639- عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وقد أقيمت الصلاة، وعدلت الصفوف، حتى إذا قام في مصلاه، انتظرنا أن يكبر، انصرف، قال: «على مكانكم» فمكثنا على هيئتنا، حتى خرج إلينا ينطف رأسه ماء، وقد اغتسل
(هيئتنا) حالتنا التي كنا عليها.
(ينطف) يقطر
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( خَرَجَ وَقَدْ أُقِيمَتْ الصَّلَاة ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُون الْمَعْنَى خَرَجَ فِي حَالِ الْإِقَامَة , وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُون الْإِقَامَة تَقَدَّمَتْ خُرُوجَهُ , وَهُوَ ظَاهِر الرِّوَايَة الَّتِي فِي الْبَاب الَّذِي بَعْدَهُ , لِتَعْقِيبِ الْإِقَامَة بِالتَّسْوِيَةِ , وَتَعْقِيبِ التَّسْوِيَة بِخُرُوجِهِ جَمِيعًا بِالْفَاءِ , وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّ الْجُمْلَتَيْنِ وَقَعَتَا حَالًا أَيْ خَرَجَ وَالْحَالُ أَنَّ الصَّلَاة أُقِيمَتْ وَالصُّفُوف عُدِّلَتْ , وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ : لَفْظ " قَدْ " تُقَرِّبُ الْمَاضِي مِنْ الْحَالِ , وَكَأَنَّهُ خَرَجَ فِي حَال الْإِقَامَة وَفِي حَال التَّعْدِيل , وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونُوا إِنَّمَا شَرَعُوا فِي ذَلِكَ بِإِذْنٍ مِنْهُ أَوْ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ.
قُلْت : وَتَقَدَّمَ اِحْتِمَال أَنْ يَكُون ذَلِكَ سَبَبًا لِلنَّهْيِ فَلَا يَلْزَم مِنْهُ مُخَالَفَتُهُمْ لَهُ , وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيث أَبِي قَتَادَةَ " لَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي قَرِيبًا ".
قَوْله : ( وَعُدِّلَتْ الصُّفُوف ) أَيْ سُوِّيَتْ.
قَوْله : ( حَتَّى إِذَا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ ) زَادَ مُسْلِم مِنْ طَرِيق يُونُس عَنْ الزُّهْرِيِّ " قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ فَانْصَرَفَ " وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي " بَاب إِذَا ذَكَرَ فِي الْمَسْجِد أَنَّهُ جُنُبٌ " مِنْ أَبْوَاب الْغُسْل مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يُونُس بِلَفْظِ " فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ ذَكَرَ " فَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ اِنْصَرَفَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاة , وَهُوَ مُعَارِضٌ لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْن حِبَّانَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ فِي صَلَاة الْفَجْر فَكَبَّرَ ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَيْهِمْ , وَلِمَالِكٍ مِنْ طَرِيق عَطَاء بْن يَسَارٍ مُرْسَلًا أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ فِي صَلَاة مِنْ الصَّلَوَات ثُمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ اُمْكُثُوا , وَيُمْكِنُ الْجَمْع بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ قَوْله " كَبَّرَ " عَلَى أَرَادَ أَنْ يُكَبِّرَ , أَوْ بِأَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ , أَبْدَاهُ عِيَاضٌ وَالْقُرْطُبِيُّ اِحْتِمَالًا وَقَالَ النَّوَوِيّ إِنَّهُ الْأَظْهَر , وَجَزَمَ بِهِ اِبْن حِبَّانَ كَعَادَتِهِ , فَإِنْ ثَبَتَ وَإِلَّا فَمَا فِي الصَّحِيح أَصَحُّ , وَدَعْوَى اِبْن بَطَّالٍ أَنَّ الشَّافِعِيَّ اِحْتَجَّ بِحَدِيثِ عَطَاء عَلَى جَوَاز تَكْبِير الْمَأْمُوم قَبْلَ تَكْبِير الْإِمَام قَالَ فَنَاقَضَ أَصْلَهُ فَاحْتَجَّ بِالْمُرْسَلِ , مُتَعَقَّبُهُ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يَرُدُّ الْمَرَاسِيلَ مُطْلَقًا , بَلْ يَحْتَجُّ مِنْهَا بِمَا يَعْتَضِدُ , وَالْأَمْر هُنَا كَذَلِكَ لِحَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.
قَوْله : ( اِنْتَظَرْنَا ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ , وَقَوْله : ( اِنْصَرَفَ ) أَيْ إِلَى حُجْرَته وَهُوَ جَوَاب إِذَا , وَقَوْله : ( قَالَ ) اِسْتِئْنَافٌ أَوْ حَالٌ.
قَوْله : ( عَلَى مَكَانِكُمْ ) أَيْ كُونُوا عَلَى مَكَانِكُمْ.
قَوْله : ( عَلَى هَيْئَتِنَا ) بِفَتْحِ الْهَاء بَعْدَهَا يَاءٌ تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ ثُمَّ مُثَنَّاةٌ , وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ اِمْتَثَلُوا أَمْرَهُ فِي قَوْله " عَلَى مَكَانِكُمْ " فَاسْتَمَرُّوا عَلَى الْهَيْئَة - أَيْ الْكَيْفِيَّة - الَّتِي تَرَكَهُمْ عَلَيْهَا , وَهِيَ قِيَامُهُمْ فِي صُفُوفِهِمْ الْمُعْتَدِلَةِ.
وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ " عَلَى هِينَتِنَا " بِكَسْرِ الْهَاء وَبَعْدَ الْيَاءِ نُونٌ مَفْتُوحَةٌ , وَالْهِينَةُ الرِّفْقُ , وَرِوَايَة الْجَمَاعَة أَوْجَهُ.
قَوْله : ( يَنْطِفُ ) بِكَسْرِ الطَّاء وَضَمِّهَا أَيْ يَقْطُرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَة الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ.
قَوْله : ( وَقَدْ اِغْتَسَلَ ) زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فَقَالَ " إِنِّي كُنْت جُنُبًا فَنَسِيت أَنْ أَغْتَسِلَ " وَفِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد غَيْرُ مَا مَضَى فِي كِتَاب الْغُسْل جَوَازُ النِّسْيَان عَلَى الْأَنْبِيَاء فِي أَمْرِ الْعِبَادَة لِأَجْلِ التَّشْرِيع , وَفِيهِ طَهَارَةُ الْمَاء الْمُسْتَعْمَلِ وَجَوَازُ الْفَصْلِ بَيْنَ الْإِقَامَة وَالصَّلَاة , لِأَنَّ قَوْلَهُ " فَصَلَّى " ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْإِقَامَةَ لَمْ تُعَدْ , وَالظَّاهِر أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالضَّرُورَةِ وَبِأَمْنِ خُرُوج الْوَقْت.
وَعَنْ مَالِكٍ إِذَا بَعُدَتْ الْإِقَامَة مِنْ الْإِحْرَامِ تُعَادُ , وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ.
وَفِيهِ أَنَّهُ لَا حَيَاءَ فِي أَمْرِ الدِّين , وَسَبِيلُ مَنْ غَلَبَ أَنْ يَأْتِيَ بِعُذْرٍ مُوهِمٍ كَأَنْ يُمْسِكَ بِأَنْفِهِ لِيُوهِمَ أَنَّهُ رُعِفَ.
وَفِيهِ جَوَاز اِنْتِظَار الْمَأْمُومِينَ مَجِيءَ الْإِمَام قِيَامًا عِنْدَ الضَّرُورَة , وَهُوَ غَيْر الْقِيَام الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي حَدِيث أَبِي قَتَادَةَ.
وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى مَنْ اِحْتَلَمَ فِي الْمَسْجِدِ فَأَرَادَ الْخُرُوج مِنْهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْغُسْل.
وَجَوَاز الْكَلَام بَيْنَ الْإِقَامَة وَالصَّلَاة وَسَيَأْتِي فِي بَابٍ مُفْرَدٍ.
وَجَوَاز تَأْخِير الْجُنُبِ الْغُسْلَ عَنْ وَقْتِ الْحَدَثِ.
( فَائِدَةٌ ) : وَقَعَ فِي بَعْض النُّسَخِ هُنَا : قِيلَ لِأَبِي عَبْد اللَّه - أَيْ الْبُخَارِيّ - إِذَا وَقَعَ هَذَا لِأَحَدِنَا يَفْعَل مِثْلَ هَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ.
قِيلَ : فَيَنْتَظِرُونَ الْإِمَام قِيَامًا أَوْ قُعُودًا ؟ قَالَ : إِنْ كَانَ قَبْلَ التَّكْبِير فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْعُدُوا , وَإِنْ كَانَ بَعْدَ التَّكْبِير اِنْتَظَرُوهُ قِيَامًا.
وَوَقَعَ فِي بَعْضهَا فِي آخِرِ الْبَاب الَّذِي بَعْدَهُ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَقَدْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَعُدِّلَتْ الصُّفُوفُ حَتَّى إِذَا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ انْتَظَرْنَا أَنْ يُكَبِّرَ انْصَرَفَ قَالَ عَلَى مَكَانِكُمْ فَمَكَثْنَا عَلَى هَيْئَتِنَا حَتَّى خَرَجَ إِلَيْنَا يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً وَقَدْ اغْتَسَلَ
عن أبي هريرة، قال: أقيمت الصلاة، فسوى الناس صفوفهم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتقدم، وهو جنب، ثم قال: «على مكانكم» فرجع فاغتسل، ثم خرج ورأسه...
عن جابر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه عمر بن الخطاب يوم الخندق، فقال: يا رسول الله والله: ما كدت أن أصلي، حتى كادت الشمس تغرب، وذلك بع...
عن أنس بن مالك، قال: «أقيمت الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يناجي رجلا في جانب المسجد، فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم»
عن حميد، قال: سألت ثابتا البناني - عن الرجل يتكلم بعد ما تقام الصلاة - فحدثني عن أنس بن مالك، قال: «أقيمت الصلاة فعرض للنبي صلى الله عليه وسلم رجل، فح...
عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب، فيحطب، ثم آمر بالصلاة، فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم...
عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة»
عن أبي سعيد الخدري، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة»
عن أبي هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته، وفي سوقه، خمسا وعشرين ضعفا، وذلك أنه: إذا توضأ،...
عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تفضل صلاة الجميع صلاة أحدكم وحده، بخمس وعشرين جزءا، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في...