1008-
عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه، قال: سمعت ابن عمر يتمثل بشعر أبي طالب: «
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه .
ثمال اليتامى عصمة للأرامل»
،
1009 - وقال عمر بن حمزة، حدثنا سالم، عن أبيه، ربما ذكرت قول الشاعر، وأنا أنظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي، فما ينزل حتى يجيش كل ميزاب
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه .
ثمال اليتامى عصمة للأرامل «
وهو قول أبي طالب»
(ثمال اليتامى) مطعمهم وقائم بأمرهم.
(عصمة للأرامل) حافظهن ومانعهن مما يضر والأرامل جمع أرماة وهي كل من لا زوج لها وقيل إن كانت فقيرة.
(يجيش) يهيج.
(كل ميزاب) ما يسيل منه الماء من موضع عال والمراد كثرة المطر
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( يَتَمَثَّل ) أَيْ يَنْشُد شِعْر غَيْره.
قَوْله : ( وَأَبْيَض ) بِفَتْحِ الضَّاد وَهُوَ مَجْرُور بِرَبِّ مُقَدَّرَة أَوْ مَنْصُوب بِإِضْمَارِ أَعْنِي أَوْ أَخُصّ , وَالرَّاجِح أَنَّهُ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى قَوْله " سَيِّدًا " فِي الْبَيْت الَّذِي قَبْله.
قَوْله : ( ثِمَال ) بِكَسْرِ الْمُثَلَّثَة وَتَخْفِيف الْمِيم هُوَ الْعِمَاد وَالْمَلْجَأ وَالْمُطْعِم وَالْمُغِيث وَالْمُعِين وَالْكَافِي , قَدْ أُطْلِقَ عَلَى كُلّ مِنْ ذَلِكَ.
وَقَوْله " عِصْمَة لِلْأَرَامِلِ " أَيْ يَمْنَعهُمْ مِمَّا يَضُرّهُمْ , وَالْأَرَامِل جَمْع أَرْمَلَة وَهِيَ الْفَقِيرَة الَّتِي لَا زَوْج لَهَا , وَقَدْ يُسْتَعْمَل فِي الرَّجُل أَيْضًا مَجَازًا , وَمِنْ ثُمَّ لَوْ أَوْصَى لِلْأَرَامِلِ خُصَّ النِّسَاء دُون الرِّجَال.
وَهَذَا الْبَيْت مِنْ أَبْيَات فِي قَصِيدَة لِأَبِي طَالِب ذَكَرَهَا اِبْن إِسْحَاق فِي السِّيرَة بِطُولِهَا , وَهِيَ أَكْثَر مِنْ ثَمَانِينَ بَيْتًا , قَالَهَا لَمَّا تَمَالَأَتْ قُرَيْش عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَفَّرُوا عَنْهُ مَنْ يُرِيد الْإِسْلَام , أَوَّلهَا : وَلَمَّا رَأَيْت الْقَوْم لَا وُدّ فِيهِمُ وَقَدْ قَطَعُوا كُلّ الْعُرَى وَالْوَسَائِل وَقَدْ جَاهَرُونَا بِالْعَدَاوَةِ وَالْأَذَى وَقَدْ طَاوَعُوا أَمْر الْعَدُوّ الْمُزَايِل يَقُول فِيهَا : أَعَبْد مَنَافٍ أَنْتُمُ خَيْر قَوْمكُم فَلَا تُشْرِكُوا فِي أَمْركُمْ كُلّ وَاغِل فَقَدْ خِفْت إِنْ لَمْ يُصْلِح اللَّه أَمْركُمْ تَكُونُوا كَمَا كَانَتْ أَحَادِيث وَائِل يَقُول فِيهَا : أَعُوذ بِرَبِّ النَّاس مِنْ كُلّ طَاعِن عَلَيْنَا بِسُوءٍ أَوْ مُلِحّ بِبَاطِلِ وَثَوْر وَمَنْ أَرْسَى ثُبَيْرًا مَكَانه وَرَاقٍ لِبِرٍّ فِي حِرَاء وَنَازِل وَبِالْبَيْتِ حَقّ الْبَيْت مِنْ بَطْن مَكَّة وَبِاَللَّهِ إِنَّ اللَّه لَيْسَ بِغَافِلِ يَقُول فِيهَا : كَذَبْتُمْ وَبَيْت اللَّه نَبْزِي مُحَمَّدًا وَلَمَّا أُطَاعِن حَوْله وَنُنَاضِل وَنُسْلِمهُ حَتَّى نُصَرَّع حَوْله وَنُذْهَل عَنْ أَبْنَائِنَا وَالْحَلَائِل يَقُول فِيهَا : وَمَا تَرْكُ قَوْم لَا أَبَا لِك سَيِّدًا يَحُوط الذِّمَار بَيْن بَكْر بْن وَائِل وَأَبْيَض يُسْتَسْقَى الْغَمَام بِوَجْهِهِ ثِمَال الْيَتَامَى عِصْمَة لِلْأَرَامِلِ يَلُوذ بِهِ الْهُلَّاك مِنْ آل هَاشِم فَهُمْ عِنْده فِي نِعْمَة وَفَوَاضِل قَالَ السُّهَيْلِيّ : فَإِنْ قِيلَ كَيْف قَالَ أَبُو طَالِب " يُسْتَسْقَى الْغَمَام بِوَجْهِهِ " وَلَمْ يَرَهُ قَطّ اِسْتَسْقَى , إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ بَعْد الْهِجْرَة ! وَأَجَابَ بِمَا حَاصِله : أَنَّ أَبَا طَالِب أَشَارَ إِلَى مَا وَقَعَ فِي زَمَن عَبْد الْمُطَّلِب حَيْثُ اِسْتَسْقَى لِقُرَيْشٍ وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ غُلَام.
اِنْتَهَى.
وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون أَبُو طَالِب مَدَحَهُ بِذَلِكَ لَمَّا رَأَى مِنْ مَخَايِل ذَلِكَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُشَاهِد وُقُوعه , وَسَيَأْتِي فِي الْكَلَام عَلَى حَدِيث اِبْن مَسْعُود مَا يُشْعِر بِأَنَّ سُؤَال أَبِي سُفْيَان لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الِاسْتِسْقَاء وَقَعَ بِمَكَّة.
وَذَكَرَ اِبْن التِّين أَنَّ فِي شِعْر أَبِي طَالِب هَذَا دَلَالَة عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَعْرِف نُبُوَّة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل أَنْ يُبْعَث لَمَّا أَخْبَرَهُ بِهِ بَحِيرًا أَوْ غَيْره مِنْ شَأْنه , وَفِيهِ نَظَر لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ اِبْن إِسْحَاق أَنَّ إِنْشَاء أَبِي طَالِب لِهَذَا الشِّعْر كَانَ بَعْد الْمَبْعَث , وَمَعْرِفَة أَبِي طَالِب بِنُبُوَّةِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَتْ فِي كَثِير مِنْ الْأَخْبَار , وَتَمَسَّكَ بِهَا الشِّيعَة فِي أَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا.
وَرَأَيْت لِعَلِيِّ بْن حَمْزَة الْبَصْرِيّ جُزْءًا جَمَعَ فِيهِ شِعْر أَبِي طَالِب وَزَعَمَ فِي أَوَّله أَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا وَأَنَّهُ مَاتَ عَلَى الْإِسْلَام وَأَنَّ الْحَشَوِيَّة تَزْعُم أَنَّهُ مَاتَ عَلَى الْكُفْر وَأَنَّهُمْ لِذَلِكَ يَسْتَجِيزُون لَعْنه , ثُمَّ بَالَغَ فِي سَبّهمْ وَالرَّدّ عَلَيْهِمْ , وَاسْتَدَلَّ لِدَعْوَاهُ بِمَا لَا دَلَالَة فِيهِ.
وَقَدْ بَيَّنْت فَسَاد ذَلِكَ كُلّه فِي تَرْجَمَة أَبِي طَالِب مِنْ كِتَاب الْإِصَابَة , وَسَيَأْتِي بَعْضه فِي تَرْجَمَة أَبِي طَالِب مِنْ كِتَاب مَبْعَث النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَوْله : ( وَقَالَ عُمَر بْن حَمْزَة ) أَيْ اِبْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر , وَسَالِم شَيْخه هُوَ عَمّه , وَعُمْر مُخْتَلَف فِي الِاحْتِجَاج بِهِ وَكَذَلِكَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن دِينَار الْمَذْكُور فِي الطَّرِيق الْمَوْصُولَة , فَاعْتَضَدَتْ إِحْدَى الطَّرِيقَيْنِ بِالْأُخْرَى , وَهُوَ مِنْ أَمْثِلَة أَحَد قِسْمَيْ الصَّحِيح كَمَا تَقَرَّرَ فِي عُلُوم الْحَدِيث , وَطَرِيق عُمَر الْمُعَلَّقَة وَصَلَهَا أَحْمَد وَابْن مَاجَهْ وَالْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ رِوَايَة أَبِي عَقِيل عَبْد اللَّه بْن عَقِيل الثَّقَفِيّ عَنْهُ , وَعَقِيل فِيهِمَا بِفَتْحِ الْعَيْن.
قَوْله : ( يَسْتَسْقِي ) بِفَتْحِ أَوَّله زَادَ اِبْن مَاجَهْ فِي رِوَايَته " عَلَى الْمِنْبَر " وَفِي رِوَايَته أَيْضًا " فِي الْمَدِينَة ".
قَوْله : ( يَجِيش ) بِفَتْحِ أَوَّله وَكَسْر الْجِيم وَآخِره مُعْجَمَة يُقَال : جَاشَ الْوَادِي إِذَا زَخَرَ بِالْمَاءِ , وَجَاشَتْ الْقِدْر إِذَا غَلَتْ , وَجَاشَ الشَّيْء إِذَا تَحَرَّكَ.
وَهُوَ كِنَايَة عَنْ كَثْرَة الْمَطَر.
قَوْله : ( كُلّ مِيزَاب ) ) بِكَسْرِ الْمِيم وَبِالزَّايِ مَعْرُوف , وَهُوَ مَا يَسِيل مِنْهُ الْمَاء مِنْ مَوْضِعٍ عَالٍ.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْحَمَوِيِّ " حَتَّى يَجِيش لَك " بِتَقْدِيمِ اللَّام عَلَى الْكَاف وَهُوَ تَصْحِيف.
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَتَمَثَّلُ بِشِعْرِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ رُبَّمَا ذَكَرْتُ قَوْلَ الشَّاعِرِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَسْقِي فَمَا يَنْزِلُ حَتَّى يَجِيشَ كُلُّ مِيزَابٍ وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي طَالِبٍ
عن أنس بن مالك، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: «اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل...
عن عبد الله بن زيد: «أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى فقلب رداءه»
عن عمه عبد الله بن زيد، «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى فاستسقى فاستقبل القبلة، وقلب رداءه، وصلى ركعتين» قال أبو عبد الله: " كان ابن عيينة...
عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، أنه سمع أنس بن مالك، يذكر أن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاست...
عن أنس بن مالك: أن رجلا، دخل المسجد يوم جمعة من باب كان نحو دار القضاء، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم...
عن أنس بن مالك، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، إذ جاءه رجل، فقال: يا رسول الله قحط المطر، فادع الله أن يسقينا، فدعا فمطرنا،...
عن أنس بن مالك، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت المواشي، وتقطعت السبل، فدعا، فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة، ثم جاء، فقال: تهدمت الب...
عن أنس بن مالك، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله هلكت المواشي، وانقطعت السبل، فادع الله فدعا رسول الله صلى الله عليه...
عن أنس بن مالك: أن رجلا شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، هلاك المال وجهد العيال «فدعا الله يستسقي» ولم يذكر أنه حول رداءه ولا استقبل القبلة