783- عن أبي بكرة، أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «زادك الله حرصا ولا تعد»
(حرصا) على الخير.
(ولا تعد) إلى الركوع قبل الصف فإنه مكروه
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْلُهُ : ( عَنْ الْأَعْلَمِ هُوَ زِيَادٌ ) فِي رِوَايَةٍ عَنْ عَفَّانَ عَنْ هَمَّامٍ حَدَّثَنَا زِيَادٌ الْأَعْلَمُ أَخْرَجَهُ اِبْنُ أَبِي شَيْبَةَ , وَزِيَادٌ هُوَ اِبْنُ حَسَّانَ بْنُ قُرَّةَ الْبَاهِلِيُّ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ , قِيلَ لَهُ الْأَعْلَمُ لِأَنَّهُ كَانَ مَشْقُوقَ الشَّفَةِ , وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ.
قَوْلُهُ : ( عَنْ الْحَسَنِ ) ) هُوَ الْبَصْرِيُّ.
قَوْلُهُ : ( عَنْ أَبِي بَكْرَةَ ) هُوَ الثَّقَفِيُّ , وَقَدْ أَعَلَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْحَسَنَ عَنْعَنَهُ , وَقِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ وَإِنَّمَا يُرْوَى عَنْ الْأَحْنَفِ عَنْهُ , وَرُدَّ هَذَا الْإِعْلَالُ بِرِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ الْأَعْلَمِ قَالَ " حَدَّثَنِي الْحَسَنُ أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ حَدَّثَهُ " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.
قَوْلُهُ : ( أَنَّهُ اِنْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فِي رِوَايَةِ سَعِيدٍ الْمَذْكُورَةِ " أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ " زَادَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ " وَقَدْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَانْطَلَقَ يَسْعَى " وَلِلطَّحَاوِيِّ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ الْأَعْلَمِ " وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ ".
قَوْلُهُ : ( فَذَكَرَ ذَلِكَ ) فِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ " فَلَمَّا اِنْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَيُّكُمْ دَخَلَ الصَّفَّ وَهُوَ رَاكِعٌ ".
قَوْلُهُ : ( زَادَك اللَّهُ حِرْصًا ) أَيْ عَلَى الْخَيْرِ , قَالَ اِبْنُ الْمُنِيرِ صَوَّبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِعْلَ أَبِي بَكْرَةَ مِنْ الْجِهَةِ الْعَامَّةِ وَهِيَ الْحِرْصُ عَلَى إِدْرَاكِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ , وَخَطَّأَهُ مِنْ الْجِهَةِ الْخَاصَّةِ.
قَوْلُهُ : ( وَلَا تَعُدْ ) أَيْ إِلَى مَا صَنَعْت مِنْ السَّعْيِ الشَّدِيدِ ثُمَّ الرُّكُوعِ دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ مِنْ الْمَشْيِ إِلَى الصَّفِّ , وَقَدْ وَرَدَ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ صَرِيحًا فِي طُرُقِ حَدِيثِهِ كَمَا تَقَدَّمَ بَعْضُهَا , وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَذْكُورَةِ " فَقَالَ مَنْ السَّاعِي " وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ الطَّبَرَانِيِّ " فَقَالَ أَيُّكُمْ صَاحِبُ هَذَا النَّفَسِ ؟ قَالَ : خَشِيت أَنْ تَفُوتَنِي الرَّكْعَةُ مَعَك " وَلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ " صَلِّ مَا أَدْرَكْت وَاقْضِ مَا سَبَقَك " وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ " أَيُّكُمْ الرَّاكِعُ دُونَ الصَّفِّ " وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَتِهِ قَرِيبًا " أَيُّكُمْ دَخَلَ الصَّفَّ وَهُوَ رَاكِعٌ " وَتَمَسَّكَ الْمُهَلَّبُ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ فَقَالَ : إِنَّمَا قَالَ لَهُ " لَا تَعُدْ " لِأَنَّهُ مَثَّلَ بِنَفْسِهِ فِي مَشْيِهِ رَاكِعًا لِأَنَّهَا كَمِشْيَةِ الْبَهَائِمِ ا ه.
وَلَمْ يَنْحَصِرْ النَّهْيُ فِي ذَلِكَ كَمَا حَرَّرْته , وَلَوْ كَانَ مُنْحَصِرًا لَاقْتَضَى ذَلِكَ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ فِي إِحْرَامِ الْمُنْفَرِدِ خَلْفَ الصَّفِّ , وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ الِاتِّفَاقِ عَلَى كَرَاهِيَتِهِ , وَذَهَبَ إِلَى تَحْرِيمِهِ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَبَعْضُ مُحَدِّثِي الشَّافِعِيَّةِ كَابْنِ خُزَيْمَةَ , وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ " أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُمَا.
وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ نَحْوُهُ وَزَادَ " لَا صَلَاةَ لِمُنْفَرِدٍ خَلْفَ الصَّفِّ " وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِحَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِي حَدِيثِ وَابِصَةَ لِلِاسْتِحْبَابِ لِكَوْنِ أَبِي بَكْرَةَ أَتَى بِجُزْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ خَلْفَ الصَّفِّ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِالْإِعَادَةِ , لَكِنْ نُهِيَ عَنْ الْعَوْدِ إِلَى ذَلِكَ , فَكَأَنَّهُ أُرْشِدَ إِلَى مَا هُوَ الْأَفْضَلُ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْمُغِيرَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِيمَنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ فَقَالَ : صَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَلَيْسَ لَهُ تَضْعِيفٌ , وَجَمَعَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِوَجْهٍ آخَرَ , وَهُوَ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي بَكْرَةَ مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ حَدِيثِ وَابِصَةَ , فَمَنْ اِبْتَدَأَ الصَّلَاةَ مُنْفَرِدًا خَلْفَ الصَّفِّ ثُمَّ دَخَلَ فِي الصَّفِّ قَبْلَ الْقِيَامِ مِنْ الرُّكُوعِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ , وَإِلَّا فَتَجِب عَلَى عُمُومِ حَدِيثِ وَابِصَةَ وَعَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ.
وَاسْتَنْبَطَ بَعْضُهُمْ مِنْ قَوْلِهِ " لَا تَعُدْ " أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ كَانَ جَائِزًا ثُمَّ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ لَا تَعُدْ , فَلَا يَجُوزُ الْعَوْدُ إِلَى مَا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْبُخَارِيِّ فِي " جُزْءِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ " وَيُؤْخَذُ مِمَّا حَرَّرْته جَوَابُ مَنْ قَالَ : لِمَ لَا دَعَا لَهُ بِعَدَمِ الْعَوْدِ إِلَى ذَلِكَ كَمَا دَعَا لَهُ بِزِيَادَةِ الْحِرْصِ ؟ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ جُوِّزَ أَنَّهُ رُبَّمَا تَأَخَّرَ فِي أَمْرٍ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ إِدْرَاكِ أَوَّلِ الصَّلَاةِ ا ه.
وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا وَقَعَ عَنْ التَّأْخِيرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
( تَنْبِيهٌ ) : قَوْلُهُ " وَلَا تَعُدْ " ضَبَطْنَاهُ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الْعَيْنِ مِنْ الْعَوْدِ , وَحَكَى بَعْضُ شُرَّاحِ الْمَصَابِيحِ أَنَّهُ رُوِيَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ مِنْ الْإِعَادَةِ , وَيُرَجِّحُ الرِّوَايَةَ الْمَشْهُورَةَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي آخِرِهِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ " صَلِّ مَا أَدْرَكْت وَاقْضِ مَا سَبَقَك " وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا " إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الصَّلَاةَ فَلَا يَرْكَعْ دُونَ الصَّفِّ حَتَّى يَأْخُذَ مَكَانَهُ مِنْ الصَّفِّ " وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى اِسْتِحْبَابِ مُوَافَقَةِ الدَّاخِلِ لِلْإِمَامِ عَلَى أَيِّ حَالٍ وَجَدَهُ عَلَيْهَا , وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِذَلِكَ صَرِيحًا فِي سُنَنِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَنْ وَجَدَنِي قَائِمًا أَوْ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَلْيَكُنْ مَعِي عَلَى الْحَالِ الَّتِي أَنَا عَلَيْهَا " وَفِي التِّرْمِذِيِّ نَحْوُهُ عَنْ عَلِيٍّ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مَرْفُوعًا وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ , لَكِنَّهُ يَنْجَبِرُ بِطَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْمَذْكُورَةِ.
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ الْأَعْلَمِ وَهُوَ زِيَادٌ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ
عن عمران بن حصين، قال: صلى مع علي رضي الله عنه بالبصرة فقال: «ذكرنا هذا الرجل صلاة كنا نصليها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر أنه كان يكبر كلما...
عن أبي هريرة، أنه كان «يصلي بهم، فيكبر كلما خفض، ورفع»، فإذا انصرف، قال: إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم
عن مطرف بن عبد الله، قال: صليت خلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنا وعمران بن حصين، «فكان إذا سجد كبر، وإذا رفع رأسه كبر وإذا نهض من الركعتين كبر»، فل...
عن عكرمة، قال: رأيت رجلا عند المقام، «يكبر في كل خفض ورفع، وإذا قام وإذا وضع»، فأخبرت ابن عباس رضي الله عنه، قال: أوليس تلك صلاة النبي صلى الله عليه و...
قال: صليت خلف شيخ بمكة، «فكبر ثنتين وعشرين تكبيرة»، فقلت لابن عباس: إنه أحمق، فقال: ثكلتك أمك «سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم» وقال موسى: حدثنا أبا...
عن أبي هريرة، يقول: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده، حين يرفع صلبه م...
عن مصعب بن سعد، يقول: صليت إلى جنب أبي، فطبقت بين كفي، ثم وضعتهما بين فخذي، فنهاني أبي، وقال: كنا نفعله، «فنهينا عنه وأمرنا أن نضع أيدينا على الركب»
عن زيد بن وهب، قال: رأى حذيفة رجلا لا يتم الركوع والسجود، قال: «ما صليت ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله محمدا صلى الله عليه وسلم عليها»
عن البراء، قال: «كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم وسجوده وبين السجدتين، وإذا رفع رأسه من الركوع، ما خلا القيام والقعود قريبا من السواء»