حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

أصبت حمار وحش وعندي منه فاضلة فقال للقوم كلوا وهم محرمون - صحيح البخاري

صحيح البخاري | كتاب جزاء الصيد (حديث رقم: 1821 )


1821- عن عبد الله بن أبي قتادة، قال: انطلق أبي عام الحديبية، فأحرم أصحابه ولم يحرم، وحدث النبي صلى الله عليه وسلم أن عدوا يغزوه، فانطلق النبي صلى الله عليه وسلم، فبينما أنا مع أصحابه تضحك بعضهم إلى بعض، فنظرت فإذا أنا بحمار وحش، فحملت عليه، فطعنته، فأثبته، واستعنت بهم فأبوا أن يعينوني، فأكلنا من لحمه وخشينا أن نقتطع، فطلبت النبي صلى الله عليه وسلم، أرفع فرسي شأوا وأسير شأوا، فلقيت رجلا من بني غفار في جوف الليل، قلت: أين تركت النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: تركته بتعهن، وهو قائل السقيا، فقلت: يا رسول الله، إن أهلك يقرءون عليك السلام ورحمة الله، إنهم قد خشوا أن يقتطعوا دونك فانتظرهم، قلت: يا رسول الله، أصبت حمار وحش، وعندي منه، فاضلة؟ فقال للقوم: «كلوا» وهم محرمون

أخرجه البخاري


أخرجه مسلم في الحج باب تحريم الصيد للمحرم رقم 1196 (عام الحديبية) العام الذي حصل فيه صلح الحديبية.
(بغيقة) موضع بين مكة والمدينة.
(فبينما أنا) المتكلم هو أبو قتادة رضي الله عنه.
(تضحك) ضحك تعجبا لما رأى.
(فأثبته) جعلته ثابتا في مكانه لا يتحرك منه أي قتلته.
(نقتطع) يقطعنا العدو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحول بيننا وبينه.
(فطلبت) خرجت أطلبه وأسعى وراءه.
(أرفع فرسي) أجريه وأسرعه في السير.
(شأوا) تارة والشأو الغاية.
(بتعهن) اسم لعين ماء في طريق مكة.
(قايل السقيا) عازم أن يقيل في السقيا من القيلولة وهي النوم وقت الظهيرة والسقيا قرية بين مكة والمدينة.
(أهلك) أصحابك.
(فاضلة) قطعة قد فضلت منه وبقيت معي

شرح حديث (أصبت حمار وحش وعندي منه فاضلة فقال للقوم كلوا وهم محرمون)

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

‏ ‏قَوْله : ( حَدَّثَنَا هِشَام ) ‏ ‏هُوَ الدَّسْتُوَائِيّ , وَيَحْيَى هُوَ اِبْن أَبِي كَثِير.
‏ ‏قَوْله : ( عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي قَتَادَة ) ‏ ‏فِي رِوَايَة مُعَاوِيَة بْن سَلَام عَنْ يَحْيَى عِنْد مُسْلِم أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه اِبْن أَبِي قَتَادَة.
‏ ‏قَوْله : ( اِنْطَلَقَ أَبِي عَام الْحُدَيْبِيَة ) ‏ ‏هَكَذَا سَاقَهُ مُرْسَلًا , وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ طَرِيق مُعَاذ بْن هِشَام عَنْ أَبِيهِ , وَأَخْرَجَهُ أَحْمَد عَنْ اِبْن عُلَيَّة عَنْ هِشَام , لَكِنْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ هِشَام عَنْ يَحْيَى فَقَالَ " عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ اِنْطَلَقَ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " , وَفِي رِوَايَة عَلِيّ بْن الْمُبَارَك عَنْ يَحْيَى الْمَذْكُورَة فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيه أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ , وَقَوْله " بِالْحُدَيْبِيَةِ " أَصَحّ مِنْ رِوَايَة الْوَاقِدِيّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي عُمْرَة الْقَضِيَّة.
‏ ‏قَوْله : ( فَأَحْرَمَ أَصْحَابه وَلَمْ يُحْرِم ) ‏ ‏الضَّمِير لِأَبِي قَتَادَةَ بَيَّنَهُ مُسْلِم " أَحْرَمَ أَصْحَابِي وَلَمْ أُحْرِم " وَفِي رِوَايَة عَلِيّ بْن الْمُبَارَك " وَأُنْبِئْنَا بِعَدُوٍّ بِغَيْقَةَ فَتَوَجَّهْنَا نَحْوهمْ " وَفِي هَذَا السِّيَاق حَذْف بَيَّنَتْهُ رِوَايَة عُثْمَان بْن مَوْهِب عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي قَتَادَةَ وَهِيَ بَعْد بَابَيْنِ بِلَفْظِ " إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ حَاجًّا فَخَرَجُوا مَعَهُ , فَصَرَفَ طَائِفَة مِنْهُمْ فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ فَقَالَ : خُذُوا سَاحِل الْبَحْر حَتَّى نَلْتَقِيَ , فَأَخَذُوا سَاحِل الْبَحْر , فَلَمَّا اِنْصَرَفُوا أَحْرَمُوا كُلّهمْ إِلَّا أَبَا قَتَادَةَ " وَسَيَأْتِي الْجَمْع هُنَاكَ بَيْن قَوْله فِي هَذِهِ الرِّوَايَة " خَرَجَ حَاجًّا " وَبَيْن قَوْله فِي حَدِيث الْبَاب " عَام الْحُدَيْبِيَة " إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
وَبَيَّنَّ الْمُطَّلِب عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عِنْد سَعِيد بْن مَنْصُور مَكَان صَرْفهمْ وَلَفْظه " خَرَجْنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا بَلَغْنَا الرَّوْحَاء ".
‏ ‏قَوْله : ( وَحُدِّثَ ) ‏ ‏بِضَمِّ أَوَّله عَلَى الْبِنَاء لِلْمَجْهُولِ , وَقَوْله " بِغَيْقَةَ " أَيْ فِي غَيْقَة وَهُوَ بِفَتْحِ الْغَيْن الْمُعْجَمَة بَعْدهَا يَاء سَاكِنَة ثُمَّ قَاف مَفْتُوحَة ثُمَّ هَاء.
قَالَ السُّكُونِيّ : هُوَ مَاء لِبَنِي غِفَار بَيْن مَكَّة وَالْمَدِينَة , وَقَالَ يَعْقُوب : هُوَ قَلِيب لِبَنِي ثَعْلَبَة يَصُبّ فِيهِ مَاء رَضْوَى وَيَصُبّ هُوَ فِي الْبَحْر.
وَحَاصِل الْقِصَّة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَرَجَ فِي عُمْرَة الْحُدَيْبِيَة فَبَلَغَ الرَّوْحَاء - وَهِيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَة عَلَى أَرْبَعَة وَثَلَاثِينَ مِيلًا - أَخْبَرُوهُ بِأَنَّ عَدُوًّا مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِوَادِي غَيْقَة يُخْشَى مِنْهُمْ أَنْ يَقْصِدُوا غِرَّته , فَجَهَّزَ طَائِفَة مِنْ أَصْحَابه فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ إِلَى جِهَتهمْ لِيَأْمَن شَرّهمْ , فَلَمَّا أَمِنُوا ذَلِكَ لَحِقَ أَبُو قَتَادَةَ وَأَصْحَابه بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحْرَمُوا , إِلَّا هُوَ فَاسْتَمَرَّ هُوَ حَلَالًا لِأَنَّهُ إِمَّا لَمْ يُجَاوِز الْمِيقَات وَإِمَّا لَمْ يَقْصِد الْعُمْرَة , وَبِهَذَا يَرْتَفِع الْإِشْكَال الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو بَكْر الْأَثْرَم قَالَ : كُنْت أَسْمَع أَصْحَابنَا يَتَعَجَّبُونَ مِنْ هَذَا الْحَدِيث وَيَقُولُونَ : كَيْف جَازَ لِأَبِي قَتَادَةَ أَنْ يُجَاوِز الْمِيقَات وَهُوَ غَيْر مُحْرِم ؟ وَلَا يَدْرُونَ مَا وَجْهه.
قَالَ : حَتَّى وَجَدْته فِي رِوَايَة مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد فِيهَا " خَرَجْنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحْرَمْنَا , فَلَمَّا كُنَّا بِمَكَانِ كَذَا إِذَا نَحْنُ بِأَبِي قَتَادَةَ وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ فِي وَجْه " الْحَدِيث.
قَالَ : فَإِذَا أَبُو قَتَادَةَ إِنَّمَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُج يُرِيد مَكَّة.
قُلْت : وَهَذِهِ الرِّوَايَة الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا تَقْتَضِي أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ لَمْ يَخْرُج مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَدِينَة , وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا بَيَّنَاهُ.
ثُمَّ وَجَدْت فِي صَحِيح اِبْن حِبَّانَ وَالْبَزَّار مِنْ طَرِيق عِيَاض بْن عَبْد اللَّه عَنْ أَبِي سَعِيد قَالَ " بَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا قَتَادَةَ عَلَى الصَّدَقَة وَخَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه وَهُمْ مُحْرِمُونَ حَتَّى نَزَلُوا بِعُسْفَانَ " فَهَذَا سَبَب آخَر , وَيُحْتَمَل جَمْعهمَا.
وَالَّذِي يَظْهَر أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ إِنَّمَا أَخَّرَ الْإِحْرَام لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّق أَنَّهُ يَدْخُل مَكَّة فَسَاغَ لَهُ التَّأْخِير , وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِقِصَّةِ أَبِي قَتَادَةَ عَلَى جَوَاز دُخُول الْحَرَم بِغَيْرِ إِحْرَام لِمَنْ لَمْ يُرِدْ حَجًّا وَلَا عُمْرَة , وَقِيلَ كَانَتْ هَذِهِ الْقِصَّة قَبْل أَنْ يُؤَقِّت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَوَاقِيت.
وَأَمَّا قَوْل عِيَاض وَمَنْ تَبِعَهُ : إِنَّ أَبَا قَتَادَةَ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَدِينَة وَإِنَّمَا بَعَثَهُ أَهْل الْمَدِينَة إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْلِمُونَهُ أَنَّ بَعْض الْعَرَب قَصَدُوا الْإِغَارَة عَلَى الْمَدِينَة , فَهُوَ ضَعِيف مُخَالِف لِمَا ثَبَتَ فِي هَذِهِ الطَّرِيق الصَّحِيحَة طَرِيق عُثْمَان بْن مَوْهِب الْآتِيَة بَعْد بَابَيْنِ , كَمَا أَشَرْت إِلَيْهَا قَبْل.
‏ ‏قَوْله : ( فَبَيْنَمَا أَبِي مَعَ أَصْحَابه يَضْحَك بَعْضهمْ إِلَى بَعْض ) ‏ ‏فِي رِوَايَة عَلِيّ بْن الْمُبَارَك " فَبَصُرَ أَصْحَابِي بِحِمَارِ وَحْش فَجَعَلَ بَعْضهمْ يَضْحَك إِلَى بَعْض " زَادَ فِي رِوَايَة أَبِي حَازِم " وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّي أَبْصَرْته " هَكَذَا فِي جَمِيع الطُّرُق وَالرِّوَايَات , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْعُذْرِيّ فِي مُسْلِم " فَجَعَلَ بَعْضهمْ يَضْحَك إِلَيَّ " فَشُدِّدَتْ الْيَاء مِنْ إِلَيَّ.
قَالَ عِيَاض : وَهُوَ خَطَأ وَتَصْحِيف , وَإِنَّمَا سَقَطَ عَلَيْهِ لَفْظَة " بَعْض " , ثُمَّ اِحْتَجَّ لِضَعْفِهَا بِأَنَّهُمْ لَوْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ لَكَانَتْ أَكْبَر إِشَارَة وَقَدْ قَالَ لَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ مِنْكُمْ أَحَد أَمَرَهُ أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ ؟ قَالُوا لَا.
وَإِذَا دَلَّ الْمُحْرِم الْحَلَال عَلَى الصَّيْد لَمْ يَأْكُل مِنْهُ اِتِّفَاقًا , وَإِنَّمَا اِخْتَلَفُوا فِي وُجُوب الْجَزَاء.
اِنْتَهَى.
‏ ‏وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيّ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِن رَدّ هَذِهِ الرِّوَايَة لِصِحَّتِهَا وَصِحَّة الرِّوَايَة الْأُخْرَى , وَلَيْسَ فِي وَاحِدَة مِنْهُمَا دَلَالَة وَلَا إِشَارَة , فَإِنَّ مُجَرَّد الضَّحِك لَيْسَ فِيهِ إِشَارَة.
قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : وَإِنَّمَا ضَحِكُوا تَعَجُّبًا مِنْ عُرُوض الصَّيْد ثَمَّ وَلَا قُدْرَة لَهُمْ عَلَيْهِ.
قُلْت : قَوْله فَإِنَّ مُجَرَّد الضَّحِك لَيْسَ فِيهِ إِشَارَة صَحِيح , وَلَكِنْ لَا يَكْفِي فِي رَدّ دَعْوَى الْقَاضِي , فَإِنَّ قَوْله " يَضْحَك بَعْضهمْ إِلَى بَعْض " هُوَ مُجَرَّد ضَحِك , وَقَوْله " يَضْحَك بَعْضهمْ إِلَيَّ " فِيهِ مَزِيد أَمْر عَلَى مُجَرَّد الضَّحِك , وَالْفَرْق بَيْن الْمَوْضِعَيْنِ أَنَّهُمْ اِشْتَرَكُوا فِي رُؤْيَته فَاسْتَوَوْا فِي ضَحِك بَعْضهمْ إِلَى بَعْض , وَأَبُو قَتَادَةَ لَمْ يَكُنْ رَآهُ فَيَكُون ضَحِك بَعْضهمْ إِلَيْهِ بِغَيْرِ سَبَب بَاعِثًا لَهُ عَلَى التَّفَطُّن إِلَى رُؤْيَته , وَيُؤَيِّد مَا قَالَ الْقَاضِي مَا وَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي النَّضْر عَنْ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الصَّيْد بِلَفْظِ إِذْ رَأَيْت النَّاس مُتَشَوِّفِينَ لِشَيْءٍ فَذَهَبْت أَنْظُر فَإِذَا هُوَ حِمَار وَحْش , فَقُلْت : مَا هَذَا ؟ فَقَالُوا : لَا نَدْرِي فَقُلْت : هُوَ حِمَار وَحْش.
فَقَالُوا : هُوَ مَا رَأَيْت " وَوَقَعَ فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد عِنْد الْبَزَّار وَالطَّحَاوِيّ وَابْن حِبَّانَ فِي هَذِهِ الْقِصَّة " وَجَاءَ أَبُو قَتَادَةَ وَهُوَ حِلّ فَنَكَّسُوا رُءُوسهمْ كَرَاهِيَة أَنْ يُحِدُّوا أَبْصَارهمْ لَهُ فَيَفْطِن فَيَرَاهُ " ا ه.
فَكَيْف يُظَنّ بِهِمْ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ ؟ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الصَّوَاب مَا قَالَ الْقَاضِي.
وَفِي قَوْل الشَّيْخ قَدْ صَحَّتْ الرِّوَايَة نَظَر , لِأَنَّ الِاخْتِلَاف فِي إِثْبَات هَذِهِ اللَّفْظَة وَحَذْفهَا لَمْ يَقَع فِي طَرِيقَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ , وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي سِيَاق إِسْنَاد وَاحِد مِمَّا عِنْد مُسْلِم , فَكَانَ مَعَ مَنْ أَثْبَتَ لَفْظ " بَعْض " زِيَادَة عِلْم سَالِمَة مِنْ الْإِشْكَال فَهِيَ مُقَدَّمَة , وَبَيَّنَ مُحَمَّد بْن جَعْفَر فِي رِوَايَته عَنْ أَبِي حَازِم عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي قَتَادَةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْهِبَة أَنَّ قِصَّة صَيْده لِلْحِمَارِ كَانَتْ بَعْد أَنْ اِجْتَمَعُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه وَنَزَلُوا فِي بَعْض الْمَنَازِل وَلَفْظه " كُنْت يَوْمًا جَالِسًا مَعَ رِجَال مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنْزِل فِي طَرِيق مَكَّة وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَازِل أَمَامنَا وَالْقَوْم مُحْرِمُونَ وَأَنَا غَيْر مُحْرِم " وَبَيَّنَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَة السَّبَب الْمُوجِب لِرُؤْيَتِهِمْ إِيَّاهُ دُون أَبِي قَتَادَةَ بِقَوْلِهِ " فَأَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا وَأَنَا مَشْغُول أَخْصِف نَعْلِي , فَلَمْ يُؤْذِنُونِي بِهِ , وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّي أَبْصَرْته , وَالْتَفَتّ فَأَبْصَرْته ".
وَوَقَعَ فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد الْمَذْكُور أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ وَهُمْ بِعُسْفَانَ وَفِيهِ نَظَر , وَالصَّحِيح مَا سَيَأْتِي بَعْد بَاب مِنْ طَرِيق صَالِح بْن كَيْسَانَ عَنْ أَبِي مُحَمَّد مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ عَنْهُ قَالَ " كُنَّا مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقَاحَةِ , وَمِنَّا الْمُحْرِم وَغَيْر مُحْرِم , فَرَأَيْت أَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا فَنَظَرْت فَإِذَا حِمَار وَحْش " الْحَدِيث.
وَالْقَاحَة بِقَافٍ وَمُهْمَلَة خَفِيفَة بَعْد الْأَلِف , مَوْضِع قَرِيب مِنْ السُّقْيَا كَمَا سَيَأْتِي.
‏ ‏قَوْله : ( فَنَظَرْت ) ‏ ‏هَذَا فِيهِ اِلْتِفَات , فَإِنَّ السِّيَاق الْمَاضِي يَقْتَضِي أَنْ يَقُول فَنَظَرَ لِقَوْلِهِ " فَبَيْنَا أَبِي مَعَ أَصْحَابه " فَالتَّقْدِير : قَالَ أَبِي فَنَظَرْت , وَهَذَا يُؤَيِّد الرِّوَايَة الْمَوْصُولَة.
‏ ‏قَوْله : ( فَإِذَا بِحِمَارِ وَحْش ) ‏ ‏قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ رُؤْيَته لَهُ كَانَتْ مُتَأَخِّرَة عَنْ رُؤْيَة أَصْحَابه , وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فُضَيْل بْن سُلَيْمَان فِي رِوَايَته عَنْ أَبِي حَازِم كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِهَاد وَلَفْظه " فَرَأَوْا حِمَارًا وَحْشِيًّا قَبْل أَنْ يَرَاهُ أَبُو قَتَادَةَ , فَلَمَّا رَأَوْهُ تَرَكُوهُ حَتَّى رَآهُ فَرَكِبَ ".
‏ ‏قَوْله : ( فَحَمَلْت عَلَيْهِ ) ‏ ‏فِي رِوَايَة مُحَمَّد بْن جَعْفَر " فَقُمْت إِلَى الْفَرَس فَأَسْرَجْته ثُمَّ رَكِبَتْ وَنَسِيت السَّوْط وَالرُّمْح.
فَقُلْت لَهُمْ : نَاوِلُونِي السَّوْط وَالرُّمْح.
فَقَالُوا : لَا وَاللَّه لَا نُعِينك عَلَيْهِ بِشَيْءٍ , فَغَضِبْت فَنَزَلْت فَأَخَذْتهمَا ثُمَّ رَكِبْت " وَفِي رِوَايَة فُضَيْل بْن سُلَيْمَان " فَرَكِبَ فَرَسًا لَهُ يُقَال لَهُ الْجَرَادَة فَسَأَلَهُمْ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطه فَأَبَوْا فَتَنَاوَلَهُ ".
وَفِي رِوَايَة أَبِي النَّضْر " وَكُنْت نَسِيت سَوْطِي فَقُلْت لَهُمْ : نَاوِلُونِي سَوْطِي , فَقَالُوا لَا نُعِينك عَلَيْهِ , فَنَزَلْت فَأَخَذْته " وَوَقَعَ عِنْد النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيق شُعْبَة عَنْ عُثْمَان بْن مَوْهِب , وَعِنْد اِبْن أَبِي شَيْبَة عَنْ طَرِيق عَبْد الْعَزِيز بْن رَفِيع , وَأَخْرَجَ مُسْلِم إِسْنَادهمَا كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي قَتَادَةَ " فَاخْتَلَسَ مِنْ بَعْضهمْ سَوْطًا " وَالرِّوَايَة الْأُولَى أَقْوَى , وَيُمْكِن أَنْ يُجْمَع بَيْنهمَا بِأَنَّهُ رَأَى فِي سَوْط نَفْسه تَقْصِيرًا فَأَخَذَ سَوْط غَيْره , وَاحْتَاجَ إِلَى اِخْتِلَاسه لِأَنَّهُ لَوْ طَلَبَهُ مِنْهُ اِخْتِيَارًا لَامْتَنَعَ.
‏ ‏قَوْله : ( فَطَعَنْته فَأَثْبَتّه ) ‏ ‏بِالْمُثَلَّثَةِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَة ثُمَّ الْمُثَنَّاة أَيْ جَعَلْته ثَابِتًا فِي مَكَانه لَا حَرَاك بِهِ وَفِي رِوَايَة أَبِي حَازِم " فَشَدَدْت عَلَى الْحِمَار فَعَقَرْته ثُمَّ جِئْت بِهِ وَقَدْ مَاتَ " وَفِي رِوَايَة أَبِي النَّضْر " حَتَّى عَقَرْته فَأَتَيْت إِلَيْهِمْ فَقُلْت لَهُمْ : قُومُوا فَاحْتَمِلُوا , فَقَالُوا لَا نَمَسّهُ , فَحَمَلْته حَتَّى جِئْتهمْ بِهِ ".
‏ ‏قَوْله : ( فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمه ) ‏ ‏فِي رِوَايَة فُضَيْل عَنْ أَبِي حَازِم " فَأَكَلُوا فَنَدِمُوا " وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بْن جَعْفَر عَنْ أَبِي حَازِم " فَوَقَعُوا يَأْكُلُونَ مِنْهُ , ثُمَّ إِنَّهُمْ شَكُّوا فِي أَكْلهمْ إِيَّاهُ وَهُمْ حُرُم فَرُحْنَا وَخَبَّأْت الْعَضُد مَعِي ".
‏ ‏وَفِي رِوَايَة مَالِك عَنْ أَبِي النَّضْر " فَأَكَلَ مِنْهُ بَعْضهمْ وَأَبَى بَعْضهمْ ".
وَفِي حَدِيث أَبِي سَعِيد " فَجَعَلُوا يَشْوُونَ مِنْهُ ".
وَفِي رِوَايَة الْمُطَّلِب عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عِنْد سَعِيد بْن مَنْصُور " فَظَلِلْنَا نَأْكُل مِنْهُ مَا شِئْنَا طَبِيخًا وَشِوَاء ثُمَّ تَزَوَّدْنَا مِنْهُ ".
‏ ‏قَوْله : ( وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَع ) ‏ ‏أَيْ نَصِير مَقْطُوعِينَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْفَصِلِينَ عَنْهُ لِكَوْنِهِ سَبَقَهُمْ , وَكَذَا قَوْله بَعْد هَذَا " وَخَشُوا أَنْ يُقْتَطَعُوا دُونك " وَبَيَّنَ ذَلِكَ رِوَايَة عَلِيّ بْن الْمُبَارَك عَنْ يَحْيَى عِنْد أَبِي عَوَانَة بِلَفْظِ " وَخَشِينَا أَنْ يَقْتَطِعنَا الْعَدُوّ ".
وَفِيهَا عِنْد الْمُصَنِّف " وَأَنَّهُمْ خَشُوا أَنْ يَقْتَطِعهُمْ الْعَدُوّ دُونك " وَهَذَا يُشْعِر بِأَنَّ سَبَب إِسْرَاع أَبِي قَتَادَةَ لِإِدْرَاكِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَشْيَة عَلَى أَصْحَابه أَنْ يَنَالهُمْ بَعْض أَعْدَائِهِمْ , وَفِي رِوَايَة أَبِي النَّضْر الْآتِيَة فِي الصَّيْد " فَأَبَى بَعْضهمْ أَنْ يَأْكُل , فَقُلْت أَنَا أَسْتَوْقِف لَكُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَدْرَكْته فَحَدَّثْته الْحَدِيث " فَفِي هَذَا أَنَّ سَبَب إِدْرَاكه أَنْ يَسْتَفْتِيَهُ عَنْ قِصَّة أَكْل الْحِمَار , وَيُمْكِن الْجَمْع بِأَنْ يَكُون ذَلِكَ بِسَبَبِ الْأَمْرَيْنِ.
‏ ‏قَوْله : ( أَرْفَع ) ‏ ‏بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد , أَيْ أُكَلِّفهُ السَّيْر , " وَشَأْوًا " بِالشِّينِ الْمُعْجَمَة بَعْدهَا هَمْزَة سَاكِنَة أَيْ تَارَة , وَالْمُرَاد أَنَّهُ يَرْكُضهُ تَارَة وَيَسِير بِسُهُولَةٍ أُخْرَى.
‏ ‏قَوْله : ( فَلَقِيت رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَار ) ‏ ‏لَمْ أَقِف عَلَى اِسْمه.
‏ ‏قَوْله : ( تَرَكَتْهُ بِتِعْهِنَ , وَهُوَ قَائِل السُّقْيَا ) ‏ ‏السُّقْيَا بِضَمِّ الْمُهْمَلَة وَإِسْكَان الْقَاف بَعْدهَا تَحْتَانِيَّة مَقْصُورَة : قَرْيَة جَامِعَة بَيْن مَكَّة وَالْمَدِينَة , وَتِعْهِن بِكَسْرِ الْمُثَنَّاة وَبِفَتْحِهَا بَعْدهَا عَيْن مُهْمَلَة سَاكِنَة ثُمَّ هَاء مَكْسُورَة ثُمَّ نُون , وَرِوَايَة الْأَكْثَر بِالْكَسْرِ وَبِهِ قَيَّدَهَا الْبَكْرِيّ فِي مُعْجَم الْبِلَاد , وَوَقَعَ عِنْد الْكُشْمِيهَنِيّ بِكَسْرِ أَوَّله وَثَالِثه , وَلِغَيْرِهِ بِفَتْحِهِمَا , وَحَكَى أَبُو ذَرّ الْهَرَوِيُّ أَنَّهُ سَمِعَهَا مِنْ الْعَرَب بِذَلِكَ الْمَكَان بِفَتْحِ الْهَاء , وَمِنْهُمْ مَنْ يَضُمّ التَّاء وَيَفْتَح الْعَيْن وَيَكْسِر الْهَاء , قِيلَ وَهُوَ مِنْ تَغْيِيرَاتهمْ وَالصَّوَاب الْأَوَّل , وَأَغْرَبَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ فَضَبَطَهُ بِضَمِّ أَوَّله وَثَانِيه وَبِتَشْدِيدِ الْهَاء وَقَالَ : وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْسِر التَّاء , وَأَصْحَاب الْحَدِيث يُسَكِّنُونَ الْعَيْن , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ بِدِعْهِنَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَة بَدَل الْمُثَنَّاة.
وَقَوْله " قَائِل " قَالَ النَّوَوِيّ : رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ أَصَحّهمَا وَأَشْهُرهمَا بِهَمْزَةٍ بَيْنَ الْأَلِف وَاللَّام مِنْ الْقَيْلُولَة , أَيْ تَرَكْته فِي اللَّيْل بِتِعْهِنَ وَعَزْمه أَنْ يُقِيل بِالسُّقْيَا , فَمَعْنَى قَوْله وَهُوَ قَائِل أَيْ سَيُقِيلُ.
وَالْوَجْه الثَّانِي أَنَّهُ قَابِل بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَة وَهُوَ غَرِيب وَكَأَنَّهُ تَصْحِيف , فَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ أَنَّ تِعْهِن مَوْضِع مُقَابِل لِلسُّقْيَا , فَعَلَى الْأَوَّل الضَّمِير فِي قَوْله " وَهُوَ " لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى الثَّانِي الضَّمِير لِلْمَوْضِعِ وَهُوَ تِعْهِن , وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَوَّل أَصْوَب وَأَكْثَر فَائِدَة.
وَأَغْرَبَ الْقُرْطُبِيّ فَقَالَ : قَوْله " وَهُوَ قَائِل " اِسْم فَاعِل مِنْ الْقَوْل أَوْ مِنْ الْقَائِلَة , وَالْأَوَّل هُوَ الْمُرَاد هُنَا , وَالسُّقْيَا مَفْعُول بِفِعْلٍ مُضْمَر , وَكَأَنَّهُ كَانَ بِتِعْهِنَ وَهُوَ يَقُول لِأَصْحَابِهِ اِقْصِدُوا السُّقْيَا.
وَوَقَعَ عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق اِبْن عُلَيَّة عَنْ هِشَام " وَهُوَ قَائِم بِالسُّقْيَا " فَأَبْدَلَ اللَّام فِي قَائِل مِيمًا وَزَادَ الْبَاء فِي السُّقْيَا , قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ : الصَّحِيح قَائِل بِاللَّامِ.
قُلْت : وَزِيَادَة الْبَاء تُوهِي الِاحْتِمَال الْأَخِير الْمَذْكُور.
‏ ‏قَوْله : ( فَقُلْت ) ‏ ‏فِي السِّيَاق حَذْف تَقْدِيره : فَسِرْت فَأَدْرَكْته فَقُلْت , وَيُوَضِّحهُ رِوَايَة عَلِيّ بْن الْمُبَارَك فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيه بِلَفْظِ " فَلَحِقْت بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَيْته فَقُلْت : يَا رَسُول اللَّه ".
‏ ‏قَوْله : ( إِنَّ أَهْلك يَقْرَءُونَ عَلَيْك السَّلَام ) ‏ ‏الْمُرَاد بِالْأَهْلِ هُنَا الْأَصْحَاب بِدَلِيلِ رِوَايَة مُسْلِم وَأَحْمَد وَغَيْرهمَا مِنْ هَذَا الْوَجْه بِلَفْظِ " إِنَّ أَصْحَابك ".
‏ ‏قَوْله : ( فَانْتَظِرْهُمْ ) ‏ ‏بِصِيغَةِ فِعْل الْأَمْر مِنْ الِانْتِظَار , زَادَ مُسْلِم مِنْ هَذَا الْوَجْه " فَانْتَظَرَهُمْ " بِصِيغَةِ الْفِعْل الْمَاضِي مِنْهُ , وَمِثْله لِأَحْمَد عَنْ اِبْن عُلَيَّة , وَفِي رِوَايَة عَلِيّ بْن الْمُبَارَك " فَانْتَظِرْهُمْ فَفَعَلَ ".
‏ ‏قَوْله : ( أَصَبْت حِمَار وَحْش وَعِنْدِي مِنْهُ فَاضِلَة ) ‏ ‏كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِضَادٍ مُعْجَمَة أَيْ فَضْلَة.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : قِطْعَة فَضَلَتْ مِنْهُ فَهِيَ فَاضِلَة , أَيْ بَاقِيَة.
‏ ‏قَوْله : ( فَقَالَ لِلْقَوْمِ كُلُوا ) ‏ ‏سَيَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ وَعَلَى مَا فِي الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد بَعْد بَابَيْنِ.


حديث كلوا وهم محرمون

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏هِشَامٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏يَحْيَى ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏انْطَلَقَ ‏ ‏أَبِي ‏ ‏عَامَ ‏ ‏الْحُدَيْبِيَةِ ‏ ‏فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ يُحْرِمْ وَحُدِّثَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَنَّ عَدُوًّا يَغْزُوهُ فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَبَيْنَمَا أَنَا مَعَ أَصْحَابِهِ تَضَحَّكَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ فَطَعَنْتُهُ فَأَثْبَتُّهُ وَاسْتَعَنْتُ بِهِمْ فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهِ وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَعَ فَطَلَبْتُ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَرْفَعُ فَرَسِي ‏ ‏شَأْوًا ‏ ‏وَأَسِيرُ ‏ ‏شَأْوًا ‏ ‏فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ ‏ ‏بَنِي غِفَارٍ ‏ ‏فِي جَوْفِ اللَّيْلِ قُلْتُ أَيْنَ تَرَكْتَ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ تَرَكْتُهُ ‏ ‏بِتَعْهَنَ ‏ ‏وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَهْلَكَ يَقْرَءُونَ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ إِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا أَنْ يُقْتَطَعُوا دُونَكَ فَانْتَظِرْهُمْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَبْتُ حِمَارَ وَحْشٍ وَعِنْدِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ فَقَالَ لِلْقَوْمِ ‏ ‏كُلُوا وَهُمْ مُحْرِمُونَ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح البخاري

إذا رأى المحرمون صيدا فضحكوا ففطن الحلال

عن عبد الله بن أبي قتادة، أن أباه، حدثه قال: انطلقنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية، فأحرم أصحابه ولم أحرم، فأنبئنا بعدو بغيقة، فتوجهنا نحوه...

لا نعينك عليه بشيء إنا محرمون فتناولته

عن أبي محمد نافع، مولى أبي قتادة، سمع أبا قتادة رضي الله عنه، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالقاحة من المدينة على ثلاث ح وحدثنا علي بن عبد الل...

كلوا ما بقي من لحمها

عبد الله بن أبي قتادة، أن أباه، أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حاجا، فخرجوا معه، فصرف طائفة منهم فيهم أبو قتادة، فقال: «خذوا ساحل البحر حتى...

إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم

عن الصعب بن جثامة الليثي، أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا، وهو بالأبواء، أو بودان، فرده عليه، فلما رأى ما في وجهه قال: «إنا لم نرده...

الحدأة والفأرة والعقرب والكلب العقور

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح».<br> وعن عبد الله بن دينار، عن عب...

خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلهن في الحرم

عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " خمس من الدواب، كلهن فاسق، يقتلهن في الحرم: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب ال...

وقيت شركم كما وقيتم شرها

عن عبد الله رضي الله عنه، قال: بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار بمنى، إذ نزل عليه: والمرسلات وإنه ليتلوها، وإني لأتلقاها من فيه، وإن فاه ل...

إنما أردنا بهذا أن منى من الحرم وأنهم لم يروا بقتل...

عن عائشة رضي الله عنها، - زوج النبي صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال للوزغ: «فويسق» ولم أسمعه أمر بقتله، قال أبو عبد الله: «إ...

إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس

عن أبي شريح العدوي، أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة: ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولا قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم للغد من يوم الفت...