1371- عن عائشة رضي الله عنها، قالت: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنهم ليعلمون الآن أن ما كنت أقول لهم حق» وقد قال الله تعالى: {إنك لا تسمع الموتى}
أخرجه مسلم في الجنائز باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه رقم 932
(وقد قال الله تعالى) هذا الكلام لعائشة رضي الله عنها.
(لا تسمع الموتى) إسماعا يستفيدون ممنه ويتعظون به.
/ النمل 80
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
حَدِيث عَائِشَة قَالَتْ " إِنَّمَا قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ الْآن مَا إِنْ كُنْت أَقُول لَهُمْ حَقّ " وَهَذَا مَصِير مِنْ عَائِشَة إِلَى رَدِّ رِوَايَة بْن عُمَر الْمَذْكُورَة.
وَقَدْ خَالَفَهَا الْجُمْهُور فِي ذَلِكَ وَقَبِلُوا حَدِيث اِبْن عُمَر لِمُوَافَقَةِ مَنْ رَوَاهُ غَيْره عَلَيْهِ.
وَأَمَّا اِسْتِدْلَالهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( إِنَّك لَا تُسْمِع الْمَوْتَى ) فَقَالُوا مَعْنَاهَا لَا تُسْمِعهُمْ سَمَاعًا يَنْفَعهُمْ , أَوْ لَا تُسْمِعهُمْ إِلَّا أَنْ يَشَاء اللَّه.
وَقَالَ السُّهَيْلِيّ : عَائِشَة لَمْ تَحْضُر قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَيْرهَا مِمَّنْ حَضَرَ أَحْفَظ لِلَفْظِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ قَالُوا لَهُ " يَا رَسُول اللَّه أَتُخَاطِبُ قَوْمًا قَدْ جَيَّفُوا ؟ فَقَالَ : مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَع لِمَا أَقُول مِنْهُمْ " قَالَ : وَإِذَا جَازَ أَنْ يَكُونُوا فِي تِلْكَ الْحَال عَالِمِينَ جَازَ أَنْ يَكُونُوا سَامِعِينَ إِمَّا بِآذَانِ رُءُوسهمْ كَمَا هُوَ قَوْل الْجُمْهُور , أَوْ بِآذَانِ الرُّوح عَلَى رَأْي مَنْ يُوَجِّه السُّؤَال إِلَى الرُّوح مِنْ غَيْر رُجُوع إِلَى الْجَسَد.
قَالَ : وَأَمَّا الْآيَة فَإِنَّهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( أَفَأَنْتَ تُسْمِع الصُّمّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ ) أَيْ إِنَّ اللَّه هُوَ الَّذِي يُسْمِع وَيَهْدِي اِنْتَهَى.
وَقَوْله : إِنَّهَا لَمْ تَحْضُر صَحِيح , لَكِنْ لَا يَقْدَح ذَلِكَ فِي رِوَايَتهَا لِأَنَّهُ مُرْسَل صَحَابِيّ وَهُوَ مَحْمُول عَلَى أَنَّهَا سَمِعَتْ ذَلِكَ مِمَّنْ حَضَرَهُ أَوْ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد , وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَادِحًا فِي رِوَايَتهَا لَقَدَحَ فِي رِوَايَة اِبْن عُمَر فَإِنَّهُ لَمْ يَحْضُر أَيْضًا , وَلَا مَانِع أَنْ يَكُون النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّفْظَيْنِ مَعًا فَإِنَّهُ لَا تَعَارُض بَيْنهمَا.
وَقَالَ اِبْن التِّين.
لَا مُعَارَضَة بَيْن حَدِيث اِبْن عُمَر وَالْآيَة لِأَنَّ الْمَوْتَى لَا يَسْمَعُونَ بِلَا شَكّ , لَكِنْ إِذَا أَرَادَ اللَّه إِسْمَاع مَا لَيْسَ مِنْ شَأْنه السَّمَاع لَمْ يَمْتَنِع كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَة ) الْآيَة , وَقَوْله : ( فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا ) الْآيَة.
وَسَيَأْتِي فِي الْمَغَازِي قَوْل قَتَادَة : إِنَّ اللَّه أَحْيَاهُمْ حَتَّى سَمِعُوا كَلَام نَبِيّه تَوْبِيخًا وَنِقْمَة اِنْتَهَى.
وَقَدْ أَخَذَ اِبْن جَرِير وَجَمَاعَة مِنْ الْكَرَّامِيَّة مِنْ هَذِهِ الْقِصَّة أَنَّ السُّؤَال فِي الْقَبْر يَقَع عَلَى الْبَدَن فَقَطْ , وَأَنَّ اللَّه يَخْلُق فِيهِ إِدْرَاكًا بِحَيْثُ يَسْمَع وَيَعْلَم وَيَلَذّ وَيَأْلَم.
وَذَهَبَ اِبْن حَزْم وَابْن هُبَيْرَة إِلَى أَنَّ السُّؤَال يَقَع عَلَى الرُّوح فَقَطْ مِنْ غَيْر عَوْد إِلَى الْجَسَد , وَخَالَفَهُمْ الْجُمْهُور فَقَالُوا : تُعَاد الرُّوح إِلَى الْجَسَد أَوْ بَعْضه كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيث , وَلَوْ كَانَ عَلَى الرُّوح فَقَطْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَدَنِ بِذَلِكَ اِخْتِصَاص , وَلَا يَمْنَع مِنْ ذَلِكَ كَوْن الْمَيِّت قَدْ تَتَفَرَّق أَجْزَاؤُهُ , لِأَنَّ اللَّه قَادِر أَنْ يُعِيد الْحَيَاة إِلَى جُزْء مِنْ الْجَسَد وَيَقَع عَلَيْهِ السُّؤَال , كَمَا هُوَ قَادِر عَلَى أَنْ يَجْمَع أَجْزَاءَهُ.
وَالْحَامِل لِلْقَائِلِينَ بِأَنَّ السُّؤَال يَقَع عَلَى الرُّوح فَقَطْ أَنَّ الْمَيِّت قَدْ يُشَاهَد فِي قَبْره حَال الْمَسْأَلَة لَا أَثَر فِيهِ مِنْ إِقْعَاد وَلَا غَيْره , وَلَا ضِيق فِي قَبْره وَلَا سَعَة , وَكَذَلِكَ غَيْر الْمَقْبُور كَالْمَصْلُوبِ.
وَجَوَابهمْ أَنَّ ذَلِكَ غَيْر مُمْتَنِع فِي الْقُدْرَة , بَلْ لَهُ نَظِير فِي الْعَادَة وَهُوَ النَّائِم فَإِنَّهُ يَجِد لَذَّة وَأَلَمًا لَا يُدْرِكهُ جَلِيسه , بَلْ الْيَقْظَان قَدْ يُدْرِكُ أَلَمًا أَوْ لَذَّة لِمَا يَسْمَعهُ أَوْ يُفَكِّر فِيهِ وَلَا يُدْرِكُ ذَلِكَ جَلِيسه , وَإِنَّمَا أَتَى الْغَلَط مِنْ قِيَاس الْغَائِب عَلَى الشَّاهِد وَأَحْوَال مَا بَعْد الْمَوْت عَلَى مَا قَبْله , وَالظَّاهِر أَنَّ اللَّه تَعَالَى صَرَفَ أَبْصَار الْعِبَاد وَأَسْمَاعهمْ عَنْ مُشَاهَدَة ذَلِكَ وَسَتَرَهُ عَنْهُمْ إِبْقَاءً عَلَيْهِمْ لِئَلَّا يَتَدَافَنُوا , وَلَيْسَتْ لِلْجَوَارِحِ الدُّنْيَوِيَّة قُدْرَة عَلَى إِدْرَاك أُمُور الْمَلَكُوت إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّه.
وَقَدْ ثَبَتَتْ الْأَحَادِيث بِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُور كَقَوْلِهِ " إِنَّهُ لَيَسْمَع خَفْق نِعَالهمْ " وَقَوْله " تَخْتَلِف أَضْلَاعه لِضَمَّةِ الْقَبْر " وَقَوْله " يَسْمَع صَوْته إِذَا ضَرَبَهُ بِالْمِطْرَاقِ " وَقَوْله " يُضْرَب بَيْن أُذُنَيْهِ " وَقَوْله " فَيُقْعِدَانِهِ " وَكُلّ ذَلِكَ مِنْ صِفَات الْأَجْسَاد.
وَذَهَبَ أَبُو الْهُذَيْلِ وَمَنْ تَبِعَهُ إِلَى أَنَّ الْمَيِّت لَا يَشْعُر بِالتَّعْذِيبِ وَلَا بِغَيْرِهِ إِلَّا بَيْن النَّفْخَتَيْنِ , قَالُوا وَحَاله كَحَالِ النَّائِم وَالْمَغْشِيّ عَلَيْهِ لَا يُحِسّ بِالضَّرْبِ وَلَا بِغَيْرِهِ إِلَّا بَعْد الْإِفَاقَة , وَالْأَحَادِيث الثَّابِتَة فِي السُّؤَال حَالَة تَوَلِّي أَصْحَاب الْمَيِّت عَنْهُ تَرُدُّ عَلَيْهِمْ.
( تَنْبِيه ) : وَجْه إِدْخَال حَدِيث اِبْن عُمَر وَمَا عَارَضَهُ مِنْ حَدِيث عَائِشَة فِي تَرْجَمَة عَذَاب الْقَبْر أَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ مِنْ سَمَاع أَهْل الْقَلِيب وَتَوْبِيخه لَهُمْ دَلَّ إِدْرَاكهمْ الْكَلَام بِحَاسَّةِ السَّمْع عَلَى جَوَاز إِدْرَاكهمْ أَلَم الْعَذَاب بِبَقِيَّةِ الْحَوَاسّ بَلْ بِالذَّاتِ إِذْ الْجَامِع بَيْنهمَا وَبَيْن بَقِيَّة الْأَحَادِيث أَنَّ الْمُصَنِّف أَشَارَ إِلَى طَرِيق مِنْ طُرُق الْجَمْع بَيْن حَدِيثَيْ اِبْن عُمَر وَعَائِشَة بِحَمْلِ حَدِيث اِبْن عُمَر عَلَى أَنَّ مُخَاطَبَة أَهْل الْقَلِيب وَقَعَتْ وَقْت الْمَسْأَلَة وَحِينَئِذٍ كَانَتْ الرُّوح قَدْ أُعِيدَتْ إِلَى الْجَسَد , وَقَدْ تَبَيَّنَ مِنْ الْأَحَادِيث الْأُخْرَى أَنَّ الْكَافِر الْمَسْئُول يُعَذَّب , وَأَمَّا إِنْكَار عَائِشَة فَمَحْمُول عَلَى غَيْر وَقْت الْمَسْأَلَة فَيَتَّفِق الْخَبَرَانِ.
وَيَظْهَر مِنْ هَذَا التَّقْرِير وَجْه إِدْخَال حَدِيث اِبْن عُمَر فِي هَذِهِ التَّرْجَمَة وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ إِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ الْآنَ أَنَّ مَا كُنْتُ أَقُولُ لَهُمْ حَقٌّ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى }
عن عائشة رضي الله عنها: أن يهودية دخلت عليها، فذكرت عذاب القبر، فقالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر، فسألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عذاب...
عن عروة بن الزبير: أنه سمع أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، تقول: «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فذكر فتنة القبر التي يفتتن فيها المرء، فلما...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه حدثهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه، وإنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه...
عن أبي أيوب رضي الله عنهم، قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم وقد وجبت الشمس، فسمع صوتا فقال: «يهود تعذب في قبورها» وقال النضر: أخبرنا شعبة، حدثنا عون،...
عن خالد بن سعيد بن العاص، أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم: وهو «يتعوذ من عذاب القبر»
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ويقول: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ومن عذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات...
عن ابن عباس رضي الله عنهما، مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: «إنهما ليعذبان وما يعذبان من كبير» ثم قال: «بلى أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة،...
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل...
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا وضعت الجنازة، فاحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت: قدموني،...