2294- حدثنا محمد بن الصباح حدثنا إسماعيل بن زكرياء حدثنا عاصم قال قلت لأنس بن مالك رضي الله عنه أبلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا حلف في الإسلام فقال قد حالف النبي صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار في داري
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة باب مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه رقم 2529
(لا حلف) لا تعاهد على مثل ما كانوا يتعاهدون عليه في الجاهلية مما يتعارض مع الإسلام.
(حالف) آخى بينهم وعاهد على التعاون والنصرة في الحق
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا عَاصِم ) هُوَ اِبْن سُلَيْمَان الْمَعْرُوف بِالْأَحْوَلِ.
قَوْله : ( قُلْت لِأَنَسِ بْن مَالِك أَبَلَغَك أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا حِلْف فِي الْإِسْلَام ؟ ) الْحِلْف بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة وَسُكُون اللَّام بَعْدهَا فَاء : الْعَهْد.
وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ لَا يَتَعَاهَدُونَ فِي الْإِسْلَام عَلَى الْأَشْيَاء الَّتِي كَانُوا يَتَعَاهَدُونَ عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّة كَمَا سَأَذْكُرُهُ , وَكَأَنَّ عَاصِمًا يُشِير بِذَلِكَ إِلَى مَا رَوَاهُ سَعْد بْن إِبْرَاهِيم بْنِ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف عَنْ أَبِيهِ عَنْ جُبَيْر بْن مُطْعِم مَرْفُوعًا " لَا حِلْف فِي الْإِسْلَام , وَأَيّمَا حِلْف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَام إِلَّا شِدَّة " أَخْرَجَهُ مُسْلِم , وَلِهَذَا الْحَدِيث طُرُق مِنْهَا عَنْ أُمّ سَلَمَة مِثْله أَخْرَجَهُ عُمَر بْنُ شَبَّة فِي " كِتَاب مَكَّة " عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ جَدّه قَالَ " خَطَبَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى دَرَج الْكَعْبَة فَقَالَ : أَيّهَا النَّاس " فَذَكَرَ نَحْوه أَخْرَجَهُ عُمَر بْن شَبَّة , وَأَصْله فِي السُّنَن.
وَعَنْ قَيْس بْن عَاصِم أَنَّهُ " سَأَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحِلْف فَقَالَ : لَا حِلْف فِي الْإِسْلَام , وَلَكِنْ تَمَسَّكُوا بِحِلْفِ الْجَاهِلِيَّة " أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَعُمَر بْن شَبَّة وَاللَّفْظ لَهُ.
وَمِنْهَا عَنْ اِبْن عَبَّاس رَفَعَهُ " مَا كَانَ مِنْ حِلْف فِي الْجَاهِلِيَّة لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَام إِلَّا شِدَّة وَحِدَّة " أَخْرَجَهُ عُمَر بْن شَبَّة وَاللَّفْظ لَهُ وَأَحْمَد وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّانَ.
وَمِنْ مُرْسَل عَدِيّ بْن ثَابِت قَالَ " أَرَادَتْ الْأَوْس أَنْ تُحَالِف سَلْمَان " فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْل حَدِيث قَيْس بْن عَاصِم أَخْرَجَهُ عُمَر بْن شَبَّة.
وَمِنْ مُرْسَل الشَّعْبِيّ رَفَعَهُ " لَا حِلْف فِي الْإِسْلَام , وَحِلْف الْجَاهِلِيَّة مَشْدُود " وَذَكَرَ عُمَر بْن شَبَّة أَنَّ أَوَّل حِلْف كَانَ بِمَكَّة حِلْف الْأَحَابِيش أَنَّ اِمْرَأَة مِنْ بَنِي مَخْزُوم شَكَتْ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي الْحَارِث بْن عَبْد مَنَاة بْن كِنَانَة تَسَلُّط بَنِي بَكْر بْن عَبْد مَنَاة بْن كِنَانَة عَلَيْهِمْ , فَأَتَى قَوْمه فَقَالَ لَهُمْ : ذَلَّتْ قُرَيْش لِبَنِي بَكْر فَانْصُرُوا إِخْوَانكُمْ , فَرَكِبُوا إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِق مِنْ خُزَاعَة , فَسَمِعَتْ بِهِمْ بَنُو الْهَوْن اِبْن خُزَيْمَةَ بْن مُدْرِكَة فَاجْتَمَعُوا بِذَنْبِ حَبَش - بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَسُكُون الْمُوَحَّدَة بَعْدهَا مُعْجَمَة - وَهُوَ جَبَل بِأَسْفَل مَكَّة , فَتَحَالَفُوا : إِنَّا لَيَدٌ عَلَى غَيْرنَا مَا رَسَا حَبَش مَكَانه , وَكَانَ هَذَا مَبْدَأ الْأَحَابِيش.
وَعِنْد عُمَر اِبْن شَبَّة مِنْ مُرْسَل عُرْوَة بْن الزُّبَيْر مِثْله , ثُمَّ دَخَلَتْ فِيهِمْ الْقَارَّة.
قَالَ عَبْد الْعَزِيز بْن عُمَر : إِنَّمَا سُمُّوا الْأَحَابِيش لِتَحَالُفِهِمْ عِنْد حَبَش , ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ عَائِشَة أَنَّهُ عَلَى عَشَرَة أَمْيَال مِنْ مَكَّة.
وَمِنْ طَرِيق حَمَّاد الرَّاوِيَة سُمُّوا لِتَحَبُّشِهِمْ أَيْ تَجَمُّعهمْ , قَالَ عُمَر بْن شَبَّة : ثُمَّ كَانَ حِلْف قُرَيْش وَثَقِيف وَدَوْس , وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا رَغِبَتْ فِي وَجّ وَهُوَ مِنْ الطَّائِف لِمَا فِيهِ مِنْ الشَّجَر وَالزَّرْع , فَخَافَتْهُمْ ثَقِيف فَحَالَفَتْهُمْ وَأَدْخَلَتْ مَعَهُمْ بَنِي دَوْس وَكَانُوا إِخْوَانهمْ وَجِيرَانهمْ.
ثُمَّ كَانَ حِلْف الْمُطَيَّبِينَ وَأَزْدٍ.
وَأُسْنِدَ مِنْ طَرِيق أَبِي سَلَمَة رَفَعَهُ " مَا شَهِدْت مِنْ حِلْف إِلَّا حِلْف الْمُطَيَّبِينَ , وَمَا أُحِبّ أَنْ أَنْكُثهُ وَأَنَّ لِي حُمُر النَّعَم " وَمِنْ مُرْسَل طَلْحَة بْن عَوْف نَحْوه وَزَادَ " وَلَوْ دُعِيت بِهِ الْيَوْم فِي الْإِسْلَام لَأَجَبْت " وَمِنْ حَدِيث عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف رَفَعَهُ " شَهِدْت وَأَنَا غُلَام حِلْفًا مَعَ عُمُومَتِي الْمُطَيَّبِينَ , فَمَا أُحِبّ أَنَّ لِي حُمْر النَّعَم وَأَنِّي نَكَثْته ".
قَالَ وَحِلْف الْفُضُول - وَهُمْ فَضْل وَفَضَالَةُ وَمُفَضَّل - تَحَالَفُوا.
فَلَمَّا وَقَعَ حِلْف الْمُطَيَّبِينَ بَيْن هَاشِم وَالْمُطَّلِب وَأَسَد وَزُهْرَة قَالُوا حِلْف كَحِلْفِ الْفُضُول , وَكَانَ حِلْفهمْ أَنْ لَا يُعِين ظَالِم مَظْلُومًا بِمَكَّة ,وَذَكَرَُوا فِي سَبَب ذَلِكَ أَشْيَاء مُخْتَلِفَة مُحَصِّلهَا أَنَّ الْقَادِم مِنْ أَهْل الْبِلَاد كَانَ يَقْدَم مَكَّة فَرُبَّمَا ظَلَمَهُ بَعْض أَهْلهَا فَيَشْكُوهُ إِلَى مَنْ بِهَا مِنْ الْقَبَائِل فَلَا يُفِيد , فَاجْتَمَعَ بَعْض مَنْ كَانَ يَكْرَه الظُّلْم وَيَسْتَقْبِحهُ إِلَى أَنْ عَقَدُوا الْحِلْف , وَظَهَرَ الْإِسْلَام وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ , وَسَيَأْتِي بَيَان مَا وَقَعَ فِي الْإِسْلَام مِنْ ذَلِكَ فِي أَوَائِل مَنَاقِب الْأَنْصَار وَفِي أَوَائِل الْهِجْرَة.
قَوْله : ( قَدْ حَالَفَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) قَالَ الطَّبَرِيُّ مَا اِسْتَدَلَّ بِهِ أَنَس عَلَى إِثْبَات الْحَلِف لَا يُنَافِي حَدِيث جُبَيْر بْن مُطْعِم فِي نَفْيه , فَإِنَّ الْإِخَاء الْمَذْكُور كَانَ فِي أَوَّل الْهِجْرَة وَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِهِ , ثُمَّ نُسِخَ مِنْ ذَلِكَ الْمِيرَاث وَبَقِيَ مَا لَمْ يُبْطِلهُ الْقُرْآن وَهُوَ التَّعَاوُن عَلَى الْحَقّ وَالنَّصْر وَالْأَخْذ عَلَى يَد الظَّالِم كَمَا قَالَ اِبْن عَبَّاس : إِلَّا النَّصْر وَالنَّصِيحَة وَالرِّفَادَة وَيُوصَى لَهُ , وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاث.
قُلْت : وَعُرِفَ بِذَلِكَ وَجْه إِيرَاد حَدِيثَيْ أَنَس مَعَ حَدِيث اِبْن عَبَّاس وَاللَّه أَعْلَم.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : قَالَ اِبْن عُيَيْنَةَ حَالَفَ بَيْنهمْ أَيْ آخَى بَيْنهمْ , يُرِيد أَنَّ مَعْنَى الْحَلِف فِي الْجَاهِلِيَّة مَعْنَى الْأُخُوَّة فِي الْإِسْلَام , لَكِنَّهُ فِي الْإِسْلَام جَارٍ عَلَى أَحْكَام الدِّين وَحُدُوده , وَحِلْف الْجَاهِلِيَّة جَرَى عَلَى مَا كَانُوا يَتَوَاضَعُونَهُ بَيْنهمْ بِآرَائِهِمْ , فَبَطَل مِنْهُ مَا خَالَفَ حُكْم الْإِسْلَام وَبَقِيَ مَا عَدَا ذَلِكَ عَلَى حَاله.
وَاخْتَلَفَ الصَّحَابَة فِي الْحَدّ الْفَاصِل بَيْن الْحِلْف الْوَاقِع فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام , فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : مَا كَانَ قَبْل نُزُول الْآيَة الْمَذْكُورَة جَاهِلِيّ وَمَا بَعْدهَا إِسْلَامِيّ.
وَعَنْ عَلِيّ مَا كَانَ قَبْل نُزُول ( لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ ) جَاهِلِيّ.
وَعَنْ عُثْمَان : كُلّ حِلْف كَانَ قَبْل الْهِجْرَة جَاهِلِيّ , وَمَا بَعْدهَا إِسْلَامِيّ.
وَعَنْ عُمَر : كُلّ حِلْف كَانَ قَبْل الْحُدَيْبِيَة فَهُوَ مَشْدُود وَكُلّ حِلْف بَعْدهَا مَنْقُوض , أَخْرَجَ كُلّ ذَلِكَ عُمَر بْن شَبَّة عَنْ أَبِي غَسَّان مُحَمَّد بْن يَحْيَى بِأَسَانِيدِهِ إِلَيْهِمْ , وَأَظُنّ قَوْل عُمَر أَقْوَاهَا , وَيُمْكِن الْجَمْع بِأَنَّ الْمَذْكُورَات فِي رِوَايَة غَيْره مِمَّا يَدُلّ عَلَى تَأَكُّد حِلْف الْجَاهِلِيَّة , وَالَّذِي فِي حَدِيث عُمَر مَا يَدُلّ عَلَى نَسْخ ذَلِكَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَبَلَغَكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ فَقَالَ قَدْ حَالَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِي
عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بجنازة ليصلي عليها، فقال: «هل عليه من دين؟»، قالوا: لا، فصلى عليه، ثم أتي بجنازة أخرى،...
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهم، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لو قد جاء مال البحرين قد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا»، فلم يجئ مال البحرين حتى قبض...
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل المتوفى، عليه الدين، فيسأل: «هل ترك لدينه فضلا؟»، فإن حدث أنه ترك لدينه وف...
عن عروة بن الزبير، أن عائشة رضي الله عنها، قالت: لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم...
عن علي رضي الله عنه، قال: «أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتصدق بجلال البدن التي نحرت، وبجلودها»
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه غنما يقسمها على صحابته، فبقي عتود، فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ضح به أنت»
عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، قال: «كاتبت أمية بن خلف كتابا، بأن يحفظني في صاغيتي بمكة، وأحفظه في صاغيته بالمدينة، فلما ذكرت الرحمن» قال: لا أعرف...
عن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا على خيبر، فجاءهم بتمر جنيب، فقال: «أكل تمر خيبر هكذا»، فقال...
عن نافع، أنه سمع ابن كعب بن مالك، يحدث عن أبيه، أنه كانت لهم غنم ترعى بسلع، فأبصرت جارية لنا بشاة من غنمنا موتا، فكسرت حجرا فذبحتها به، فقال لهم: لا ت...