3124- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " غزا نبي من الأنبياء، فقال لقومه: لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة، وهو يريد أن يبني بها؟ ولما يبن بها، ولا أحد بنى بيوتا ولم يرفع سقوفها، ولا أحد اشترى غنما أو خلفات وهو ينتظر ولادها، فغزا فدنا من القرية صلاة العصر أو قريبا من ذلك، فقال للشمس: إنك مأمورة وأنا مأمور اللهم احبسها علينا، فحبست حتى فتح الله عليه، فجمع الغنائم، فجاءت يعني النار لتأكلها، فلم تطعمها فقال: إن فيكم غلولا، فليبايعني من كل قبيلة رجل، فلزقت يد رجل بيده، فقال: فيكم الغلول، فليبايعني قبيلتك، فلزقت يد رجلين أو ثلاثة بيده، فقال: فيكم الغلول، فجاءوا برأس مثل رأس بقرة من الذهب، فوضعوها، فجاءت النار، فأكلتها ثم أحل الله لنا الغنائم رأى ضعفنا، وعجزنا فأحلها لنا "
أخرجه مسلم في الجهاد والسير باب تحليل الغنائم لهذه الأمة خاصة رقم 1747.
(ملك بضع امرأة) عقد عليها عقد زواجه وأصبح يملك أن يجامعها ويطلق البضع على الجماع وعلى الفرج.
(يبني بها) يدخل عليها وتزف إليه.
(خلفات) جمع خلفة وهي الناقة الحامل.
(مأمورة) بالغروب.
(مأمور) بالقتال قبل الغروب وكانت ليلة سبت ومحرم عليهم القتال يوم السبت وليلته.
(احبسها عنا) امنعها من الغروب.
(تطعمها) أي تحرقها.
(غلولا) خيانة في الغنيمة أي إن أحدا أخذ منها بغير حق.
(رأى ضعفنا وعجزنا) قلة مالنا عن سد حاجات الجهاد فرحمنا بحلها لنا
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
حَدِيثُهُ فِي قِصَّةِ النَّبِيِّ الَّذِي غَزَا الْقَرْيَةَ قَوْلُهُ : ( عَنْ اِبْنِ الْمُبَارَكِ ) كَذَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ , لَكِنْ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ اِبْنِ الْمُبَارَكِ أَوْ غَيْرِهِ " وَهَذَا الشَّكُّ إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ , فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنْ أَبِي يَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ اِبْنِ الْمُبَارَكِ وَحْدَهُ بِهِ قَوْلُهُ : ( غَزَا نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ) أَيْ أَرَادَ أَنْ يَغْزُوَ , وَهَذَا النَّبِيُّ هُوَ يُوشَعُ بْنُ نُون كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ وَبَيَّنَ تَسْمِيَةَ الْقَرْيَةِ كَمَا سَيَأْتِي , وَقَدْ وَرَدَ أَصْلُهُ مِنْ طَرِيقٍ مَرْفُوعَةٍ صَحِيحَةٍ أَخْرَجَهَا أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُحْبَسْ لِبَشَرٍ إِلَّا لِيُوشَعَ بْنِ نُون لَيَالِيَ سَارَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ " وَأَغْرَبَ اِبْنُ بَطَّالٍ فَقَالَ فِي " بَابِ اِسْتِئْذَانِ الرَّجُلِ الْإِمَامَ " : فِي هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثٌ لِدَاوُدَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ فِي غَزْوَةٍ خَرَجَ إِلَيْهَا " لَا يَتْبَعُنِي مَنْ مَلَكَ بُضْعَ اِمْرَأَةٍ وَلَمْ يَبْنِ بِهَا , أَوْ بَنَى دَارًا وَلَمْ يَسْكُنْهَا " وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مُسْنَدًا , لَكِنْ أَخْرَجَ الْخَطِيبُ فِي " ذَمِّ النُّجُومِ " لَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حُذَيْفَةَ وَالْبُخَارِيّ فِي " الْمُبْتَدَأِ " لَهُ بِإِسْنَادٍ لَهُ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ " سَأَلَ قَوْمٌ يُوشَعَ مِنْهُ أَنْ يُطْلِعَهُمْ عَلَى بَدْءِ الْخَلْقِ وَآجَالِهِمْ , فَأَرَاهُمْ ذَلِكَ فِي مَاءٍ مِنْ غَمَامَةٍ أَمْطَرَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ , فَكَانَ أَحَدُهُمْ يَعْلَمُ مَتَى يَمُوتُ , فَبَقُوا عَلَى ذَلِكَ إِلَى أَنْ قَاتَلَهُمْ دَاوُدُ عَلَى الْكُفْرِ , فَأَخْرَجُوا إِلَى دَاوُدَ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَكَانَ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ دَاوُدَ وَلَا يُقْتَلُ مِنْهُمْ , فَشَكَا إِلَى اللَّهِ وَدَعَاهُ فَحُبِسَتْ عَلَيْهِمْ الشَّمْسُ فَزِيدَ فِي النَّهَارِ فَاخْتَلَطَتْ الزِّيَادَةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ , فَاخْتَلَطَ عَلَيْهِمْ حِسَابُهُمْ " قُلْت : وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا , وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ عِنْدَ أَحْمَدَ أَوْلَى , فَإِنَّ رِجَالَ إِسْنَادِهِ مُحْتَجٌّ بِهِمْ فِي الصَّحِيحِ , فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لَمْ تُحْبَسْ إِلَّا لِيُوشَعَ , وَلَا يُعَارِضُهُ مَا ذَكَرَهُ اِبْنُ إِسْحَاقَ فِي " الْمُبْتَدَأِ " مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ " أَنَّ اللَّهَ لَمَّا أَمَرَ مُوسَى بِالْمَسِيرِ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ تَابُوتَ يُوسُفَ فَلَمْ يُدَلَّ عَلَيْهِ حَتَّى كَادَ الْفَجْرُ أَنْ يَطْلُعَ , وَكَانَ وَعَدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَسِيرَ بِهِمْ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ , فَدَعَا رَبَّهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الطُّلُوعَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ أَمْرِ يُوسُفَ فَفَعَلَ , لِأَنَّ الْحَصْرَ إِنَّمَا وَقَعَ فِي حَقِّ يُوشَعَ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ فَلَا يَنْفِي أَنْ يُحْبَسَ طُلُوعُ الْفَجْرِ لِغَيْرِهِ , وَقَدْ اِشْتَهَرَ حَبْسُ الشَّمْسِ لِيُوشَعَ حَتَّى قَالَ أَبُو تَمَّامٍ فِي قَصِيدَةٍ : فَوَاللَّهِ لَا أَدْرِي أَأَحْلَامُ نَائِمٍ أَلَمَّتْ بِنَا أَمْ كَانَ فِي الرَّكْبِ يُوشَعُ وَلَا يُعَارِضُهُ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ يُونُسُ بْنُ بَكِيرٍ فِي زِيَادَاتِهِ فِي مَغَازِي اِبْنِ إِسْحَاقَ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَخْبَرَ قُرَيْشًا صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ أَنَّهُ رَأَى الْعِيرَ الَّتِي لَهُمْ وَأَنَّهَا تَقْدُمُ مَعَ شُرُوقِ الشَّمْسِ , فَدَعَا اللَّهَ فَحُبِسَتْ الشَّمْسُ حَتَّى دَخَلَتْ الْعِيرُ " وَهَذَا مُنْقَطِعٌ , لَكِنْ وَقَعَ فِي " الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ " مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الشَّمْسَ فَتَأَخَّرَتْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ " وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ , وَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنَّ الْحَصْرَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا مَضَى لِلْأَنْبِيَاءِ قَبْلَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ تُحْبَسْ الشَّمْسُ إِلَّا لِيُوشَعَ وَلَيْسَ فِيهِ نَفْيُ أَنَّهَا تُحْبَسُ بَعْدَ ذَلِكَ لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي " الْكَبِيرِ " وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " الدَّلَائِلِ " عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا لَمَّا نَامَ عَلَى رُكْبَةِ عَلِيٍّ فَفَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَرُدَّتْ الشَّمْسُ حَتَّى صَلَّى عَلِيٌّ ثُمَّ غَرَبَتْ , وَهَذَا أَبْلَغُ فِي الْمُعْجِزَةِ وَقَدْ أَخْطَأَ اِبْنُ الْجَوْزِيِّ بِإِيرَادِهِ لَهُ فِي " الْمَوْضُوعَاتِ " وَكَذَا اِبْنُ تَيْمِيَّةَ فِي " كِتَابِ الرَّدِّ عَلَى الرَّوَافِضِ " فِي زَعْمِ وَضْعِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا مَا حَكَى عِيَاضٌ أَنَّ الشَّمْسَ رُدَّتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ لَمَّا شُغِلُوا عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ فَرَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ - كَذَا قَالَ وَعَزَّاهُ لِلطَّحَاوِيِّ , وَالَّذِي رَأَيْته فِي " مُشْكِلِ الْآثَارِ لِلطَّحَاوِيِّ " مَا قَدَّمْت ذِكْرَهُ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ فَإِنْ ثَبَتَ مَا قَالَ فَهَذِهِ قِصَّةٌ ثَالِثَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَجَاءَ أَيْضًا أَنَّهَا حُبِسَتْ لِمُوسَى لَمَّا حَمَلَ تَابُوتَ يُوسُفَ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا وَجَاءَ أَيْضًا أَنَّهَا حُبِسَتْ لِسُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَهُوَ فِيمَا ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ ثُمَّ الْبَغَوِيُّ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ " قَالَ لِي عَلِيٌّ : مَا بَلَغَك فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ( رُدُّوهَا عَلَيَّ ) ؟ فَقُلْت : قَالَ لِي كَعْبٌ : كَانَتْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَرَسًا عَرَضَهَا , فَغَابَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الْعَصْرَ , فَأَمَرَ بِرَدِّهَا فَضَرَبَ سُوقَهَا وَأَعْنَاقَهَا بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهَا , فَسَلَبَهُ اللَّهُ مُلْكَهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِأَنَّهُ ظَلَمَ الْخَيْلَ بِقَتْلِهَا , فَقَالَ عَلِيٌّ : كَذَبَ كَعْبٌ , وَإِنَّمَا أَرَادَ سُلَيْمَانُ جِهَادَ عَدُوِّهِ فَتَشَاغَلَ بِعَرْضِ الْخَيْلِ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِالشَّمْسِ بِإِذْنِ اللَّهِ لَهُمْ : رُدُّوهَا عَلَيَّ , فَرَدُّوهَا عَلَيْهِ حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ فِي وَقْتِهَا , وَأَنَّ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ لَا يَظْلِمُونَ وَلَا يَأْمُرُونَ بِالظُّلْمِ قُلْت : أَوْرَدَ هَذَا الْأَثَرَ جَمَاعَةٌ سَاكِتِينَ عَلَيْهِ جَازِمِينَ بِقَوْلِهِمْ " قَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ قُلْت لِعَلِيٍّ " وَهَذَا لَا يَثْبُتُ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ وَلَا عَنْ غَيْرِهِ , وَالثَّابِتُ عَنْ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ أَنَّ الضَّمِيرَ الْمُؤَنَّثَ فِي قَوْلِهِ : ( رُدُّوهَا ) لِلْخَيْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ : ( بُضْعَ اِمْرَأَةٍ ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ الْبُضْعُ يُطْلَقُ عَلَى الْفَرْجِ وَالتَّزْوِيجِ وَالْجِمَاعِ , وَالْمَعَانِي الثَّلَاثَةُ لَائِقَةٌ هُنَا , وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْمَهْرِ وَعَلَى الطَّلَاقِ , وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ : قَالَ اِبْنُ السِّكِّيتِ الْبُضْع النِّكَاحُ يُقَالُ مَلَكَ فُلَانٌ بُضْعَ فُلَانَةَ قَوْلُهُ : ( وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا ) أَيْ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا لَكِنَّ التَّعْبِيرَ بِلَمَّا يُشْعِرُ بِتَوَقُّعِ ذَلِكَ قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ( وَلَمَّا يَدْخُلْ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ) وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَأَبِي عَوَانَةَ وَابْنِ حِبَّانَ " لَا يَنْبَغِي لِرَجُلٍ بَنَى دَارًا وَلَمْ يَسْكُنْهَا أَوْ تَزَوَّجَ اِمْرَأَةً وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا " وَفِي التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الدُّخُولِ مَا يُفْهِمُ أَنَّ الْأَمْرَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَا يَخْفَى فَرْقُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ , وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ رُبَّمَا اِسْتَمَرَّ تَعَلُّقُ الْقَلْبِ , لَكِنْ لَيْسَ هُوَ كَمَا قَبْلَ الدُّخُولِ غَالِبًا قَوْلُهُ : ( وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا ) فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَمُسْنَدِ أَحْمَدَ " وَلَمَّا يَرْفَعْ سَقُفُهَا " وَهُوَ بِضَمِّ الْقَافِ وَالْفَاءِ لِتُوَافِقَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ , وَوَهَمَ مَنْ ضَبَطَ بِالْإِسْكَانِ وَتَكَلَّفَ فِي تَوْجِيهِ الضَّمِيرِ الْمُؤَنَّثِ لِلسُّقُفِ قَوْلُهُ : ( أَوْ خَلِفَاتٍ ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ بَعْدَهَا فَاءٌ خَفِيفَةٌ جَمْعُ خَلِفَةٍ وَهِيَ الْحَامِلُ مِنْ النُّوقِ , وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ النُّوقِ , وَ " أَوْ " فِي قَوْلِهِ غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ لِلتَّنْوِيعِ وَيَكُونُ قَدْ حُذِفَ وَصْفُ الْغَنَمِ بِالْحَمْلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ , أَوْ هُوَ عَلَى إِطْلَاقِهِ لِأَنَّ الْغَنَمَ يَقِلُّ صَبْرُهَا فَيُخْشَى عَلَيْهَا الضَّيَاعُ بِخِلَافِ النُّوقِ فَلَا يُخْشَى عَلَيْهَا إِلَّا مَعَ الْحَمْلِ , وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ " أَوْ " لِلشَّكِّ أَيْ هَلْ قَالَ غَنَمًا بِغَيْرِ صِفَةٍ أَوْ خَلِفَاتٍ أَيْ بِصِفَةِ أَنَّهَا حَوَامِلُ , كَذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ , وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لِلتَّنْوِيعِ , فَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي يَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلَاءِ " وَلَا رَجُلٌ لَهُ غَنَمٌ أَوْ بَقَرٌ أَوْ خَلِفَاتٌ " قَوْلُهُ : ( وَهُوَ يَنْتَظِرُ وِلَادَهَا ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَهُوَ مَصْدَرُ وَلَدَ وِلَادًا وَوِلَادَةً قَوْلُهُ : ( فَغَزَا ) أَيْ بِمَنْ تَبِعَهُ مِمَّنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِتِلْكَ الصِّفَةِ قَوْلُهُ : ( فَدَنَا مِنْ الْقَرْيَةِ ) هِيَ أَرِيحَا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ وَمُهْمَلَةٌ مَعَ الْقَصْرِ , سَمَّاهَا الْحَاكِمُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ كَعْبٍ , وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ " فَأَدْنَى لِلْقَرْيَةِ " أَيْ قَرَّبَ جُيُوشَهُ لَهَا قَوْلُهُ : ( فَقَالَ لِلشَّمْسِ إِنَّك مَأْمُورَةٌ ) فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ " فَلَقِيَ الْعَدُوَّ عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ " وَبَيَّنَ الْحَاكِمُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ كَعْبٍ سَبَبَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ " أَنَّهُ وَصَلَ إِلَى الْقَرْيَةِ وَقْتَ عَصْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ , فَكَادَتْ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبَ وَيَدْخُلَ اللَّيْلُ " وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ مَعْنَى قَوْلِهِ " وَأَنَا مَأْمُورٌ " وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَأْمُورِينَ أَنَّ أَمْرَ الْجَمَادَاتِ أَمْرُ تَسْخِيرٍ وَأَمْرَ الْعُقَلَاءِ أَمْرُ تَكْلِيفٍ , وَخِطَابُهُ لِلشَّمْسِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ فِيهَا تَمْيِيزًا وَإِدْرَاكًا كَمَا سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي الْفِتَنِ فِي سُجُودِهَا تَحْتَ الْعَرْشِ وَاسْتِئْذَانِهَا مِنْ أَنْ تَطْلُعَ , وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ اِسْتِحْضَارِهِ فِي النَّفْسِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَحَوُّلُهَا عَنْ عَادَتِهَا إِلَّا بِخَرْقِ الْعَادَةِ , وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِ الشَّاعِرِ شَكَا إِلَيَّ جَمَلِي طُولَ السُّرَى وَمِنْ ثَمَّ قَالَ " اللَّهُمَّ اِحْبِسْهَا " وَيُؤَيِّدُ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ " اللَّهُمَّ إِنَّهَا مَأْمُورَةٌ وَإِنِّي مَأْمُورٌ فَاحْبِسْهَا عَلَيَّ حَتَّى تَقْضِيَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ , فَحَبَسَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ " قَوْلُهُ : ( اللَّهُمَّ اِحْبِسْهَا عَلَيْنَا ) فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ " اللَّهُمَّ اِحْبِسْهَا عَلَيَّ شَيْئًا " وَهُوَ مَنْصُوبٌ نَصْبَ الْمَصْدَرِ , أَيْ قَدْرَ مَا تَنْقَضِي حَاجَتُنَا مِنْ فَتْحِ الْبَلَدِ , قَالَ عِيَاضٌ : اُخْتُلِفَ فِي حَبْسِ الشَّمْسِ هُنَا , فَقِيلَ رُدَّتْ عَلَى أَدْرَاجِهَا , وَقِيلَ وُقِفَتْ , وَقِيلَ بُطِّئَتْ حَرَكَتُهَا , وَكُلُّ ذَلِكَ مُحْتَمَلٌ وَالثَّالِثُ أَرْجَحُ عِنْدَ اِبْنِ بَطَّالٍ وَغَيْرِهِ وَوَقَعَ فِي تَرْجَمَةِ هَارُونَ بْنِ يُوسُفَ الرَّمَادِيِّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي رَابِعَ عَشَرَ حُزَيْرَانَ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ النَّهَارُ فِي غَايَةِ الطُّولِ قَوْلُهُ : ( فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ ) فِي رِوَايَةِ أَبِي يَعْلَى " فَوَاقَعَ الْقَوْمَ فَظَفِرَ " قَوْلُهُ : ( فَجَمَعَ الْغَنَائِمَ فَجَاءَتْ يَعْنِي النَّارَ ) فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عِنْدَ أَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ " فَجَمَعُوا مَا غَنِمُوا فَأَقْبَلَتْ النَّارُ " زَادَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ " وَكَانُوا إِذَا غَنِمُوا غَنِيمَةً بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهَا النَّارَ فَتَأْكُلُهَا " قَوْلُهُ : ( فَلَمْ تَطْعَمْهَا ) أَيْ لَمْ تَذُقْ لَهَا طَعْمًا , وَهُوَ بِطَرِيقِ الْمُبَالَغَةِ قَوْلُهُ : ( فَقَالَ إِنَّ فِيكُمْ غُلُولًا ) هُوَ السَّرِقَةُ مِنْ الْغَنِيمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ : ( فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ فَلَزِقَتْ ) فِيهِ حَذْفٌ يَظْهَرُ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ أَيْ فَبَايَعُوهُ فَلَزِقَتْ قَوْلُهُ : ( فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ ) فِي رِوَايَةِ أَبِي يَعْلَى " فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ أَوْ رَجُلَيْنِ " وَفِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ " رَجُلَانِ " بِالْجَزْمِ , قَالَ اِبْنُ الْمُنِيرِ جَعَلَ اللَّهُ عَلَامَةَ الْغُلُولِ إِلْزَاقَ يَدِ الْغَالِّ , وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهَا يَدٌ عَلَيْهَا حَقٌّ يُطْلَبُ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْهُ , أَوْ أَنَّهَا يَدٌ يَنْبَغِي أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهَا وَيُحْبَسَ صَاحِبُهَا حَتَّى يُؤَدِّيَ الْحَقَّ إِلَى الْإِمَامِ , وَهُوَ مِنْ جِنْسِ شَهَادَةِ الْيَدِ عَلَى صَاحِبِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَوْلُهُ : ( فِيكُمْ الْغُلُولُ ) زَادَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ " فَقَالَا أَجَلْ غَلَلْنَا " قَوْلُهُ : ( فَجَاءُوا بِرَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنْ الذَّهَبِ فَوَضَعُوهَا , فَجَاءَتْ النَّارُ فَأَكَلَتْهَا ثُمَّ أَحَلَّ اللَّهُ لَنَا الْغَنَائِمَ ) فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ : إِنَّ اللَّهَ أَطْعَمَنَا الْغَنَائِمَ رَحْمَةً رُحِمْنَاهَا وَتَخْفِيفًا خَفَّفَهُ عَنَّا " قَوْلُهُ : ( رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا فَأَحَلَّهَا لَنَا ) فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ " لَمَّا رَأَى مِنْ ضَعْفِنَا " وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ إِظْهَارَ الْعَجْزِ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ تَعَالَى يَسْتَوْجِبُ ثُبُوتَ الْفَضْلِ , وَفِيهِ اِخْتِصَاصُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِحِلِّ الْغَنِيمَةِ وَكَانَ اِبْتِدَاءُ ذَلِكَ مِنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ وَفِيهَا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى ( فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا ) فَأَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ الْغَنِيمَةَ , وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ اِبْنِ عَبَّاسٍ , وَقَدْ قَدَّمْت فِي أَوَائِلِ فَرْضِ الْخُمُسِ أَنَّ أَوَّلَ غَنِيمَةٍ خُمِّسَتْ غَنِيمَةُ السَّرِيَّةِ الَّتِي خَرَجَ فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ , وَذَلِكَ قَبْلَ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ , وَيُمْكِنُ الْجَمْحُ بِمَا ذَكَرَ اِبْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَّرَ غَنِيمَةَ تِلْكَ السَّرِيَّةِ حَتَّى رَجَعَ مِنْ بَدْرٍ فَقَسَمَهَا مَعَ غَنَائِمِ بَدْرٍ قَالَ الْمُهَلَّبُ : فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ فِتَنَ الدُّنْيَا تَدْعُو النَّفْسَ إِلَى الْهَلَعِ وَمَحَبَّةِ الْبَقَاءِ , لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ بُضْعَ اِمْرَأَةٍ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَوْ دَخَلَ بِهَا وَكَانَ عَلَى قُرْبٍ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ قَلْبَهُ مُتَعَلِّقٌ بِالرُّجُوعِ إِلَيْهَا وَيَجِدُ الشَّيْطَانُ السَّبِيلَ إِلَى شَغْلِ قَلْبِهِ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الطَّاعَةِ , وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْمَرْأَةِ مِنْ أَحْوَالِ الدُّنْيَا , وَهُوَ كَمَا قَالَ , لَكِنْ تَقَدَّمَ مَا يُعَكِّرُ عَلَى إِلْحَاقِهِ بِمَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ بِمَا قَبْلَهُ , وَيَدُلُّ عَلَى التَّعْمِيمِ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِنْ الزِّيَادَةِ " أَوْ لَهُ حَاجَةٌ فِي الرُّجُوعِ " وَفِيهِ أَنَّ الْأُمُورَ الْمُهِمَّةَ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُفَوَّضَ إِلَّا لِحَازِمٍ فَارِغِ الْبَالِ لَهَا , لِأَنَّ مَنْ لَهُ تَعَلُّقٌ رُبَّمَا ضَعُفَتْ عَزِيمَتُهُ وَقَلَّتْ رَغْبَتُهُ فِي الطَّاعَةِ , وَالْقَلْبُ إِذَا تَفَرَّقَ ضَعُفَ فِعْلُ الْجَوَارِحِ وَإِذَا اِجْتَمَعَ قَوِيَ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ مَضَى كَانُوا يَغْزُونَ وَيَأْخُذُونَ أَمْوَالَ أَعْدَائِهِمْ وَأَسْلَابَهُمْ , لَكِنْ لَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا بَلْ يَجْمَعُونَهَا , وَعَلَامَةُ قَبُولِ غَزْوِهِمْ ذَلِكَ أَنْ تَنْزِلَ النَّارُ مِنْ السَّمَاءِ فَتَأْكُلَهَا , وَعَلَامَةُ عَدَمِ قَبُولِهِ أَنْ لَا تَنْزِلَ وَمِنْ أَسْبَابِ عَدَمِ الْقَبُولِ أَنْ يَقَعَ فِيهِمْ الْغُلُولُ , وَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ وَرَحِمَهَا لِشَرَفِ نَبِيِّهَا عِنْدَهُ فَأَحَلَّ لَهُمْ الْغَنِيمَةَ , وَسَتَرَ عَلَيْهِمْ الْغُلُولَ , فَطَوَى عَنْهُمْ فَضِيحَةَ أَمْرِ عَدَمِ الْقَبُولِ , فَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى نِعَمِهِ تَتْرَى وَدَخَلَ فِي عُمُومِ أَكْلِ النَّارِ الْغَنِيمَةُ وَالسَّبْيُ , وَفِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ إِهْلَاكُ الذُّرِّيَّةِ وَمَنْ لَمْ يُقَاتِلْ مِنْ النِّسَاءِ , وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ , وَيَلْزَم اِسْتِثْنَاؤُهُمْ مِنْ تَحْرِيمِ الْغَنَائِمِ عَلَيْهِمْ , وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُمْ كَانَتْ لَهُمْ عَبِيدٌ وَإِمَاءٌ فَلَوْ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ السَّبْيُ لَمَا كَانَ لَهُمْ أَرِقَّاءُ وَيَشْكُلُ عَلَى الْحَصْرِ أَنَّهُ كَانَ السَّارِقُ يَسْتَرِقُ كَمَا فِي قِصَّةِ يُوسُفَ , وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ وَفِيهِ مُعَاقَبَةُ الْجَمَاعَةِ بِفِعْلِ سُفَهَائِهَا وَفِيهِ أَنَّ أَحْكَامَ الْأَنْبِيَاءِ قَدْ تَكُونُ بِحَسَبِ الْأَمْرِ الْبَاطِنِ كَمَا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ , وَقَدْ تَكُونُ بِحَسَبِ الْأَمْرِ الظَّاهِرِ كَمَا فِي حَدِيثِ " إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ " الْحَدِيثَ , وَاسْتَدَلَّ بِهِ اِبْنُ بَطَّالٍ عَلَى جَوَازِ إِحْرَاقِ أَمْوَالِ الْمُشْرِكِينَ , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي تِلْكَ الشَّرِيعَةِ وَقَدْ نُسِخَ بِحِلِّ الْغَنَائِمِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ , وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ اِسْتَنْبَطَ مِنْ إِحْرَاقِ الْغَنِيمَةِ بِأَكْلِ النَّارِ جَوَازَ إِحْرَاقِ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ السَّبِيلُ إِلَى أَخْذِهَا غَنِيمَةً , وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَمْ يَرِدْ التَّصْرِيحُ بِنَسْخِهِ فَهُوَ مُحْتَمَلٌ عَلَى أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَرِدْ نَاسِخُهُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ قِتَالَ آخِرِ النَّهَارِ أَفْضَلُ مِنْ أَوَّلِهِ , وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ إِنَّمَا وَقَعَ اِتِّفَاقًا كَمَا تَقَدَّمَ , نَعَمْ فِي قِصَّةِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقْرِنٍ مَعَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فِي قِتَالِ الْفُرْسِ التَّصْرِيحُ بِاسْتِحْبَابِ الْقِتَالِ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ وَتَهُبُّ الرِّيَاحُ , فَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ يُغْنِي عَنْ هَذَا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غَزَا نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ لِقَوْمِهِ لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا وَلَا أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا وَلَا أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ وِلَادَهَا فَغَزَا فَدَنَا مِنْ الْقَرْيَةِ صَلَاةَ الْعَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِلشَّمْسِ إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَجَمَعَ الْغَنَائِمَ فَجَاءَتْ يَعْنِي النَّارَ لِتَأْكُلَهَا فَلَمْ تَطْعَمْهَا فَقَالَ إِنَّ فِيكُمْ غُلُولًا فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ فَقَالَ فِيكُمْ الْغُلُولُ فَلْيُبَايِعْنِي قَبِيلَتُكَ فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بِيَدِهِ فَقَالَ فِيكُمْ الْغُلُولُ فَجَاءُوا بِرَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنْ الذَّهَبِ فَوَضَعُوهَا فَجَاءَتْ النَّارُ فَأَكَلَتْهَا ثُمَّ أَحَلَّ اللَّهُ لَنَا الْغَنَائِمَ رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا فَأَحَلَّهَا لَنَا
عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: قال عمر رضي الله عنه: «لولا آخر المسلمين، ما فتحت قرية إلا قسمتها بين أهلها، كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم خيبر»
عن ابي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال أعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم: الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليذكر، ويقاتل ليرى مكانه، من في سبيل الله...
عن عبد الله بن أبي مليكة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أهديت له أقبية من ديباج، مزررة بالذهب، فقسمها في ناس من أصحابه، وعزل منها واحدا لمخرمة بن نوفل،...
عن معتمر، عن أبيه، قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه، يقول: «كان الرجل يجعل للنبي صلى الله عليه وسلم النخلات، حتى افتتح قريظة، والنضير، فكان بعد ذلك...
عن عبد الله بن الزبير، قال: لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني، فقمت إلى جنبه فقال: " يا بني، إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأقتل...
عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: إنما تغيب عثمان عن بدر، فإنه كانت تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت مريضة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم...
عن ابن شهاب، قال: وزعم عروة أن مروان بن الحكم، ومسور بن مخرمة، أخبراه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال حين جاءه وفد هوازن مسلمين: فسألوه أن يرد إل...
عن أبي قلابة، قال: وحدثني القاسم بن عاصم الكليبي، - وأنا لحديث القاسم أحفظ - عن زهدم، قال: كنا عند أبي موسى، فأتي - ذكر دجاجة -، وعنده رجل من بني تيم...
عن ابن عمر رضي الله عنهما: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل نجد، فغنموا إبلا كثيرة، فكانت سهامهم اثني عشر بعيرا، أو...