1176- عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، يقول: ما حدثنا أحد، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى غير أم هانئ فإنها قالت: «إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة، فاغتسل وصلى ثماني ركعات، فلم أر صلاة قط أخف منها، غير أنه يتم الركوع والسجود»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( مَا حَدَّثَنَا أَحَد ) فِي رِوَايَةِ اِبْن أَبِي شَيْبَة مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ اِبْن أَبِي لَيْلَى " أَدْرَكْتُ اَلنَّاس وَهُمْ مُتَوَافِرُونَ فَلَمْ يُخْبِرْنِي أَحَد أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اَلضُّحَى , إِلَّا أُمّ هَانِئ " وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْد اَللَّه بْن اَلْحَارِث اَلْهَاشِمِيِّ قَالَ " سَأَلْتُ وَحَرَصْتُ عَلَى أَنْ أَجِدَ أَحَدًا مِنْ اَلنَّاسِ يُخْبِرُنِي أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّحَ سُبْحَة اَلضُّحَى فَلَمْ أَجِدْ غَيْر أُمّ هَانِئ بِنْت أَبِي طَالِب حَدَّثَتْنِي " فَذَكَرَ اَلْحَدِيث.
وَعَبْد اَللَّه بْن اَلْحَارِث هَذَا هُوَ اِبْن نَوْفَل بْن اَلْحَارِث بْن عَبْد اَلْمُطَّلِب مَذْكُور فِي اَلصَّحَابَةِ لِكَوْنِهِ وُلِدَ عَلَى عَهْدِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَبَيَّنَ اِبْن مَاجَهْ فِي رِوَايَتِهِ وَقْتَ سُؤَالِ عَبْد اَللَّه بْن اَلْحَارِث عَنْ ذَلِكَ وَلَفْظه " سَأَلْتُ فِي زَمَنِ عُثْمَان وَالنَّاسُ مُتَوَافِرُونَ ".
) قَوْله : ( غَيْرُ ) بِالرَّفْعِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ أَحَد.
قَوْله : ( أُمّ هَانِئ ) هِيَ بِنْت أَبِي طَالِب أُخْتُ عَلِيّ شَقِيقَته , وَلَيْسَ لَهَا فِي اَلْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا وَحَدِيث آخَر تَقَدَّمَ فِي اَلطَّهَارَةِ.
قَوْله : ( دَخَلَ بَيْتهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَاغْتَسَلَ وَصَلَّى ) ظَاهِره أَنَّ اَلِاغْتِسَالَ وَقَعَ فِي بَيْتِهَا , وَوَقَعَ فِي اَلْمُوَطَّإِ وَمُسْلِم مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُرَّةَ عَنْ أُمّ هَانِئ أَنَّهَا ذَهَبَتْ إِلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّةَ فَوَجَدَتْهُ يَغْتَسِلُ , وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ ذَلِكَ تَكَرَّرَ مِنْهُ.
وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ اِبْن خُزَيْمَة مِنْ طَرِيق مُجَاهِد عَنْ أُمّ هَانِئ وَفِيهِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ سَتَرَهُ لَمَّا اِغْتَسَلَ , وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُرَّةَ عَنْهَا أَنَّ فَاطِمَة بِنْتَهُ هِيَ اَلَّتِي سَتَرَتْهُ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِي بَيْتِهَا بِأَعْلَى مَكَّةَ وَكَانَتْ هِيَ فِي بَيْتٍ آخَرَ بِمَكَّةَ فَجَاءَتْ إِلَيْهِ فَوَجَدَتْهُ يَغْتَسِلُ فَيَصِحُّ اَلْقَوْلَانِ.
وَأَمَّا اَلسَّتْرُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَحَدهمَا سَتَرَهُ فِي اِبْتِدَاء اَلْغُسْل وَالْآخَر فِي أَثْنَائِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْله : ( ثَمَان رَكَعَات ) زَاد كُرَيْب عَنْ أُمّ هَانِئ " فَسَلَّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ " أَخْرَجَهُ اِبْن خُزَيْمَة.
وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ تَمَسَّكَ بِهِ فِي صَلَاتِهَا مَوْصُولَة سَوَاء صَلَّى ثَمَان رَكَعَات أَوْ أَقَلَّ.
وَفِي اَلطَّبَرَانِيّ مِنْ حَدِيثِ اِبْن أَبِي أَوْفَى أَنَّهُ صَلَّى اَلضُّحَى رَكْعَتَيْنِ , فَسَأَلَتْهُ اِمْرَأَتُهُ فَقَالَ إِنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ اَلْفَتْحِ رَكْعَتَيْنِ , وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ رَأَى مِنْ صَلَاةِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ , وَرَأَتْ أُمّ هَانِئ بَقِيَّة اَلثَّمَانِ , وَهَذَا يُقَوِّي أَنَّهُ صَلَّاهَا مَفْصُولَة وَاَللَّه أَعْلَمُ.
قَوْله : ( فَلَمْ أَرَ صَلَاةً قَطُّ أَخَفَّ مِنْهَا ) يَعْنِي مِنْ صَلَاةِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ أَبْوَابِ اَلتَّقْصِيرِ بِلَفْظِ " فَمَا رَأَيْته صَلَّى صَلَاة قَطُّ أَخَفّ مِنْهَا ".
وَفِي رِوَايَةِ عَبْد اَللَّه بْن اَلْحَارِث اَلْمَذْكُورَةِ " لَا أَدْرِي أَقِيَامه فِيهَا أَطْوَل أَمْ رُكُوعه أَمْ سُجُوده كُلّ ذَلِكَ مُتَقَارِب " وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اِسْتِحْبَابِ تَخْفِيفِ صَلَاةِ اَلضُّحَى , وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ اَلسَّبَب فِيهِ اَلتَّفَرُّغ لِمُهِمَّاتِ اَلْفَتْحِ لِكَثْرَةِ شُغْلِهِ بِهِ , وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى اَلضُّحَى فَطَوَّلَ فِيهَا أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة مِنْ حَدِيث حُذَيْفَة.
وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا اَلْحَدِيثِ عَلَى إِثْبَاتِ سُنَّة اَلضُّحَى , وَحَكَى عِيَاض عَنْ قَوْمٍ أَنَّهُ لَيْسَ فِي حَدِيث أُمّ هَانِئ دَلَالَة عَلَى ذَلِكَ , قَالُوا : وَإِنَّمَا هِيَ سُنَّةُ اَلْفَتْحِ , وَقَدْ صَلَّاهَا خَالِد بْن اَلْوَلِيد فِي بَعْضِ فُتُوحِهِ كَذَلِكَ.
وَقَالَ عِيَاض أَيْضًا : لَيْسَ حَدِيث أُمّ هَانِئَ بِظَاهِرٍ فِي أَنَّهُ قَصَدَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا سُنَّة اَلضُّحَى وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْ عَنْ وَقْتِ صَلَاتِهِ فَقَطْ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهَا كَانَتْ قَضَاء عَمَّا شُغِلَ عَنْهُ تِلْكَ اَللَّيْلَةَ مِنْ حِزْبِهِ فِيهِ.
وَتَعَقَّبَهُ اَلنَّوَوِيُّ بِأَنَّ اَلصَّوَابَ صِحَّة اَلِاسْتِدْلَالِ بِهِ لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ كُرَيْب عَنْ أُمّ هَانِئ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى سُبْحَة اَلضُّحَى , وَلِمُسْلِمٍ فِي كِتَاب اَلطَّهَارَة مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُرَّةَ عَنْ أُمّ هَانِئ فِي قِصَّة اِغْتِسَاله صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ اَلْفَتْحِ " ثُمَّ صَلَّى ثَمَان رَكَعَات سُبْحَة اَلضُّحَى " وَرَوَى اِبْن عَبْد اَلْبَرّ فِي اَلتَّمْهِيدِ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَة بْن خَالِد عَنْ أُمّ هَانِئ قَالَتْ " قَدِمَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ فَصَلَّى ثَمَان رَكَعَات , فَقُلْت مَا هَذِهِ ؟ قَالَ : هَذِهِ صَلَاة اَلضُّحَى " وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ صَلَاة اَلضُّحَى ثَمَان رَكَعَات.
وَاسْتَبْعَدَهُ اَلسُّبْكِيّ وَوُجِّهَ بِأَنَّ اَلْأَصْلَ فِي اَلْعِبَادَةِ اَلتَّوَقُّف , وَهَذَا أَكْثَرُ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ وَرَدَ مِنْ فِعْلِهِ دُونَ ذَلِكَ كَحَدِيثِ اِبْن أَبِي أَوْفَى أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اَلضُّحَى رَكْعَتَيْنِ أَخْرَجَهُ اِبْن عَدِيّ , وَسَيَأْتِي مِنْ حَدِيث عِتْبَان قَرِيبًا مِثْلَهُ , وَحَدِيث عَائِشَة عِنْد مُسْلِم " كَانَ يُصَلِّي اَلضُّحَى أَرْبَعًا " وَحَدِيث جَابِر عِنْد اَلطَّبَرَانِيّ فِي اَلْأَوْسَطِ أَنَّهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اَلضُّحَى سِتّ رَكَعَات , وَأَمَّا مَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ ص2َلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ كَحَدِيثِ أَنَس مَرْفُوعًا " مَنْ صَلَّى اَلضُّحَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَنَى اَللَّهُ لَهُ قَصْرًا فِي اَلْجَنَّةِ " أَخْرَجَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ وَاسْتَغْرَبَهُ.
وَلَيْسَ فِي إِسْنَادِهِ مَنْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ اَلضَّعْف.
وَعِنْد اَلطَّبَرَانِيّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي اَلدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا " مَنْ صَلَّى اَلضُّحَى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُكْتَبْ مِنْ اَلْغَافِلِينَ , وَمَنْ صَلَّى أَرْبَعًا كُتِبَ مِنْ اَلتَّائِبِينَ , وَمَنْ صَلَّى سِتًّا كُفِيَ ذَلِكَ اَلْيَوْمَ , وَمَنْ صَلَّى ثَمَانِيًا كُتِبَ مِنْ اَلْعَابِدِينَ , وَمَنْ صَلَّى ثِنْتَيْ عَشْرَة بَنَى اَللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي اَلْجَنَّةِ " وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ أَيْضًا , وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَوَاهُ اَلْبَزَّار وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ أَيْضًا , وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الرُّويَانِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ : أَكْثَرُهَا ثِنْتَا عَشْرَةَ.
وَقَالَ اَلنَّوَوِيّ فِي شَرْحِ اَلْمُهَذَّبِ : فِيهِ حَدِيث ضَعِيف , كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ أَنَس , لَكِنْ إِذَا ضُمَّ إِلَيْهِ حَدِيث أَبِي ذَرٍّ وَأَبِي اَلدَّرْدَاءِ قَوِيَ وَصَلُحَ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ.
وَنَقَلَ اَلتِّرْمِذِيّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ أَصَحَّ شَيْءٍ وَرَدَ فِي اَلْبَابِ حَدِيث أُمّ هَانِئ.
وَهُوَ كَمَا قَالَ , وَلِهَذَا قَالَ اَلنَّوَوِيّ فِي اَلرَّوْضَةِ : أَفْضَلُهَا ثَمَان وَأَكْثَرُهَا ثِنْتَا عَشْرَةَ , فَفَرَّقَ بَيْنَ اَلْأَكْثَرِ وَالْأَفْضَلِ.
وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ إِلَّا فِيمَنْ صَلَّى اَلِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَة فَإِنَّهَا تَقَعُ نَفْلًا مُطْلَقًا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ إِنَّ أَكْثَرَ سُنَّة اَلضُّحَى ثَمَان رَكَعَات فَأَمَّا مَنْ فَصَّلَ فَإِنَّهُ يَكُونُ صَلَّى اَلضُّحَى , وَمَا زَادَ عَلَى اَلثَّمَانِ يَكُونُ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا فَتَكُونُ صَلَاته اِثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِي حَقِّهِ أَفْضَل مِنْ ثَمَانٍ لِكَوْنِهِ أَتَى بِالْأَفْضَلِ وَزَادَ , وَقَدْ ذَهَبَ قَوْم مِنْهُمْ أَبُو جَعْفَر اَلطَّبَرِيّ وَبِهِ جَزَمَ اَلْحَلِيمِيُّ وَالرُّويَانِيّ مِنْ اَلشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَكْثَرِهَا.
وَرَوَى مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ اَلنَّخَعِيّ قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ اَلْأَسْوَدَ بْن يَزِيد كَمْ أُصَلِّي اَلضُّحَى ؟ قَالَ : كَمْ شِئْت.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَة عِنْد مُسْلِم " كَانَ يُصَلِّي اَلضُّحَى أَرْبَعًا وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اَللَّهُ " وَهَذَا اَلْإِطْلَاق قَدْ يُحْمَلُ عَلَى اَلتَّقْيِيدِ فَيُؤَكِّدُ أَنَّ أَكْثَرَهَا اِثْنَتَا عَشْرَةَ رَكْعَة وَاَللَّه أَعْلَمُ.
وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ أَفْضَلَهَا أَرْبَع رَكَعَاتٍ فَحَكَى اَلْحَاكِمُ فِي كِتَابِهِ اَلْمُفْرَدِ فِي صَلَاةِ اَلضُّحَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَئِمَّةِ اَلْحَدِيثِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَخْتَارُونَ أَنْ تُصَلَّى اَلضُّحَى أَرْبَعًا لِكَثْرَةِ اَلْأَحَادِيثِ اَلْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ كَحَدِيثِ أَبِي اَلدَّرْدَاءِ وَأَبِي ذَرٍّ عِنْدَ اَلتِّرْمِذِيِّ مَرْفُوعًا عَنْ اَللَّهِ تَعَالَى " اِبْن آدَمَ اِرْكَعْ لِي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ اَلنَّهَارِ أَكْفِكَ آخِرَهُ " وَحَدِيث نُعَيْم بْن حَمَّاد عِنْدَ اَلنَّسَائِيِّ , وَحَدِيث أَبِي أُمَامَةَ وَعَبْد اَللَّه بْن عَمْرو وَالنَّوَّاس بْن سَمْعَان كُلّهمْ بِنَحْوِهِ عِنْد اَلطَّبَرَانِيّ , وَحَدِيث عُقْبَة بْن عَامِر وَأَبِي مُرَّةَ اَلطَّائِفِيّ كِلَاهُمَا عِنْدَ أَحْمَدَ بِنَحْوِهِ , وَحَدِيث عَائِشَة عِنْد مُسْلِم كَمَا تَقَدَّمَ , وَحَدِيث أَبِي مُوسَى رَفَعَهُ " مَنْ صَلَّى اَلضُّحَى أَرْبَعًا بَنَى اَللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي اَلْجَنَّةِ " أَخْرَجَهُ اَلطَّبَرَانِيّ فِي اَلْأَوْسَطِ , وَحَدِيث أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا " أَتَدْرُونَ قَوْله تَعَالَى ( وَإِبْرَاهِيمَ اَلَّذِي وَفَّى ) قَالَ : وَفِي عَمَلِ يَوْمِهِ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتِ اَلضُّحَى " أَخْرَجَهُ اَلْحَاكِمُ , وَجَمَعَ اِبْنُ اَلْقَيِّمِ فِي اَلْهَدْي اَلْأَقْوَالَ فِي صَلَاةِ اَلضُّحَى فَبَلَغَتْ سِتَّةً : اَلْأَوَّلُ مُسْتَحَبَّة , وَاخْتُلِفَ فِي عَدَدِهَا فَقِيلَ أَقَلّهَا رَكْعَتَانِ وَأَكْثَرهَا اِثْنَتَا عَشْرَة , وَقِيلَ أَكْثَرهَا ثَمَان , وَقِيلَ كَالْأَوَّلِ لَكِنْ لَا تُشْرَعُ سِتًّا وَلَا عَشَرَة , وَقِيل كَالثَّانِي لَكِنْ لَا تُشْرَعُ سِتًّا , وَقِيلَ رَكْعَتَانِ فَقَطْ , وَقِيلَ أَرْبَعًا فَقَطْ , وَقِيل لَا حَدَّ لِأَكْثَرِهَا.
اَلْقَوْلُ اَلثَّانِي لَا تُشْرَعُ إِلَّا لِسَبَبٍ , وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَفْعَلْهَا إِلَّا بِسَبَبٍ , وَاتَّفَقَ وُقُوعُهَا وَقْتَ اَلضُّحَى , وَتَعَدَّدَتْ اَلْأَسْبَابُ : فَحَدِيث أُمّ هَانِئٍ فِي صَلَاتِهِ يَوْمَ اَلْفَتْحِ كَانَ بِسَبَبِ اَلْفَتْحِ وَأَنَّ سُنَّةَ اَلْفَتْحِ أَنْ يُصَلِّيَ ثَمَان رَكَعَات , وَنَقَلَهُ اَلطَّبَرِيّ مِنْ فِعْلِ خَالِد بْن اَلْوَلِيد لَمَّا فَتَحَ اَلْحِيرَة , وَفِي حَدِيثِ عَبْد اَللَّه بْن أَبِي أَوْفَى أَنَّهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اَلضُّحَى حِينَ بُشِّرَ بِرَأْسِ أَبِي جَهْل , وَهَذِهِ صَلَاة شُكْرٍ كَصَلَاتِهِ يَوْمَ اَلْفَتْحِ وَصَلَاتِهِ فِي بَيْت عِتْبَان إِجَابَة لِسُؤَالِهِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ مَكَانًا يَتَّخِذُهُ مُصَلًّى فَاتَّفَقَ أَنَّهُ جَاءَهُ وَقْتَ اَلضُّحَى فَاخْتَصَرَهُ اَلرَّاوِي فَقَالَ " صَلَّى فِي بَيْتِهِ اَلضُّحَى " وَكَذَلِكَ حَدِيث بِنَحْوِ قِصَّة عِتْبَان مُخْتَصَرًا قَالَ أَنَس " مَا رَأَيْته صَلَّى اَلضُّحَى إِلَّا يَوْمئِذٍ " وَحَدِيث عَائِشَة لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي اَلضُّحَى إِلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ لِأَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ اَلطُّرُوقِ لَيْلًا فَيَقْدَمُ فِي أَوَّلِ اَلنَّهَارِ فَيَبْدَأُ بِالْمَسْجِدِ فَيُصَلِّي وَقْتَ اَلضُّحَى.
اَلْقَوْلُ اَلثَّالِثُ لَا تُسْتَحَبُّ أَصْلًا , وَصَحَّ عَنْ عَبْد اَلرَّحْمَن بْن عَوْف أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّهَا وَكَذَلِكَ اِبْن مَسْعُود.
اَلْقَوْلُ اَلرَّابِعُ يُسْتَحَبُّ فِعْلُهَا تَارَة وَتَرْكُهَا تَارَةً بِحَيْثُ لَا يُوَاظِبُ عَلَيْهَا , وَهَذِهِ إِحْدَى اَلرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ.
وَالْحُجَّةُ فِيهِ حَدِيث أَبِي سَعِيد " كَانَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي اَلضُّحَى حَتَّى نَقُولَ لَا يَدَعُهَا , وَيَدَعُهَا حَتَّى نَقُولَ لَا يُصَلِّيهَا " أَخْرَجَهُ اَلْحَاكِمُ.
وَعَنْ عِكْرِمَةَ " كَانَ اِبْن عَبَّاس يُصَلِّيهَا عَشْرًا وَيَدَعُهَا عَشْرًا " وَقَالَ اَلثَّوْرِيّ عَنْ مَنْصُور " كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُحَافِظُوا عَلَيْهَا كَالْمَكْتُوبَةِ " وَعَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر إِنِّي لَأَدَعُهَا وَأَنَا أُحِبُّهَا مَخَافَة أَنْ أَرَاهَا حَتْمًا عَلَيَّ.
اَلْخَامِسُ تُسْتَحَبُّ صَلَاتهَا وَالْمُوَاظَبَة عَلَيْهَا فِي اَلْبُيُوتِ , أَيْ لِلْأَمْنِ مِنْ اَلْخَشْيَةِ اَلْمَذْكُورَةِ.
اَلسَّادِسُ أَنَّهَا بِدْعَةٌ صَحَّ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَة عُرْوَة عَنْ اِبْن عُمَر , وَسُئِلَ أَنَس عَنْ صَلَاةِ اَلضُّحَى فَقَالَ " اَلصَّلَوَات خَمْس " وَعَنْ أَبِي بَكْرَة أَنَّهُ رَأَى نَاسًا يُصَلُّونَ اَلضُّحَى فَقَالَ " مَا صَلَّاهَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَامَّةُ أَصْحَابِهِ " وَقَدْ جَمَعَ اَلْحَاكِمُ اَلْأَحَادِيثَ اَلْوَارِدَةَ فِي صَلَاةِ اَلضُّحَى فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ وَذَكَرَ لِغَالِبِ هَذِهِ اَلْأَقْوَال مُسْتَنَدًا وَبَلغَ عَدَد رُوَاةِ اَلْحَدِيثِ فِي إِثْبَاتِهَا نَحْو اَلْعِشْرِينَ نَفْسًا مِنْ اَلصَّحَابَةِ.
( لَطِيفَة : رَوَى اَلْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي اَلْخَيْرِ عَنْ عُقْبَة بْن عَامِر قَالَ " أَمَرَنَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُصَلِّيَ اَلضُّحَى بِسُورٍ مِنْهَا : وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا , وَاَلضُّحَى " اِنْتَهَى.
وَمُنَاسَبَةُ ذَلِكَ ظَاهِرَة جِدًّا.
حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ مَا حَدَّثَنَا أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى غَيْرُ أُمِّ هَانِئٍ فَإِنَّهَا قَالَتْ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ بَيْتَهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَاغْتَسَلَ وَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فَلَمْ أَرَ صَلَاةً قَطُّ أَخَفَّ مِنْهَا غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: « ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سبح سبحة الضحى»، وإني لأسبحها
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: «صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر»
عن أنس بن مالك الأنصاري، قال: قال رجل من الأنصار - وكان ضخما - للنبي صلى الله عليه وسلم: إني لا أستطيع الصلاة معك، فصنع للنبي صلى الله عليه وسلم طعاما...
عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال : «حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد...
عن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعا قبل الظهر، وركعتين قبل الغداة» تابعه ابن أبي عدي، وعمرو، عن شعبة
عن عبد الله المزني، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلوا قبل صلاة المغرب»، قال: «في الثالثة لمن شاء كراهية أن يتخذها الناس سنة»
عن مرثد بن عبد الله اليزني، قال: أتيت عقبة بن عامر الجهني، فقلت: ألا أعجبك من أبي تميم يركع ركعتين قبل صلاة المغرب؟ فقال عقبة: «إنا كنا نفعله على عهد...
عن محمود بن الربيع الأنصاري: أنه عقل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعقل مجة مجها في وجهه من بئر كانت في دارهم، 1186 - فزعم محمود، أنه سمع عتبان بن ما...
عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبورا» تابعه عبد الوهاب، عن أيوب