1906- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان فقال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له»
أخرجه مسلم في الصيام باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال رقم 1080
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْلُهُ : ( لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ ) ظَاهِره إِيجَاب الصَّوْمِ حِينَ الرُّؤْيَةِ مَتَى وُجِدَتْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى صَوْمِ الْيَوْمِ الْمُسْتَقْبَل , وَبَعْض الْعُلَمَاءِ فَرَّقَ بَيْنَ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدُ , وَخَالَفَ الشِّيعَةُ الْإِجْمَاعَ فَأَوْجَبُوهُ مُطْلَقًا , وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي النَّهْيِ عَنْ اِبْتِدَاءِ صَوْمِ رَمَضَان قَبْلَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَيَدْخُلُ فِيهِ صُورَة الْغَيْمِ وَغَيْرهَا , وَلَوْ وَقَعَ الِاقْتِصَار عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ لَكَفَى ذَلِكَ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ , لَكِنَّ اللَّفْظَ الَّذِي رَوَاهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ أَوْقَعَ لِلْمُخَالِفِ شُبْهَة وَهُوَ قَوْلُهُ " فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ " فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ حُكْمِ الصَّحْو وَالْغَيْم , فَيَكُونُ التَّعْلِيق عَلَى الرُّؤْيَةِ مُتَعَلِّقًا بِالصَّحْوِ , وَأَمَّا الْغَيْمُ فَلَهُ حُكْمٌ آخَرُ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَفْرِقَةَ وَيَكُونُ الثَّانِي مُؤَكِّدًا لِلْأَوَّلِ , وَإِلَى الْأَوَّلِ ذَهَبَ أَكْثَر الْحَنَابِلَةِ , وَإِلَى الثَّانِي ذَهَب الْجُمْهُور فَقَالُوا : الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " فَاقْدُرُوا لَهُ " أَيْ اُنْظُرُوا فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ وَاحْسِبُوا تَمَام الثَّلَاثِينَ , وَيُرَجِّحُ هَذَا التَّأْوِيلَ الرِّوَايَاتُ الْأُخَر الْمُصَرِّحَة بِالْمُرَادِ وَهِيَ مَا تَقْدَمُ مِنْ قَوْلِهِ " فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ " وَنَحْوُهَا , وَأَوْلَى مَا فُسِّرَ الْحَدِيثُ بِالْحَدِيثِ , وَقَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَيْضًا فَرَوَاهَا الْبُخَارِيّ كَمَا تَرَى بِلَفْظ " فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَان ثَلَاثِينَ " وَهَذَا أَصْرَحُ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ , وَقَدْ قِيلَ إِنْ آدَم شَيْخَهُ اِنْفَرَدَ بِذَلِكَ فَإِنَّ أَكْثَرَ الرُّوَاةِ عَنْ شُعْبَةَ قَالُوا فِيهِ " فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ " أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَهُوَ عِنْد مُسْلِم وَغَيْرِهِ.
قَالَ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ آدَم أَوْرَدَهُ عَلَى مَا وَقَعَ عِنْدَهُ مِنْ تَفْسِيرِ الْخَبَرِ.
قُلْت : الَّذِي ظَنَّهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ صَحِيحٌ , فَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيم بْن يَزِيد عَنْ آدَم بِلَفْظ " فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا " يَعْنِي عُدُّوا شَعْبَان ثَلَاثِينَ , فَوَقَعَ لِلْبُخَارِيِّ إِدْرَاج التَّفْسِيرِ فِي نَفْسِ الْخَبَرِ.
وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظ " لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَان بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ " , فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِعَدَدِهِ هُوَ شَعْبَانُ , وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِم مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيع بْن مُسْلِم عَنْ مُحَمَّد بْن زِيَاد بِلَفْظ " فَأَكْمِلُوا الْعَدَدَ " وَهُوَ يَتَنَاوَلُ كُلّ شَهْرٍ فَدَخَلَ فِيهِ شَعْبَانُ , وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ وَصَحَّحَهُ وَابْن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَة " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَتَحَفَّظُ مِنْ شَعْبَانَ مَا لَا يَتَحَفَّظُ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ يَصُومُ لِرُؤْيَةِ رَمَضَان , فَإِنْ غُمَّ عَلَيْهِ عَدَّ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ صَامَ " وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ أَيْضًا.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيق رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا " لَا تَقَدَّمُوا الشَّهْر حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ أَوْ تُكْمِلُوا الْعِدَّةَ , ثُمَّ صُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ أَوْ تُكْمِلُوا الْعِدَّةَ " وَقِيلَ الصَّوَاب فِيهِ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مُبْهَم , وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ.
قَالَ اِبْن الْجَوْزِيِّ فِي " التَّحْقِيقِ " لِأَحْمَدَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ - وَهِيَ مَا إِذَا حَالَ دُونَ مَطْلِعِ الْهِلَالِ غَيْمٌ أَوْ قَتَرٌ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ - ثَلَاثَة أَقْوَال : أَحَدُهَا يَجِبُ صَوْمُهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ رَمَضَان.
ثَانِيهَا لَا يَجُوزُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا مُطْلَقًا , بَلْ قَضَاء وَكَفَّارَةً وَنَذْرًا وَنَفْلًا يُوَافِقُ عَادَة , وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيّ.
وَقَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة لَا يَجُوزُ عَنْ فَرْضِ رَمَضَان وَيَجُوزُ عَمَّا سِوَى ذَلِكَ.
ثَالِثُهَا الْمَرْجِع إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ فِي الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ.
وَاحْتَجَّ الْأَوَّل بِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِرَأْيِ الصَّحَابِيِّ رَاوِي الْحَدِيثِ.
قَالَ أَحْمَد : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ اِبْن عُمَر فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِلَفْظ " فَاقْدُرُوا لَهُ " قَالَ نَافِع : فَكَانَ اِبْن عُمَر إِذَا مَضَى مِنْ شَعْبَانَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ يَبْعَثُ مَنْ يَنْظُرُ , فَإِنْ رَأَى فَذَاكَ , وَإِنْ لَمْ يَرَ وَلَمْ يَحُلْ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَاب وَلَا قَتَرٌ أَصْبَحَ مُفْطِرًا , وَإِنْ حَالَ أَصْبَحَ صَائِمًا.
وَأَمَّا مَا رَوَى الثَّوْرِيّ فِي جَامِعِهِ عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن حَكِيم سَمِعْت اِبْن عُمَر يَقُولُ : لَوْ صُمْت السَّنَةَ كُلّهَا لَأَفْطَرْتُ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ , فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي أَوْجَبَ فِيهَا الصَّوْمَ لَا يُسَمَّى يَوْمَ شَكٍّ , وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ خَصَّ يَوْمَ الشَّكِّ بِمَا إِذَا تَقَاعَدَ النَّاس عَنْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ شَهِدَ بِرُؤْيَتِهِ مَنْ لَا يَقْبَلُ الْحَاكِمُ شَهَادَتَهُ , فَأَمَّا إِذَا حَالَ دُونَ مَنْظَرِهِ شَيْء فَلَا يُسَمَّى شَكًّا.
وَاخْتَارَ كَثِير مِنْ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ الثَّانِي.
قَالَ اِبْن عَبْد الْهَادِي فِي تَنْقِيحِهِ : الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ - وَهُوَ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ - أَنَّهُ أَيُّ شَهْر غُمَّ أُكْمِلَ ثَلَاثِينَ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ شَعْبَان وَرَمَضَان وَغَيْرهمَا , فَعَلَى هَذَا قَوْله " فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ " يَرْجِعُ إِلَى الْجُمْلَتَيْنِ وَهُوَ قَوْلُهُ " صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ " أَيْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فِي صَوْمِكُمْ أَوْ فِطْرِكُمْ , وَبَقِيَّة الْأَحَادِيثِ تَدُلُّ عَلَيْهِ فَاللَّام فِي قَوْلِهِ " فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ " لِلشَّهْرِ أَيْ عِدَّةَ الشَّهْرِ , وَلَمْ يَخُصَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ شَهْرًا دُونَ شَهْرٍ بِالْإِكْمَالِ إِذَا غُمَّ , فَلَا فَرْقَ بَيْنَ شَعْبَانَ وَغَيْرَهُ فِي ذَلِكَ , إِذْ لَوْ كَانَ شَعْبَان غَيْرَ مُرَادٍ بِهَذَا الْإِكْمَالِ لَبَيَّنَهُ فَلَا تَكُونُ رِوَايَة مَنْ رَوَى " فَأَكْمِلُوا عِدَّة شَعْبَانَ " مُخَالِفَةً لِمَنْ قَالَ " فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ " بَلْ مُبَيِّنَةً لَهَا.
وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْله فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى " فَإِنْ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سَحَاب فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ وَلَا تَسْتَقْبِلُوا الشَّهْر اِسْتِقْبَالًا ".
أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَأَصْحَاب السُّنَنِ وَابْن خُزَيْمَةَ وَأَبُو يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ اِبْن عَبَّاسٍ هَكَذَا , وَرَوَاهُ الطَّيَالِسِيّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظ " وَلَا تَسْتَقْبِلُوا رَمَضَان بِصَوْمِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ " وَرَوَى النَّسَائِيّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّد بْن حُنَيْن عَنْ اِبْن عَبَّاسٍ بِلَفْظ " فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ ".
قَوْله : ( فَاقْدُرُوا لَهُ ) تَقَدَّمَ أَنَّ لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ تَأْوِيلَيْنِ , وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى تَأْوِيلٍ ثَالِثٍ , قَالُوا : مَعْنَاهُ فَاقْدُرُوهُ بِحِسَابِ الْمَنَازِلِ.
قَالَهُ أَبُو الْعَبَّاس بْن سُرَيْج مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَمُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه مِنْ التَّابِعَيْنِ وَابْن قُتَيْبَةَ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ.
قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : لَا يَصْحُ عَنْ مُطَرِّف , وَأَمَّا اِبْنُ قُتَيْبَةَ فَلَيْسَ هُوَ مِمَّنْ يُعَرَّجُ عَلَيْهِ فِي مِثْلِ هَذَا.
قَالَ : وَنَقَلَ اِبْن خُوَيْزَ مِنْدَادٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ مَسْأَلَة اِبْنِ سُرَيْج وَالْمَعْرُوف عَنْ الشَّافِعِيِّ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور , وَنَقَلَ اِبْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ اِبْنِ سُرَيْجٍ أَنَّ قَوْلَهُ " فَاقْدُرُوا لَهُ " خِطَاب لِمَنْ خَصَّهُ اللَّهُ بِهَذَا الْعِلْمِ , وَأَنَّ قَوْلَهُ " فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ " خِطَاب لِلْعَامَّةِ.
قَالَ اِبْن الْعَرَبِيِّ : فَصَارَ وُجُوب رَمَضَان عِنْدَهُ مُخْتَلِف الْحَالِ يَجِبُ عَلَى قَوْمٍ بِحِسَاب الشَّمْس وَالْقَمَر وَعَلَى آخَرِينَ بِحِسَاب الْعَدَد , قَالَ : وَهَذَا بَعِيد عَنْ النُّبَلَاءِ.
وَقَالَ اِبْن الصَّلَاحِ : مَعْرِفَةُ مَنَازِلِ الْقَمَرِ هِيَ مَعْرِفَةُ سَيْرِ الْأَهِلَّةِ , وَأَمَّا مَعْرِفَةُ الْحِسَابِ فَأَمْر دَقِيق يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ الْآحَاد , قَالَ : فَمَعْرِفَةُ مَنَازِلِ الْقَمَرِ تُدْرَكُ بِأَمْرٍ مَحْسُوسٍ يُدْرِكُهُ مَنْ يُرَاقِبُ النُّجُومَ , وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ اِبْنُ سُرَيْجٍ وَقَالَ بِهِ فِي حَقِّ الْعَارِفِ بِهَا فِي خَاصَّةٍ نَفْسَهُ.
وَنَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِوُجُوبٍ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا قَالَ بِجَوَازِهِ , وَهُوَ اِخْتِيَار الْقَفَّال وَأَبِي الطَّيِّبِ , وَأَمَّا أَبُو إِسْحَاق فِي " الْمُهَذَّبِ " فَنَقَلَ عَنْ اِبْنِ سُرَيْج لُزُوم الصَّوْمِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَتَعَدَّدَتْ الْآرَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى خُصُوصِ النَّظَرِ فِي الْحِسَابِ وَالْمَنَازِلِ : أَحَدُهَا الْجَوَاز وَلَا يُجْزِئُ عَنْ الْفَرْضِ , ثَانِيهَا يَجُوزُ وَيُجْزِئُ , ثَالِثهَا يَجُوزُ لِلْحَاسِبِ وَيُجْزِئُهُ لَا لِلْمُنَجِّمِ , رَابِعهَا يَجُوزُ لَهُمَا وَلِغَيْرِهِمَا تَقْلِيد الْحَاسِبِ دُونَ الْمُنَجِّمِ , خَامِسهَا يَجُوزُ لَهُمَا وَلِغَيْرِهِمَا مُطْلَقًا.
وَقَالَ اِبْن الصَّبَّاغِ أَمَّا بِالْحِسَابِ فَلَا يَلْزَمُهُ بِلَا خِلَافٍ بَيْنِ أَصْحَابِنَا.
قُلْت : وَنَقَلَ اِبْن الْمُنْذِر قَبْلَهُ الْإِجْمَاع عَلَى ذَلِكَ.
فَقَالَ فِي الْإِشْرَافِ : صَوْمُ يَوْم الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ إِذَا لَمْ يُرَ الْهِلَالُ مَعَ الصَّحْوِ لَا يَجِبُ بِإِجْمَاع الْأُمَّةَ , وَقَدْ صَحَّ عَنْ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ كَرَاهَته , هَكَذَا أَطْلَقَ وَلَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَ حَاسِبٍ وَغَيْرِهِ , فَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمْ كَانَ مَحْجُوجًا بِالْإِجْمَاعِ قَبْلَهُ , وَسَيَأْتِي بَقِيَّة الْبَحْثِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ بَاب.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثي...
عن ابن عمر رضي الله عنهما، يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الشهر هكذا وهكذا» وخنس الإبهام في الثالثة
عن محمد بن زياد، قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أو قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطرو...
عن أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم آلى من نسائه شهرا، فلما مضى تسعة وعشرون يوما، غدا أو راح فقيل له: إنك حلفت أن لا تدخل شهرا، فقال...
عن أنس رضي الله عنه، قال: آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه، وكانت انفكت رجله، فأقام في مشربة تسعا وعشرين ليلة، ثم نزل فقالوا: يا رسول الله آل...
عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحدثني مسدد، حدثنا معتمر، عن خالد الحذاء، قال: أخبرني عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه...
عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال: «إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا» يعني مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه، فليصم ذلك اليوم»...
عن البراء رضي الله عنه، قال: " كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائما، فحضر الإفطار، فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي،...