2769- عن أنس بن مالك رضي الله عنه، يقول: كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالا من نخل، أحب ماله إليه بيرحاء، مستقبلة المسجد وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس: فلما نزلت: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} ، قام أبو طلحة فقال: يا رسول الله، إن الله يقول: {§لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} [آل عمران: 92] وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها حيث أراك الله، فقال: «بخ، ذلك مال رابح أو رايح - شك ابن مسلمة - وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين»، قال أبو طلحة: أفعل ذلك يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه، وفي بني عمه، وقال إسماعيل، وعبد الله بن يوسف، ويحيى بن يحيى: عن مالك: «رايح»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( أَكْثَر الْأَنْصَار ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ " أَكْثَر أَنْصَارِيّ " أَيْ أَكْثَر كُلّ وَاحِد مِنْ الْأَنْصَار , وَالْإِضَافَة إِلَى الْمُفْرَد النَّكِرَة عِنْد إِرَادَة التَّفْضِيل سَائِغ.
قَوْله ( مَالًا مِنْ نَخْل ) تَقَدَّمَ فِي رِوَايَة عَبْد الْعَزِيز الْمَاجِشُون عَنْ إِسْحَاق تَسْمِيَة حَدَائِق أَبِي طَلْحَة قَرِيبًا.
قَوْله : ( وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلهَا ) زَادَ فِي رِوَايَة عَبْد الْعَزِيز " وَيَسْتَظِلّ فِيهَا ".
قَوْله : ( بَيْرُحَاء ) تَقَدَّمَ شَيْء مِنْ ضَبْطهَا فِي الزَّكَاة , وَمِنْهُ عِنْد مُسْلِم " بَرِيحَاء " بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَة وَكَسْر الرَّاء وَتَقْدِيمهَا عَلَى التَّحْتَانِيَّة السَّاكِنَة ثُمَّ حَاء مُهْمَلَة , وَرَجَّحَ هَذَا صَاحِب الْفَائِق وَقَالَ : هِيَ وَزْن فَعِيلَاء مِنْ الْبَرَاح وَهِيَ الْأَرْض الظَّاهِرَة الْمُنْكَشِفَة , وَعِنْد أَبِي دَاوُدَ بَارِيحَاء وَهُوَ بِإِشْبَاعِ الْمُوَحَّدَة وَالْبَاقِي مِثْله , وَوَهَمَ مَنْ ضَبَطَهُ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَة وَفَتْح الْهَمْزَة , فَإِنَّ أَرْيِحَاء مِنْ الْأَرْض الْمُقَدَّسَة , وَيَحْتَمِل إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا أَنْ تَكُون سُمِّيَتْ بِاسْمِهَا قَالَ عِيَاض : رِوَايَة الْمَغَارِبَة إِعْرَاب الرَّاء وَالْقَصْر فِي حَاء , وَخَطَأ هَذَا الصُّورِيّ , وَقَالَ الْبَاجِيّ : أَدْرَكْت أَهْل الْعِلْم وَمِنْهُمْ أَبُو ذَرّ يَفْتَحُونَ الرَّاء فِي كُلّ حَال , زَادَ الصُّورِيّ وَكَذَلِكَ الْبَاء أَيْ أَوَّله , وَقَدْ قَدَّمْت فِي الزَّكَاة أَنَّهُ اِنْتَهَى الْخِلَاف فِي النُّطْق بِهَا إِلَى عَشَرَة أَوْجُه , وَنَقَلَ أَبُو عَلِيّ الصَّدَفِيّ عَنْ أَبِي ذَرّ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ جَزَمَ أَنَّهَا مُرَكَّبَة مِنْ كَلِمَتَيْنِ بِيرَ كَلِمَة وَحَاء كَلِمَة ثُمَّ صَارَتْ كَلِمَة وَاحِدَة , وَاخْتُلِفَ فِي حَاء هَلْ هِيَ اِسْم رَجُل أَوْ اِمْرَأَة أَوْ مَكَان أُضِيفَتْ إِلَيْهِ الْبِئْر أَوْ هِيَ كَلِمَة زَجْر لِإِبِلٍ وَكَأَنَّ الْإِبِل كَانَتْ تَرْعَى هُنَاكَ وَتُزْجَر بِهَذِهِ اللَّفْظَة فَأُضِيفَتْ الْبِئْر إِلَى اللَّفْظَة الْمَذْكُورَة.
قَوْله ( بَخْ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَة وَسُكُون الْمُعْجَمَة , وَقَدْ تُنَوَّن مَعَ التَّثْقِيل وَالتَّخْفِيف بِالْكَسْرِ وَالرَّفْع وَالسُّكُون وَيَجُوز التَّنْوِين لُغَات , وَلَوْ كُرِّرَتْ فَالِاخْتِيَار أَنْ تُنَوَّنَ الْأُولَى وَتُسَكَّن الثَّانِيَة , وَقَدْ يُسَكَّنَانِ جَمِيعًا كَمَا قَالَ الشَّاعِر : بَخْ بَخْ لِوَالِدِهِ وَلِلْمَوْلُودِ وَمَعْنَاهَا تَفْخِيم الْأَمْر وَالْإِعْجَاب بِهِ.
قَوْله : ( رَابِح أَوْ رَايِح شَكَّ اِبْن مَسْلَمَة ) أَيْ الْقَعْنَبِيّ أَيْ هَلْ هُوَ بِالتَّحْتَانِيَّةِ أَوْ بِالْمُوَحَّدَةِ.
قَوْله : ( أَفْعَل ) بِضَمِّ اللَّام عَلَى أَنَّهُ قَوْل أَبِي طَلْحَة.
قَوْله : ( فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَة ) فِيهِ تَعْيِين أَحَد الِاحْتِمَالَيْنِ فِي رِوَايَة غَيْره حَيْثُ وَقَعَ فِيهَا " أَفْعَل فَقَسَمَهَا " فَإِنَّهُ اِحْتَمَلَ الْأَوَّل وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُون أَفْعَل صِيغَة أَمْر وَفَاعِل قَسَمَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَانْتَفَى هَذَا الِاحْتِمَال الثَّانِي بِهَذِهِ الرِّوَايَة.
وَذَكَرَ اِبْن عَبْد الْبَرّ أَنَّ إِسْمَاعِيل الْقَاضِي رَوَاهُ عَنْ الْقَعْنَبِيّ عَنْ مَالِك فَقَالَ فِي رِوَايَته " فَقَسَمَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَقَارِبه وَبَنِي عَمّه " , قَالَ وَقَوْله : " فِي أَقَارِبه " أَيْ أَقَارِب أَبِي طَلْحَة , قُلْت : وَوَقَعَ فِي رِوَايَة ثَابِت عَنْ أَنَس كَمَا تَقَدَّمَ , وَكَذَا فِي رِوَايَة هَمَّام عَنْ إِسْحَاق بْن أَبِي طَلْحَة : " فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ضَعْهَا فِي قَرَابَتك , فَجَعَلَهَا حَدَائِق بَيْن حَسَّان بْن ثَابِت وَأُبَيّ بْن كَعْب " لَفْظ إِسْحَاق أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنَده عَنْهُ , وَحَدِيث ثَابِت نَحْوه , قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : إِضَافَة الْقَسْم إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ سَائِغًا شَائِعًا فِي لِسَان الْعَرَب عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ الْآمِر بِهِ لَكِنْ أَكْثَر الرُّوَاة لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ , وَالصَّوَاب رِوَايَة مَنْ قَالَ " فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَة ".
قَوْله : ( فِي أَقَارِبه وَبَنِي عَمّه ) فِي رِوَايَة ثَابِت الْمُتَقَدِّمَة " فَجَعَلَهَا لِحَسَّان وَأُبَيّ " وَكَذَا فِي رِوَايَة هَمَّام عَنْ إِسْحَاق كَمَا تَرَى , وَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَنْصَارِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ثُمَامَة , وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ قَالَ : أَقَلّ مَنْ يُعْطَى مِنْ الْأَقَارِب إِذَا لَمْ يَكُونُوا مُنْحَصِرِينَ اِثْنَانِ , وَفِيهِ نَظَر لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَة الْمَاجِشُونِ عَنْ إِسْحَاق الْمُتَقَدِّمَة " فَجَعَلَهَا أَبُو طَلْحَة فِي ذِي رَحِمه وَكَانَ مِنْهُمْ حَسَّان وَأُبَيّ بْن كَعْب " فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَعْطَى غَيْرهمَا مَعَهُمَا , ثُمَّ رَأَيْت فِي مُرْسَل أَبِي بَكْر بْن حَزْم الْمُتَقَدِّم " فَرَدَّهُ عَلَى أَقَارِبه أُبَيّ بْن كَعْب وَحَسَّان بْن ثَابِت وَأَخِيهِ - أَوْ اِبْن أَخِيهِ - شَدَّاد بْن أَوْس وَنُبَيْط بْن جَابِر فَتَقَاوَمُوهُ , فَبَاعَ حَسَّان حِصَّته مِنْ مُعَاوِيَة بِمِائَةِ أَلْف دِرْهَم ".
قَوْله : ( وَقَالَ إِسْمَاعِيل ) أَيْ اِبْن أَبِي أُوَيْس ( وَعَبْد اللَّه بْن يُوسُف وَيَحْيَى بْن يَحْيَى عَنْ مَالِك ) أَيْ بِهَذَا الْإِسْنَاد ( رَايِح ) أَيْ بِالتَّحْتَانِيَّةِ , وَقَدْ وَصَلَ حَدِيث إِسْمَاعِيل فِي التَّفْسِير وَحَدِيث عَبْد اللَّه بْن يُوسُف فِي الزَّكَاة وَحَدِيث يَحْيَى بْن يَحْيَى فِي الْوَكَالَة , وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيه الرِّوَايَتَيْنِ فِي كِتَاب الزَّكَاة.
وَفِي قِصَّة أَبِي طَلْحَة مِنْ الْفَوَائِد غَيْر مَا تَقَدَّمَ أَنَّ مُنْقَطِع الْآخِر فِي الْوَقْف يُصْرَف لِأَقْرَب النَّاس إِلَى الْوَاقِف , وَأَنَّ الْوَقْف لَا يَحْتَاج فِي اِنْعِقَاده إِلَى قَبُول الْمَوْقُوف عَلَيْهِ.
وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْض الْمَالِكِيَّة عَلَى صِحَّة الصَّدَقَة الْمُطْلَقَة ثُمَّ يُعَيِّنهَا الْمُتَصَدِّق لِمَنْ يُرِيد , وَاسْتَدَلَّ بِهِ لِلْجُمْهُورِ فِي أَنَّ مَنْ أَوْصَى أَنْ يُفَرَّق ثُلُث مَاله حَيْثُ أَرَى اللَّه الْوَصِيّ صَحَّتْ وَصِيَّته وَيُفَرِّقهُ الْوَصِيّ فِي سَبِيل الْخَيْر وَلَا يَأْكُل مِنْهُ شَيْئًا وَلَا يُعْطِي مِنْهُ وَارِثًا لِلْمَيِّتِ , وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ أَبُو ثَوْر وِفَاقًا لِلْحَنَفِيَّةِ فِي الْأَوَّل دُون الثَّانِي.
وَفِيهِ جَوَاز التَّصَدُّق مِنْ الْحَيّ فِي غَيْر مَرَض الْمَوْت بِأَكْثَر مِنْ ثُلُث مَاله لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَفْصِل أَبَا طَلْحَة عَنْ قَدْر مَا تَصَدَّقَ بِهِ وَقَالَ لِسَعْدِ بْن أَبِي وَقَّاص " الثُّلُث كَثِير " وَفِيهِ تَقْدِيم الْأَقْرَب مِنْ الْأَقَارِب عَلَى غَيْرهمْ , وَفِيهِ جَوَاز إِضَافَة حُبّ الْمَال إِلَى الرَّجُل الْفَاضِل الْعَالِم وَلَا نَقْص عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ الْإِنْسَان ( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْر لَشَدِيدِ ) وَالْخَيْر هُنَا الْمَال اِتِّفَاقًا , وَفِيهِ اِتِّخَاذ الْحَوَائِط وَالْبَسَاتِين وَدُخُول أَهْل الْفَضْل وَالْعِلْم فِيهَا وَالِاسْتِظْلَال بِظِلِّهَا وَالْأَكْل مِنْ ثَمَرهَا وَالرَّاحَة وَالتَّنَزُّه فِيهَا , وَقَدْ يَكُون ذَلِكَ مُسْتَحَبًّا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الْأَجْر إِذَا قَصَدَ بِهِ إِجْمَام النَّفْس مِنْ تَعَب الْعِبَادَة وَتَنْشِيطهَا لِلطَّاعَةِ , وَفِيهِ كَسْب الْعَقَار , وَإِبَاحَة الشُّرْب مِنْ دَار الصَّدِيق وَلَوْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا إِذَا عَلِمَ طِيب نَفْسه , وَفِيهِ إِبَاحَة اِسْتِعْذَاب الْمَاء وَتَفْضِيل بَعْضه عَلَى بَعْض , وَفِيهِ التَّمَسُّك بِالْعُمُومِ لِأَنَّ أَبَا طَلْحَة فَهِمَ مِنْ قَوْله تَعَالَى : ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) تَنَاوَلَ ذَلِكَ بِجَمِيعِ أَفْرَاده , فَلَمْ يَقِف حَتَّى يَرِد عَلَيْهِ الْبَيَان عَنْ شَيْء بِعَيْنِهِ بَلْ بَدَرَ إِلَى إِنْفَاق مَا يُحِبّهُ , وَأَقَرَّهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ.
اِسْتَدَلَّ بِهِ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِك مِنْ أَنَّ الصَّدَقَة تَصِحّ بِالْقَوْلِ مِنْ قَبْل الْقَبْض , فَإِنْ كَانَتْ لِمُعَيَّنٍ اِسْتَحَقَّ الْمُطَالَبَة بِقَبْضِهَا , وَإِنْ كَانَتْ لِجِهَةٍ عَامَّة خَرَجَتْ عَنْ مِلْك الْقَائِل وَكَانَ لِلْإِمَامِ صَرْفه فِي سَبِيل الصَّدَقَة , وَكُلّ هَذَا مَا إِذَا لَمْ يَظْهَر مُرَاد الْمُتَصَدِّق فَإِنْ ظَهَرَ اُتُّبِعَ.
وَفِيهِ جَوَاز تَوَلِّي الْمُتَصَدِّق قَسْم صَدَقَته , وَفِيهِ جَوَاز أَخْذ الْغَنِيّ مِنْ صَدَقَة التَّطَوُّع إِذَا حَصَلَ لَهُ بِغَيْرِ مَسْأَلَة , وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّة الْحَبْس وَالْوَقْف خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ وَأَبْطَلَهُ , وَلَا حُجَّة فِيهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُون صَدَقَة أَبِي طَلْحَة تَمْلِيكًا وَهُوَ ظَاهِر سِيَاق الْمَاجِشُونِ عَنْ إِسْحَاق كَمَا تَقَدَّمَ , وَفِيهِ زِيَادَة الصَّدَقَة فِي التَّطَوُّع عَلَى قَدْر نِصَاب الزَّكَاة خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَهَا بِهِ , وَفِيهِ فَضِيلَة لِأَبِي طَلْحَة لِأَنَّ الْآيَة تَضَمَّنَتْ الْحَثّ عَلَى الْإِنْفَاق مِنْ الْمَحْبُوب فَتَرَقَّى هُوَ إِلَى إِنْفَاق أَحَبّ الْمَحْبُوب فَصَوَّبَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْيه وَشَكَرَ عَنْ رَبّه فِعْله , ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَخُصّ بِهَا أَهْله , وَكَنَّى عَنْ رِضَاهُ بِذَلِكَ بِقَوْلِهِ : " بَخْ ".
وَفِيهِ أَنَّ الْوَقْف يَتِمّ بِقَوْلِ الْوَاقِف جَعَلْت هَذَا وَقْفًا , وَتَقَدَّمَ الْبَحْث فِيهِ قَبْل أَبْوَاب , وَأَنَّ الصَّدَقَة عَلَى الْجِهَة الْعَامَّة لَا تَحْتَاج إِلَى قَبُول مُعَيَّن بَلْ لِلْإِمَامِ قَبُولهَا مِنْهُ وَوَضْعهَا فِيمَا يَرَاهُ كَمَا فِي قِصَّة أَبِي طَلْحَة.
وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَر فِي الْقَرَابَة مَنْ يَجْمَعهُ وَالْوَاقِف أَب مُعَيَّن لَا رَابِع وَلَا غَيْره , لِأَنَّ أُبَيًّا إِنَّمَا يَجْتَمِع مَعَ أَبِي طَلْحَة فِي الْأَب السَّادِس , وَأَنَّهُ لَا يَجِب تَقْدِيم الْقَرِيب عَلَى الْقَرِيب الْأَبْعَد , لِأَنَّ حَسَّانًا وَأَخَاهُ أَقْرَب إِلَى أَبِي طَلْحَة مِنْ أُبَيّ وَنُبَيْط , وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ أَشْرَكَ مَعَهُمَا أُبَيًّا وَنُبَيْط بْن جَابِر , وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَجِب الِاسْتِيعَاب لِأَنَّ بَنِي حَرَام الَّذِي اِجْتَمَعَ فِيهِ أَبُو طَلْحَة وَحَسَّان كَانُوا بِالْمَدِينَةِ كَثِيرًا فَضْلًا عَنْ عَمْرو بْن مَالِك الَّذِي يَجْمَع أَبَا طَلْحَة وَأُبَيًّا.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ أَحَبُّ مَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا نَزَلَتْ { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ } قَامَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ } وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ فَضَعْهَا حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ فَقَالَ بَخْ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ أَوْ رَايِحٌ شَكَّ ابْنُ مَسْلَمَةَ وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ قَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَفِي بَنِي عَمِّهِ وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ رَايِحٌ
عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أمه توفيت أينفعها إن تصدقت عنها؟ قال: «نعم»، قال: فإن لي مخرافا وأشهدك أني ق...
عن أنس رضي الله عنه ، قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم ببناء المسجد، فقال: «يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا»، قالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى...
عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: أصاب عمر بخيبر أرضا، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أصبت أرضا لم أصب مالا قط أنفس منه، فكيف تأمرني به؟ قال: «إن...
عن ابن عمر، أن عمر رضي الله عنه وجد مالا بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره قال: «إن شئت تصدقت بها»، فتصدق بها في الفقراء والمساكين وذي الق...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أمر ببناء المسجد، وقال: «يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا» قالوا: لا والله...
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن عمر حمل على فرس له في سبيل الله أعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحمل عليها رجلا، فأخبر عمر أنه قد وقفها يبيعها، فسأ...
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقتسم ورثتي دينارا ولا درهما ما تركت بعد نفقة نسائي، ومئونة عاملي فهو صدقة»
عن ابن عمر رضي الله عنهما: «أن عمر اشترط في وقفه، أن يأكل من وليه، ويؤكل صديقه غير متمول مالا»
عن أنس رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا بني النجار ثامنوني بحائطكم»، قالوا: لا نطلب ثمنه، إلا إلى الله