3004- عن حبيب بن أبي ثابت، قال: سمعت أبا العباس الشاعر، وكان - لا يتهم في حديثه - قال: سمعت عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، يقول: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فاستأذنه في الجهاد، فقال: «أحي والداك؟»، قال: نعم، قال: «ففيهما فجاهد»
أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب باب بر الوالدين وأنهما أحق به رقم 2549.
(رجل) هو جاهمة بن العباس بن مرداس.
(ففيهما فجاهد) ابذل جهدك في إرضائهما وبرهما فيكتب لك أجر الجهاد في سبيل الله تعالى
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( سَمِعْت أَبَا الْعَبَّاس الشَّاعِر وَكَانَ لَا يُتَّهَم فِي حَدِيثه ) تَقَدَّمَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ فِي " بَاب صَوْم دَاوُدَ " مِنْ كِتَاب الصِّيَام , وَقَدْ خَالَفَ الْأَعْمَش شُعْبَة فَرَوَاهُ اِبْن مَاجَهْ مِنْ طَرِيق أَبِي مُعَاوِيَة عَنْ الْأَعْمَش عَنْ حَبِيب اِبْن أَبِي ثَابِت عَنْ عَبْد اللَّه بْن بَابَاه عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , فَلَعَلَّ لِحَبِيبٍ فِيهِ إِسْنَادَيْنِ , وَيُؤَيِّدهُ أَنَّ بَكْر بْن بَكَّارٍ رَوَاهُ عَنْ شُعْبَة عَنْ حَبِيب عَنْ عَبْد اللَّه بْن بَابَاهُ كَذَلِكَ.
قَوْله : ( جَاءَ رَجُل ) يُحْتَمَل أَنْ يَكُون هُوَ جَاهِمَة بْن الْعَبَّاس بْن مِرْدَاس , فَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ وَأَحْمَد مِنْ طَرِيق مُعَاوِيَة بْن جَاهِمَة " أَنَّ جَاهِمَة جَاءَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه أَرَدْت الْغَزْو وَجِئْت لِأَسْتَشِيرَك , فَقَالَ هَلْ لَك مِنْ أُمّ ؟ قَالَ نَعَمْ.
قَالَ اِلْزَمْهَا " الْحَدِيث , وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيق اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ مُحَمَّد بْن طَلْحَة بْن رُكَانَة عَنْ مُعَاوِيَة بْن جَاهِمَة السُّلَمِيّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ " أَتَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْتَأْذِنهُ فِي الْجِهَاد " فَذَكَرَهُ.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي إِسْنَاده عَلَى مُحَمَّد بْن طَلْحَة اِخْتِلَافًا كَثِيرَا بَيَّنْته فِي تَرْجَمَة جَاهِمَة مِنْ كِتَابَيَّ فِي الصَّحَابَة.
قَوْله : ( فِيهِمَا فَجَاهِدْ ) أَيْ خَصِّصْهُمَا بِجِهَادِ النَّفْس فِي رِضَاهُمَا , وَيُسْتَفَاد مِنْهُ جَوَاز التَّعْبِير عَنْ الشَّيْء بِضِدِّهِ إِذَا فُهِمَ الْمَعْنَى , لِأَنَّ صِيغَة الْأَمْر فِي قَوْله " فَجَاهِدْ " ظَاهِرهَا إِيصَال الضَّرَر الَّذِي كَانَ يَحْصُل لِغَيْرِهِمَا لَهُمَا , وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا قَطْعًا , وَإِنَّمَا الْمُرَاد إِيصَال الْقَدْر الْمُشْتَرَك مِنْ كُلْفَة الْجِهَاد وَهُوَ تَعَب الْبَدَن وَالْمَال , وَيُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّ كُلّ شَيْء يُتْعِب النَّفْس يُسَمَّى جِهَادًا , وَفِيهِ أَنَّ بِرّ الْوَالِد قَدْ يَكُون أَفْضَل مِنْ الْجِهَاد , وَأَنَّ الْمُسْتَشَار يُشِير بِالنَّصِيحَةِ الْمَحْضَة , وَأَنَّ الْمُكَلَّف يَسْتَفْضِل عَنْ الْأَفْضَل فِي أَعْمَال الطَّاعَة لِيَعْمَل بِهِ لِأَنَّهُ سَمِعَ فَضْل الْجِهَاد فَبَادَرَ إِلَيْهِ , ثُمَّ لَمْ يَقْنَع حَتَّى اِسْتَأْذَنَ فِيهِ فَدُلَّ عَلَى مَا هُوَ أَفْضَل مِنْهُ فِي حَقّه , وَلَوْلَا السُّؤَال مَا حَصَلَ لَهُ الْعِلْم بِذَلِكَ.
وَلِمُسْلِمٍ وَسَعِيد بْن مَنْصُور مِنْ طَرِيق نَاعِم مَوْلَى أُمّ سَلَمَة عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو فِي نَحْو هَذِهِ الْقِصَّة قَالَ " اِرْجِعْ إِلَى وَالِدَيْك فَأَحْسِنْ صُحْبَتهمَا " وَلِأَبِي دَاوُدَ وَابْن حِبَّانَ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو " اِرْجِعْ فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتهمَا " وَأَصْرَح مِنْ ذَلِكَ حَدِيث أَبِي سَعِيد عِنْد أَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ " اِرْجِعْ فَاسْتَأْذِنْهُمَا فَإِنْ أَذِنَا لَك فَجَاهِدْ , وَإِلَّا فَبِرّهمَا " وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّانَ.
قَالَ جُمْهُور الْعُلَمَاء : يَحْرُم الْجِهَاد إِذَا مَنَعَ الْأَبَوَانِ أَوْ أَحَدهمَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَا مُسْلِمَيْنِ , لِأَنَّ بِرّهمَا فَرْض عَيْن عَلَيْهِ وَالْجِهَاد فَرْض كِفَايَة , فَإِذَا تَعَيَّنَ الْجِهَاد فَلَا إِذْن.
وَيَشْهَد لَهُ مَا أَخْرَجَهُ اِبْن حِبَّانَ مِنْ طَرِيق أُخْرَى عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو " جَاءَ رَجُل إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ أَفْضَل الْأَعْمَال , قَالَ : الصَّلَاة.
قَالَ ثُمَّ مَهْ ؟ قَالَ الْجِهَاد.
قَالَ فَإِنَّ لِي وَالِدَيْنِ , فَقَالَ آمُرك بِوَالِدَيْك خَيْرًا.
فَقَالَ وَالَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ نَبِيًّا لَأُجَاهِدَنَّ وَلأَتْرُكَنَّهُما قَالَ فَأَنْتَ أَعْلَم " وَهُوَ مَحْمُول عَلَى جِهَاد فَرْض الْعَيْن تَوْفِيقًا بَيْن الْحَدِيثَيْنِ , وَهَلْ يَلْحَق الْجَدّ وَالْجَدَّة بِالْأَبَوَيْنِ فِي ذَلِكَ ؟ الْأَصَحّ عِنْد الشَّافِعِيَّة نَعَمْ وَالْأَصَحّ أَيْضًا أَنْ لَا يُفَرَّق بَيْن الْحُرّ وَالرَّقِيق فِي ذَلِكَ لِشُمُولِ طَلَب الْبِرّ , فَلَوْ كَانَ الْوَلَد رَقِيقًا فَأَذِنَ لَهُ سَيِّده لَمْ يُعْتَبَر إِذْن أَبَوَيْهِ , وَلَهُمَا الرُّجُوع فِي الْإِذْن إِلَّا إِنْ حَضَرَ الصَّفّ , وَكَذَا لَوْ شَرَطَا أَنْ لَا يُقَاتِل فَحَضَرَ الصَّفّ فَلَا أَثَر لِلشَّرْطِ , وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى تَحْرِيم السَّفَر بِغَيْرِ إِذْن لِأَنَّ الْجِهَاد إِذَا مُنِعَ مَعَ فَضِيلَته فَالسَّفَر الْمُبَاح أَوْلَى نَعَمْ إِنْ كَانَ سَفَره لِتَعَلُّمِ فَرْض عَيْن حَيْثُ يَتَعَيَّن السَّفَر طَرِيقًا إِلَيْهِ فَلَا مَنْع , وَإِنْ كَانَ فَرْض كِفَايَة فَفِيهِ خِلَاف.
وَفِي الْحَدِيث فَضْل بِرّ الْوَالِدَيْنِ وَتَعْظِيم حَقّهمَا وَكَثْرَة الثَّوَاب عَلَى بِرّهمَا , وَسَيَأْتِي بَسْط ذَلِكَ فِي كِتَاب الْأَدَب إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ الشَّاعِرَ وَكَانَ لَا يُتَّهَمُ فِي حَدِيثِهِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْجِهَادِ فَقَالَ أَحَيٌّ وَالِدَاكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ
عن عباد بن تميم، أن أبا بشير الأنصاري رضي الله عنه، أخبره أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بعض أسفاره، قال عبد الله: حسبت أنه قال: والناس ف...
عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه: سمع النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم»، فقام رجل فقال: يا رسول ال...
عن عبيد الله بن أبي رافع، قال: سمعت عليا رضي الله عنه، يقول: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير، والمقداد بن الأسود، قال: «انطلقوا حتى تأت...
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: لما كان يوم بدر أتي بأسارى، وأتي بالعباس ولم يكن عليه ثوب، «فنظر النبي صلى الله عليه وسلم له قميصا، فوجدوا قم...
عن سهل رضي الله عنه، يعني ابن سعد، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: «لأعطين الراية غدا رجلا يفتح على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورس...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل»
عن الشعبي، يقول: حدثني أبو بردة، أنه سمع أباه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: الرجل تكون له الأمة، فيعلمها فيحسن تعليمها،...
عن الصعب بن جثامة رضي الله عنهم، قال: مر بي النبي صلى الله عليه وسلم بالأبواء، أو بودان، وسئل عن أهل الدار يبيتون من المشركين، فيصاب من نسائهم وذراريه...
عن نافع، أن عبد الله رضي الله عنه، أخبره: أن امرأة وجدت في بعض مغازي النبي صلى الله عليه وسلم مقتولة، «فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء و...