حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

لا يحلبن أحد ماشية امرئ بغير إذنه - صحيح البخاري

صحيح البخاري | كتاب في اللقطة باب لا تحتلب ماشية أحد بغير إذنه (حديث رقم: 2435 )


2435- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحلبن أحد ماشية امرئ بغير إذنه، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته، فتكسر خزانته، فينتقل طعامه، فإنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعماتهم، فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه»

أخرجه البخاري


أخرجه مسلم في اللقطة باب تحريم حلب الماشية بغير إذن مالكها رقم 1726 (ماشية) هي الإبل والبقر والغنم وأكثر ما تطلق على الغنم.
(مشربته) الموضع المصون لما يخزن أو الغرفة المرتفعة عن الأرض.
(خزانته) الموضع أو الوعاء الذي يخزن فيه ما يراد حفظه.
(ضروع) جمع ضرع وهو في ذات الخف أو الظلف كالثدي للمرأة.
(أطعماتهم) جمع أطعمة وهي جمع طعام

شرح حديث (لا يحلبن أحد ماشية امرئ بغير إذنه )

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

‏ ‏قَوْله : ( عَنْ نَافِعِ ) ‏ ‏فِي " مُوَطَّأ مُحَمَّد بْن الْحَسَن " عَنْ مَالِكٍ أَخْبَرَنَا نَافِع , وَفِي رِوَايَةِ أَبِي قُطْنٍ فِي " الْمُوَطَّآتِ لِلدَّارَقُطْنِيّ " قُلْت لِمَالِكٍ أَحَدَّثَكَ نَافِعٌ.
‏ ‏قَوْله : ( إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ‏ ‏فِي رِوَايَةِ يَزِيد بْن الْهَادِ عَنْ مَالِكٍ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضًا أَنَّهُ " سَمِعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ".
‏ ‏قَوْله : ( لَا يَحْلُبَنَّ ) ‏ ‏كَذَا فِي الْبُخَارِيِّ وَأَكْثَر الْمُوَطَّآت بِضَمِّ اللَّامِ , وَفِي رِوَايَةِ اِبْن الْهَادِ الْمَذْكُورَة " لَا يَحْتَلِبَنَّ بِكَسْرِهَا وَزِيَادَة الْمُثَنَّاة قَبْلَهَا.
‏ ‏قَوْله : ( مَاشِيَة اِمْرِئٍ ) ‏ ‏فِي رِوَايَةِ اِبْن الْهَادِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ رُوَاة الْمُوَطَّأ " مَاشِيَة رَجُل " وَهُوَ كَالْمِثَالِ وَإِلَّا فَلَا اِخْتِصَاصَ لِذَلِكَ بِالرِّجَالِ وَذَكَرَهُ بَعْض شُرَّاح الْمُوَطَّأ بِلَفْظِ " مَاشِيَة أَخِيهِ " وَقَالَ : هُوَ لِلْغَالِبِ إِذْ لَا فَرْقَ فِي هَذَا الْحُكْمِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا وُجُودَ لِذَلِكَ فِي الْمُوَطَّأِ وَبِإِثْبَاتِ الْفَرْقِ عِنْد كَثِير مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيث وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَد مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْن عُمَر عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظ " نَهَى أَنْ تُحْلَبَ مَوَاشِي النَّاس إِلَّا بِإِذْنِهِمْ " وَالْمَاشِيَة تَقَعُ عَلَى الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ , وَلَكِنَّهُ فِي الْغَنَمِ يَقَعُ أَكْثَر قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ.
‏ ‏قَوْله : ( مَشْرُبَتُهُ ) ‏ ‏بِضَمِّ الرَّاءِ وَقَدْ تُفْتَحُ أَيْ غُرْفَتُهُ , وَالْمَشْرَبَة مَكَان الشُّرْبِ بِفَتْحِ الرَّاءِ خَاصَّة وَالْمَشْرِبَة بِالْكَسْرِ إِنَاء الشُّرْبِ.
‏ ‏قَوْله : ( خِزَانَته ) ‏ ‏الْخِزَانَة الْمَكَان أَوْ الْوِعَاء الَّذِي يُخَزَّنُ فِيهِ مَا يُرَادُ حِفْظُهُ , وَفِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ عِنْدَ أَحْمَدَ " فَيُكْسَرَ بَابُهَا ".
‏ ‏قَوْله : ( فَيُنْتَقَلَ ) ‏ ‏بِالنُّونِ وَالْقَافِ وَضَمّ أَوَّله يُفْتَعَلُ مِنْ النَّقْلِ أَيْ تَحَوَّلَ مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ , كَذَا فِي أَكْثَرِ الْمُوَطَّآت عَنْ مَالِك وَرَوَاهُ بَعْضهمْ كَمَا حَكَاهُ اِبْن عَبْد الْبَرّ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق رَوْح بْن عُبَادَة وَغَيْره بِلَفْظ " فَيُنْتَثَلَ " بِمُثَلَّثَةٍ بَدَلَ الْقَاف , وَالنَّثْل النَّثْر مَرَّة وَاحِدَة بِسُرْعَة , وَقِيلَ الِاسْتِخْرَاجُ وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ النَّقْلِ , وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوب وَمُوسَى بْن عُقْبَة وَغَيْرهمَا عَنْ نَافِع وَرَوَاهُ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ نَافِعٍ بِالْقَاف , وَهُوَ عِنْدَ اِبْن مَاجَهْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِالْمُثَلَّثَةِ.
‏ ‏قَوْله : ( تَخْزُنُ ) ‏ ‏بِالْخَاء الْمُعْجَمَةِ السَّاكِنَةِ وَالزَّايِ الْمَضْمُومَةِ بَعْدَهَا نُون.
وَفِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ " تُحْرِزُ " بِضَمِّ أَوَّله وَإِهْمَالِ الْحَاء وَكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا زَاي.
‏ ‏قَوْله : ( ضُرُوع ) ‏ ‏الضَّرْع لِلْبَهَائِمِ كَالثَّدْي لِلْمَرْأَةِ.
‏ ‏قَوْله : ( أُطْعُمَاتهمْ ) ‏ ‏هُوَ جَمْعُ أَطْعِمَة وَالْأَطْعِمَة جَمْع طَعَام وَالْمُرَاد بِهِ هُنَا اللَّبَن , قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : فِي الْحَدِيثِ النَّهْي عَنْ أَنْ يَأْخُذَ الْمُسْلِمُ لِلْمُسْلِمِ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِهِ وَإِنَّمَا خَصَّ اللَّبَن بِالذِّكْرِ لِتَسَاهُلِ النَّاسِ فِيهِ فَنَبَّهَ بِهِ عَلَى مَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ , وَبِهَذَا أَخَذَ الْجُمْهُور , لَكِنْ سَوَاء كَانَ بِإِذْنٍ خَاصٍّ أَوْ إِذْنٍ عَامٍّ , وَاسْتَثْنَى كَثِير مِنْ السَّلَفِ مَا إِذَا عَلِمَ بِطِيب نَفْس صَاحِبِهِ , وَإِنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ إِذْن خَاصّ وَلَا عَامّ , وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ إِلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ سَوَاء عَلِمَ بِطِيب نَفْسه أَوْ لَمْ يَعْلَمْ , وَالْحُجَّة لَهُمْ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَحَّحَهُ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَة مَرْفُوعًا " إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ عَلَى مَاشِيَةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبهَا فِيهَا فَلْيُصَوِّتْ ثَلَاثًا فَإِنْ أَجَابَ فَلْيَسْتَأْذِنْهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَإِلَّا فَلْيَحْلِبْ وَلْيَشْرَبْ وَلَا يَحْمِلْ " إِسْنَاده صَحِيح إِلَى الْحَسَنِ , فَمَنْ صَحَّحَ سَمَاعه مِنْ سَمُرَة صَحَّحَهُ وَمَنْ لَا أَعَلَّهُ بِالِانْقِطَاعِ , لَكِنَّ لَهُ شَوَاهِدَ مِنْ أَقْوَاهَا حَدِيث أَبِي سَعِيد مَرْفُوعًا " إِذَا أَتَيْت عَلَى رَاعٍ فَنَادِهِ ثَلَاثًا , فَإِنْ أَجَابَك وَإِلَّا فَاشْرَبْ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُفْسِدَ وَإِذَا أَتَيْتَ عَلَى حَائِط بُسْتَان " فَذَكَرَ مِثْله أَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ وَالطَّحَاوِيّ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان وَالْحَاكِم , وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ حَدِيث النَّهْي أَصَحُّ , فَهُوَ أَوْلَى بِأَنْ يُعْمَلَ بِهِ وَبِأَنَّهُ مُعَارِضٌ لِلْقَوَاعِدِ الْقَطْعِيَّةِ فِي تَحْرِيمِ مَالِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ , وَمِنْهُمْ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِوُجُوه مِنْ الْجَمْعِ : مِنْهَا حَمْل الْإِذْن عَلَى مَا إِذَا عَلِمَ طِيب نَفْس صَاحِبِهِ وَالنَّهْي عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَعْلَمْ.
وَمِنْهَا تَخْصِيص الْإِذْن بِابْنِ السَّبِيلِ دُونَ غَيْرِهِ أَوْ بِالْمُضْطَرِّ أَوْ بِحَال الْمَجَاعَة مُطْلَقًا وَهِيَ مُتَقَارِبَة , وَحَكَى اِبْن بَطَّال عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّ حَدِيثَ الْإِذْنِ كَانَ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدِيث النَّهْي أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا سَيَكُونُ بَعْدَهُ مِنْ التَّشَاحِّ وَتَرْكِ الْمُوَاسَاة.
وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ حَدِيث النَّهْي عَلَى مَا إِذَا كَانَ الْمَالِكُ أَحْوَجَ مِنْ الْمَارِّ لِحَدِيث أَبِي هُرَيْرَة " بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ إِذْ رَأَيْنَا إِبِلًا مَصْرُورَةً فَثُبْنَا إِلَيْهَا فَقَالَ لَنَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ هَذِهِ الْإِبِلَ لِأَهْلِ بَيْتٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ هُوَ قُوتُهُمْ , أَيَسُرُّكُمْ لَوْ رَجَعْتُمْ إِلَى مَزَاوِدِكُمْ فَوَجَدْتُمْ مَا فِيهَا قَدْ ذَهَبَ ؟ قُلْنَا : لَا , قَالَ : فَإِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ " أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَابْنُ مَاجَهْ وَاللَّفْظُ لَهُ.
وَفِي حَدِيثِ أَحْمَدَ " فَابْتَدَرَهَا الْقَوْم لِيَحْلِبُوهَا " قَالُوا فَيُحْمَلُ حَدِيث الْإِذْنِ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ الْمَالِك مُحْتَاجًا , وَحَدِيث النَّهْي عَلَى مَا إِذَا كَانَ مُسْتَغْنِيًا.
وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ الْإِذْنَ عَلَى مَا إِذَا كَانَتْ غَيْرَ مَصْرُورَة وَالنَّهْي عَلَى مَا إِذَا كَانَتْ مَصْرُورَة لِهَذَا الْحَدِيثِ , لَكِنْ وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي آخِرِهِ " فَإِنْ كُنْتُمْ لَا بُدَّ فَاعِلِينَ فَاشْرَبُوا وَلَا تَحْمِلُوا " فَدَلَّ عَلَى عُمُومِ الْإِذْنِ فِي الْمَصْرُورِ وَغَيْره , لَكِنْ بِقَيْدِ عَدَم الْحَمْلِ وَلَا بُدّ مِنْهُ.
وَاخْتَارَ اِبْن الْعَرَبِيِّ الْحَمْل عَلَى الْعَادَةِ قَالَ : وَكَانَتْ عَادَة أَهْل الْحِجَازِ وَالشَّامِ وَغَيْرهمْ الْمُسَامَحَة فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ بَلَدِنَا , قَالَ : وَرَأَى بَعْضهمْ أَنَّ مَهْمَا كَانَ عَلَى طَرِيق لَا يُعْدَلُ إِلَيْهِ وَلَا يُقْصَدُ جَاز لِلْمَارِّ الْأَخْذ مِنْهُ , وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى قَصْرِ ذَلِكَ عَلَى الْمُحْتَاجِ.
وَأَشَارَ أَبُو دَاوُد فِي " السُّنَنِ " إِلَى قَصْرِ ذَلِكَ عَلَى الْمُسَافِرِ فِي الْغَزْوِ , وَآخَرُونَ إِلَى قَصْر الْإذْن عَلَى مَا كَانَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ وَالنَّهْي عَلَى مَا كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ , وَاسْتُؤْنِسَ بِمَا شَرَطَهُ الصَّحَابَةُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ ضِيَافَةِ الْمُسْلِمِينَ وَصَحَّ ذَلِكَ عَنْ عُمَر.
وَذَكَرَ اِبْن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُسَافِرِ يَنْزِلُ بِالذِّمِّيّ قَالَ : لَا يَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِهِ , قِيلَ لَهُ : فَالضِّيَافَةُ الَّتِي جُعِلَتْ عَلَيْهِمْ ؟ قَالَ : كَانُوا يَوْمئِذٍ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ بِسَبَبِهَا ; وَأَمَّا الْآنَ فَلَا.
وَجَنَحَ بَعْضهمْ إِلَى نَسْخ الْإذْن وَحَمَلُوهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ إِيجَابِ الزَّكَاةِ , قَالُوا : وَكَانَتْ الضِّيَافَة حِينَئِذٍ وَاجِبَة ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِفَرْضِ الزَّكَاةِ.
قَالَ الطَّحَاوِيّ : وَكَانَ ذَلِكَ حِين كَانَتْ الضِّيَافَة وَاجِبَة ثُمَّ نُسِخَتْ فَنُسِخَ ذَلِكَ الْحُكْم وَأَوْرَدَ الْأَحَادِيثَ فِي ذَلِكَ.
وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى حُكْمِ الضِّيَافَةِ فِي الْمَظَالِمِ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي " شَرْحِ الْمُهَذَّبِ " : اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ مَرَّ بِبُسْتَانٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ مَاشِيَة , قَالَ الْجُمْهُور : لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا فِي حَال الضَّرُورَة فَيَأْخُذ وَيَغْرَم عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُور وَقَالَ بَعْض السَّلَفِ : لَا يَلْزَمُهُ شَيْء وَقَالَ أَحْمَد : إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْبُسْتَانِ حَائِط جَازَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْ الْفَاكِهَةِ الرَّطْبَةِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ , وَفِي الْأُخْرَى إِذَا اِحْتَاجَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْحَالَيْنِ , وَعَلَّقَ الشَّافِعِيّ الْقَوْلَ بِذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ قَالَ الْبَيْهَقِيّ : يَعْنِي حَدِيث اِبْن عُمَر مَرْفُوعًا " إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ بِحَائِطٍ فَلْيَأْكُلْ وَلَا يَتَّخِذْ خَبِيئَة " أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَاسْتَغْرَبَهُ , قَالَ الْبَيْهَقِيّ : لَمْ يَصِحَّ وَجَاءَ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ غَيْر قَوِيَّة.
قُلْت : وَالْحَقُّ أَنَّ مَجْمُوعَهَا لَا يَقْصُرُ عَنْ دَرَجَةِ الصَّحِيحِ , وَقَدْ اِحْتَجُّوا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ بِمَا هُوَ دُونَهَا , وَقَدْ بَيَّنْت ذَلِكَ فِي كِتَابِي " الْمِنْحَة فِيمَا عَلَّقَ الشَّافِعِيّ الْقَوْلَ بِهِ عَلَى الصِّحَّةِ ".
‏ ‏وَفِي الْحَدِيثِ ضَرْب الْأَمْثَالِ لِلتَّقْرِيبِ لِلْإِفْهَامِ وَتَمْثِيل مَا قَدْ يَخْفَى بِمَا هُوَ أَوْضَحُ مِنْهُ , وَاسْتِعْمَال الْقِيَاسِ فِي النَّظَائِرِ.
‏ ‏وَفِيهِ ذِكْرُ الْحُكْمِ بِعِلَّتِهِ وَإِعَادَتُهُ بَعْدَ ذِكْرِ الْعِلَّةِ تَأْكِيدًا وَتَقْرِيرًا , وَأَنَّ الْقِيَاسَ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ مُسَاوَاة الْفَرْع لِلْأَصْلِ بِكُلِّ اِعْتِبَار , بَلْ رُبَّمَا كَانَتْ لِلْأَصْلِ مَزِيَّة لَا يَضُرُّ سُقُوطهَا فِي الْفَرْعِ إِذَا تَشَارَكَا فِي أَصْل الصِّفَة , لِأَنَّ الضَّرْعَ لَا يُسَاوِي الْخِزَانَةَ فِي الْحِرْزِ كَمَا أَنَّ الصَّرَّ لَا يُسَاوِي الْقُفْل فِيهِ , وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ أَلْحَقَ الشَّارِع الضَّرْع الْمَصْرُور فِي الْحُكْمِ بِالْخِزَانَةِ الْمُقْفَلَةِ فِي تَحْرِيمِ تَنَاوُلِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِغَيْرِ إذْن صَاحِبه , أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ اِبْن الْمُنِير.
‏ ‏وَفِيهِ إِبَاحَة خَزْن الطَّعَامِ وَاحْتِكَاره إِلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ خِلَافًا لِغُلَاة الْمُتَزَهِّدَة الْمَانِعِينَ مِنْ الِادِّخَارِ مُطْلَقًا قَالَهُ الْقُرْطُبِيّ.
‏ ‏وَفِيهِ أَنَّ اللَّبَنَ يُسَمَّى طَعَامًا فَيَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَنَاوَلُ طَعَامًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ نِيَّة فِي إِخْرَاج اللَّبَن قَالَهُ النَّوَوِيّ.
‏ ‏قَالَ : وَفِيهِ أَنَّ بَيْع لَبَنِ الشَّاةِ بِشَاةٍ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ بَاطِلٌ , وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور وَأَجَازَهُ الْأَوْزَاعِيّ.
‏ ‏وَفِيهِ أَنَّ الشَّاةَ إِذَا كَانَ لَهَا لَبَن مَقْدُور عَلَى حَلْبِهِ قَابَلَهُ قِسْط مِنْ الثَّمَنِ قَالَهُ الْخَطَّابِيّ ; وَهُوَ يُؤَيِّدُ خَبَر الْمُصَرَّاة وَيُثْبِتُ حُكْمَهَا فِي تَقْوِيم اللَّبَن.
‏ ‏وَفِيهِ أَنَّ مَنْ حَلَبَ مِنْ ضَرْع نَاقَة أَوْ غَيْرهَا فِي مَصْرُورَة مُحَرَّزَةٍ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا تَأْوِيل مَا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْع أَنَّ عَلَيْهِ الْقَطْعَ إِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ صَاحِبهَا تَعْيِينًا أَوْ إِجْمَالًا , لِأَنَّ الْحَدِيثَ قَدْ أَفْصَحَ بِأَنَّ ضُرُوع الْأَنْعَام خَزَائِن الطَّعَامِ , وَحَكَى الْقُرْطُبِيّ عَنْ بَعْضِهِمْ وُجُوب الْقَطْع وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْغَنَم فِي حِرْز اِكْتِفَاءً بِحِرْز الضَّرْع لِلَّبَن , وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيه ظَاهِر الْحَدِيثِ.


حديث لا يحلبن أحد ماشية امرئ بغير إذنه أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فتكسر خزانته فينتقل

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏مَالِكٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏نَافِعٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ‏ ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏لَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ امْرِئٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ فَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَاتِهِمْ فَلَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح البخاري

رجلا سأل رسول الله ﷺ عن اللقطة قال عرفها سنة

عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه: أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة، قال: «عرفها سنة، ثم اعرف وكاءها وعفاصها، ثم استنفق بها، فإن جا...

وجدت صرة على عهد النبي ﷺ فيها مائة دينار

سويد بن غفلة، قال: كنت مع سلمان بن ربيعة وزيد بن صوحان في غزاة، فوجدت سوطا، فقالا لي: ألقه، قلت: لا، ولكن إن وجدت صاحبه، وإلا استمتعت به، فلما رجعنا ح...

سأل النبي ﷺ عن اللقطة قال عرفها سنة فإن جاء أحد ي...

عن زيد بن خالد رضي الله عنه: أن أعرابيا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن اللقطة، قال: «عرفها سنة، فإن جاء أحد يخبرك بعفاصها، ووكائها، وإلا فاستنفق بها»...

اعتقل شاة من غنمه ثم أمرته أن ينفض ضرعها من الغبار

عن أبي بكر رضي الله عنهما، قال: انطلقت فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه، فقلت: لمن أنت؟، قال: لرجل من قريش فسماه، فعرفته، فقلت: هل في غنمك من لبن؟ فقال: ن...

إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة و...

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار، فيتقاصون مظالم كانت ب...

إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره

عن صفوان بن محرز المازني، قال: بينما أنا أمشي، مع ابن عمر رضي الله عنهما آخذ بيده، إذ عرض رجل، فقال: كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الن...

أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه...

عن ابن شهاب أن سالما أخبره أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن ك...

قال رسول الله ﷺ انصر أخاك ظالما أو مظلوما

عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، وحميد الطويل، سمع أنس بن مالك رضي الله عنه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما»

انصر أخاك ظالما أو مظلوما

عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» ، قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالما؟ قال...