645- عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة»
أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة باب فضل صلاة الجماعة رقم 650 (الفذ) المنفرد ولا تعارض بين الحديث والذي بعده لأن ذكر العدد الأقل لا ينفي الأكثر
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( صَلَاة الْجَمَاعَة تَفْضُل صَلَاة الْفَذّ ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمُنْفَرِد , يُقَال فَذَّ الرَّجُل مِنْ أَصْحَابه إِذَا بَقِيَ مُنْفَرِدًا وَحْدَهُ.
وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِم مِنْ رِوَايَة عُبَيْدِ اللَّه بْن عُمَر عَنْ نَافِع وَسِيَاقه أَوْضَحُ وَلَفْظه " صَلَاة الرَّجُل فِي الْجَمَاعَة تَزِيد عَلَى صَلَاتِهِ وَحْدَهُ ".
قَوْله : ( بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً ) قَالَ التِّرْمِذِيّ عَامَّة مَنْ رَوَاهُ قَالُوا خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَّا اِبْن عُمَر فَإِنَّهُ قَالَ سَبْعًا وَعِشْرِينَ.
قُلْت : لَمْ يُخْتَلَف عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ إِلَّا مَا وَقَعَ عِنْدَ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ عَبْد اللَّه الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِع فَقَالَ فِيهِ خَمْس وَعِشْرُونَ لَكِنَّ الْعُمَرِيَّ ضَعِيفٌ , وَوَقَعَ عِنْد أَبِي عَوَانَةَ فِي مُسْتَخْرَجه مِنْ طَرِيق أَبِي أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّه اِبْن عُمَر عَنْ نَافِع فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَهِيَ شَاذَّة مُخَالِفَة لِرِوَايَةِ الْحُفَّاظ مِنْ أَصْحَاب عُبَيْدِ اللَّه وَأَصْحَاب نَافِع وَإِنْ كَانَ رَاوِيهَا ثِقَةً.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِم مِنْ رِوَايَة الضَّحَّاك بْن عُثْمَان عَنْ نَافِع بِلَفْظِ بِضْعٍ وَعِشْرِينَ فَلَيْسَتْ مُغَايِرَة لِرِوَايَةِ الْحُفَّاظ لِصِدْقِ الْبِضْع عَلَى السَّبْع , وَأَمَّا غَيْر اِبْن عُمَر فَصَحَّ عَنْ أَبِي سَعِيد وَأَبِي هُرَيْرَة كَمَا فِي هَذَا الْبَاب , وَعَنْ اِبْن مَسْعُود عِنْدَ أَحْمَد وَابْن خُزَيْمَةَ , وَعَنْ أُبَيِّ بْن كَعْب عِنْدَ اِبْن مَاجَهْ وَالْحَاكِم , وَعَنْ عَائِشَة وَأَنَس عِنْدَ السَّرَّاج , وَوَرَدَ أَيْضًا مِنْ طُرُق ضَعِيفَة عَنْ مُعَاذٍ وَصُهَيْبٍ وَعَبْد اللَّه بْن زَيْد وَزَيْد بْن ثَابِت وَكُلُّهَا عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ , وَاتَّفَقَ الْجَمِيع عَلَى سَبْع وَعِشْرِينَ سِوَى رِوَايَة أُبَيّ فَقَالَ أَرْبَع أَوْ خَمْس عَلَى الشَّكّ , وَسِوَى رِوَايَة لِأَبِي هُرَيْرَة عِنْدَ أَحْمَد قَالَ فِيهَا سَبْع وَعِشْرُونَ وَفِي إِسْنَادهَا شَرِيكٌ الْقَاضِي وَفِي حِفْظه ضَعْفٌ , وَفِي رِوَايَة لِأَبِي عَوَانَةَ بِضْعًا وَعِشْرِينَ وَلَيْسَتْ مُغَايِرَة أَيْضًا لِصِدْقِ الْبِضْع عَلَى الْخَمْس , فَرَجَعَتْ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا إِلَى الْخَمْس وَالسَّبْع إِذْ لَا أَثَرَ لِلشَّكِّ , وَاخْتُلِفَ فِي أَيِّهِمَا أَرْجَحُ فَقِيلَ رِوَايَة الْخَمْس لِكَثْرَةِ رُوَاتهَا , وَقِيلَ رِوَايَة السَّبْع لِأَنَّ فِيهَا زِيَادَة مِنْ عَدْلٍ حَافِظٍ , وَوَقَعَ الِاخْتِلَاف فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْحَدِيث وَهُوَ مُمَيِّزُ الْعَدَد الْمَذْكُور , فَفِي الرِّوَايَات كُلِّهَا التَّعْبِير بِقَوْلِهِ " دَرَجَةً " أَوْ حَذْفُ الْمُمَيِّزِ , إِلَّا طُرُق حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة فَفِي بَعْضهَا " ضِعْفًا " وَفِي بَعْضهَا " جُزْءًا " وَفِي بَعْضهَا " دَرَجَةً " وَفِي بَعْضهَا " صَلَاةً " وَوَقَعَ هَذَا الْأَخِير فِي بَعْض طُرُق حَدِيث أَنَس , وَالظَّاهِر أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاة , وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُون ذَلِكَ مِنْ التَّفَنُّن فِي الْعِبَارَة.
وَأَمَّا قَوْل اِبْن الْأَثِير : إِنَّمَا قَالَ دَرَجَةً وَلَمْ يَقُلْ جُزْءًا وَلَا نَصِيبًا وَلَا حَظًّا وَلَا نَحْوَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَرَادَ الثَّوَاب مِنْ جِهَة الْعُلُوّ وَالِارْتِفَاع فَإِنَّ ذَلِكَ فَوْقَ هَذِهِ بِكَذَا وَكَذَا دَرَجَةً لِأَنَّ الدَّرَجَات إِلَى جِهَة فَوْقُ , فَكَأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْأَصْل لَفْظ دَرَجَةٍ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاة , لَكِنَّ نَفْيَهُ وُرُودَ " الْجُزْءِ " مَرْدُودٌ , فَإِنَّهُ ثَابِت , وَكَذَلِكَ الضِّعْف , وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَ رِوَايَتَيْ الْخَمْس وَالسَّبْع بِوُجُوهٍ : مِنْهَا أَنَّ ذِكْرَ الْقَلِيل لَا يَنْفِي الْكَثِيرَ , وَهَذَا قَوْل مَنْ لَا يَعْتَبِر مَفْهُوم الْعَدَد , لَكِنْ قَدْ قَالَ بِهِ جَمَاعَة مِنْ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ وَحُكِيَ عَنْ نَصِّهِ , وَعَلَى هَذَا فَقِيلَ وَهُوَ الْوَجْه الثَّانِي : لَعَلَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِالْخَمْسِ , ثُمَّ أَعْلَمَهُ اللَّه بِزِيَادَةِ الْفَضْل فَأَخْبَرَ بِالسَّبْعِ , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَحْتَاج إِلَى التَّارِيخ , وَبِأَنَّ دُخُول النَّسْخ فِي الْفَضَائِل مُخْتَلَفٌ فِيهِ , لَكِنْ إِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَنْع تَعَيَّنَ تَقَدُّمُ الْخَمْس عَلَى السَّبْع مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْفَضْلَ مِنْ اللَّه يَقْبَلُ الزِّيَادَة لَا النَّقْص.
ثَالِثُهَا أَنَّ اِخْتِلَاف الْعَدَدَيْنِ بِاخْتِلَافِ مُمَيِّزِهِمَا , وَعَلَى هَذَا فَقِيلَ : الدَّرَجَة أَصْغَر مِنْ الْجُزْء , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ الْجُزْءُ رُوِيَ عَنْهُ الدَّرَجَةُ.
وَقَالَ بَعْضهمْ : الْجُزْء فِي الدُّنْيَا وَالدَّرَجَة فِي الْآخِرَة , وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّغَايُر.
رَابِعهَا الْفَرْق بِقُرْبِ الْمَسْجِد وَبُعْدِهِ.
خَامِسهَا الْفَرْق بِحَالِ الْمُصَلِّي كَأَنْ يَكُونَ أَعْلَمَ أَوْ أَخْشَعَ.
سَادِسُهَا الْفَرْق بِإِيقَاعِهَا فِي الْمَسْجِد أَوْ فِي غَيْرِهِ.
سَابِعهَا الْفَرْق بِالْمُنْتَظِرِ لِلصَّلَاةِ وَغَيْره.
ثَامِنهَا الْفَرْق بِإِدْرَاكِ كُلّهَا أَوْ بَعْضهَا.
تَاسِعهَا الْفَرْق بِكَثْرَةِ الْجَمَاعَة وَقِلَّتِهِمْ.
عَاشِرهَا السَّبْع مُخْتَصَّةٌ بِالْفَجْرِ وَالْعِشَاء وَقِيلَ بِالْفَجْرِ وَالْعَصْر وَالْخَمْس بِمَا عَدَا ذَلِكَ.
حَادِي عَشْرهَا السَّبْعُ مُخْتَصَّةٌ بِالْجَهْرِيَّةِ وَالْخَمْس بِالسِّرِّيَّةِ , وَهَذَا الْوَجْه عِنْدِي أَوْجَهُهَا لِمَا سَأُبَيِّنُهُ.
ثُمَّ إِنَّ الْحِكْمَةَ فِي هَذَا الْعَدَد الْخَاصّ غَيْر مُحَقَّقَةِ الْمَعْنَى.
وَنَقَلَ الطِّيبِيُّ عَنْ التوربشتي مَا حَاصِلُهُ : إِنَّ ذَلِكَ لَا يُدْرَكُ بِالرَّأْيِ , بَلْ مَرْجِعُهُ إِلَى عِلْم النُّبُوَّة الَّتِي قَصَرَتْ عُلُوم الْأَلِبَّاء عَنْ إِدْرَاكِ حَقِيقَتهَا كُلِّهَا , ثُمَّ قَالَ : وَلَعَلَّ الْفَائِدَة هِيَ اِجْتِمَاع الْمُسْلِمِينَ مُصْطَفِّينَ كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَة , وَالِاقْتِدَاء بِالْإِمَامِ , وَإِظْهَار شَعَائِر الْإِسْلَام وَغَيْرُ ذَلِكَ.
وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا قَدَّمْته عَنْ غَيْره وَغَفَلَ عَنْ مُرَادِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ لَا يُفِيدُ الْمَطْلُوب , لَكِنْ أَشَارَ الْكَرْمَانِيُّ إِلَى اِحْتِمَال أَنْ يَكُون أَصْلُهُ كَوْنَ الْمَكْتُوبَات خَمْسًا فَأُرِيدَ الْمُبَالَغَة فِي تَكْثِيرهَا فَضُرِبَتْ فِي مِثْلهَا فَصَارَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ.
ثُمَّ ذَكَرَ لِلسَّبْعِ مُنَاسَبَةً أَيْضًا مِنْ جِهَة عَدَد رَكَعَات الْفَرَائِض وَرَوَاتِبهَا , وَقَالَ غَيْرُهُ : الْحَسَنَة بِعَشْرٍ لِلْمُصَلِّي مُنْفَرِدًا فَإِذَا اِنْضَمَّ إِلَيْهِ آخَرُ بَلَغَتْ عِشْرِينَ ثُمَّ زِيدَ بِقَدْرِ عَدَد الصَّلَوَات الْخَمْس , أَوْ يُزَادُ عَدَد أَيَّام الْأُسْبُوع , وَلَا يَخْفَى فَسَادُ هَذَا.
وَقِيلَ : الْأَعْدَادُ عَشَرَات وَمِئُونَ وَأُلُوفٌ وَخَيْرُ الْأُمُور الْوَسَط فَاعْتُبِرَتْ الْمِائَة وَالْعَدَدُ الْمَذْكُور رُبْعُهَا , وَهَذَا أَشَدُّ فَسَادًا مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ.
وَقَرَأْت بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُلْقِينِيِّ فِيمَا كَتَبَ عَلَى الْعُمْدَةِ : ظَهَرَ لِي فِي هَذَيْنِ الْعَدَدَيْنِ شَيْء لَمْ أُسْبَقْ إِلَيْهِ , لِأَنَّ لَفْظ اِبْن عُمَر " صَلَاة الْجَمَاعَة أَفْضَل مِنْ صَلَاة الْفَذّ " وَمَعْنَاهُ الصَّلَاة فِي الْجَمَاعَة كَمَا وَقَعَ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة " صَلَاة الرَّجُل فِي الْجَمَاعَة " وَعَلَى هَذَا فَكُلّ وَاحِد مِنْ الْمَحْكُوم لَهُ بِذَلِكَ صَلَّى فِي جَمَاعَة , وَأَدْنَى الْأَعْدَاد الَّتِي يَتَحَقَّقُ فِيهَا ذَلِكَ ثَلَاثَة حَتَّى يَكُون كُلّ وَاحِد صَلَّى فِي جَمَاعَة وَكُلّ وَاحِد مِنْهُمْ أَتَى بِحَسَنَةٍ وَهِيَ بِعَشَرَةٍ فَيَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعه ثَلَاثُونَ فَاقْتَصَرَ فِي الْحَدِيث عَلَى الْفَضْل الزَّائِد وَهُوَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ دُونَ الثَّلَاثَة الَّتِي هِيَ أَصْلُ ذَلِكَ.
اِنْتَهَى.
وَظَهَرَ لِي فِي الْجَمْع بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ أَنَّ أَقَلَّ الْجَمَاعَة إِمَامٌ وَمَأْمُومٌ , فَلَوْلَا الْإِمَام مَا سُمِّيَ الْمَأْمُوم وَكَذَا عَكْسُهُ , فَإِذَا تَفَضَّلَ اللَّه عَلَى مَنْ صَلَّى جَمَاعَةً بِزِيَادَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَة حُمِلَ الْخَبَر الْوَارِد بِلَفْظِهَا عَلَى الْفَضْل الزَّائِد , وَالْخَبَر الْوَارِد بِلَفْظِ سَبْع وَعِشْرِينَ عَلَى الْأَصْل وَالْفَضْل.
وَقَدْ خَاضَ قَوْمٌ فِي تَعْيِين الْأَسْبَاب الْمُقْتَضِيَة لِلدَّرَجَاتِ الْمَذْكُورَة , قَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : وَمَا جَاءُوا بِطَائِلٍ.
وَقَالَ الْمُحِبّ الطَّبَرِيُّ : ذَكَرَ بَعْضهمْ أَنَّ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة - يَعْنِي ثَالِث أَحَادِيث الْبَاب - إِشَارَةٌ إِلَى بَعْض ذَلِكَ , وَيُضَاف إِلَيْهِ أُمُور أُخْرَى وَرَدَتْ فِي ذَلِكَ , وَقَدْ فَصَّلَهَا اِبْن بَطَّالٍ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الشَّارِحِينَ , وَتَعَقَّبَ الزَّيْنُ اِبْن الْمُنِير بَعْض مَا ذَكَرَهُ وَاخْتَارَ تَفْصِيلًا آخَرَ أَوْرَدَهُ , وَقَدْ نَقَّحْت مَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَحَذَفْت مَا لَا يَخْتَصّ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَة : فَأَوَّلُهَا إِجَابَة الْمُؤَذِّن بِنِيَّةِ الصَّلَاة فِي الْجَمَاعَة , وَالتَّبْكِير إِلَيْهَا فِي أَوَّلَ الْوَقْت , وَالْمَشْي إِلَى الْمَسْجِد بِالسَّكِينَةِ , وَدُخُول الْمَسْجِد دَاعِيًا , وَصَلَاة التَّحِيَّة عِنْدَ دُخُوله كُلّ ذَلِكَ بِنِيَّةِ الصَّلَاة فِي الْجَمَاعَة , سَادِسهَا اِنْتِظَار الْجَمَاعَة , سَابِعهَا صَلَاة الْمَلَائِكَة عَلَيْهِ وَاسْتِغْفَارهمْ لَهُ , ثَامِنهَا شَهَادَتهمْ لَهُ , تَاسِعهَا إِجَابَة الْإِقَامَة , عَاشِرهَا السَّلَامَة مِنْ الشَّيْطَان حِينَ يَفِرُّ عِنْدَ الْإِقَامَة , حَادِي عَاشِرهَا الْوُقُوفُ مُنْتَظِرًا إِحْرَامَ الْإِمَام أَوْ الدُّخُول مَعَهُ فِي أَيِّ هَيْئَة وَحْدَهُ عَلَيْهَا , ثَانِي عَشْرهَا إِدْرَاكُ تَكْبِيرَة الْإِحْرَام كَذَلِكَ , ثَالِث عَشْرهَا تَسْوِيَة الصُّفُوف وَسَدُّ فُرَجِهَا , رَابِع عَشْرهَا جَوَاب الْإِمَام عِنْدَ قَوْله سَمِعَ اللَّه لِمَنْ حَمِدَهُ , خَامِس عَشْرهَا الْأَمْنُ مِنْ السَّهْو غَالِبًا وَتَنْبِيهُ الْإِمَام إِذَا سَهَا بِالتَّسْبِيحِ أَوْ الْفَتْح عَلَيْهِ , سَادِس عَشْرهَا حُصُولُ الْخُشُوع وَالسَّلَامَة عَمَّا يُلْهِي غَالِبًا , سَابِع عَشْرهَا تَحْسِينُ الْهَيْئَة غَالِبًا , ثَامِن عَشْرهَا اِحْتِفَافُ الْمَلَائِكَة بِهِ , تَاسِع عَشْرهَا التَّدَرُّبُ عَلَى تَجْوِيدِ الْقِرَاءَةِ وَتَعَلُّمِ الْأَرْكَان وَالْأَبْعَاض , الْعِشْرُونَ إِظْهَار شَعَائِر الْإِسْلَام , الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ إِرْغَام الشَّيْطَان بِالِاجْتِمَاعِ عَلَى الْعِبَادَة وَالتَّعَاوُن عَلَى الطَّاعَة وَنَشَاط الْمُتَكَاسِل , الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ السَّلَامَة مِنْ صِفَة النِّفَاق وَمِنْ إِسَاءَة غَيْره الظَّنّ بِأَنَّهُ تَرَكَ الصَّلَاة رَأْسًا , الثَّالِث وَالْعِشْرُونَ رَدُّ السَّلَام عَلَى الْإِمَام , الرَّابِع وَالْعِشْرُونَ الِانْتِفَاع بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الدُّعَاء وَالذِّكْر وَعَوْدُ بَرَكَة الْكَامِل عَلَى النَّاقِص , الْخَامِس وَالْعِشْرُونَ قِيَام نِظَام الْأُلْفَة بَيْنَ الْجِيرَان وَحُصُول تَعَاهُدِهِمْ فِي أَوْقَات الصَّلَوَات.
فَهَذِهِ خَمْس وَعِشْرُونَ خَصْلَةً وَرَدَ فِي كُلّ مِنْهَا أَمْرٌ أَوْ تَرْغِيب يَخُصُّهُ , وَبَقِيَ مِنْهَا أَمْرَانِ يَخْتَصَّانِ بِالْجَهْرِيَّةِ وَهُمَا الْإِنْصَات عِنْدَ قِرَاءَة الْإِمَام وَالِاسْتِمَاع لَهَا وَالتَّأْمِين عِنْدَ تَأْمِينه لِيُوَافِقَ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَة , وَبِهَذَا يَتَرَجَّحُ أَنَّ السَّبْع تَخْتَصّ بِالْجَهْرِيَّةِ وَاَللَّه أَعْلَم.
( تَنْبِيهَات ) : ( الْأَوَّل ) مُقْتَضَى الْخِصَال الَّتِي ذَكَرْتهَا اِخْتِصَاص التَّضْعِيف بِالتَّجَمُّعِ فِي الْمَسْجِد وَهُوَ الرَّاجِح فِي نَظَرِي كَمَا سَيَأْتِي الْبَحْث فِيهِ , وَعَلَى تَقْدِير أَنْ لَا يَخْتَصَّ بِالْمَسْجِدِ فَإِنَّمَا ذَكَرْته ثَلَاثَة أَشْيَاء وَهِيَ الْمَشْي وَالدُّخُول وَالتَّحِيَّة , فَيُمْكِنُ أَنْ تُعَوَّضَ مِنْ بَعْض مَا ذُكِرَ مِمَّا يَشْتَمِل عَلَى خَصْلَتَيْنِ مُتَقَارِبَتَيْنِ أُقِيمَتَا مَقَامَ خَصْلَة وَاحِدَة كَالْأَخِيرَتَيْنِ لِأَنَّ مَنْفَعَة الِاجْتِمَاع عَلَى الدُّعَاء وَالذِّكْر غَيْر مَنْفَعَة عَوْد بَرَكَة الْكَامِل عَلَى النَّاقِص , وَكَذَا فَائِدَة قِيَام نِظَام الْأُلْفَة غَيْرُ فَائِدَة حُصُول التَّعَاهُد , وَكَذَا فَائِدَة أَمْنِ الْمَأْمُومِينَ مِنْ السَّهْو غَالِبًا غَيْرُ تَنْبِيه الْإِمَام إِذَا سَهَا.
فَهَذِهِ ثَلَاثَة يُمْكِن أَنْ يُعَوَّضَ بِهَا الثَّلَاثَة الْمَذْكُورَة فَيَحْصُلُ الْمَطْلُوب.
( الثَّانِي ) لَا يَرِدُ عَلَى الْخِصَال الَّتِي ذَكَرْتهَا كَوْنُ بَعْض الْخِصَال يَخْتَصّ بِبَعْضِ مَنْ صَلَّى جَمَاعَةً دُونَ بَعْضٍ كَالتَّبْكِيرِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ وَانْتِظَارِ إِحْرَامِ الْإِمَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ , لِأَنَّ أَجْرَ ذَلِكَ يَحْصُلُ لِقَاصِدِهِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّة وَلَوْ لَمْ يَقَع كَمَا سَبَقَ , وَاَللَّهُ أَعْلَم.
( الثَّالِث ) مَعْنَى الدَّرَجَة أَوْ الْجُزْء حُصُول مِقْدَارُ صَلَاة الْمُنْفَرِد بِالْعَدَدِ الْمَذْكُور لِلْمُجْمِعِ , وَقَدْ أَشَارَ اِبْن دَقِيق الْعِيد إِلَى أَنَّ بَعْضهمْ زَعَمَ خِلَاف ذَلِكَ قَالَ : وَالْأَوَّل أَظْهَرُ , لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ مُبَيَّنًا فِي بَعْض الرِّوَايَات.
اِنْتَهَى.
وَكَأَنَّهُ يُشِير إِلَى مَا عِنْدَ مُسْلِم فِي بَعْض طُرُقه بِلَفْظِ " صَلَاة الْجَمَاعَة تَعْدِل خَمْسًا وَعِشْرِينَ مِنْ صَلَاة الْفَذّ " وَفِي أُخْرَى " صَلَاة مَعَ الْإِمَام أَفْضَل مِنْ خَمْس وَعِشْرِينَ صَلَاة يُصَلِّيهَا وَحْدَهُ " وَلِأَحْمَد مِنْ حَدِيث اِبْن مَسْعُود بِإِسْنَادٍ رِجَاله ثِقَات نَحْوُهُ وَقَالَ فِي آخِرِهِ " كُلُّهَا مِثْلُ صَلَاتِهِ " وَهُوَ مُقْتَضَى لَفْظ رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة الْآتِيَة حَيْثُ قَالَ " تُضَعَّفُ " لِأَنَّ الضِّعْفُ كَمَا قَالَ الْأَزْهَرِيُّ الْمِثْل إِلَى مَا زَادَ لَيْسَ بِمَقْصُورٍ عَلَى الْمِثْلَيْنِ تَقُول هَذَا ضِعْفُ الشَّيْء أَيْ مِثْلُهُ أَوْ مِثْلَاهُ فَصَاعِدًا لَكِنْ لَا يُزَاد عَلَى الْعَشَرَةِ.
وَظَاهِرُ قَوْله " تُضَعَّفُ " وَكَذَا قَوْله فِي رِوَايَتَيْ اِبْن عُمَر وَأَبِي سَعِيد " تَفْضُل " أَيْ تَزِيد , وَقَوْله فِي رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة السَّابِقَة فِي " بَاب مَسَاجِد السُّوق " يُرِيدُ أَنَّ صَلَاة الْجَمَاعَة تُسَاوِي صَلَاة الْمُنْفَرِد وَتَزِيدُ عَلَيْهَا الْعَدَد الْمَذْكُور فَيَكُون لِمُصَلِّي الْجَمَاعَة ثَوَابُ سِتٍّ أَوْ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ مِنْ صَلَاة الْمُنْفَرِد.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً
عن أبي سعيد الخدري، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة»
عن أبي هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته، وفي سوقه، خمسا وعشرين ضعفا، وذلك أنه: إذا توضأ،...
عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تفضل صلاة الجميع صلاة أحدكم وحده، بخمس وعشرين جزءا، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في...
عن أم الدرداء، تقول: دخل علي أبو الدرداء وهو مغضب، فقلت: ما أغضبك؟ فقال: «والله ما أعرف من أمة محمد صلى الله عليه وسلم شيئا إلا أنهم يصلون جميعا»
عن أبي موسى، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم، فأبعدهم ممشى والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرا من ا...
عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره، فشكر الله له فغفر له» 653 - ثم قال: " الشهداء...
عن أنس بن مالك، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا بني سلمة ألا تحتسبون آثاركم» وقال مجاهد: في قوله: {ونكتب ما قدموا وآثارهم}، قال: «خطاهم» 656 -...
عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا، لقد هممت أن آمر...
عن مالك بن الحويرث، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا حضرت الصلاة، فأذنا وأقيما، ثم ليؤمكما أكبركما»