953- عن أنس بن مالك، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات» وقال مرجأ بن رجاء، حدثني عبيد الله، قال: حدثني أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، «ويأكلهن وترا»
(يغدو) يذهب إلى المصلى.
(وترا) فردا ثلاثا أو خمسا أو سبعا وهكذا وكان من عادته صلى الله عليه وسلم إشعارا بالوحدانية وتبركا بها
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْلُهُ : ( أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ) هُوَ بِالتَّصْغِيرِ , وَفِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ " حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَنَسٍ " بِحَذْفِ أَبِي بَكْرٍ , هَكَذَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هُشَيْمٍ , وَتَابَعَهُ أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ , وَجُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ عِنْدَ اِبْنِ مَاجَهْ , وَرَوَاهُ عَنْ هُشَيْمٍ قُتَيْبَةُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ , وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ عِنْدَ اِبْنِ خُزَيْمَةَ , وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عِنْدَ اِبْنِ حِبَّانَ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ , وَعَمْرُو بْنُ عَوْنٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَقَالُوا كُلُّهُمْ " عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ " قَالَ التِّرْمِذِيُّ صَحِيحٌ غَرِيبٌ , وَأَعَلَّهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِأَنَّ هُشَيْمًا مُدَلِّسٌ , وَقَدْ اُخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ , وَابْنُ إِسْحَاقَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْبُخَارِيِّ.
قُلْت : وَهِيَ عِلَّةٌ غَيْرُ قَادِحَةٍ لِأَنَّ هُشَيْمًا قَدْ صَرَّحَ فِيهِ بِالْإِخْبَارِ فَأُمِنَ تَدْلِيسُهُ , وَلِهَذَا نَزَّلَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ دَرَجَةً لِأَنَّ سَعِيدَ بْنَ سُلَيْمَانَ مِنْ شُيُوخِهِ , وَقَدْ أُخْرِجَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ لِكَوْنِهِ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ وَلَمْ يَلْقَ مِنْ أَصْحَابِ هُشَيْمٍ مَعَ كَثْرَةِ مَنْ لَقِيَهُ مِنْهُمْ مَنْ يُحَدِّثُ بِهِ مُصَرِّحًا عَنْهُ فِيهِ بِالْإِخْبَارِ , وَقَدْ جَزَمَ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ بِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَ هُشَيْمٍ عَلَى الْوَجْهَيْنِ , وَأَنَّ أَصْحَابَ هُشَيْمٍ الْقُدَمَاءَ كَانُوا يَرْوُونَهُ عَنْهُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَلَا تَضُرُّ طَرِيقُ اِبْنِ إِسْحَاقَ الْمَذْكُورَةُ , قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ سُلَيْمَانَ قَدْ رَوَاهُ عَنْ هُشَيْمٍ عَلَى الْوَجْهَيْنِ , ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ رِوَايَةِ مُعَاذِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْهُ عَنْ هُشَيْمٍ بِالْإِسْنَادَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَرَجَحَ صَنِيعُ الْبُخَارِيِّ , وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مُتَابَعَةُ مُرَجَّى بْنِ رَجَاءٍ لِهُشَيْمٍ عَلَى رِوَايَتِهِ لَهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ , وَقَدْ عَلَّقَهَا الْبُخَارِيُّ هُنَا , وَأَفَادَتْ ثَلَاثَ فَوَائِدَ : الْأُولَى هَذِهِ , وَالثَّانِيَةُ تَصْرِيحُ عُبَيْدِ اللَّهِ فِيهِ بِالْإِخْبَارِ عَنْ أَنَسٍ , وَالثَّالِثَةُ تَقْيِيدُ الْأَكْلِ بِكَوْنِهِ وِتْرًا.
وَقَدْ وَصَلَهَا اِبْنُ خُزَيْمَةَ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي النَّضْرِ عَنْ مُرَجَّى بِلَفْظِ " يَخْرُجُ " بَدَلَ " يَغْدُو " وَالْبَاقِي مِثْل لَفْظِ هُشَيْمٍ وَفِيهِ الزِّيَادَةُ , وَكَذَا وَصَلَهُ أَبُو ذَرٍّ فِي زِيَادَاتِهِ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي حَامِدِ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّنْجِيِّ عَنْ أَبِي النَّضْرِ , وَأَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ حَرَمِيِّ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ مُرَجَّى بِلَفْظِ " وَيَأْكُلهُنَّ أَفْرَادًا " وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ , وَلَهُ رَاوٍ ثَالِثٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَيْضًا وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ عُتْبَةَ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْهُ بِلَفْظِ " مَا خَرَجَ يَوْمَ فِطْرٍ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ وِتْرًا , وَهِيَ أَصْرَحُ فِي الْمُدَاوَمَةِ عَلَى ذَلِكَ , قَالَ الْمُهَلَّبُ : الْحِكْمَةُ فِي الْأَكْلِ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَنْ لَا يَظُنَّ ظَانٌّ لُزُومَ الصَّوْمِ حَتَّى يُصَلِّيَ الْعِيدَ , فَكَأَنَّهُ أَرَادَ سَدَّ هَذِهِ الذَّرِيعَةِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ : لَمَّا وَقَعَ وُجُوبُ الْفِطْرِ عَقِبَ وُجُوبِ الصَّوْمِ اُسْتُحِبَّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ مُبَادَرَةً إِلَى اِمْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى , وَيُشْعِرُ بِذَلِكَ اِقْتِصَارُهُ عَلَى الْقَلِيلِ مِنْ ذَلِكَ , وَلَوْ كَانَ لِغَيْرِ الِامْتِثَالِ لَأَكَلَ قَدْرَ الشِّبَعِ , وَأَشَارَ إِلَى ذَلِكَ اِبْنُ أَبِي جَمْرَةَ.
وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ : لَمَّا كَانَ الْمُعْتَكِفُ لَا يَتِمُّ اِعْتِكَافُهُ حَتَّى يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى قَبْلَ اِنْصِرَافِهِ إِلَى بَيْتِهِ خُشِيَ أَنْ يُعْتَمَدَ فِي هَذَا الْجُزْءِ مِنْ النَّهَارِ بِاعْتِبَارِ اِسْتِصْحَابِ الصَّائِمِ مَا يُعْتَمَدُ مِنْ اِسْتِصْحَابِ الِاعْتِكَافِ , فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِمَشْرُوعِيَّةِ الْأَكْلِ قَبْلَ الْغُدُوِّ.
وَقِيلَ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ الَّذِي يُحْبَسُ فِي رَمَضَانَ لَا يُطْلَقُ إِلَّا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ , فَاسْتُحِبَّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ بِدَارًا إِلَى السَّلَامَةِ مِنْ وَسْوَسَتِهِ.
وَسَيَأْتِي تَوْجِيهٌ آخَرُ لِابْنِ الْمُنِيرِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ.
وَقَالَ اِبْنُ قُدَامَةَ : لَا نَعْلَمُ فِي اِسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الْأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ اِخْتِلَافًا.
اِنْتَهَى.
وَقَدْ رَوَى اِبْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ اِبْنِ مَسْعُودٍ التَّخْيِيرَ فِيهِ , وَعَنْ النَّخَعِيِّ أَيْضًا مِثْلُهُ.
وَالْحِكْمَةُ فِي اِسْتِحْبَابِ التَّمْرِ لِمَا فِي الْحُلْوِ مِنْ تَقْوِيَةِ الْبَصَرِ الَّذِي يُضْعِفُهُ الصَّوْمُ , وَلِأَنَّ الْحُلْوَ مِمَّا يُوَافِقُ الْإِيمَانَ وَيُعَبَّرُ بِهِ الْمَنَامُ وَيَرِقُّ بِهِ الْقَلْبُ وَهُوَ أَيْسَرُ مِنْ غَيْرِهِ , وَمِنْ ثَمَّ اِسْتَحَبَّ بَعْضُ التَّابِعِينَ أَنَّهُ يُفْطِرُ عَلَى الْحُلْوِ مُطْلَقًا كَالْعَسَلِ رَوَاهُ اِبْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ وَابْنِ سِيرِينَ وَغَيْرِهِمَا , وَرُوِيَ فِيهِ مَعْنًى آخَر عَنْ اِبْنِ عَوْنٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : إِنَّهُ يَحْبِسُ الْبَوْلَ , هَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يُفْطِرَ وَلَوْ عَلَى الْمَاءِ لِيَحْصُلَ لَهُ شَبَهٌ مَا مِنْ الِاتِّبَاعِ أَشَارَ إِلَيْهِ اِبْنُ أَبِي جَمْرَةَ.
وَأَمَّا جَعْلُهُنَّ وِتْرًا فَقَالَ الْمُهَلَّبُ : فَلِلْإِشَارَةِ إِلَى وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى , وَكَذَلِكَ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ تَبَرُّكًا بِذَلِكَ.
( تَنْبِيهٌ ) : مُرَجَّى بِوَزْنِ مُعَلَّى , وَأَبُوهُ بِلَفْظِ رَجَاءٍ ضِدُّ الْخَوْفِ بَصْرِيٌّ مُخْتَلَفٌ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ , وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ هَذَا الْمَوْضِعِ الْوَاحِدِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ وَقَالَ مُرَجَّأُ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا
عن أنس، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من ذبح قبل الصلاة، فليعد»، فقام رجل فقال: هذا يوم يشتهى فيه اللحم، وذكر من جيرانه، فكأن النبي صلى الله علي...
عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى بعد الصلاة، فقال: «من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا، فقد أصاب النسك، ومن نسك...
عن أبي سعيد الخدري، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف، فيقوم مقابل الناس، وا...
عن عبد الله بن عمر: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في الأضحى والفطر، ثم يخطب بعد الصلاة»
عن جابر بن عبد الله، قال: سمعته يقول: «إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة»
عن عطاء، أن ابن عباس، أرسل إلى ابن الزبير في أول ما بويع له «إنه لم يكن يؤذن بالصلاة يوم الفطر، إنما الخطبة بعد الصلاة»
عن ابن عباس، وعن جابر بن عبد الله، قالا: «لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى»
عن جابر بن عبد الله، قال: سمعته يقول: «إن النبي صلى الله عليه وسلم قام فبدأ بالصلاة، ثم خطب الناس بعد، فلما فرغ نبي الله صلى الله عليه وسلم نزل، فأتى...
عن ابن عباس، قال: «شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم، فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة»