1372- عن عائشة رضي الله عنها: أن يهودية دخلت عليها، فذكرت عذاب القبر، فقالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر، فسألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عذاب القبر، فقال: «نعم، عذاب القبر» قالت عائشة رضي الله عنها: فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلى صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر زاد غندر: «عذاب القبر حق»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( سَمِعْت الْأَشْعَث ) هُوَ اِبْن أَبِي الشَّعْثَاء سَلِيم بْن الْأَسْوَد الْمُحَارِبِيّ.
قَوْله : ( أَنَّ يَهُودِيَّة دَخَلَتْ عَلَيْهَا فَذَكَرَتْ عَذَاب الْقَبْر ) وَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي وَائِل عَنْ مَسْرُوق عِنْد الْمُصَنِّف فِي الدَّعَوَات " دَخَلَتْ عَجُوزَانِ مِنْ عُجُزِ يَهُودِ الْمَدِينَة فَقَالَتَا : إِنَّ أَهْل الْقُبُور يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورهمْ " وَهُوَ مَحْمُول عَلَى أَنَّ إِحْدَاهُمَا تَكَلَّمَتْ وَأَقَرَّتْهَا الْأُخْرَى عَلَى ذَلِكَ فَنَسَبَتْ الْقَوْل إِلَيْهِمَا مَجَازًا , وَالْإِفْرَاد يُحْمَل عَلَى الْمُتَكَلِّمَة.
وَلَمْ أَقِف عَلَى اِسْم وَاحِدَة مِنْهُمَا.
وَزَادَ فِي رِوَايَة أَبِي وَائِل " فَكَذَبْتُهُمَا " وَوَقَعَ عِنْد مُسْلِم مِنْ طَرِيق اِبْن شِهَاب عَنْ عُرْوَة عَنْ عَائِشَة قَالَتْ " دَخَلَتْ عَلَيَّ اِمْرَأَة مِنْ الْيَهُود وَهِيَ تَقُول : هَلْ شَعَرْت أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُور.
قَالَ : فَارْتَاعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : إِنَّمَا يُفْتَن يَهُود.
قَالَتْ عَائِشَة : فَلَبِثْنَا لَيَالِي , ثُمَّ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ شَعَرْت أَنَّهُ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُور.
قَالَتْ عَائِشَة : فَسَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيذ مِنْ عَذَاب الْقَبْر " وَبَيْن هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ مُخَالَفَة , لِأَنَّ فِي هَذِهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْكَرَ عَلَى الْيَهُودِيَّة , وَفِي الْأُولَى أَنَّهُ أَقَرَّهَا.
قَالَ النَّوَوِيّ تَبَعًا لِلطَّحَاوِيّ وَغَيْره : هُمَا قِصَّتَانِ , فَأَنْكَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْل الْيَهُودِيَّة فِي الْقِصَّة الْأُولَى , ثُمَّ أُعْلِمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَلَمْ يُعْلِم عَائِشَة , فَجَاءَتْ الْيَهُودِيَّة مَرَّة فَذَكَرَتْ لَهَا ذَلِكَ فَأَنْكَرَتْ عَلَيْهَا مُسْتَنِدَة إِلَى الْإِنْكَار الْأَوَّل , فَأَعْلَمَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ الْوَحْي نَزَلَ بِإِثْبَاتِهِ اِنْتَهَى.
وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ : يَحْتَمِل أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذ سِرًّا فَلَمَّا رَأَى اِسْتِغْرَاب عَائِشَة حِين سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْ الْيَهُودِيَّة أَعْلَنَ بِهِ اِنْتَهَى.
وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِف عَلَى رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَنْ عُرْوَة الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ صَحِيح مُسْلِم , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي " بَاب التَّعَوُّذ مِنْ عَذَاب الْقَبْر " فِي الْكُسُوف مِنْ طَرِيق عَمْرَة عَنْ عَائِشَة " أَنَّ يَهُودِيَّة جَاءَتْ تَسْأَلهَا فَقَالَتْ لَهَا : أَعَاذَك اللَّه مِنْ عَذَاب الْقَبْر , فَسَأَلَتْ عَائِشَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتُعَذَّبُ النَّاس فِي قُبُورهمْ ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِذًا بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ.
ثُمَّ رَكِبَ ذَات غَدَاة مَرْكَبًا فَخَسَفَتْ الشَّمْس " فَذَكَرَ الْحَدِيث , وَفِي آخِره " ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَعَوَّذُوا مِنْ عَذَاب الْقَبْر " وَفِي هَذِهِ مُوَافَقَة لِرِوَايَةِ الزُّهْرِيّ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِذَلِكَ.
وَأَصْرَح مِنْهُ مَا رَوَاهُ أَحْمَد بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْط الْبُخَارِيّ عَنْ سَعِيد بْن عَمْرو بْن سَعِيد الْأُمَوِيّ عَنْ عَائِشَة " أَنَّ يَهُودِيَّة كَانَتْ تَخْدُمهَا , فَلَا تَصْنَع عَائِشَة إِلَيْهَا شَيْئًا مِنْ الْمَعْرُوف إِلَّا قَالَتْ لَهَا الْيَهُودِيَّة : وَقَاك اللَّه عَذَاب الْقَبْر.
قَالَتْ : فَقُلْت يَا رَسُول اللَّه هَلْ لِلْقَبْرِ عَذَاب ؟ قَالَ : كَذَبَتْ يَهُود , لَا عَذَاب دُون يَوْم الْقِيَامَة.
ثُمَّ مَكَثَ بَعْد ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّه أَنْ يَمْكُث , فَخَرَجَ ذَات يَوْم نِصْف النَّهَار وَهُوَ يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْته : أَيّهَا النَّاس اِسْتَعِيذُوا بِاَللَّهِ مِنْ عَذَاب الْقَبْر , فَإِنَّ عَذَاب الْقَبْر حَقّ " وَفِي هَذَا كُلّه أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا عَلِمَ بِحُكْمِ عَذَاب الْقَبْر إِذْ هُوَ بِالْمَدِينَةِ فِي آخِر الْأَمْر كَمَا تَقَدَّمَ تَارِيخ صَلَاة الْكُسُوف فِي مَوْضِعه.
وَقَدْ اِسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْآيَة الْمُتَقَدِّمَة مَكِّيَّة وَهِيَ قَوْله تَعَالَى ( يُثَبِّت اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا ) وَكَذَلِكَ الْآيَة الْأُخْرَى الْمُتَقَدِّمَة وَهِيَ قَوْله تَعَالَى ( النَّار يَعْرِضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ) وَالْجَوَاب أَنَّ عَذَاب الْقَبْر إِنَّمَا يُؤْخَذ مِنْ الْأُولَى بِطَرِيقِ الْمَفْهُوم مِنْ حَقّ مَنْ لَمْ يَتَّصِف بِالْإِيمَانِ , وَكَذَلِكَ بِالْمَنْطُوقِ فِي الْأُخْرَى فِي حَقّ آل فِرْعَوْن وَإِنْ اِلْتَحَقَ بِهِمْ مَنْ كَانَ لَهُ حُكْمهمْ مِنْ الْكُفَّار , فَاَلَّذِي أَنْكَرَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا هُوَ وُقُوع عَذَاب الْقَبْر عَلَى الْمُوَحِّدِينَ , ثُمَّ أُعْلِمَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَقَع عَلَى مَنْ يَشَاء اللَّه مِنْهُمْ فَجَزَمَ بِهِ وَحَذَّرَ مِنْهُ وَبَالَغَ فِي الِاسْتِعَاذَة مِنْهُ تَعْلِيمًا لِأُمَّتِهِ وَإِرْشَادًا , فَانْتَفَى التَّعَارُض بِحَمْدِ اللَّه تَعَالَى.
وَفِيهِ دَلَالَة عَلَى أَنَّ عَذَاب الْقَبْر لَيْسَ بِخَاصٍّ بِهَذِهِ الْأُمَّة بِخِلَافِ الْمَسْأَلَة فَفِيهَا اِخْتِلَاف سَيَأْتِي ذِكْره آخِر الْبَاب.
قَوْله : ( قَالَ نَعَمْ عَذَاب الْقَبْر ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ , زَادَ فِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ وَالْمُسْتَمْلِي " حَقّ " وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ الْمُصَنِّف قَالَ عَقِب هَذِهِ الطَّرِيق : زَادَ غُنْدَر " عَذَاب الْقَبْر حَقّ " فَتَبَيَّنَ أَنَّ لَفْظ " حَقّ " لَيْسَتْ فِي رِوَايَة عَبْدَان عَنْ أَبِيهِ عَنْ شُعْبَة , وَأَنَّهَا ثَابِتَة فِي رِوَايَة غُنْدَر عَنْ شُعْبَة وَهُوَ كَذَلِكَ.
وَقَدْ أَخْرَجَ طَرِيق غُنْدَر النَّسَائِيُّ وَالْإِسْمَاعِيلِيّ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنَده عَنْ شُعْبَة.
( تَنْبِيه ) : وَقَعَ قَوْله " زَادَ غُنْدَر إِلَخْ " فِي رِوَايَة أَبِي ذَرّ وَحْده , وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي بَعْض النُّسَخ عَقِب حَدِيث أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْر وَهُوَ غَلَط.
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ شُعْبَةَ سَمِعْتُ الْأَشْعَثَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا فَذَكَرَتْ عَذَابَ الْقَبْرِ فَقَالَتْ لَهَا أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فَقَالَ نَعَمْ عَذَابُ الْقَبْرِ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ صَلَّى صَلَاةً إِلَّا تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ زَادَ غُنْدَرٌ عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ
عن عروة بن الزبير: أنه سمع أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، تقول: «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فذكر فتنة القبر التي يفتتن فيها المرء، فلما...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه حدثهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه، وإنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه...
عن أبي أيوب رضي الله عنهم، قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم وقد وجبت الشمس، فسمع صوتا فقال: «يهود تعذب في قبورها» وقال النضر: أخبرنا شعبة، حدثنا عون،...
عن خالد بن سعيد بن العاص، أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم: وهو «يتعوذ من عذاب القبر»
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ويقول: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ومن عذاب النار، ومن فتنة المحيا والممات...
عن ابن عباس رضي الله عنهما، مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: «إنهما ليعذبان وما يعذبان من كبير» ثم قال: «بلى أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة،...
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل...
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا وضعت الجنازة، فاحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت: قدموني،...
حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا ابن علية حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من الناس مسلم يموت...