حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى تروه - صحيح البخاري

صحيح البخاري | كتاب الصوم باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا» (حديث رقم: 1907 )


1907- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين»

أخرجه البخاري


(تسع وعشرون) أي يكون هكذا أحيانا.
(العدة) عدة أيام شعبان

شرح حديث (الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى تروه)

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

‏ ‏قَوْلُهُ : ( الشَّهْر تِسْع وَعِشْرُونَ ) ‏ ‏ظَاهِره حَصْرُ الشَّهْرَ فِي تِسْع وَعِشْرِينَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَنْحَصِرُ فِيهِ بَلْ قَدْ يَكُونُ ثَلَاثِينَ , وَالْجَوَاب أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَة وَعِشْرِينَ أَوْ اللَّامُ لِلْعَهْدِ وَالْمُرَاد شَهْر بِعَيْنِهِ أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَكْثَرِ الْأَغْلَبِ لِقَوْلِ اِبْن مَسْعُود " مَا صُمْنَا مَعَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَكْثَرَ مِمَّا صُمْنَا ثَلَاثِينَ " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ , وَمِثْلُهُ عَنْ عَائِشَة عِنْدَ أَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ , وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّل قَوْله فِي حَدِيث أُمّ سَلَمَةَ فِي الْبَابِ أَنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَة وَعِشْرِينَ يَوْمًا , وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيِّ : قَوْلُهُ " الشَّهْر تِسْع وَعِشْرُونَ فَلَا تَصُومُوا إِلَخْ " مَعْنَاهُ حَصْره مِنْ جِهَةِ أَحَدِ طَرَفَيْهِ , أَيْ أَنَّهُ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَهُوَ أَقَلُّهُ , وَيَكُونُ ثَلَاثِينَ وَهُوَ أَكْثَرُهُ , فَلَا تَأْخُذُوا أَنْفُسَكُمْ بِصَوْم الْأَكْثَر اِحْتِيَاطًا , وَلَا تَقْتَصِرُوا عَلَى الْأَقَلِّ تَخْفِيفًا , وَلَكِنْ اِجْعَلُوا عِبَادَتكُمْ مُرْتَبِطَةَ اِبْتِدَاءٍ وَانْتِهَاءً بِاسْتِهْلَالِهِ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ ) ‏ ‏لَيْسَ الْمُرَادُ تَعْلِيقَ الصَّوْمِ بِالرُّؤْيَةِ فِي حَقّ كُلّ أَحَد , بَلْ الْمُرَاد بِذَلِكَ رُؤْيَة بَعْضِهِمْ وَهُوَ مَنْ يَثْبُتُ بِهِ ذَلِكَ , إِمَّا وَاحِد عَلَى رَأْيِ الْجُمْهُورِ أَوْ اِثْنَانِ عَلَى رَأْي آخَرِينَ.
وَوَافَقَ الْحَنَفِيَّة عَلَى الْأَوَّلِ إِلَّا أَنَّهُمْ خَصُّوا ذَلِكَ بِمَا إِذَا كَانَ فِي السَّمَاءِ عِلَّة مَنْ غَيْمِ وَغَيْرِهِ , وَإِلَّا مَتَى كَانَ صَحْوًا لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا مِنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ يَقَعُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ.
وَقَدْ تَمَسَّكَ بِتَعْلِيقِ الصَّوْمِ بِالرُّؤْيَةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى إِلْزَامِ أَهْلِ الْبَلَدِ بِرُؤْيَةِ أَهْلِ بَلَدِ غَيْرِهَا , وَمَنْ لَمْ يَذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّ قَوْلَهُ " حَتَّى تَرَوْهُ " خِطَاب لِأُنَاسٍ مَخْصُوصِينَ فَلَا يُلْزَمُ غَيْرهمْ , وَلَكِنَّهُ مَصْرُوفٌ عَنْ ظَاهِرِهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ الْحَالُ عَلَى رُؤْيَةِ كُلٍّ وَاحِدٍ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْبَلَدِ.
وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي ذَلِكَ عَلَى مَذَاهِبَ : أَحَدُهَا لِأَهْلِ كُلِّ بَلَد رُؤْيَتهمْ , وَفِي صَحِيحٍ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ اِبْن عَبَّاس مَا يَشْهَدُ لَهُ , وَحَكَاهُ اِبْن الْمُنْذِر عَنْ عِكْرِمَة وَالْقَاسِمِ وَسَالِم وَإِسْحَاق , وَحَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَمْ يَحْكِ سِوَاهُ , وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَجْهًا لِلشَّافِعِيَّةِ.
ثَانِيهَا مُقَابِله إِذَا رُؤِيَ بِبَلْدَةٍ لَزِمَ أَهْلَ الْبِلَادِ كُلّهَا , وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ , لَكِنْ حَكَى اِبْن عَبْد الْبَرّ الْإِجْمَاع عَلَى خِلَافِهِ , وَقَالَ : أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا تُرَاعَى الرُّؤْيَةُ فِيمَا بَعُدَ مِنْ الْبِلَادِ كَخُرَاسَانَ وَالْأَنْدَلُسِ.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ : قَدْ قَالَ شُيُوخُنَا إِذَا كَانَتْ رُؤْيَة الْهِلَالِ ظَاهِرَة قَاطِعَة بِمَوْضِعٍ ثُمَّ نَقَلَ إِلَى غَيْرِهِمْ بِشَهَادَة اِثْنَيْنِ لَزِمَهُمْ الصَّوْمُ.
وَقَالَ اِبْن الْمَاجِشُون : لَا يُلْزِمُهُمْ بِالشَّهَادَةِ إِلَّا لِأَهْلِ الْبَلَدِ الَّذِي ثَبَتَتْ فِيهِ الشَّهَادَةُ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَيُلْزَمُ النَّاسَ كُلَّهُمْ لِأَنَّ الْبِلَادَ فِي حَقِّهِ كَالْبَلَدِ الْوَاحِدِ إِذْ حُكْمُهُ نَافِذ فِي الْجَمِيعِ.
وَقَالَ بَعْضَ الشَّافِعِيَّةِ : إِنْ تَقَارَبَتْ الْبِلَادُ كَانَ الْحُكْم وَاحِدًا وَإِنْ تَبَاعَدَتْ فَوَجْهَانِ : لَا يَجِبُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ , وَاخْتَارَ أَبُو الطَّيِّبِ وَطَائِفَة الْوُجُوب وَحَكَاهُ الْبَغَوِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ.
وَفِي ضَبْطِ الْبُعْدِ أَوْجُه : أَحَدُهَا اِخْتِلَاف الْمَطَالِعِ قَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَالصَّيْدَلَانِيُّ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيّ فِي " الرَّوْضَةِ " و " شَرْح الْمُهَذَّبِ ".
ثَانِيهَا مَسَافَة الْقَصْر قَطَعَ بِهِ الْإِمَامَ وَالْبَغَوِيّ وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيّ فِي " الصَّغِيرِ " وَالنَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِم ".
ثَالِثُهَا اِخْتِلَاف الْأَقَالِيمِ.
رَابِعُهَا حَكَاهُ السَّرْخَسِيّ فَقَالَ : يُلْزَمُ كُلّ بَلَدٍ لَا يُتَصَوَّرُ خَفَاؤُهُ عَنْهَا بِلَا عَارِضٍ دُونَ غَيْرِهِمْ.
خَامِسُهَا قَوْل اِبْن الْمَاجِشُون الْمُتَقَدِّمِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ عَلَى مَنْ رَأَى الْهِلَالَ وَحْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِقَوْلِهِ , وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فِي الصَّوْمِ , وَاخْتَلَفُوا فِي الْفِطْرِ فَقَالَ الشَّافِعِيّ : يُفْطِرُ وَيُخْفِيه.
وَقَالَ الْأَكْثَر : يَسْتَمِرُّ صَائِمًا اِحْتِيَاطًا.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ ) ‏ ‏بِضَمِّ الْمُعْجَمَة وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ حَالٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ غَيْم , يُقَالُ غَمَمْت الشَّيْءَ إِذَا غَطَّيْته , وَوَقَعَ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طَرِيق الْمُسْتَمْلِي " فَإِنْ غُمَّ " وَمِنْ طَرِيقِ الْكُشْمِيهَنِيِّ " أَغْمَى " وَمِنْ رِوَايَة السَّرْخَسِيّ " غَبَى " بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ وَأَغْمَى وَغُمَّ وَغَمَّى بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِهَا فَهُوَ مَغْمُوم , الْكُلّ بِمَعْنَى , وَأَمَّا غَبَى فَمَأْخُوذ مِنْ الْغَبَاوَةِ وَهِيَ عَدَمُ الْفِطْنَةِ وَهِيَ اِسْتِعَارَةٌ لِخَفَاءِ الْهِلَال , وَنَقْلِ اِبْنِ الْعَرَبِيِّ أَنَّهُ رَوَى " عَمَى " بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْعَمَى قَالَ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ لِأَنَّهُ ذَهَابُ الْبَصَرِ عَنْ الْمُشَاهَدَاتِ أَوْ ذَهَاب الْبَصِيرَة عَنْ الْمَعْقُولَاتِ.


حديث الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مَالِكٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ‏ ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ ‏ ‏غُمَّ ‏ ‏عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح البخاري

قال النبي ﷺ الشهر هكذا وهكذا وخنس الإبهام في الثال...

عن ابن عمر رضي الله عنهما، يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الشهر هكذا وهكذا» وخنس الإبهام في الثالثة

صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غبي عليكم فأكملوا

عن محمد بن زياد، قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أو قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطرو...

إن الشهر يكون تسعة وعشرين يوما

عن أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم آلى من نسائه شهرا، فلما مضى تسعة وعشرون يوما، غدا أو راح فقيل له: إنك حلفت أن لا تدخل شهرا، فقال...

كانت انفكت رجله فأقام في مشربة تسعا وعشرين ليلة

عن أنس رضي الله عنه، قال: آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه، وكانت انفكت رجله، فأقام في مشربة تسعا وعشرين ليلة، ثم نزل فقالوا: يا رسول الله آل...

شهران لا ينقصان شهرا عيد رمضان وذو الحجة

عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحدثني مسدد، حدثنا معتمر، عن خالد الحذاء، قال: أخبرني عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه...

إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا

عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال: «إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا» يعني مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين...

لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه، فليصم ذلك اليوم»...

أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم

عن البراء رضي الله عنه، قال: " كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائما، فحضر الإفطار، فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي،...

حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود

عن عدي بن حاتم رضي الله عنه، قال: لما نزلت: {حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} عمدت إلى عقال أسود، وإلى عقال أبيض، فجعلتهما تحت وسادتي، فجعل...