605- عن أنس، قال: «أمر بلال أن يشفع الأذان، وأن يوتر الإقامة، إلا الإقامة»
(إلا الإقامة) أي إلا لفظ قد قامت الصلاة فإنه يثنى
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( عَنْ سِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ ) هُوَ بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ , رَوَى عَنْ أَيُّوبَ وَهُوَ مِنْ أَقْرَانه , وَقَدْ رَوَى حَمَّاد بْن زَيْد عَنْهُمَا جَمِيعًا وَقَالَ : مَاتَ سِمَاكٌ قَبْلَ أَيُّوبَ , وَرِجَال إِسْنَاده كُلّهمْ بَصْرِيُّونَ.
قَوْله : ( أَنْ يَشْفَع ) بِفَتْحِ أَوَّله وَفَتْح الْفَاء أَيْ يَأْتِي بِأَلْفَاظِهِ شَفْعًا.
قَالَ الزَّيْنُ بْن الْمُنِير : وَصْفُ الْأَذَانِ بِأَنَّهُ شَفْعٌ يُفَسِّرُهُ قَوْله " مَثْنَى مَثْنَى " أَيْ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ تَسْتَوِيَ جَمِيعُ أَلْفَاظه فِي ذَلِكَ , لَكِنْ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي أَنَّ كَلِمَة التَّوْحِيد الَّتِي فِي آخِرِهِ مُفْرَدَةٌ فَيُحْمَلُ قَوْله " مَثْنَى " عَلَى مَا سِوَاهَا , وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ تَأْكِيد مَذْهَبه فِي تَرْكِ تَرْبِيع التَّكْبِير فِي أَوَّلِهِ , لَكِنْ لِمَنْ قَالَ بِالتَّرْبِيعِ أَنْ يَدَّعِيَ نَظِيرَ مَا اِدَّعَاهُ لِثُبُوتِ الْخَبَر بِذَلِكَ , وَسَيَأْتِي فِي الْإِقَامَة تَوْجِيهٌ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَائِل بِهِ لَا يَحْتَاج إِلَى دَعْوَى التَّخْصِيص.
قَوْله : ( وَأَنْ يُوتِرَ الْإِقَامَة إِلَّا الْإِقَامَة ) الْمُرَاد بِالْمَنْفِيِّ غَيْرُ الْمُرَاد بِالْمُثْبَتِ , فَالْمُرَاد بِالْمُثْبَتِ جَمِيعُ الْأَلْفَاظ الْمَشْرُوعَة عِنْدَ الْقِيَام إِلَى الصَّلَاة , وَالْمُرَاد بِالْمَنْفِيِّ خُصُوص قَوْله " قَدْ قَامَتْ الصَّلَاة " كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ صَرِيحًا.
وَحَصَلَ مِنْ ذَلِكَ جِنَاسٌ تَامٌّ.
( تَنْبِيهٌ ) : اِدَّعَى اِبْن مَنْدَهْ أَنَّ قَوْله " إِلَّا الْإِقَامَة " مِنْ قَوْل أَيُّوبَ غَيْرُ مُسْنَدٍ كَمَا فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بْنِ إِبْرَاهِيمَ , وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ فِي رِوَايَة سِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ هَذِهِ إِدْرَاجًا , وَكَذَا قَالَ أَبُو مُحَمَّد الْأَصِيلِيُّ : قَوْله " إِلَّا الْإِقَامَةَ " هُوَ مِنْ قَوْل أَيُّوبَ وَلَيْسَ مِنْ الْحَدِيث.
وَفِيمَا قَالَاهُ نَظَرٌ , لِأَنَّ عَبْدَ الرَّزَّاق رَوَاهُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ بِسَنَدِهِ مُتَّصِلًا بِالْخَبَرِ مُفَسَّرًا وَلَفْظه " كَانَ بِلَال يُثَنِّي الْأَذَان وَيُوتِرُ الْإِقَامَة , إِلَّا قَوْلَهُ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاة " وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَة فِي صَحِيحه وَالسَّرَّاجُ فِي مُسْنَده وَكَذَا هُوَ فِي مُصَنَّف عَبْد الرَّزَّاق , وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْه " وَيَقُول قَدْ قَامَتْ الصَّلَاة مَرَّتَيْنِ " وَالْأَصْل أَنَّ مَا كَانَ فِي الْخَبَر فَهُوَ مِنْهُ حَتَّى يَقُومَ دَلِيل عَلَى خِلَافه , وَلَا دَلِيل فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَتَحَصَّل مِنْهَا أَنَّ خَالِدًا كَانَ لَا يَذْكُر الزِّيَادَةَ وَكَانَ أَيُّوبُ يَذْكُرُهَا , وَكُلٌّ مِنْهُمَا رَوَى الْحَدِيث عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَس , فَكَانَ فِي رِوَايَة أَيُّوبَ زِيَادَة مِنْ حَافِظ فَتُقْبَلُ , وَاَللَّه أَعْلَم.
وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ عَدَمُ اِسْتِثْنَاء التَّكْبِير فِي الْإِقَامَة , وَأَجَابَ بَعْض الشَّافِعِيَّة بِأَنَّ التَّثْنِيَة فِي تَكْبِيرَة الْإِقَامَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَذَان إِفْرَاد , قَالَ النَّوَوِيّ : وَلِهَذَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُول الْمُؤَذِّنُ كُلّ تَكْبِيرَتَيْنِ بِنَفَسٍ وَاحِدٍ.
قُلْت : وَهَذَا إِنَّمَا يَتَأَتَّى فِي أَوَّل الْأَذَان لَا فِي التَّكْبِير الَّذِي فِي آخِرِهِ.
وَعَلَى مَا قَالَ النَّوَوِيّ يَنْبَغِي لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يُفْرِدَ كُلَّ تَكْبِيرَة مِنْ اللَّتَيْنِ فِي آخِرِهِ بِنَفَسٍ , وَيَظْهَر بِهَذَا التَّقْرِير تَرْجِيح قَوْل مَنْ قَالَ بِتَرْبِيعِ التَّكْبِير فِي أَوَّله عَلَى مَنْ قَالَ بِتَثْنِيَتِهِ , مَعَ أَنَّ لَفْظ " الشَّفْع " يَتَنَاوَل التَّثْنِيَة وَالتَّرْبِيع , فَلَيْسَ فِي لَفْظ حَدِيث الْبَاب مَا يُخَالِف ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ اِبْن بَطَّالٍ.
وَأَمَّا التَّرْجِيح فِي التَّشَهُّدَيْنِ فَالْأَصَحّ فِي صُورَته أَنْ يَشْهَدَ بِالْوَحْدَانِيَّةِ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ بِالرِّسَالَةِ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ يَرْجِع فَيَشْهَد كَذَلِكَ , فَهُوَ وَإِنْ كَانَ فِي الْعَدَد مُرَبِّعًا فَهُوَ فِي الصُّورَة مَثْنَى وَاَللَّهُ أَعْلَم.
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الْإِقَامَةَ إِلَّا الْإِقَامَةَ
عن أنس بن مالك، قال: «لما كثر الناس» قال: «ذكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يعرفونه، فذكروا أن يوروا نارا، أو يضربوا ناقوسا فأمر بلال أن يشفع الأذان، و...
عن أنس بن مالك، قال: «أمر بلال أن يشفع الأذان، وأن يوتر الإقامة» قال إسماعيل: فذكرت لأيوب، فقال: «إلا الإقامة»
عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان، وله ضراط، حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضى النداء أقبل، حتى إذا ثوب با...
عن أبي سعيد الخدري، قال له: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك، أو باديتك، فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء، فإنه: «لا يسمع مدى صوت المؤذن،...
عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غزا بنا قوما، لم يكن يغزو بنا حتى يصبح وينظر، فإن سمع أذانا كف عنهم، وإن لم يسمع أذانا أغار عليهم،...
عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم النداء، فقولوا مثل ما يقول المؤذن»
عن عيسى بن طلحة، أنه سمع معاوية يوما، فقال مثله، إلى قوله: وأشهد أن محمدا رسول الله
عن يحيى - نحوه - قال يحيى: وحدثني بعض إخواننا، أنه قال: لما قال: حي على الصلاة، قال: «لا حول ولا قوة إلا بالله»، وقال: هكذا سمعنا نبيكم صلى الله عليه...
عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفض...