3441- عن سالم، عن أبيه، قال: لا والله ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعيسى أحمر، ولكن قال: " بينما أنا نائم أطوف بالكعبة، فإذا رجل آدم، سبط الشعر، يهادى بين رجلين، ينطف رأسه ماء، أو يهراق رأسه ماء، فقلت: من هذا؟ قالوا: ابن مريم، فذهبت ألتفت، فإذا رجل أحمر جسيم، جعد الرأس، أعور عينه اليمنى، كأن عينه عنبة طافية، قلت: من هذا؟ قالوا: هذا الدجال، وأقرب الناس به، شبها ابن قطن " قال الزهري: رجل من خزاعة، هلك في الجاهلية
(ينطف) يقطر.
(يهراق) يسيل منه الماء
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد الْمَكِّيّ ) هُوَ الْأَزْرَقِيّ وَاسْم جَدّه الْوَلِيد بْن عُقْبَة , وَوَهَمَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ الْقَوَّاس وَاسْم جَدّ الْقَوَّاس عَوْن.
قَوْله : ( عَنْ سَالِم ) هُوَ اِبْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر.
قَوْله : ( لَا وَاَللَّه مَا قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِيسَى أَحْمَر ) اللَّام فِي قَوْله " لِعِيسَى " بِمَعْنَى عَنْ وَهِيَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ) وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَان الْجَمْع بَيْن مَا أَنْكَرَهُ اِبْن عُمَر وَأَثْبَتَهُ غَيْره , وَفِيهِ جَوَاز الْيَمِين عَلَى غَلَبَة الظَّنّ لِأَنَّ اِبْن عُمَر ظَنَّ أَنَّ الْوَصْف اِشْتَبَهَ عَلَى الرَّاوِي وَأَنَّ الْمَوْصُوف بِكَوْنِهِ أَحْمَر إِنَّمَا هُوَ الدَّجَّال لَا عِيسَى , وَقُرْب ذَلِكَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُقَال لَهُ الْمَسِيح وَهِيَ صِفَة مَدْح لِعِيسَى وَصِفَة ذَمّ لِلدَّجَّالِ كَمَا تَقَدَّمَ , وَكَأَنَّ اِبْن عُمَر قَدْ سَمِعَ سَمَاعًا جَزْمًا فِي وَصْف عِيسَى أَنَّهُ آدَم فَسَاغَ لَهُ الْحَلِف عَلَى ذَلِكَ لَمَّا غَلَبَ عَلَى ظَنّه أَنَّ مَنْ وَصَفَهُ بِأَنَّهُ أَحْمَر وَاهِم.
قَوْله : ( بَيْنَا أَنَا نَائِم أَطُوف بِالْكَعْبَةِ ) هَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ رُؤْيَته لِلْأَنْبِيَاءِ فِي هَذِهِ الْمَرَّة غَيْر الْمَرَّة الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة , فَإِنَّ تِلْكَ كَانَتْ لَيْلَة الْإِسْرَاء وَإِنْ كَانَ قَدْ قِيلَ فِي الْإِسْرَاء إِنَّ جَمِيعه مَنَام , لَكِن الصَّحِيح أَنَّهُ كَانَ فِي الْيَقِظَة , وَقِيلَ : كَانَ مَرَّتَيْنِ أَوْ مِرَارًا كَمَا سَيَأْتِي فِي مَكَانه , وَمِثْله مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَد مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَهُ " لَيْلَة أُسْرِيَ بِي وَضَعْت قَدَمِي حَيْثُ يَضَع الْأَنْبِيَاء أَقْدَامهمْ مِنْ بَيْت الْمَقْدِس , فَعُرِضَ عَلَيَّ عِيسَى اِبْن مَرْيَم " الْحَدِيث , قَالَ عِيَاض : رُؤْيَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْبِيَاءِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث إِنْ كَانَ مَنَامًا فَلَا إِشْكَال فِيهِ , وَإِنْ كَانَ فِي الْيَقِظَة فَفِيهِ إِشْكَال.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَجّ وَيَأْتِي فِي اللِّبَاس مِنْ رِوَايَة اِبْن عَوْن عَنْ مُجَاهِد عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي حَدِيث الْبَاب مِنْ الزِّيَادَة " وَأَمَّا مُوسَى فَرَجُل آدَم جَعْد عَلَى جَمَل أَحْمَر مَخْطُوم بِخُلْبَةِ , كَأَنِّي أَنْظُر إِلَيْهِ إِذَا اِنْحَدَرَ فِي الْوَادِي " وَهَذَا مِمَّا يَزِيد الْإِشْكَال.
وَقَدْ قِيلَ عَنْ ذَلِكَ أَجْوِبَة : أَحَدهَا أَنَّ الْأَنْبِيَاء أَفْضَل مِنْ الشُّهَدَاء وَالشُّهَدَاء أَحْيَاء عِنْد رَبّهمْ فَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاء فَلَا يَبْعُد أَنْ يُصَلُّوا وَيَحُجُّوا وَيَتَقَرَّبُوا إِلَى اللَّه بِمَا اِسْتَطَاعُوا مَا دَامَتْ الدُّنْيَا وَهِيَ دَارَ تَكْلِيف بَاقِيَة.
ثَانِيهَا : أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيَ حَالهمْ الَّتِي كَانُوا فِي حِيَاتهمْ عَلَيْهَا فَمَثَلُوا لَهُ كَيْف كَانُوا وَكَيْف كَانَ حَجّهمْ وَتَلْبِيَتهمْ , وَلِهَذَا قَالَ أَيْضًا فِي رِوَايَة أَبِي الْعَالِيَة عَنْ اِبْن عَبَّاس عِنْد مُسْلِم " كَأَنِّي أَنْظُر إِلَى مُوسَى , وَكَأَنِّي أَنْظُر إِلَى يُونُس ".
ثَالِثهَا : أَنْ يَكُون أَخْبَرَ عَمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَمْرهمْ وَمَا كَانَ مِنْهُمْ.
فَلِهَذَا أَدْخَلَ حَرْف التَّشْبِيه فِي الرِّوَايَة , وَحَيْثُ أَطْلَقَهَا فَهِيَ مَحْمُولَة عَلَى ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ جَمَعَ الْبَيْهَقِيُّ كِتَابًا لَطِيفًا فِي حَيَاة الْأَنْبِيَاء فِي قُبُورهمْ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيث أَنَس " الْأَنْبِيَاء أَحْيَاء فِي قُبُورهمْ يُصَلُّونَ " أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيق يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير وَهُوَ مِنْ رِجَال الصَّحِيح عَنْ الْمُسْتَلِم بْن سَعِيد , وَقَدْ وَثَّقَهُ أَحْمَد وَابْن حِبَّانَ عَنْ الْحَجَّاج الْأَسْوَد وَهُوَ اِبْن أَبِي زِيَاد الْبَصْرِيّ وَقَدْ وَثَّقَهُ أَحْمَد وَابْن مُعِين عَنْ ثَابِت عَنْهُ , وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَده مِنْ هَذَا الْوَجْه وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّار لَكِنْ وَقَعَ عِنْده عَنْ حَجَّاج الصَّوَّاف وَهُوَ وَهْم وَالصَّوَاب الْحَجَّاج الْأَسْوَد كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيح بِهِ فِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيِّ وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ.
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيق الْحَسَن بْن قُتَيْبَة عَنْ الْمُسْتَلِم , وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْبَزَّار وَابْن عَدِيّ , وَالْحَسَن بْن قُتَيْبَة ضَعِيف.
وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَة مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى أَحَد فُقَهَاء الْكُوفَة عَنْ ثَابِت بِلَفْظِ آخَر قَالَ : " إِنَّ الْأَنْبِيَاء لَا يُتْرَكُونَ فِي قُبُورهمْ بَعْد أَرْبَعِينَ لَيْلَة وَلَكِنَّهُمْ يُصَلُّونَ بَيْن يَدَيْ اللَّه حَتَّى يُنْفَخ فِي الصُّوَر " وَمُحَمَّد سَيِّئ الْحِفْظ.
وَذَكَرَ الْغَزَالِيّ ثُمَّ الرَّافِعِيّ حَدِيثًا مَرْفُوعًا " أَنَا أَكْرَم عَلَى رَبِّي مِنْ أَنْ يَتْرُكنِي فِي قَبْرِي بَعْد ثَلَاث وَلَا أُصَلِّي لَهُ " إِلَّا إِنْ أُخِذَ مِنْ رِوَايَة اِبْن أَبِي لَيْلَى هَذِهِ وَلَيْسَ الْأَخْذ بِجَيِّدِ لِأَنَّ رِوَايَة اِبْن أَبِي لَيْلَى قَابِلَة لِلتَّأْوِيلِ , قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : إِنْ صَحَّ فَالْمُرَاد أَنَّهُمْ لَا يُتْرَكُونَ يُصَلُّونَ إِلَّا هَذَا الْمِقْدَار ثُمَّ يَكُونُونَ مُصَلِّينَ بَيْن يَدَيْ اللَّه , قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : وَشَاهِد الْحَدِيث الْأَوَّل مَا ثَبَتَ فِي صَحِيح مُسْلِم مِنْ رِوَايَة حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ أَنَس رَفَعَهُ " مَرَرْت بِمُوسَى لَيْلَة أُسْرِيَ بِي عِنْد الْكَثِيب الْأَحْمَر وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فِي قَبْره " وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَنَس , فَإِنْ قِيلَ هَذَا خَاصّ بِمُوسَى قُلْنَا قَدْ وَجَدْنَا لَهُ شَاهِدًا مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة أَخْرَجَهُ مُسْلِم أَيْضًا مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن الْفَضْل عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَهُ " لَقَدْ رَأَيْتنِي فِي الْحِجْر وَقُرَيْش تَسْأَلنِي عَنْ مَسْرَايَ " الْحَدِيث وَفِيهِ " وَقَدْ رَأَيْتنِي فِي جَمَاعَة مِنْ الْأَنْبِيَاء فَإِذَا مُوسَى قَائِم يُصَلِّي , فَإِذَا رَجُل ضَرْب كَأَنَّهُ وَفِيهِ : وَإِذَا عِيسَى اِبْن مَرْيَم قَائِم يُصَلِّي أَقْرَب النَّاس بِهِ شَبَهًا عُرْوَة بْن مَسْعُود , وَإِذَا إِبْرَاهِيم قَائِم يُصَلِّي أَشْبَهَ النَّاس بِهِ صَاحِبكُمْ , فَحَانَتْ الصَّلَاة فَأَمَمْتهمْ " قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : وَفِي حَدِيث سَعِيد بْن الْمُسَيِّب عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ لَقِيَهُمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِس فَحَضَرَتْ الصَّلَاة فَأَمَّهُمْ نَبِيّنَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ اِجْتَمَعُوا فِي بَيْت الْمَقْدِس.
وَفِي حَدِيث أَبِي ذَرّ وَمَالك بْن صَعْصَعَة فِي قِصَّة الْإِسْرَاء أَنَّهُ لَقِيَهُمْ بِالسَّمَوَاتِ , وَطُرُق ذَلِكَ صَحِيحَة , فَيُحْمَل عَلَى أَنَّهُ رَأَى مُوسَى قَائِمًا يُصَلِّي فِي قَبْره , ثُمَّ عَرَجَ بِهِ هُوَ وَمِنْ ذُكِرَ مِنْ الْأَنْبِيَاء إِلَى السَّمَاوَات فَلَقِيَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ اِجْتَمَعُوا فِي بَيْت الْمَقْدِس فَحَضَرَتْ الصَّلَاة فَأَمَّهُمْ نَبِيّنَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ : وَصَلَاتهمْ فِي أَوْقَات مُخْتَلِفَة وَفِي أَمَاكِن مُخْتَلِفَة لَا يَرُدّهُ الْعَقْل , وَقَدْ ثَبَتَ بِهِ النَّقْل , فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى حَيَاتهمْ.
قُلْت : وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُمْ أَحْيَاء مِنْ حَيْثُ النَّقْل فَإِنَّهُ يُقَوِّيه مِنْ حَيْثُ النَّظَر كَوْن الشُّهَدَاء أَحْيَاء بِنَصِّ الْقُرْآن , وَالْأَنْبِيَاء أَفْضَل مِنْ الشُّهَدَاء.
وَمِنْ شَوَاهِد الْحَدِيث مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَهُ وَقَالَ فِيهِ : " وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتكُمْ تَبْلُغنِي حَيْثُ كُنْتُمْ " سَنَده صَحِيح , وَأَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخ فِي " كِتَاب الثَّوَاب " بِسَنَد جَيِّد بِلَفْظِ " مَنْ صَلَّى عَلَيَّ عِنْد قَبْرِي سَمِعْته , وَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ نَائِيًا بُلِّغْته " وَعِنْد أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيّ وَصَحَّحَهُ اِبْن خُزَيْمَةَ وَغَيْره عَنْ أَوْس بْن أَوْس رَفَعَهُ فِي فَضْل يَوْم الْجُمُعَة " فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاة فِيهِ فَإِنَّ صَلَاتكُمْ مَعْرُوضَة عَلَيَّ.
قَالُوا يَا رَسُول اللَّه وَكَيْف تُعْرَض صَلَاتنَا عَلَيْك وَقَدْ أَرِمْت ؟ قَالَ : إِنَّ اللَّه حَرَّمَ عَلَى الْأَرْض أَنْ تَأْكُل أَجْسَاد الْأَنْبِيَاء " وَمِمَّا يُشْكِل عَلَى مَا تَقَدَّمَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَهُ " مَا مِنْ أَحَد يُسَلِّم عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّه عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدّ عَلَيْهِ السَّلَام " وَرُوَاته ثِقَات.
وَوَجْه الْإِشْكَال فِيهِ أَنَّ ظَاهِره أَنَّ عَوْد الرُّوح إِلَى الْجَسَد يَقْتَضِي اِنْفِصَالهَا عَنْهُ وَهُوَ الْمَوْت , وَقَدْ أَجَابَ الْعُلَمَاء عَنْ ذَلِكَ بِأَجْوِبَةٍ : أَحَدهَا : أَنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ : " رَدَّ اللَّه عَلَيَّ رُوحِيّ " أَنَّ رَدَّ رُوحه كَانَتْ سَابِقَة عَقِب دَفْنه لَا أَنَّهَا تُعَاد ثُمَّ تُنْزَع ثُمَّ تُعَاد.
الثَّانِي : سَلَّمْنَا , لَكِنْ لَيْسَ هُوَ نَزْع مَوْت بَلْ لَا مَشَقَّة فِيهِ.
الثَّالِث : أَنَّ الْمُرَاد بِالرُّوحِ الْمَلَك الْمُوَكَّل بِذَلِكَ.
الرَّابِع : الْمُرَاد بِالرُّوحِ النُّطْق فَتَجُوز فِيهِ مِنْ جِهَة خِطَابنَا بِمَا نَفْهَمهُ.
الْخَامِس : أَنَّهُ يَسْتَغْرِق فِي أُمُور الْمَلَأ الْأَعْلَى , فَإِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ رَجَعَ إِلَيْهِ فَهْمه لِيُجِيبَ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ.
وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ ذَلِكَ مِنْ جِهَة أُخْرَى , وَهُوَ أَنَّهُ يَسْتَلْزِم اِسْتِغْرَاق الزَّمَان كُلّه فِي ذَلِكَ لِاتِّصَالِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَلَيْهِ فِي أَقْطَار الْأَرْض مِمَّنْ لَا يُحْصَى كَثْرَة , وَأُجِيبَ بِأَنَّ أُمُور الْآخِرَة لَا تُدْرَك بِالْعَقْلِ , وَأَحْوَال الْبَرْزَخ أَشْبَهَ بِأَحْوَالِ الْآخِرَة وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْله : ( سَبِط الشَّعْر ) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ.
قَوْله : ( يُهَادَى ) أَيْ يَمْشِي مُتَمَايِلًا بَيْنهمَا.
قَوْله : ( يَنْطِف ) بِكَسْرِ الطَّاء الْمُهْمَلَة أَيْ يَقْطُر وَمِنْهُ النُّطْفَة ; كَذَا قَالَ الدَّاوُدِيُّ , وَقَالَ غَيْره النُّطْفَة الْمَاء الصَّافِي.
وَقَوْله : " أَوْ يُهَرَاق " هُوَ شَكّ مِنْ الرَّاوِي.
قَوْله : ( أَعْوَر عَيْنه الْيُمْنَى ) كَذَا هُوَ بِالْإِضَافَةِ وَعَيْنه بِالْجَرِّ لِلْأَكْثَرِ وَهُوَ مِنْ إِضَافَة الْمَوْصُوف إِلَى صِفَته وَهُوَ جَائِز عِنْد الْكُوفِيِّينَ وَتَقْدِيره عِنْد الْبَصْرِيِّينَ عَيْن صَفْحَة وَجْهه الْيُمْنَى , وَرَوَاهُ الْأَصِيلِيّ " عَيْنه " بِالرَّفْعِ كَأَنَّهُ وَقَفَ عَلَى وَصْفه أَنَّهُ أَعْوَر وَابْتَدَأَ الْخَبَر عَنْ صِفَة عَيْنه فَقَالَ : " عَيْنه كَأَنَّهَا كَذَا " وَأَبْرَزَ الضَّمِير.
وَفِيهِ نَظَر لِأَنَّهُ يَصِير كَأَنَّهُ قَالَ عَيْنه كَأَنَّ عَيْنه , وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون رُفِعَ عَلَى الْبَدَل مِنْ الضَّمِير فِي أَعْوَر الرَّاجِع عَلَى الْمَوْصُوف وَهُوَ بَدَل بَعْض مِنْ كُلّ , وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ : لَا يَجُوز أَنْ يَرْتَفِع بِالصِّفَةِ كَمَا تُرْفَع الصِّفَة الْمُشَبَّهَة بِاسْمِ الْفَاعِل لِأَنَّ أَعْوَر لَا يَكُون نَعْتًا إِلَّا لِمُذَكَّرٍ , وَيَجُوز أَنْ تَكُون عَيْنه مُرْتَفِعَة بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بَعْدهَا الْخَبَر , وَقَوْله : " كَأَنَّ عِنَبَة طَافِيَة " بِالنَّصْبِ عَلَى اِسْم كَأَنَّ وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره كَأَنَّ فِي وَجْهه , وَشَاهِده قَوْل الشَّاعِر إِنْ مَحِلًّا وَإِنَّ مُرْتَحِلًا أَيْ إِنَّ لَنَا مَحَلًّا وَإِنَّ لَنَا مُرْتَحِلًا.
قَوْله : ( كَأَنَّ عِنَبَة طَافِيَة ) كَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيّ وَلِغَيْرِهِ " كَأَنَّ عَيْنه عِنَبَة طَافِيَة " وَقَدْ تَقَدَّمَ ضَبْطه قَبْل.
قَوْله : ( وَأَقْرَب النَّاس بِهِ شَبَهًا اِبْن قَطَن , قَالَ الزُّهْرِيّ ) أَيْ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور ( رَجُل ) أَيْ اِبْن قَطَن ( مِنْ خُزَاعَة هَلَكَ فِي الْجَاهِلِيَّة ) .
قُلْت : اِسْمه عَبْد الْعُزَّى بْن قَطَن بْن عَمْرو بْن جُنْدُب بْن سَعِيد بْن عَائِذ بْن مَالِك بْن الْمُصْطَلِق , وَأُمّه هَالَة بِنْت خُوَيْلِد , أَفَادَهُ الدِّمْيَاطِيّ قَالَ : وَقَالَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ أَكْثَم بْن أَبِي الْجَوْن وَأَنَّهُ قَالَ : " يَا رَسُول اللَّه هَلْ يَضُرّنِي شَبَهه ؟ قَالَ : لَا , أَنْتَ مُسْلِم وَهُوَ كَافِر " حَكَاهُ عَنْ اِبْن سَعْد , وَالْمَعْرُوف فِي الَّذِي شَبَّهَ بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَم بْن عَمْرو بْن لُحَيّ جَدّ خُزَاعَة لَا الدَّجَّال ; كَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَغَيْره , وَفِيهِ دَلَالَة عَلَى أَنَّ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ الدَّجَّال لَا يَدْخُل الْمَدِينَة وَلَا مَكَّة " أَيْ فِي زَمَن خُرُوجه , وَلَمْ يَرِد بِذَلِكَ نَفْي دُخُوله فِي الزَّمَن الْمَاضِي , وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَا وَاللَّهِ مَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِعِيسَى أَحْمَرُ وَلَكِنْ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً أَوْ يُهَرَاقُ رَأْسُهُ مَاءً فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا ابْنُ مَرْيَمَ فَذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ جَعْدُ الرَّأْسِ أَعْوَرُ عَيْنِهِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا هَذَا الدَّجَّالُ وَأَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ قَالَ الزُّهْرِيُّ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ هَلَكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ
عن الزهري، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «أنا أولى الناس بابن مريم، وال...
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد»...
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " رأى عيسى ابن مريم رجلا يسرق، فقال له: أسرقت؟ قال: كلا والله الذي لا إله إلا هو، فقال عيسى: آمنت بالل...
عن ابن عباس، سمع عمر رضي الله عنه، يقول على المنبر: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تطروني، كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا...
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أدب الرجل أمته فأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها ك...
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تحشرون حفاة، عراة، غرلا، ثم قرأ: {كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعل...
عن ابن شهاب أن سعيد بن المسيب، سمع أبا هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما...
عن نافع، مولى أبي قتادة الأنصاري، أن أبا هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم، وإمامكم منكم»، تابعه عقيل، وال...
عن ربعي بن حراش، قال: قال عقبة بن عمرو، لحذيفة: ألا تحدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: إني سمعته يقول: «إن مع الدجال إذا خرج ماء ون...