِبْهَارَّ : اِنْتَصَفَ مَأْخُوذ مِنْ بُهْرَةِ الشَّيْء وَهُوَ وَسَطُهُ , وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي بَعْض الرِّوَايَات " حَتَّى إِذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْ نِصْف اللَّيْل " , وَهُوَ فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد كَمَا سَيَأْتِي , وَسَيَأْتِي فِي حَدِيث أَنَس عِنْد الْمُصَنِّفِ " إِلَى نِصْف اللَّيْل ".
وَفِي الصِّحَاح : اِبْهَارَّ اللَّيْلُ ذَهَبَ مُعْظَمُهُ وَأَكْثَرُهُ.
وَعِنْد مُسْلِم مِنْ رِوَايَة أُمِّ كُلْثُومٍ عَنْ عَائِشَة " حَتَّى ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّيْلِ ".
قَوْله : ( عَلَى رِسْلِكُمْ ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا , الْمَعْنَى تَأَنَّوْا.
قَوْله : ( إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ ) بِكَسْرِ هَمْزِ إِنَّ , وَوَهَمَ مَنْ ضَبَطَهُ بِالْفَتْحِ , وَأَمَّا قَوْله " أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ " فَهُوَ بِفَتْحِ أَنَّهُ لِلتَّعْلِيلِ , وَاسْتُدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى فَضْل تَأْخِير صَلَاة الْعِشَاء , وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ لِمَا فِي الِانْتِظَار مِنْ الْفَضْل , لَكِنْ قَالَ اِبْن بَطَّالٍ : وَلَا يَصْلُحُ ذَلِكَ الْآنَ لِلْأَئِمَّةِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالتَّخْفِيفِ وَقَالَ " إِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ " فَتَرْكُ التَّطْوِيلِ عَلَيْهِمْ فِي الِانْتِظَار أَوْلَى.
قُلْت : وَقَدْ رَوَى أَحْمَد وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَةَ وَغَيْرهمْ مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ " صَلَّيْنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاة الْعَتَمَة , فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى مَضَى نَحْوٌ مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ فَقَالَ : إِنَّ النَّاس قَدْ صَلَّوْا وَأَخَذُوا مَضَاجِعَهُمْ , وَإِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا فِي صَلَاة مَا اِنْتَظَرْتُمْ الصَّلَاة , وَلَوْلَا ضَعْفُ الضَّعِيفِ وَسَقَمُ السَّقِيمِ وَحَاجَةُ ذِي الْحَاجَةِ لَأَخَّرْت هَذِهِ الصَّلَاةَ إِلَى شَطْرِ اللَّيْل " وَسَيَأْتِي فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس قَرِيبًا " لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ أَنْ يُصَلُّوهَا هَكَذَا ".
وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة " لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ أَنْ يُؤَخِّرُوا الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ " فَعَلَى هَذَا مَنْ وَجَدَ بِهِ قُوَّةً عَلَى تَأْخِيرِهَا وَلَمْ يَغْلِبْهُ النَّوْمُ وَلَمْ يَشُقَّ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْمَأْمُومِينَ فَالتَّأْخِير فِي حَقّه أَفْضَل , وَقَدْ قَرَّرَ النَّوَوِيُّ ذَلِكَ فِي شَرْحِ مُسْلِم , وَهُوَ اِخْتِيَار كَثِير مِنْ أَهْل الْحَدِيث مِنْ الشَّافِعِيَّة وَغَيْرهمْ , وَاَللَّه أَعْلَم.
وَنَقَلَ اِبْن الْمُنْذِرِ عَنْ اللَّيْث وَإِسْحَاقَ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ إِلَى قَبْلَ الثُّلُثِ , وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ : يُسْتَحَبّ إِلَى الثُّلُث , وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَكْثَر الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ , وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ , وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ : التَّعْجِيلُ أَفْضَلُ , وَكَذَا قَالَ فِي الْإِمْلَاء وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَجَمَاعَةٌ وَقَالُوا : إِنَّهُ مِمَّا يُفْتَى بِهِ عَلَى الْقَدِيمِ , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي الْإِمْلَاء وَهُوَ مِنْ كُتُبِهِ الْجَدِيدَة , وَالْمُخْتَار مِنْ حَيْثُ الدَّلِيل أَفْضَلِيَّةُ التَّأْخِير , وَمِنْ حَيْثُ النَّظَرُ التَّفْصِيلُ , وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله : ( فَرْحَى ) جَمْعُ فَرْحَان عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ , وَمِثْلُهُ " وَتَرَى النَّاس سَكْرَى " فِي قِرَاءَةٍ , أَوْ تَأْنِيث فِرَاح وَهُوَ نَحْو الرِّجَال فَعَلْت , وَفِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " فَرَجَعْنَا وَفَرِحْنَا " وَلِبَعْضِهِمْ " فَرَجَعْنَا فَرَحًا " بِفَتْحِ الرَّاء عَلَى الْمَصْدَر , وَوَقَعَ عِنْد مُسْلِم كَالرِّوَايَةِ الْأُولَى , وَسَبَب فَرَحِهِمْ عِلْمُهُمْ بِاخْتِصَاصِهِمْ بِهَذِهِ الْعِبَادَة الَّتِي هِيَ نِعْمَة عُظْمَى مُسْتَلْزِمَة لِلْمَثُوبَةِ الْحُسْنَى مَا اِنْضَافَ إِلَى ذَلِكَ مِنْ تَجْمِيعهمْ فِيهَا خَلْف رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ كُنْتُ أَنَا وَأَصْحَابِي الَّذِينَ قَدِمُوا مَعِي فِي السَّفِينَةِ نُزُولًا فِي بَقِيعِ بُطْحَانَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ فَكَانَ يَتَنَاوَبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ كُلَّ لَيْلَةٍ نَفَرٌ مِنْهُمْ فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَأَصْحَابِي وَلَهُ بَعْضُ الشُّغْلِ فِي بَعْضِ أَمْرِهِ فَأَعْتَمَ بِالصَّلَاةِ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ ثُمَّ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِهِمْ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ لِمَنْ حَضَرَهُ عَلَى رِسْلِكُمْ أَبْشِرُوا إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ يُصَلِّي هَذِهِ السَّاعَةَ غَيْرُكُمْ أَوْ قَالَ مَا صَلَّى هَذِهِ السَّاعَةَ أَحَدٌ غَيْرُكُمْ لَا يَدْرِي أَيَّ الْكَلِمَتَيْنِ قَالَ قَالَ أَبُو مُوسَى فَرَجَعْنَا فَفَرِحْنَا بِمَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عن أبي برزة، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها»
عن عروة، أن عائشة، قالت: أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعشاء حتى ناداه عمر: الصلاة نام النساء والصبيان، فخرج، فقال: «ما ينتظرها أحد من أهل الأرض...
عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شغل عنها ليلة، فأخرها حتى رقدنا في المسجد، ثم استيقظنا، ثم رقدنا، ثم استيقظنا، ثم خرج علينا النبي...
عن أنس بن مالك، قال: أخر النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل، ثم صلى، ثم قال: «قد صلى الناس وناموا، أما إنكم في صلاة ما انتظرتموها»، وز...
عن جرير بن عبد الله: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: «أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا، لا تضامون - أو لا تضاهون -...
عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صلى البردين دخل الجنة»، وقال ابن رجاء، حدثنا همام، عن أبي جمرة، أن أبا بكر...
عن أنس بن مالك، أن زيد بن ثابت، حدثه: " أنهم تسحروا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قاموا إلى الصلاة، قلت: كم بينهما؟ قال: قدر خمسين أو ستين "، يعني آ...
عن أنس بن مالك: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن ثابت: «تسحرا فلما فرغا من سحورهما، قام نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، فصلى»، قلنا لأنس...
عن أبي حازم، أنه سمع سهل بن سعد، يقول: «كنت أتسحر في أهلي، ثم يكون سرعة بي، أن أدرك صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم»