3366- عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، قال: سمعت أبا ذر رضي الله عنه، قال: قلت يا رسول الله، أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: «المسجد الحرام» قال: قلت: ثم أي؟ قال «المسجد الأقصى» قلت: كم كان بينهما؟ قال: «أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصله، فإن الفضل فيه»
(أول) أي للصلاة فيه.
(الأقصى) سمي بذلك لبعد المسافة بينه وبين الكعبة أو لبعده عن الأقذار والخبائث فإنه مقدس مطهر وقيل لأنه لم يكن وراءه موضع عبادة.
(بعد) أي بعد دخول وقت الصلاة.
(فصله) أي فصل والهاء هاء السكت.
(فإن الفضل فيه) أي فعل الصلاة إذا حضر وقتها وفي أول الوقت
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْلُهُ : ( عَبْد الْوَاحِد ) هُوَ اِبْن زِيَاد , وَإِبْرَاهِيم التَّيْمِيُّ هُوَ اِبْن يَزِيد بْن شَرِيك وَفِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ وَابْن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيق أُخْرَى عَنْ الْأَعْمَش عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيِّ " كُنْت أَنَا وَأَبِي نَجْلِس فِي الطَّرِيق فَيَعْرِض عَلَيَّ الْقُرْآن وَأَعْرِض عَلَيْهِ , فَقَرَأَ الْقُرْآن فَسَجَدَ , فَقُلْت تَسْجُد فِي الطَّرِيق ؟ قَالَ : نَعَمْ سَمِعْت أَبَا ذَرّ " فَذَكَرَهُ.
قَوْلُهُ : ( أَيّ مَسْجِد وُضِعَ فِي الْأَرْض أَوَّلُ ) بِضَمِّ اللَّام قَالَ أَبُو الْبَقَاء : وَهِيَ ضَمَّة بِنَاء لِقَطْعِهِ عَنْ الْإِضَافَة مِثْل قَبْلُ وَبَعْدُ , وَالتَّقْدِير أَوَّل كُلّ شَيْء , وَيَجُوز الْفَتْح مَصْرُوفًا وَغَيْر مَصْرُوف.
قَوْلُهُ : ( ثُمَّ أَيٌّ ) بِالتَّنْوِينِ وَتَرَكَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود " أَيّ الْأَعْمَال أَفْضَل " وَهَذَا الْحَدِيث يُفَسِّر الْمُرَاد بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لِلَّذِي بِبَكَّةَ ) وَيَدُلّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالْبَيْتِ بَيْت الْعِبَادَة لَا مُطْلَق الْبُيُوت , وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ صَرِيحًا عَنْ عَلِيّ أَخْرَجَهُ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَابْن أَبِي حَاتِم وَغَيْرهمَا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهُ قَالَ " كَانَتْ الْبُيُوت قَبْله , وَلَكِنَّهُ كَانَ أَوَّل بَيْت وُضِعَ لِعِبَادَةِ اللَّه ".
قَوْلُهُ : ( الْمَسْجِد الْأَقْصَى ) يَعْنِي مَسْجِد بَيْت الْمَقْدِس , وَقِيلَ لَهُ الْأَقْصَى لِبُعْدِ الْمَسَافَة بَيْنه وَبَيْن الْكَعْبَة , وَقِيلَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَرَاءَهُ مَوْضِع عِبَادَة , وَقِيلَ لِبُعْدِهِ عَنْ الْأَقْذَار وَالْخَبَائِث , وَالْمَقْدِس الْمُطَهَّر عَنْ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ : ( أَرْبَعُونَ سَنَة ) قَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : فِيهِ إِشْكَال , لِأَنَّ إِبْرَاهِيم بَنَى الْكَعْبَة وَسُلَيْمَان بَنَى بَيْت الْمَقْدِس وَبَيْنهمَا أَكْثَر مِنْ أَلْف سَنَة اِنْتَهَى , وَمُسْتَنَده فِي أَنَّ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام هُوَ الَّذِي بَنَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ " أَنَّ سُلَيْمَان لَمَّا بَنَى بَيْت الْمَقْدِس سَأَلَ اللَّه تَعَالَى خِلَالًا ثَلَاثًا " الْحَدِيث , وَفِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيث رَافِع بْن عُمَيْرَةَ " أَنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام اِبْتَدَأَ بِبِنَاءِ بَيْت الْمَقْدِس , ثُمَّ أَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ : إِنِّي لَأَقْضِي بِنَاءَهُ عَلَى يَد سُلَيْمَان " وَفِي الْحَدِيث قِصَّة , قَالَ : وَجَوَابه أَنَّ الْإِشَارَة إِلَى أَوَّل الْبِنَاء وَوَضْع أَسَاس الْمَسْجِد وَلَيْسَ إِبْرَاهِيم أَوَّل مَنْ بَنَى الْكَعْبَة وَلَا سُلَيْمَان أَوَّل مَنْ بَنَى بَيْت الْمَقْدِس , فَقَدْ رَوَيْنَا أَنَّ أَوَّل مَنْ بَنَى الْكَعْبَة آدَم ثُمَّ اِنْتَشَرَ وَلَده فِي الْأَرْض , فَجَائِز أَنْ يَكُون بَعْضهمْ قَدْ وَضَعَ بَيْت الْمَقْدِس ثُمَّ بَنَى إِبْرَاهِيم الْكَعْبَة بِنَصِّ الْقُرْآن , وَكَذَا قَالَ الْقُرْطُبِيّ : إِنَّ الْحَدِيث لَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ إِبْرَاهِيم وَسُلَيْمَان لَمَّا بَنَيَا الْمَسْجِدَيْنِ اِبْتَدَآ وَضْعهمَا لَهُمَا , بَلْ ذَلِكَ تَجْدِيد لِمَا كَانَ أَسَّسَهُ غَيْرهمَا.
قُلْت : وَقَدْ مَشَى اِبْن حِبَّان فِي صَحِيحه عَلَى ظَاهِر هَذَا الْحَدِيث فَقَالَ : فِي هَذَا الْخَبَر رَدّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ بَيْن إِسْمَاعِيل وَدَاوُدَ أَلْف سَنَة , وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَكَانَ بَيْنهمَا أَرْبَعُونَ سَنَة وَهَذَا عَيْن الْمُحَال لِطُولِ الزَّمَان - بِالِاتِّفَاقِ - بَيْن بِنَاء إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام الْبَيْت وَبَيْن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام.
ثُمَّ إِنَّ فِي نَصّ الْقُرْآن أَنَّ قِصَّة دَاوُدَ فِي قَتْل جَالُوت كَانَتْ بَعْد مُوسَى بِمُدَّةٍ.
وَقَدْ تَعَقَّبَ الْحَافِظ الضِّيَاء بِنَحْوِ مَا أَجَابَ بِهِ اِبْن الْجَوْزِيّ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : يُشْبِه أَنْ يَكُون الْمَسْجِد الْأَقْصَى أَوَّل مَا وَضَعَ بِنَاءَهُ بَعْض أَوْلِيَاء اللَّه قَبْل دَاوُدَ وَسُلَيْمَان ثُمَّ دَاوُدُ وَسُلَيْمَان فَزَادَا فِيهِ وَوَسَّعَاهُ فَأُضِيفَ إِلَيْهِمَا بِنَاؤُهُ , قَالَ : وَقَدْ يُنْسَب هَذَا الْمَسْجِد إِلَى إِيلِيَاء فَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون هُوَ بَانِيه أَوْ غَيْره , وَلَسْت أُحَقِّق لِمَ أُضِيفَ إِلَيْهِ ؟ قُلْت : الِاحْتِمَال الَّذِي ذَكَرَهُ أَوَّلًا مُوَجَّه , وَقَدْ رَأَيْت لِغَيْرِهِ أَنَّ أَوَّل مَنْ أَسَّسَ الْمَسْجِد الْأَقْصَى آدَم عَلَيْهِ السَّلَام وَقِيلَ الْمَلَائِكَة وَقِيلَ سَام بْن نُوح عَلَيْهِ السَّلَام وَقِيلَ يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام , فَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ يَكُون مَا وَقَعَ مِمَّنْ بَعْدهمَا تَجْدِيدًا كَمَا وَقَعَ فِي الْكَعْبَة , وَعَلَى الْأَخِيرَيْنِ يَكُون الْوَاقِع مِنْ إِبْرَاهِيم أَوْ يَعْقُوب أَصْلًا وَتَأْسِيسًا وَمِنْ دَاوُدَ تَجْدِيدًا لِذَلِكَ وَابْتِدَاء بِنَاء فَلَمْ يَكْمُل عَلَى يَده حَتَّى أَكْمَلَهُ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام , لَكِنَّ الِاحْتِمَال الَّذِي ذَكَرَهُ اِبْن الْجَوْزِيّ أَوْجَهُ.
وَقَدْ وَجَدْت مَا يَشْهَد لَهُ وَيُؤَيِّد قَوْل مَنْ قَالَ : إِنَّ آدَم هُوَ الَّذِي أَسَّسَ كُلًّا مِنْ الْمَسْجِدَيْنِ , فَذَكَرَ اِبْن هِشَام فِي " كِتَاب التِّيجَان " أَنَّ آدَم لَمَّا بَنَى الْكَعْبَة أَمَرَهُ اللَّه بِالسَّيْرِ إِلَى بَيْت الْمَقْدِس وَأَنْ يَبْنِيه فَبَنَاهُ وَنَسَكَ فِيهِ , وَبِنَاء آدَم لِلْبَيْتِ مَشْهُور , وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو أَنَّ الْبَيْت رُفِعَ زَمَن الطُّوفَان حَتَّى بَوَّأَهُ اللَّه لِإِبْرَاهِيم.
وَرَوَى اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ طَرِيق مَعْمَر عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : وَضَعَ اللَّه الْبَيْت مَعَ آدَم لَمَّا هَبَطَ , فَفَقَدَ أَصْوَات الْمَلَائِكَة وَتَسْبِيحهمْ , فَقَالَ اللَّه لَهُ : يَا آدَم إِنِّي قَدْ أُهْبِطْت بَيْتًا يُطَاف بِهِ كَمَا يُطَاف حَوْل عَرْشِي فَانْطَلِقْ إِلَيْهِ , فَخَرَجَ آدَم إِلَى مَكَّة ; وَكَانَ قَدْ هَبَطَ بِالْهِنْدِ وَمُدَّ لَهُ فِي خَطْوه فَأَتَى الْبَيْت فَطَافَ بِهِ " وَقِيلَ إِنَّهُ لَمَّا صَلَّى إِلَى الْكَعْبَة أُمِرَ بِالتَّوَجُّهِ إِلَى بَيْت الْمَقْدِس فَاِتَّخَذَ فِيهِ مَسْجِدًا وَصَلَّى فِيهِ لِيَكُونَ قِبْلَة لِبَعْضِ ذُرِّيَّته.
وَأَمَّا ظَنّ الْخَطَّابِيِّ أَنَّ إِيلِيَاء اِسْم رَجُل فَفِيهِ نَظَر , بَلْ هُوَ اِسْم الْبَلَد فَأُضِيفَ إِلَيْهِ الْمَسْجِد كَمَا يُقَال مَسْجِد الْمَدِينَة وَمَسْجِد مَكَّة.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد الْبِكْرِيّ فِي " مُعْجَم الْبُلْدَان " : إِيلِيَاء مَدِينَة بَيْت الْمَقْدِس فِيهِ ثَلَاث لُغَات : مَدّ آخِره وَقَصْره وَحَذْف الْيَاء الْأُولَى , قَالَ الْفَرَزْدَق : لَوَى اِبْن أَبِي الرَّقْرَاق عَيْنَيْهِ بَعْدَمَا دَنَا مِنْ أَعَالِي إِيلِيَاء وَغَوْرَا وَعَلَى مَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ يُمْكِن الْجَمْع بِأَنْ يُقَال : إِنَّهَا سُمِّيَتْ بِاسْمِ بَانِيهَا كَغَيْرِهَا.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ : ( فَصَلَهُ ) بِهَاءٍ سَاكِنَة وَهِيَ هَاء السَّكْت , وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِحَذْفِهَا.
قَوْلُهُ : ( فَإِنَّ الْفَضْل فِيهِ ) أَيْ فِي فِعْل الصَّلَاة إِذَا حَضَرَ وَقْتهَا , زَادَ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ الْأَعْمَش فِي آخِره " وَالْأَرْض لَك مَسْجِد " أَيْ لِلصَّلَاةِ فِيهِ , وَفِي " جَامِع سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ " عَنْ الْأَعْمَش " فَإِنَّ الْأَرْض كُلّهَا مَسْجِد " أَيْ صَالِحَة لِلصَّلَاةِ فِيهَا.
وَيُخَصّ هَذَا الْعُمُوم بِمَا وَرَدَ فِيهِ النَّهْي وَاللَّهُ أَعْلَم.
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلَ قَالَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ فَإِنَّ الْفَضْلَ فِيهِ
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، طلع له أحد فقال: «هذا جبل يحبنا ونحبه، اللهم إن إبراهيم حرم مكة، وإني أحرم ما بين لابتيه...
عن عائشة رضي الله عنهم، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ألم تري أن قومك لما بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم»...
أبو حميد الساعدي رضي الله عنه، أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قولوا: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته،...
عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: لقيني كعب بن عجرة، فقال: ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: بلى، فأهدها لي، فقال: سألنا رسول الل...
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين، ويقول: " إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله الت...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: {رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ول...
عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ارموا بني إسماعيل، فإن أ...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم، من أكرم الناس؟ قال «أكرمهم أتقاهم» قالوا: يا نبي الله، ليس عن هذا نسألك، قال: «فأكرم الن...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «يغفر الله للوط، إن كان ليأوي إلى ركن شديد»