3372- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: {رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي} [البقرة: 260] ويرحم الله لوطا، لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف، لأجبت الداعي
أخرجه مسلم في الإيمان باب زيادة طمأنينة القلب بتظاهر الأدلة.
وفي الفضائل باب من فضائل إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم رقم 151.
(أحق) أولى بالسؤال عن كيفية الإحياء أو الشك فيه لو كان سؤاله شكا ولكنه طلب المزيد من اليقين والاطمئنان.
(ليطمئن) ليسكن ويصير علم اليقين عندي عين اليقين بالمشاهدة / البقرة 260 /.
(يأوي) يستند ويعتمد.
(ركن شديد) قوي وعزيز يمتنع به ويستنصر بذلك صلى الله عليه وسلم إلى قوله تعالى {لو كان أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} / هود 80 /.
قال العيني رحمه الله تعالى وكأنه صلى الله عليه وسلم استغرب ذلك القول وعده نادرا منه إذ لا ركن أشد من الركن الذي كان يأوي إليه.
وقال النووي رحمه الله تعالى يجوز أنه نسي الالتجاء إلى الله في حمايته الأضياف أو أنه التجأ إلى الله فيما بينه وبين الله وأظهر للأضياف العذر وضيق الصدر.
(الداعي) الذي دعاه إلى الخروج من السجن ولأسرعت في الخروج يشير بذلك صلى الله عليه وسلم إلى قوله تعالى {فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن} / يوسف 50 /.
وقوله صلى الله عليه وسلم ذلك تواضع منه حيث إنه وصف يوسف عليه السلام بشدة الصبر ولا يعني ذلك قلة صبره صلى الله عليه وسلم أو أنه صلى الله عليه وسلم يشير إلى الأخذ بالأسهل فيما ليس فيه معصية
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْلُهُ : ( عَنْ أَبِي سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن وَسَعِيد بْن الْمُسَيَّب ) فِي رِوَايَة الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيق عَمْرو بْن الْحَارِث عَنْ يُونُس عَنْ الزُّهْرِيّ " أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَة وَسَعِيد " كَذَا قَالَ يُونُس بْن يَزِيد عَنْ الزُّهْرِيّ , وَرَوَاهُ مَالِك عَنْ الزُّهْرِيّ فَقَالَ " إِنَّ سَعِيد بْن الْمُسَيَّب وَأَبَا عُبَيْدَة أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " وَسَيَأْتِي ذَلِكَ لِلْمُصَنِّفِ قَرِيبًا , وَتَابَعَ مَالِكًا أَبُو أُوَيْس عَنْ الزُّهْرِيّ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَة مِنْ طَرِيقه , وَرَجَحَ ذَلِكَ عِنْد النَّسَائِيِّ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ , وَكَأَنَّ الْبُخَارِيّ جَنَحَ إِلَى تَصْحِيح الطَّرِيقَيْنِ فَأَخْرَجَهُمَا مَعًا , وَهُوَ نَظَر صَحِيح , لِأَنَّ الزُّهْرِيّ صَاحِب حَدِيث , وَهُوَ مَعْرُوف بِالرِّوَايَةِ عَنْ هَؤُلَاءِ فَلَعَلَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُمْ جَمِيعًا , ثُمَّ هُوَ مِنْ الْأَحَادِيث الَّتِي حَدَّثَ بِهَا مَالِك خَارِج الْمُوَطَّأ وَاشْتُهِرَ أَنَّ جُوَيْرِيَةَ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ , وَلَكِنْ تَابَعَهُ سَعِيد بْن دَاوُدَ عَنْ مَالِك أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِب مِنْ طَرِيقه.
قَوْلُهُ : ( نَحْنُ أَحَقّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيم ) سَقَطَ لَفْظ الشَّكّ مِنْ بَعْض الرِّوَايَات.
وَاخْتَلَفَ السَّلَف فِي الْمُرَاد بِالشَّكِّ هُنَا , فَحَمَلَهُ بَعْضهمْ عَلَى ظَاهِره وَقَالَ : كَانَ ذَلِكَ قَبْل النُّبُوَّة , وَحَمَلَهُ أَيْضًا الطَّبَرِيُّ عَلَى ظَاهِره وَجَعَلَ سَبَبه حُصُول وَسْوَسَة الشَّيْطَان , لَكِنَّهَا لَمْ تَسْتَقِرّ وَلَا زَلْزَلَتْ الْإِيمَان الثَّابِت , وَاسْتَنَدَ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ هُوَ وَعَبْد بْنُ حُمَيْدٍ وَابْن أَبِي حَاتِم وَالْحَاكِم مِنْ طَرِيق عَبْد الْعَزِيز الْمَاجِشُونِ عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : أَرْجَى آيَة فِي الْقُرْآن ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى ) الْآيَة , قَالَ اِبْن عَبَّاس : هَذَا لِمَا يَعْرِض فِي الصُّدُور وَيُوَسْوِس بِهِ الشَّيْطَان , فَرَضِيَ اللَّه مِنْ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام بِأَنْ قَالَ : بَلَى.
وَمِنْ طَرِيق مَعْمَر عَنْ قَتَادَةَ عَنْ اِبْن عَبَّاس نَحْوه , وَمِنْ طَرِيق عَلِيّ بْن زَيْد عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيَّب عَنْ اِبْن عَبَّاس نَحْوه , وَهَذِهِ طُرُق يَشُدّ بَعْضهَا بَعْضًا وَإِلَى ذَلِكَ جَنَحَ عَطَاء فَرَوَى اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ طَرِيق اِبْن جُرَيْجٍ " سَأَلْت عَطَاء عَنْ هَذِهِ الْآيَة قَالَ : دَخَلَ قَلْب إِبْرَاهِيم بَعْض مَا يَدْخُل قُلُوب النَّاس فَقَالَ ذَلِكَ " وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيق سَعِيد عَنْ قَتَادَةَ قَالَ " ذُكِرَ لَنَا أَنَّ إِبْرَاهِيم أَتَى عَلَى دَابَّة تَوَزَّعَتْهَا الدَّوَابّ وَالسِّبَاع " وَمِنْ طَرِيق حَجَّاج عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ قَالَ " بَلَغَنِي أَنَّ إِبْرَاهِيم أَتَى عَلَى جِيفَة حِمَار عَلَيْهِ السِّبَاع وَالطَّيْر فَعَجِبَ وَقَالَ : رَبّ لَقَدْ عَلِمْت لَتَجْمَعَنَّهَا , وَلَكِنْ رَبّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى " وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى تَأْوِيل ذَلِكَ , فَرَوَى الطَّبَرِيُّ وَابْن أَبِي حَاتِم مِنْ طَرِيق السُّدِّيِّ قَالَ " لَمَّا اِتَّخَذَ اللَّه إِبْرَاهِيم خَلِيلًا اِسْتَأْذَنَهُ مَلَك الْمَوْت أَنْ يُبَشِّرهُ فَأَذِنَ لَهُ " فَذَكَرَ قِصَّة مَعَهُ فِي كَيْفِيَّة قَبْض رُوح الْكَافِر وَالْمُؤْمِن , قَالَ " فَقَامَ إِبْرَاهِيم يَدْعُو رَبّه : رَبّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى حَتَّى أَعْلَم أَنِّي خَلِيلك " وَرَوَى اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ طَرِيق أَبِي الْعَوَّام عَنْ أَبِي سَعِيد قَالَ " لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي بِالْخُلَّةِ " وَمِنْ طَرِيق قَيْس بْن مُسْلِم عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر قَالَ " لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي أَنِّي خَلِيلك " وَمِنْ طَرِيق الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس " لِأَعْلَم أَنَّك أَجَبْت دُعَائِي ".
وَمِنْ طَرِيق عَلِيّ بْن اِبْن طَلْحَة عَنْهُ " لِأَعْلَم أَنَّك تُجِيبنِي إِذَا دَعَوْتُك ".
وَإِلَى هَذَا الْأَخِير جَنَحَ الْقَاضِي أَبُو بَكْر الْبَاقِلَّانِيّ , وَحَكَى اِبْن التِّين عَنْ الدَّاوُدِيّ الشَّارِح أَنَّهُ قَالَ : طَلَبَ إِبْرَاهِيم ذَلِكَ لِتَذْهَب عَنْهُ شِدَّة الْخَوْف , قَالَ اِبْن التِّين : وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنِ ; وَقِيلَ كَانَ سَبَب ذَلِكَ أَنَّ نُمْرُودَ لَمَّا قَالَ لَهُ مَا رَبُّك ؟ قَالَ رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ , فَذَكَرَ مَا قَصَّ اللَّه مِمَّا جَرَى بَيْنهمَا , فَسَأَلَ إِبْرَاهِيم بَعْد ذَلِكَ رَبّه أَنْ يُرِيه كَيْفِيَّة إِحْيَاء الْمَوْتَى مِنْ غَيْر شَكّ مِنْهُ فِي الْقُدْرَة , وَلَكِنْ أَحَبَّ ذَلِكَ وَاشْتَاقَ إِلَيْهِ فَأَرَادَ أَنْ يَطْمَئِنّ قَلْبه بِحُصُولِ مَا أَرَادَهُ , أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ اِبْن إِسْحَاق.
وَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ طَرِيق الْحَكَم بْن أَبَانَ عَنْ عِكْرِمَة قَالَ : الْمُرَاد لِيَطْمَئِنّ قَلْبِي أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّك تُحْيِي الْمَوْتَى.
وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَقْدِرنِي عَلَى إِحْيَاء الْمَوْتَى فَتَأَدَّبَ فِي السُّؤَال.
وَقَالَ اِبْن الْحِصَار : إِنَّمَا سَأَلَ أَنْ يُحْيِي اللَّه الْمَوْتَى عَلَى يَدَيْهِ فَلِهَذَا قِيلَ لَهُ فِي الْجَوَاب ( فَصُرْهُنَّ إِلَيْك ).
وَحَكَى اِبْن التِّين عَنْ بَعْض مَنْ لَا تَحْصِيل عِنْده أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ : ( قَلْبِي ) رَجُلًا صَالِحًا كَانَ يَصْحَبهُ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ , وَأَبْعَد مِنْهُ مَا حَكَاهُ الْقُرْطُبِيّ الْمُفَسِّر عَنْ بَعْض الصُّوفِيَّة أَنَّهُ سَأَلَ مِنْ رَبّه أَنْ يُرِيه كَيْف يُحْيِي الْقُلُوب , وَقِيلَ أَرَادَ طُمَأْنِينَة النَّفْس بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّة , وَقِيلَ مَحَبَّة الْمُرَاجَعَة فِي السُّؤَال.
ثُمَّ اِخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَحْنُ أَحَقّ بِالشَّكِّ " فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ نَحْنُ أَشَدّ اِشْتِيَاقًا إِلَى رُؤْيَة ذَلِكَ مِنْ إِبْرَاهِيم , وَقِيلَ مَعْنَاهُ إِذَا لَمْ نَشُكّ نَحْنُ فَإِبْرَاهِيم أَوْلَى أَنْ لَا يَشُكّ , أَيْ لَوْ كَانَ الشَّكّ مُتَطَرِّفًا إِلَى الْأَنْبِيَاء لَكُنْت أَنَا أَحَقّ بِهِ مِنْهُمْ , وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي لَمْ أَشُكّ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَمْ يَشُكّ.
وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ تَوَاضُعًا مِنْهُ , أَوْ مِنْ قَبْل أَنْ يُعْلِمهُ اللَّه بِأَنَّهُ أَفْضَل مِنْ إِبْرَاهِيم , وَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي حَدِيث أَنَس عِنْد مُسْلِم " أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا خَيْر الْبَرِّيَّة , قَالَ ذَاكَ إِبْرَاهِيم " وَقِيلَ إِنَّ سَبَب هَذَا الْحَدِيث أَنَّ الْآيَة لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ بَعْض النَّاس : شَكَّ إِبْرَاهِيم وَلَمْ يَشُكّ نَبِيّنَا فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَقَالَ : نَحْنُ أَحَقّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيم , وَأَرَادَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَة فِي الْمُخَاطَبَة لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْفَع عَنْ آخَر شَيْئًا قَالَ : مَهْمَا أَرَدْت أَنْ تَقُولهُ لِفُلَانٍ فَقُلْهُ لِي , وَمَقْصُوده لَا تَقُلْ ذَلِكَ وَقِيلَ : أَرَادَ بِقَوْلِهِ نَحْنُ أُمَّته الَّذِينَ يَجُوز عَلَيْهِمْ الشَّكّ وَأَخْرَجَهُ هُوَ مِنْهُ بِدَلَالَةِ الْعِصْمَة.
وَقِيلَ : مَعْنَاهُ هَذَا الَّذِي تَرَوْنَ أَنَّهُ شَكّ أَنَا أَوْلَى بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَكٍّ إِنَّمَا هُوَ طَلَب لِمَزِيدِ الْبَيَان.
وَحَكَى بَعْض عُلَمَاء الْعَرَبِيَّة أَنَّ أَفْعَل رُبَّمَا جَاءَتْ لِنَفْيِ الْمَعْنَى عَنْ الشَّيْئَيْنِ نَحْو قَوْله تَعَالَى ( أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ ) أَيْ لَا خَيْرَ فِي الْفَرِيقَيْنِ , وَنَحْو قَوْل الْقَائِل : الشَّيْطَانُ خَيْرٌ مِنْ فُلَان أَيْ لَا خَيْر فِيهِمَا , فَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى قَوْله " نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيم " لَا شَكَّ عِنْدنَا جَمِيعًا.
وَقَالَ اِبْن عَطِيَّة : تَرْجَمَ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيره فَقَالَ : وَقَالَ آخَرُونَ شَكَّ إِبْرَاهِيم فِي الْقُدْرَة.
وَذَكَرَ أَثَر اِبْن عَبَّاس وَعَطَاء , قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَمَحْمَل قَوْل اِبْن عَبَّاس عِنْدِي " أَنَّهَا أَرْجَى آيَة " لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِدْلَال عَلَى اللَّه وَسُؤَال الْأَحْيَاء فِي الدُّنْيَا , أَوْ لِأَنَّ الْإِيمَان يَكْفِي فِيهِ الْإِجْمَال وَلَا يَحْتَاج إِلَى تَنْقِير وَبَحْث.
قَالَ : وَمَحْمَل قَوْل عَطَاء " دَخَلَ قَلْب إِبْرَاهِيم بَعْض مَا يَدْخُل قُلُوب النَّاس " أَيْ مِنْ طَلَب الْمُعَايَنَة.
قَالَ وَأَمَّا الْحَدِيث فَمَبْنِيّ عَلَى نَفْي الشَّكّ , وَالْمُرَاد بِالشَّكِّ فِيهِ الْخَوَاطِر الَّتِي لَا تَثْبُت , وَأَمَّا الشَّكّ الْمُصْطَلَح وَهُوَ التَّوَقُّف بَيْن الْأَمْرَيْنِ مِنْ غَيْر مَزِيَّة لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَر فَهُوَ مَنْفِيّ عَنْ الْخَلِيل قَطْعًا لِأَنَّهُ يَبْعُد وُقُوعه مِمَّنْ رَسَخَ الْإِيمَان فِي قَلْبه فَكَيْفَ بِمَنْ بَلَغَ رُتْبَة النُّبُوَّة.
قَالَ : وَأَيْضًا فَإِنَّ السُّؤَال لَمَّا وَقَعَ بِكَيْفَ دَلَّ عَلَى حَال شَيْء مِنْ مَوْجُود مُقَرَّر عِنْد السَّائِل وَالْمَسْئُول , كَمَا تَقُول كَيْفَ عِلْم فُلَان ؟ فَكَيْفَ فِي الْآيَة سُؤَال عَنْ هَيْئَة الْإِحْيَاء لَا عَنْ نَفْس الْإِحْيَاء فَإِنَّهُ ثَابِت مُقَرَّر.
وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : إِنَّمَا صَارَ أَحَقّ مِنْ إِبْرَاهِيم لِمَا عَانَى مِنْ تَكْذِيب قَوْمه وَرَدّهمْ عَلَيْهِ وَتَعَجُّبهمْ مِنْ أَمْر الْبَعْث فَقَالَ : أَنَا أَحَقّ أَنْ أَسْأَل مَا سَأَلَ إِبْرَاهِيم , لِعَظِيمِ مَا جَرَى لِي مَعَ قَوْمِي الْمُنْكِرِينَ لِإِحْيَاءِ الْمَوْتَى وَلِمَعْرِفَتِي بِتَفْضِيلِ اللَّه لِي , وَلَكِنْ لَا أَسْأَل فِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ : ( قَالَ أَوَ لَمْ تُؤْمِنْ ) الِاسْتِفْهَام لِلتَّقْرِيرِ , وَوَجْهه أَنَّهُ طَلَب الْكَيْفِيَّة وَهُوَ مُشْعِر بِالتَّصْدِيقِ بِالْإِحْيَاءِ.
قَوْلُهُ : ( بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) أَيْ لِيَزِيدَ سُكُونًا بِالْمُشَاهَدَةِ الْمُنْضَمَّة إِلَى اِعْتِقَاد الْقَلْب , لِأَنَّ تَظَاهُر الْأَدِلَّة أَسْكَن لِلْقُلُوبِ , وَكَأَنَّهُ قَالَ أَنَا مُصَدِّق , وَلَكِنْ لِلْعِيَانِ لَطِيف مَعْنَى.
وَقَالَ عِيَاض : لَمْ يَشُكّ إِبْرَاهِيم بِأَنَّ اللَّه يُحْيِي الْمَوْتَى , وَلَكِنْ أَرَادَ طُمَأْنِينَة الْقَلْب وَتَرْك الْمُنَازَعَة لِمُشَاهَدَةِ الْإِحْيَاء فَحَصَلَ لَهُ الْعِلْم الْأَوَّل بِوُقُوعِهِ , وَأَرَادَ الْعِلْم الثَّانِي بِكَيْفِيَّتِهِ وَمُشَاهَدَته , وَيُحْتَمَل أَنَّهُ سَأَلَ زِيَادَة الْيَقِين وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَوَّل شَكّ لِأَنَّ الْعُلُوم قَدْ تَتَفَاوَت فِي قُوَّتهَا فَأَرَادَ التَّرَقِّي مِنْ عِلْم الْيَقِين إِلَى عَيْن الْيَقِين وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ : ( وَيَرْحَم اللَّه لُوطًا إِلَخْ ) يَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ قَرِيبًا فِي تَرْجَمَة لُوط.
قَوْلُهُ : ( وَلَوْ لَبِثْت فِي السِّجْن طُول مَا لَبِثَ , يُوسُف لَأَجَبْت الدَّاعِي ) أَيْ أَسْرَعْت الْإِجَابَة فِي الْخُرُوج مِنْ السِّجْن وَلَمَا قَدَّمْت طَلَب الْبَرَاءَة , فَوَصَفَهُ بِشِدَّةِ الصَّبْر حَيْثُ لَمْ يُبَادِر بِالْخُرُوجِ وَإِنَّمَا قَالَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَاضُعًا , وَالتَّوَاضُع لَا يَحُطّ مَرْتَبَة الْكَبِير بَلْ يَزِيدهُ رِفْعَة وَجَلَالًا , وَقِيلَ هُوَ مِنْ جِنْس قَوْله " لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى يُونُسَ " وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ قَالَهُ قَبْل أَنْ يَعْلَم أَنَّهُ أَفْضَل مِنْ الْجَمِيع , وَسَيَأْتِي تَكْمِلَة لِهَذَا الْحَدِيث فِي قِصَّة يُوسُف.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوْ لَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لَأَجَبْتُ الدَّاعِيَ
عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ارموا بني إسماعيل، فإن أ...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم، من أكرم الناس؟ قال «أكرمهم أتقاهم» قالوا: يا نبي الله، ليس عن هذا نسألك، قال: «فأكرم الن...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «يغفر الله للوط، إن كان ليأوي إلى ركن شديد»
عن عبد الله رضي الله عنه، قال: " قرأ النبي صلى الله عليه وسلم: {فهل من مدكر}
عن عبد الله بن زمعة، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر الذي عقر الناقة، قال: «انتدب لها رجل ذو عز ومنعة في قومه كأبي زمعة»
حدثنا محمد بن مسكين أبو الحسن حدثنا يحيى بن حسان بن حيان أبو زكرياء حدثنا سليمان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله...
عن نافع، أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أخبره أن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض ثمود، الحجر، فاستقوا من بئرها، واعتجنوا به، فأمره...
سالم بن عبد الله، عن أبيه، رضي الله عنهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بالحجر قال: «لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين، أن...
عن سالم، أن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، إلا أن تكونوا باكين، أن يصيبكم مثل ما أصابهم»