3319- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة، فلدغته نملة، فأمر بجهازه فأخرج من تحتها، ثم أمر ببيتها فأحرق بالنار، فأوحى الله إليه: فهلا نملة واحدة "
(فلدغته) قرصته.
(بجهازه) أمتعة سفره.
(فهلا نملة واحدة) أي فهلا أحرقت النملة التي آذتك وحدها إذ لم يصدر جناية من غيرها
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَة : قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل ) هُوَ اِبْن أَبِي أُوَيْس.
قَوْلُهُ : ( نَزَلَ نَبِيّ مِنْ الْأَنْبِيَاء ) قِيلَ هُوَ الْعُزَيْر , وَرَوَى الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي " النَّوَادِر " أَنَّهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام , وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْكَلَابَاذِيُّ فِي " مَعَانِي الْأَخْبَار " وَالْقُرْطُبِيّ فِي التَّفْسِير.
قَوْلُهُ : ( فَلَدَغَتْهُ ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَة وَالْغَيْن الْمُعْجَمَة أَيْ قَرَصَتْهُ , وَلَيْسَ هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَالْعَيْن الْمُهْمَلَة فَإِنَّ ذَاكَ مَعْنَاهُ الْإِحْرَاق.
قَوْلُهُ : ( فَأَمَرَ بِجَهَازِهِ ) بِفَتْح الْجِيم وَيَجُوز كَسْرهَا بَعْدهَا زَاي أَيْ مَتَاعه.
قَوْلُهُ : ( ثُمَّ أَمَرَ بِبَيْتِهَا فَأُحْرِقَ ) أَيْ بَيْت النَّمْل , وَفِي رِوَايَة الزُّهْرِيِّ الْمَاضِيَة فِي الْجِهَاد فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْل فَأُحْرِقَتْ , وَقَرْيَة النَّمْل مَوْضِع اِجْتِمَاعهنَّ , وَالْعَرَب تُفَرِّق فِي الْأَوْطَان فَيَقُولُونَ لِمَسْكَنِ الْإِنْسَان وَطَن , وَلِمَسْكَنِ الْإِبِل عَطَن , وَلِلْأَسَدِ عَرِين وَغَابَة , وَلِلظَّبْيِ كِنَاس , وَلِلضَّبِّ وِجَار , وَلِلطَّائِرِ عُشّ , وَلِلزُّنْبُورِ كَوْر , وَلِلْيَرْبُوعِ نَافِق , وَلِلنَّمْلِ قَرْيَة.
قَوْلُهُ : ( فَهَلَّا نَمْلَة وَاحِدَة ) يَجُوز فِيهِ النَّصْب عَلَى تَقْدِير عَامِل مَحْذُوف تَقْدِيره فَهَلَّا أَحْرَقْتَ نَمْلَة وَاحِدَة وَهِيَ الَّتِي آذَتْك بِخِلَافِ غَيْرهَا فَلَمْ يَصْدُر مِنْهَا جِنَايَة.
وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى جَوَاز إِحْرَاق الْحَيَوَان الْمُؤْذِي بِالنَّارِ مِنْ جِهَة أَنَّ شَرْع مَنْ قَبْلنَا شَرْع لَنَا إِذَا لَمْ يَأْتِ فِي شَرْعنَا مَا يَرْفَعهُ وَلَا سِيَّمَا إِنْ وَرَدَ عَلَى لِسَان الشَّارِع مَا يُشْعِر بِاسْتِحْسَانِ ذَلِكَ , لَكِنْ وَرَدَ فِي شَرْعنَا النَّهْي عَنْ التَّعْذِيب بِالنَّارِ , قَالَ النَّوَوِيّ : هَذَا الْحَدِيث مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ كَانَ جَائِزًا فِي شَرْع ذَلِكَ النَّبِيّ جَوَاز قَتْل النَّمْل وَجَوَاز التَّعْذِيب بِالنَّارِ , فَإِنَّهُ لَمْ يَقَع عَلَيْهِ الْعَتْب فِي أَصْل الْقَتْل وَلَا فِي الْإِحْرَاق بَلْ فِي الزِّيَادَة عَلَى النَّمْلَة الْوَاحِدَة , وَأَمَّا فِي شَرْعنَا فَلَا يَجُوز إِحْرَاق الْحَيَوَان بِالنَّارِ إِلَّا فِي الْقِصَاص بِشَرْطِهِ , وَكَذَا لَا يَجُوز عِنْدنَا قَتْل النَّمْل لِحَدِيثِ اِبْن عَبَّاس فِي السُّنَن " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْل النَّمْلَة وَالنَّحْلَة " اِنْتَهَى , وَقَدْ قَيَّدَ غَيْره كَالْخَطَّابِيِّ النَّهْي عَنْ قَتْله مِنْ النَّمْل بِالسُّلَيْمَانِيِّ , وَقَالَ الْبَغَوِيُّ : النَّمْل الصَّغِير الَّذِي يُقَال لَهُ الذَّرّ يَجُوز قَتْله , وَنَقَلَهُ صَاحِب " الِاسْتِقْصَاء " عَنْ الصَّيْمَرِيِّ وَبِهِ جَزَمَ الْخَطَّابِيُّ.
وَفِي قَوْله أَنَّ الْقَتْل وَالْإِحْرَاق كَانَ جَائِزًا فِي شَرْع ذَلِكَ النَّبِيّ نَظَر , لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُعَاتَب أَصْلًا وَرَأْسًا إِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْأَذَى طَبْعه.
وَقَالَ عِيَاض : فِي هَذَا الْحَدِيث دَلَالَة عَلَى جَوَاز قَتْل كُلّ مُؤْذٍ.
وَيُقَال إِنَّ لِهَذِهِ الْقِصَّة سَبَبًا , وَهُوَ أَنَّ النَّبِيّ مَرَّ عَلَى قَرْيَة أَهْلَكَهَا اللَّه تَعَالَى بِذُنُوبِ أَهْلهَا فَوَقَفَ مُتَعَجِّبًا فَقَالَ : يَا رَبّ قَدْ كَانَ فِيهِمْ صِبْيَان وَدَوَابّ وَمَنْ لَمْ يَقْتَرِف ذَنْبًا , ثُمَّ نَزَلَ تَحْت شَجَرَة فَجَرَتْ لَهُ هَذِهِ الْقِصَّة , فَنَبَّهَهُ اللَّه جَلَّ وَعَلَا عَلَى أَنَّ الْجِنْس الْمُؤْذِي يُقْتَل وَإِنْ لَمْ يُؤْذِ , وَتُقْتَل أَوْلَاده وَإِنْ لَمْ تَبْلُغ الْأَذَى اِنْتَهَى.
وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر وَإِنْ ثَبَتَتْ هَذِهِ الْقِصَّة تَعَيَّنَ الْمَصِير إِلَيْهِ.
وَالْحَاصِل أَنَّهُ لَمْ يُعَاتَب إِنْكَارًا لِمَا فَعَلَ بَلْ جَوَابًا لَهُ وَإِيضَاحًا لِحِكْمَةِ شُمُول الْهَلَاك لِجَمِيعِ أَهْل تِلْكَ الْقَرْيَة , فَضَرَبَ لَهُ الْمَثَل بِذَلِكَ أَيْ إِذَا اِخْتَلَطَ مَنْ يَسْتَحِقّ الْإِهْلَاك بِغَيْرِهِ وَتَعَيَّنَ إِهْلَاك الْجَمِيع طَرِيقًا إِلَى إِهْلَاك الْمُسْتَحِقّ جَازَ إِهْلَاك الْجَمِيع , وَلِهَذَا نَظَائِر كَتَتَرُّسِ الْكُفَّار بِالْمُسْلِمِينَ وَغَيْر ذَلِكَ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَم.
وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ النَّمْل غَيْر مُكَلَّف فَكَيْفَ أُشِيرَ فِي الْحَدِيث إِلَى أَنَّهُ لَوْ أَحْرَقَ نَمْلَة وَاحِدَة جَازَ مَعَ أَنَّ الْقِصَاص إِنَّمَا يَكُون بِالْمِثْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ) ثُمَّ أَجَابَ بِتَجْوِيزِ أَنَّ التَّحْرِيقَ كَانَ جَائِزًا عِنْده , ثُمَّ قَالَ يَرُدّ عَلَى قَوْلنَا كَانَ جَائِرًا لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا ذُمَّ عَلَيْهِ.
وَأَجَابَ بِأَنَّهُ قَدْ يُذَمّ الرَّفِيع الْقَدْر عَلَى خِلَاف الْأَوْلَى اِنْتَهَى.
وَالتَّعْبِير بِالذَّمِّ فِي هَذَا لَا يَلِيق بِمَقَامِ النَّبِيّ , فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَبَّر بِالْعِتَابِ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : ظَاهِر هَذَا الْحَدِيث أَنَّ هَذَا النَّبِيّ إِنَّمَا عَاتَبَهُ اللَّه حَيْثُ اِنْتَقَمَ لِنَفْسِهِ بِإِهْلَاكِ جَمْع آذَاهُ مِنْهُ وَاحِد , وَكَانَ الْأَوْلَى بِهِ الصَّبْر وَالصَّفْح , وَكَأَنَّهُ وَقَعَ لَهُ أَنَّ هَذَا النَّوْع مُؤْذٍ لِبَنِي آدَم وَحُرْمَة بَنِي آدَم أَعْظَم مِنْ حُرْمَة الْحَيَوَان , فَلَوْ اِنْفَرَدَ هَذَا النَّظَر وَلَمْ يَأْتِ إِلَيْهِ التَّشَفِّي لَمْ يُعَاتَب.
قَالَ : وَالَّذِي يُؤَيِّد هَذَا التَّمَسُّك بِأَصْلِ عِصْمَة الْأَنْبِيَاء وَأَنَّهُمْ أَعْلَم بِاللَّهِ وَبِأَحْكَامِهِ مِنْ غَيْرهمْ وَأَشَدّهمْ لَهُ خَشْيَة اِنْتَهَى.
( تَكْمِلَةٌ ) : النَّمْلَة وَاحِدَة النَّمْل وَجَمْع الْجَمْع نِمَال.
وَالنَّمْل أَعْظَم الْحَيَوَانَات حِيلَة فِي طَلَب الرِّزْق.
وَمِنْ عَجِيب أَمْره أَنَّهُ إِذَا وَجَدَ شَيْئًا وَلَوْ قَلَّ أَنْذَرَ الْبَاقِينَ , وَيَحْتَكِر فِي زَمَن الصَّيْف لِلشِّتَاءِ , وَإِذَا خَافَ الْعَفَن عَلَى الْحَبّ أَخْرَجَهُ إِلَى ظَاهِر الْأَرْض وَإِذَا حَفَرَ مَكَانه اِتَّخَذَهَا تَعَارِيج لِئَلَّا يَجْرِي إِلَيْهَا مَاء الْمَطَر , وَلَيْسَ فِي الْحَيَوَان مَا يَحْمِل أَثْقَل مِنْهُ غَيْره , وَالَّذِي فِي النَّمْل كَالزُّنْبُورِ فِي النَّحْل.
قَوْلُهُ : ( أُمَّة مِنْ الْأُمَم مُسَبِّحَة ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْحَيَوَان يُسَبِّح اللَّه تَعَالَى حَقِيقَة , وَيَتَأَيَّد بِهِ قَوْل مَنْ حَمَلَ قَوْله ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ) عَلَى الْحَقِيقَة.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْحَمْلَ عَلَى الْمَجَاز بِأَنْ يَكُون سَبَبًا لِلتَّسْبِيحِ.
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَزَلَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَلَدَغَتْهُ نَمْلَةٌ فَأَمَرَ بِجَهَازِهِ فَأُخْرِجَ مِنْ تَحْتِهَا ثُمَّ أَمَرَ بِبَيْتِهَا فَأُحْرِقَ بِالنَّارِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ فَهَلَّا نَمْلَةً وَاحِدَةً
عن عبيد بن حنين، قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: « إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه، فإن في إحدى ج...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: غفر لامرأة مومسة، مرت بكلب على رأس ركي يلهث، قال: كاد يقتله العطش، فنزعت خفها، فأوثقت...
عن سفيان، قال: حفظته من الزهري كما أنك ها هنا أخبرني عبيد الله، عن ابن عباس، عن أبي طلحة رضي الله عنهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تدخل الم...
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب»
عن أبي سلمة، أن أبا هريرة رضي الله عنه، حدثه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أمسك كلبا ينقص من عمله كل يوم قيراط إلا كلب حرث، أو كلب ماشية»...
سفيان بن أبي زهير الشنئي، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول « من اقتنى كلبا، لا يغني عنه زرعا ولا ضرعا، نقص من عمله كل يوم قيراط» فقال السائ...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا، ثم قال: اذهب فسلم على أولئك من الملائكة، فاستمع ما يحيون...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب در...
عن أم سلمة، أن أم سليم، قالت: يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق فهل على المرأة الغسل إذا احتلمت؟ قال: « نعم، إذا رأت الماء» فضحكت أم سلمة، فقالت:...