1564- عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض، ويجعلون المحرم صفرا، ويقولون: إذا برا الدبر، وعفا الأثر، وانسلخ صفر، حلت العمرة لمن اعتمر، قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عندهم، فقالوا: يا رسول الله، أي الحل؟ قال: «حل كله»
أخرجه مسلم في الحج باب جواز العمرة في أشهر الحج رقم 1240
(كانوا) أي أهل الجاهلية.
(يرون) يعتقدون.
(أفجر الفجور) أعظم الذنوب.
(ويجعلون المحرم صفرا) يجعلون الشهر الحرام صفرا بدل المحرم.
(برا الدبر) وفي نسخة (برأ) أي شفي ظهر الإبل من أثر إحتكاك الأحمال عليها بعد رجوعها من الحج.
(عفا الأثر) ذهب أثر إصابتها.
(انسلخ) انقضى.
(صبيحة رابعة) صبيحة ليلة رابعة من ذي الحجة.
(مهلين بالحج) ملبين به ومحرمين.
(فتعاظم) استعظموا مخالفتهم عبادتهم المألوفة.
(أي الحل) أي شيء يحل لنا.
(حل كله) جميع ما يحرم على المحرم حتى الجماع
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ ( كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَة ) بِفَتْحِ أَوَّله أَيْ يَعْتَقِدُونَ , وَالْمُرَاد أَهْل الْجَاهِلِيَّة.
وَلِابْنِ حِبَّان مِنْ طَرِيق أُخْرَى عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ " وَاَللَّه مَا أَعْمَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَة فِي ذِي الْحِجَّة إِلَّا لِيَقْطَع بِذَلِكَ أَمْر أَهْل الشِّرْك , فَإِنَّ هَذَا الْحَيّ مِنْ قُرَيْش وَمَنْ دَانَ دِينهمْ كَانُوا يَقُولُونَ " فَذَكَرَ نَحْوه فَعُرِفَ بِهَذَا تَعْيِين الْقَائِلِينَ.
قَوْله : ( مِنْ أَفْجَر الْفُجُور ) هَذَا مِنْ تَحَكُّمَاتهمْ الْبَاطِلَة الْمَأْخُوذَة عَنْ غَيْر أَصْل.
قَوْله : ( وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّم صَفَر ) كَذَا هُوَ فِي جَمِيع الْأُصُول مِنْ الصَّحِيحَيْنِ , قَالَ النَّوَوِيّ : كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَب بِالْأَلِفِ , وَلَكِنْ عَلَى تَقْدِير حَذْفهَا لَا بُدّ مِنْ قِرَاءَته مَنْصُوبًا لِأَنَّهُ مَصْرُوف بِلَا خِلَاف , يَعْنِي وَالْمَشْهُور عَنْ اللُّغَة الرَّبِيعِيَّة كِتَابَة الْمَنْصُوب بِغَيْرِ أَلِف فَلَا يَلْزَم مِنْ كِتَابَته بِغَيْرِ أَلِف أَنْ لَا يُصْرَف فَيُقْرَأ بِالْأَلِفِ.
وَسَبَقَهُ عِيَاض إِلَى نَفْي الْخِلَاف فِيهِ لَكِنْ فِي " الْمُحْكَم " كَانَ أَبُو عُبَيْدَة لَا يَصْرِفهُ فَقِيلَ لَهُ : إِنَّهُ لَا يَمْتَنِع الصَّرْف حَتَّى يَجْتَمِع عِلَّتَانِ فَمَا هُمَا ؟ قَالَ : الْمَعْرِفَة وَالسَّاعَة.
وَفَسَّرَهُ الْمُطَرِّزِيُّ بِأَنَّ مُرَاده بِالسَّاعَةِ أَنَّ الْأَزْمِنَة سَاعَات وَالسَّاعَة مُؤَنَّثَة اِنْتَهَى.
وَحَدِيث اِبْن عَبَّاس هَذَا حُجَّة قَوِيَّة لِأَبِي عُبَيْدَة , وَنَقَلَ بَعْضهمْ أَنَّ فِي صَحِيح مُسْلِم " صَفَرًا " بِالْأَلِفِ.
وَأَمَّا جَعْلهمْ ذَلِكَ فَقَالَ النَّوَوِيّ : قَالَ الْعُلَمَاء الْمُرَاد الْإِخْبَار عَنْ النَّسِيء الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّة فَكَانُوا يُسَمُّونَ الْمُحَرَّم صَفَرًا وَيُحِلُّونَهُ وَيُؤَخِّرُونَ تَحْرِيم الْمُحَرَّم إِلَى نَفْس صَفَر لِئَلَّا تَتَوَالَى عَلَيْهِمْ ثَلَاثَة أَشْهُر مُحَرِّمَة فَيَضِيق عَلَيْهِمْ فِيهَا مَا اِعْتَادُوهُ مِنْ الْمُقَاتَلَة وَالْغَارَة بَعْضهمْ عَلَى بَعْض , فَضَلَّلَهُمْ اللَّه فِي ذَلِكَ فَقَالَ ( إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا ) الْآيَة.
قَوْله : ( وَيَقُولُونَ إِذَا بَرَأَ الدَّبَرْ ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَالْمُوَحَّدَة أَيْ مَا كَانَ يَحْصُل بِظُهُورِ الْإِبِل مِنْ الْحَمْل عَلَيْهَا وَمَشَقَّة السَّفَر فَإِنَّهُ كَانَ يَبْرَأ بَعْدَ اِنْصِرَافهمْ مِنْ الْحَجّ , و قَوْله : ( وَعَفَا الْأَثَرْ ) أَيْ اِنْدَرَسَ أَثَر الْإِبِل وَغَيْرهَا فِي سَيْرهَا , وَيَحْتَمِل أَثَر الدَّبَر الْمَذْكُور.
وَفِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ و " عَفَا الْوَبَرْ " أَيْ كَثُرَ وَبَر الْإِبِل الَّذِي حُلِقَ بِالرِّحَالِ , وَهَذِهِ الْأَلْفَاظ تُقْرَأ سَاكِنَة الرَّاء لِإِرَادَةِ السَّجْع , وَوَجْه تَعَلُّق جَوَاز الِاعْتِمَار بِانْسِلَاخِ صَفَر - مَعَ كَوْنه لَيْسَ مِنْ أَشْهُر الْحَجّ وَكَذَلِكَ الْمُحَرَّم - أَنَّهُمْ لَمَّا جَعَلُوا الْمُحَرَّم صَفَرًا وَلَا يَسْتَقِرُّونَ بِبِلَادِهِمْ فِي الْغَالِب وَيَبْرَأ دَبَر إِبِلهمْ إِلَّا عِنْدَ اِنْسِلَاخه أَلْحَقُوهُ بِأَشْهُرِ الْحَجّ عَلَى طَرِيق التَّبَعِيَّة وَجَعَلُوا أَوَّل أَشْهُر الِاعْتِمَار شَهْر الْمُحَرَّم الَّذِي هُوَ فِي الْأَصْل صَفَر , الْعُمْرَة عِنْدهمْ فِي غَيْر أَشْهُر الْحَجّ , وَأَمَّا تَسْمِيَة الشَّهْر صَفَرًا فَقَالَ رُؤْبَة أَصْلهَا أَنَّهُمْ كَانُوا يُغِيرُونَ فِيهِ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض فَيَتْرُكُونَ مَنَازِلهمْ صَفَرًا أَيْ خَالِيَة مِنْ الْمَتَاع , وَقِيلَ لِإِصْفَارِ أَمَاكِنهمْ مِنْ أَهْلهَا.
قَوْله : ( قَدِمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) كَذَا فِي الْأُصُول مِنْ رِوَايَة مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل عَنْ وُهَيْب , وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّف فِي " أَيَّام الْجَاهِلِيَّة " عَنْ مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم عَنْ وُهَيْب بِلَفْظِ " فَقَدِمَ " بِزِيَادَةِ فَاء وَهُوَ الْوَجْه , وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ طَرِيق بَهْز بْن أَسَد وَالْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق إِبْرَاهِيم بْن الْحَجَّاج كِلَاهُمَا عَنْ وُهَيْب.
قَوْله : ( صَبِيحَة رَابِعَة ) أَيْ يَوْم الْأَحَد.
قَوْله : ( مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ ) فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بْن الْحَجَّاج " وَهُمْ يُلَبُّونَ بِالْحَجِّ " وَهِيَ مُفَسِّرَة لِقَوْلِهِ مُهِلِّينَ , وَاحْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ كَانَ حَجّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُفْرِدًا , وَأَجَابَ مَنْ قَالَ كَانَ قَارِنًا بِأَنَّهُ لَا يَلْزَم مِنْ إِهْلَاله بِالْحَجِّ أَنْ لَا يَكُون أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَة.
قَوْله : ( أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَة فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدهمْ ) أَيْ لِمَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ أَوَّلًا , وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بْن الْحَجَّاج " فَكَبُرَ ذَلِكَ عِنْدهمْ ".
قَوْله : ( أَيْ الْحِلّ ) كَأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْرِفُونَ أَنَّ لِلْحَجِّ تَحَلُّلَيْنِ فَأَرَادُوا بَيَان ذَلِكَ فَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَتَحَلَّلُونَ الْحِلّ كُلّه , لِأَنَّ الْعُمْرَة لَيْسَ لَهَا إِلَّا تَحَلُّل وَاحِد , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الطَّحَاوِيِّ " أَيْ الْحِلّ نُحِلّ ؟ قَالَ : الْحِلّ كُلّه ".
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِي الْأَرْضِ وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا وَيَقُولُونَ إِذَا بَرَا الدَّبَرْ وَعَفَا الْأَثَرْ وَانْسَلَخَ صَفَرْ حَلَّتْ الْعُمْرَةُ لِمَنْ اعْتَمَرْ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْحِلِّ قَالَ حِلٌّ كُلُّهُ
عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: «قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم فأمره بالحل»
عن حفصة رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: يا رسول الله، ما شأن الناس حلوا بعمرة، ولم تحلل أنت من عمرتك؟ قال: «إني لبدت رأسي، وقل...
عن أبو جمرة نصر بن عمران الضبعي، قال: «تمتعت»، فنهاني ناس، فسألت ابن عباس رضي الله عنهما، فأمرني، فرأيت في المنام كأن رجلا يقول لي: حج مبرور، وعمرة مت...
عن أبو شهاب، قال: قدمت متمتعا مكة بعمرة، فدخلنا قبل التروية بثلاثة أيام، فقال لي أناس من أهل مكة: تصير الآن حجتك مكية، فدخلت على عطاء أستفتيه، فقال: ح...
عن سعيد بن المسيب، قال: اختلف علي، وعثمان رضي الله عنهما وهما بعسفان، في المتعة، فقال علي: «ما تريد إلا أن تنهى عن أمر فعله النبي صلى الله عليه وسلم»،...
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقول: لبيك اللهم لبيك بالحج، «فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم،...
عن عمران رضي الله عنه، قال: «تمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل القرآن»، قال رجل برأيه ما شاء
عن نافع، قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما «إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية، ثم يبيت بذي طوى، ثم يصلي به الصبح، ويغتسل»، ويحدث أن نبي الله صلى الله ع...
عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «بات النبي صلى الله عليه وسلم بذي طوى حتى أصبح، ثم دخل مكة» وكان ابن عمر رضي الله عنهما يفعله