1117- عن عمران بن حصين رضي الله عنه، قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، فقال: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( عَنْ عَبْد اللَّه ) هُوَ اِبْن الْمُبَارَك , وَسَقَطَ ذِكْره مِنْ رِوَايَة أَبِي زَيْد الْمَرْوَزِيِّ وَلَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنَّ عَبْدَان لَمْ يَسْمَع مِنْ إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَانَ , وَالْحُسَيْن الْمُكْتِب هُوَ اِبْن ذَكْوَانَ الْمُعَلِّم الَّذِي سَبَقَ فِي الْبَاب قَبْله , قَالَ التِّرْمِذِيّ : لَا نَعْلَم أَحَدًا رَوَى هَذَا عَنْ حُسَيْن إِلَّا إِبْرَاهِيم , وَرَوَى أَبُو أُسَامَة وَعِيسَى بْن يُونُس وَغَيْرهمَا عَنْ حُسَيْن عَلَى اللَّفْظ السَّابِق , ا ه.
وَلَا يُؤْخَذ مِنْ ذَلِكَ تَضْعِيف رِوَايَة إِبْرَاهِيم كَمَا فَهِمَهُ اِبْن الْعَرَبِيّ تَبَعًا لِابْنِ بَطَّال وَرُدَّ عَلَى التِّرْمِذِيّ بِأَنَّ رِوَايَة إِبْرَاهِيم تُوَافِق الْأُصُول وَرِوَايَة غَيْرهمَا تُخَالِفهَا فَتَكُون رِوَايَة إِبْرَاهِيم أَرْجَح , لِأَنَّ ذَلِكَ رَاجِع إِلَى التَّرْجِيح مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَا مِنْ حَيْثُ الْإِسْنَاد , وَإِلَّا فَاتِّفَاق الْأَكْثَر عَلَى شَيْء يَقْتَضِي أَنَّ رِوَايَة مَنْ خَالَفَهُمْ تَكُون شَاذَّة , وَالْحَقّ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ صَحِيحَتَانِ كَمَا صَنَعَ الْبُخَارِيّ , وَكُلّ مِنْهُمَا مُشْتَمِلَة عَلَى حُكْم غَيْر الْحُكْم الَّذِي اِشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْأُخْرَى وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله : ( عَنْ الصَّلَاة ) الْمُرَاد عَنْ صَلَاة الْمَرِيض , بِدَلِيلِ قَوْله فِي أَوَّله " كَانَتْ بِي بَوَاسِير " وَفِي رِوَايَة وَكِيع عَنْ إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَانَ " سَأَلْت عَنْ صَلَاة الْمَرِيض " أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَغَيْره.
( تَنْبِيه ) : قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَعَلَّ هَذَا الْكَلَام كَانَ جَوَاب فُتْيَا اِسْتَفْتَاهَا عِمْرَان , وَإِلَّا فَلَيْسَتْ عِلَّة الْبَوَاسِير بِمَانِعَةٍ مِنْ الْقِيَام فِي الصَّلَاة عَلَى مَا فِيهَا مِنْ الْأَذَى ا ه.
وَلَا مَانِع مِنْ أَنْ يَسْأَل عَنْ حُكْم مَا لَمْ يَعْلَمهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَحْتَاج إِلَيْهِ فِيمَا بَعْد.
قَوْله : ( فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ ) اِسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ لَا يَنْتَقِل الْمَرِيض إِلَى الْقُعُود إِلَّا بَعْد عَدَم الْقُدْرَة عَلَى الْقِيَام , وَقَدْ حَكَاهُ عِيَاض عَنْ الشَّافِعِيّ , وَعَنْ مَالِك وَأَحْمَد وَإِسْحَاق لَا يُشْتَرَط الْعَدَم بَلْ وُجُود الْمَشَقَّة , وَالْمَعْرُوف عِنْد الشَّافِعِيَّة أَنَّ الْمُرَاد بِنَفْيِ الِاسْتِطَاعَة وُجُود الْمَشَقَّة الشَّدِيدَة بِالْقِيَامِ , أَوْ خَوْف زِيَادَة الْمَرَض , أَوْ الْهَلَاك , وَلَا يُكْتَفَى بِأَدْنَى مَشَقَّة.
وَمِنْ الْمَشَقَّة الشَّدِيدَة دَوَرَان الرَّأْس فِي حَقّ رَاكِب السَّفِينَة وَخَوْف الْغَرَق لَوْ صَلَّى قَائِمًا فِيهَا , وَهَلْ يُعَدّ فِي عَدَم الِاسْتِطَاعَة مَنْ كَانَ كَامِنًا فِي الْجِهَاد وَلَوْ صَلَّى قَائِمًا لَرَآهُ الْعَدُوّ فَتَجُوز لَهُ الصَّلَاة قَاعِدًا أَوْ لَا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ لِلشَّافِعِيَّةِ الْأَصَحّ الْجَوَاز , لَكِنْ يَقْضِي لِكَوْنِهِ عُذْرًا نَادِرًا.
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَسَاوِي عَدَم الِاسْتِطَاعَة فِي الْقِيَام وَالْقُعُود فِي الِانْتِقَال خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ بَيْنهمَا كَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ , وَيَدُلّ لِلْجُمْهُورِ أَيْضًا حَدِيث اِبْن عَبَّاس عِنْد الطَّبَرَانِيِّ بِلَفْظِ " يُصَلِّي قَائِمًا , فَإِنْ نَالَتْهُ مَشَقَّة فَجَالِسًا , فَإِنْ نَالَتْهُ مَشَقَّة صَلَّى نَائِمًا " الْحَدِيث , فَاعْتُبِرَ فِي الْحَالَيْنِ وُجُود الْمَشَقَّة وَلَمْ يُفَرَّق.
قَوْله : ( فَعَلَى جَنْب ) فِي حَدِيث عَلِيّ عِنْد الدَّارَقُطْنِيِّ عَلَى جَنْبه الْأَيْمَن مُسْتَقْبِل الْقِبْلَة بِوَجْهِهِ " وَهُوَ حُجَّة لِلْجُمْهُورِ فِي الِانْتِقَال مِنْ الْقُعُود إِلَى الصَّلَاة عَلَى الْجَنْب , وَعَنْ الْحَنَفِيَّة وَبَعْض الشَّافِعِيَّة يَسْتَلْقِي عَلَى ظَهْره وَيَجْعَل رِجْلَيْهِ إِلَى الْقِبْلَة.
وَوَقَعَ فِي حَدِيث عَلِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ حَالَة الِاسْتِلْقَاء تَكُون عِنْد الْعَجْز عَنْ حَالَة الِاضْطِجَاع , وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ لَا يَنْتَقِل الْمَرِيض بَعْد عَجْزه عَنْ الِاسْتِلْقَاء إِلَى حَالَة أُخْرَى كَالْإِشَارَةِ بِالرَّأْسِ ثُمَّ الْإِيمَاء بِالطَّرْفِ ثُمَّ إِجْرَاء الْقُرْآن وَالذِّكْر عَلَى اللِّسَان ثُمَّ عَلَى الْقَلْب لِكَوْنِ جَمِيع ذَلِكَ لَمْ يُذْكَر فِي الْحَدِيث , وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّة وَالْمَالِكِيَّة وَبَعْض الشَّافِعِيَّة , وَقَالَ بَعْض الشَّافِعِيَّة بِالتَّرْتِيبِ الْمَذْكُور وَجَعَلُوا مَنَاط الصَّلَاة حُصُول الْعَقْل فَحَيْثُ كَانَ حَاضِر الْعَقْل لَا يَسْقُط عِنْد التَّكْلِيف بِهَا فَيَأْتِي بِمَا يَسْتَطِيعهُ بِدَلِيلِ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اِسْتَطَعْتُمْ " هَكَذَا اِسْتَدَلَّ بِهِ الْغَزَالِيّ , وَتَعَقَّبَهُ الرَّافِعِيّ بِأَنَّ الْخَبَر أَمْر بِالْإِتْيَانِ بِمَا يَشْتَمِل عَلَيْهِ الْمَأْمُور , وَالْقُعُود لَا يَشْتَمِل عَلَى الْقِيَام وَكَذَا مَا بَعْده إِلَى آخِر مَا ذُكِرَ , وَأَجَابَ عَنْهُ اِبْن الصَّلَاح بِأَنَّا لَا نَقُول إِنَّ الْآتِي بِالْقُعُودِ آتٍ بِمَا اِسْتَطَاعَهُ مِنْ الْقِيَام مَثَلًا , وَلَكِنَّا نَقُول : يَكُون آتِيًا بِمَا اِسْتَطَاعَهُ مِنْ الصَّلَاة , لِأَنَّ الْمَذْكُورَات أَنْوَاع لِجِنْسِ الصَّلَاة بَعْضهَا أَدْنَى مِنْ بَعْض , فَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْأَعْلَى وَأَتَى بِالْأَدْنَى كَانَ آتِيًا بِمَا اِسْتَطَاعَ مِنْ الصَّلَاة.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ كَوْن هَذِهِ الْمَذْكُورَات مِنْ الصَّلَاة فَرْع لِمَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاة بِهَا وَهُوَ مَحَلّ النِّزَاع.
( فَائِدَة ) : قَالَ اِبْن الْمُنِير فِي الْحَاشِيَة : اِتَّفَقَ لِبَعْضِ شُيُوخنَا فَرْع غَرِيب فِي النَّقْل كَثِير فِي الْوُقُوع , وَهُوَ أَنْ يَعْجِز الْمَرِيض عَنْ التَّذَكُّر وَيَقْدِر عَلَى الْفِعْل فَأَلْهَمَهُ اللَّه أَنْ يَتَّخِذ مَنْ يُلَقِّنهُ فَكَانَ يَقُول : أَحْرِمْ بِالصَّلَاةِ , قُلْ اللَّه أَكْبَر , اِقْرَأْ الْفَاتِحَة , قُلْ اللَّه أَكْبَر لِلرُّكُوعِ إِلَى آخِر الصَّلَاة , يُلَقِّنهُ ذَلِكَ تَلْقِينًا وَهُوَ يَفْعَل جَمِيع مَا يَقُول لَهُ بِالنُّطْقِ أَوْ بِالْإِيمَاءِ رَحِمَهُ اللَّه.
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ الْمُكْتِبُ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ فَقَالَ صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ
عن عائشة رضي الله عنها، أم المؤمنين، أنها أخبرته: أنها «لم تر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل قاعدا قط حتى أسن، فكان يقرأ قاعدا، حتى إذا...
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالسا، فيقرأ وهو جالس، فإذا بقي من قراءته نحو من ثلاثين - أو أربعين - آ...
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال: " اللهم لك الحمد أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد...
عن سالم، عن أبيه رضي الله عنه، قال: كان الرجل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، إذا رأى رؤيا قصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتمنيت أن أرى رؤيا...
عن عروة، أن عائشة رضي الله عنها، أخبرته: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي إحدى عشرة ركعة، كانت تلك صلاته يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم...
عن الأسود، قال: سمعت جندبا، يقول: «اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين»
عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه، قال: «احتبس جبريل صلى الله عليه وسلم على النبي صلى الله عليه وسلم»، فقالت امرأة من قريش: أبطأ عليه شيطانه، فنزلت: {و...
عن أم سلمة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة، فقال: «سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الفتنة، ماذا أنزل من الخزائن، من يوقظ صواحب ا...
عن علي بن أبي طالب أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة بنت النبي عليه السلام ليلة، فقال: «ألا تصليان؟» فقلت: يا رسول الله، أنفسنا بيد ا...