حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

ما جاء في وصف النبي ﷺ - صحيح البخاري

صحيح البخاري | كتاب المناقب باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم (حديث رقم: 3547 )


3547- عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، قال: سمعت أنس بن مالك، يصف النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «كان ربعة من القوم ليس بالطويل ولا بالقصير، أزهر اللون ليس بأبيض، أمهق ولا آدم، ليس بجعد قطط، ولا سبط رجل أنزل عليه وهو ابن أربعين، فلبث بمكة عشر سنين ينزل عليه، وبالمدينة عشر سنين، وقبض وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء» قال ربيعة: «فرأيت شعرا من شعره، فإذا هو أحمر فسألت فقيل احمر من الطيب»

أخرجه البخاري


أخرجه مسلم في الفضائل باب في صفة النبي صلى الله عليه وسلم ومبعثه وسنه رقم 2347.
(أزهر اللون) أبيض مشرب بحمرة.
(أمهق) خالص البياض.
(آدم) شديد السمرة.
(بجعد) متكسر الشعر.
(قطط) شديد الجعودة.
(سبط) مسترسل الشعر ضد الجعد.
(رجل) منسرح الشعر.
(فلبث بمكة عشر سنين) أي بعد الأمر بالجهر بالدعوة وبعد أن حمي الوحي وتتابع

شرح حديث (ما جاء في وصف النبي ﷺ)

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

حَدِيث أَنَس مِنْ رِوَايَة رَبِيعَة عَنْهُ , وَهُوَ اِبْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن فَرُّوخ الْفَقِيه الْمَدَنِيّ الْمَعْرُوف بِرَبِيعَة الرَّأْي , وَقَدْ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ : ‏ ‏أَحَدهمَا : مِنْ رِوَايَة خَالِد , وَهُوَ اِبْن يَزِيد الْجُمَحِيّ الْمِصْرِيّ , وَكَانَ مِنْ أَقْرَان اللَّيْث بْن سَعْد لَكِنَّهُ مَاتَ قَبْله , وَقَدْ أَكْثَر عَنْهُ اللَّيْث.
‏ ‏قَوْله : ( كَانَ رَبْعَة ) ‏ ‏بِفَتْحِ الرَّاء وَسُكُون الْمُوَحَّدَة أَيْ مَرْبُوعًا , وَالتَّأْنِيث بِاعْتِبَارِ النَّفْس , يُقَال رَجُل رَبْعَة وَامْرَأَة رَبْعَة , وَقَدْ فَسَّرَهُ فِي الْحَدِيث الْمَذْكُور بِقَوْلِهِ : " لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِن وَلَا بِالْقَصِيرِ " وَالْمُرَاد بِالطَّوِيلِ الْبَائِن الْمُفْرِط فِي الطُّول مَعَ اِضْطِرَاب الْقَامَة , وَسَيَأْتِي فِي حَدِيث الْبَرَاء بَعْد قَلِيل أَنَّهُ قَالَ : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْبُوعًا " وَوَقَعَ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عِنْد الذُّهْلِيِّ فِي " الزُّهْرِيَّات " بِإِسْنَادٍ حَسَن " كَانَ رَبْعَة وَهُوَ إِلَى الطُّول أَقْرَب ".
‏ ‏قَوْله : ( أَزْهَر اللَّوْن ) ‏ ‏أَيْ أَبْيَض مُشَرَّب بِحُمْرَةِ , وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي حَدِيث أَنَس مِنْ وَجْه آخَر عِنْد مُسْلِم , وَعِنْد سَعِيد بْن مَنْصُور وَالطَّيَالِسِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم مِنْ حَدِيث عَلِيّ قَالَ : " كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْيَض مُشَرَّبًا بَيَاضه بِحُمْرَةٍ " وَهُوَ عِنْد اِبْن سَعْد أَيْضًا عَنْ عَلِيّ , وَعَنْ جَابِر , وَعِنْد الْبَيْهَقِيِّ مِنْ طُرُق عَنْ عَلِيّ , وَفِي " الشَّمَائِل " مِنْ حَدِيث هِنْد بْن أَبِي هَالَة أَنَّهُ أَزْهَر اللَّوْن.
‏ ‏قَوْله : ( لَيْسَ بِأَبْيَض أَمْهَق ) ‏ ‏كَذَا فِي الْأُصُول , وَوَقَعَ عِنْد الدَّاوُدِيّ تَبَعًا لِرِوَايَةِ الْمَرْوَزِيِّ " أَمْهَق لَيْسَ بِأَبْيَض " وَاعْتَرَضَهُ الدَّاوُدِيُّ , وَقَالَ عِيَاض : إِنَّهُ وَهْم , قَالَ : وَكَذَلِكَ رِوَايَة مَنْ رَوَى أَنَّهُ لَيْسَ بِالْأَبْيَضِ وَلَا الْآدَم لَيْسَ بِصَوَابٍ , كَذَا قَالَ , وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ فِي هَذَا الثَّانِي , لِأَنَّ الْمُرَاد أَنَّهُ لَيْسَ بِالْأَبْيَضِ الشَّدِيد الْبَيَاض وَلَا بِالْآدَمِ الشَّدِيد الْأُدْمَة , وَإِنَّمَا يُخَالِط بَيَاضه الْحُمْرَة , وَالْعَرَب قَدْ تُطْلِق عَلَى مَنْ كَانَ كَذَلِكَ أَسْمَر , وَلِهَذَا جَاءَ فِي حَدِيث أَنَس عِنْد أَحْمَد وَالْبَزَّار وَابْن مَنْدَهْ بِإِسْنَادٍ صَحِيح وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّانَ " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَسْمَر " وَقَدْ رَدَّ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَة بِقَوْلِهِ : فِي حَدِيث الْبَاب مِنْ طَرِيق مَالِك عَنْ رَبِيعَة " وَلَا بِالْأَبْيَضِ الْأَمْهَق وَلَيْسَ بِالْآدَمِ " وَالْجَمْع بَيْنهمَا مُمْكِن وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الدَّلَائِل " مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَنَس فَذَكَرَ الصِّفَة النَّبَوِيَّة قَالَ : " كَانَ رَسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْيَض بَيَاضه إِلَى السُّمْرَة " وَفِي حَدِيث يَزِيد الرُّقَاشِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي صِفَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رَجُل بَيْن رَجُلَيْنِ جِسْمه وَلَحْمه أَحْمَر " وَفِي لَفْظ " أَسْمَر إِلَى الْبَيَاض " أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَسَنَده حَسَن , وَتَبَيَّنَ مِنْ مَجْمُوع الرِّوَايَات أَنَّ الْمُرَاد بِالسُّمْرَةِ الْحُمْرَة الَّتِي تُخَالِط الْبَيَاض , وَأَنَّ الْمُرَاد بِالْبَيَاضِ الْمُثْبَت مَا يُخَالِطهُ الْحُمْرَة , وَالْمَنْفِيّ مَا لَا يُخَالِطهُ , وَهُوَ الَّذِي تَكْرَه الْعَرَب لَوْنه وَتُسَمِّيه أَمْهَق , وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ رِوَايَة الْمَرْوَزِيِّ " أَمْهَق لَيْسَ بِأَبْيَض " مَقْلُوبَة وَاللَّهُ أَعْلَمُ , عَلَى أَنَّهُ يُمْكِن تَوْجِيههَا بِأَنَّ الْمُرَاد بِالْأَمْهَقِ الْأَخْضَر اللَّوْن الَّذِي لَيْسَ بَيَاضه فِي الْغَايَة وَلَا سُمْرَته وَلَا حُمْرَته , فَقَدْ نُقِلَ عَنْ رُؤْبَة أَنَّ الْمَهَق خُضْرَة الْمَاء , فَهَذَا التَّوْجِيه يَتِمّ عَلَى تَقْدِير ثُبُوت الرِّوَايَة , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيث أَبِي جُحَيْفَةَ إِطْلَاق كَوْنه أَبْيَض , وَكَذَا فِي حَدِيث أَبِي الطُّفَيْل عِنْد مُسْلِم , وَفِي رِوَايَة عِنْد الطَّبَرَانِيِّ " مَا أَنْسَى شِدَّة بَيَاض وَجْهه مَعَ شِدَّة سَوَاد شَعْره " وَكَذَا فِي شِعْر أَبِي طَالِب الْمُتَقَدِّم فِي الِاسْتِسْقَاء " وَأَبْيَض يُسْتَسْقَى الْغَمَام بِوَجْهِهِ " وَفِي حَدِيث سُرَاقَة عِنْد اِبْن إِسْحَاق " فَجَعَلْت أَنْظُر إِلَى سَاقه كَأَنَّهَا جُمَّارَة " وَلِأَحْمَد مِنْ حَدِيث مُحَرِّش الْكَعْبِيّ فِي عُمْرَة الْجِعْرَانَة أَنَّهُ قَالَ : " فَنَظَرْت إِلَى ظَهْره كَأَنَّهُ سَبِيكَة فِضَّة " وَعَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَة يَصِف النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " كَانَ شَدِيد الْبَيَاض " أَخْرَجَهُ يَعْقُوب بْن سُفْيَان وَالْبَزَّار بِإِسْنَادٍ قَوِيّ , وَالْجَمْع بَيْنهمَا بِمَا تَقَدَّمَ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ : يُقَال إِنَّ الْمُشَرَّب مِنْهُ حُمْرَة وَإِلَى السُّمْرَة مَا ضَحَّى مِنْهُ لِلشَّمْسِ وَالرِّيح , وَأَمَّا مَا تَحْت الثِّيَاب فَهُوَ الْأَبْيَض الْأَزْهَر.
قُلْت : وَهَذَا ذَكَرَهُ اِبْن أَبِي خَيْثَمَةَ عَقِب حَدِيث عَائِشَة فِي صِفَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبْسَط مِنْ هَذَا وَزَادَ " وَلَوْنه الَّذِي لَا يَشُكّ فِيهِ الْأَبْيَض الْأَزْهَر " وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي " زِيَادَات عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد فِي الْمُسْنَد " مِنْ طَرِيق عَلِيّ " أَبْيَض مُشَرَّب شَدِيد الْوَضَح " فَهُوَ مُخَالِف لِحَدِيثِ أَنَس " لَيْسَ بِالْأَمْهَقِ " وَهُوَ أَصَحّ , وَيُمْكِن الْجَمْع بِحَمْلِ مَا فِي رِوَايَة عَلِيّ عَلَى مَا تَحْت الثِّيَاب مِمَّا لَا يُلَاقِي الشَّمْس , وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
‏ ‏قَوْله : ( لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَط وَلَا سَبِط ) ‏ ‏بِفَتْحِ أَوَّله وَكَسْر الْمُوَحَّدَة , وَالْجُعُودَة فِي الشَّعْر أَنْ لَا يَتَكَسَّر وَلَا يَسْتَرْسِل وَالسُّبُوطَة ضِدّه , فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ وَسَط بَيْنهمَا.
وَوَقَعَ فِي حَدِيث عَلِيّ عِنْد التِّرْمِذِيّ وَابْن أَبِي خَيْثَمَةَ " وَلَمْ يَكُنْ بِالْجَعْدِ الْقَطَط , وَلَا بِالسَّبِطِ , كَانَ جَعْدًا رَجِلًا " وَقَوْله : رَجِل بِكَسْرِ الْجِيم - وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَكِّنهَا - أَيْ مُتَسَرِّح , وَهُوَ مَرْفُوع عَلَى الِاسْتِئْنَاف , أَيْ هُوَ رَجِل.
وَوَقَعَ عِنْد الْأَصِيلِي بِالْخَفْضِ وَهُوَ وَهْم لِأَنَّهُ يَصِير مَعْطُوفًا عَلَى الْمَنْفِيّ , وَقَدْ وُجِّهَ عَلَى أَنَّهُ خَفَضَهُ عَلَى الْمُجَاوَرَة , وَفِي بَعْض الرِّوَايَات بِفَتْحِ اللَّام وَتَشْدِيد الْجِيم عَلَى أَنَّهُ فِعْل مَاضٍ.
‏ ‏قَوْله : ( أُنْزِلَ عَلَيْهِ ) ‏ ‏فِي رِوَايَة مَالِك " بَعَثَهُ اللَّه ".
‏ ‏قَوْله : ( وَهُوَ اِبْن أَرْبَعِينَ ) ‏ ‏فِي رِوَايَة مَالِك " عَلَى رَأْس أَرْبَعِينَ " وَهَذَا إِنَّمَا يَتِمّ عَلَى الْقَوْل بِأَنَّهُ بُعِثَ فِي الشَّهْر الَّذِي وُلِدَ فِيهِ , وَالْمَشْهُور عِنْد الْجُمْهُور أَنَّهُ وُلِدَ فِي شَهْر رَبِيع الْأَوَّل وَأَنَّهُ بُعِثَ فِي شَهْر رَمَضَان , فَعَلَى هَذَا يَكُون لَهُ حِين بُعِثَ أَرْبَعُونَ سَنَة وَنِصْف أَوْ تِسْع وَثَلَاثُونَ وَنِصْف , فَمَنْ قَالَ أَرْبَعِينَ أَلْغَى الْكَسْر أَوْ جَبَرَ , لَكِنْ قَالَ الْمَسْعُودِيّ وَابْن عَبْد الْبَرّ : إِنَّهُ بُعِثَ فِي شَهْر رَبِيع الْأَوَّل.
فَعَلَى هَذَا يَكُون لَهُ أَرْبَعُونَ سَنَة سَوَاء.
وَقَالَ بَعْضهمْ : بُعِثَ وَلَهُ أَرْبَعُونَ سَنَة وَعَشْرَة أَيَّام , وَعِنْد الْجِعَابِيّ أَرْبَعُونَ سَنَة وَعِشْرُونَ يَوْمًا , وَعَنْ الزُّبَيْر بْن بَكَّار أَنَّهُ وُلِدَ فِي شَهْر رَمَضَان وَهُوَ شَاذّ , فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا وَضُمَّ إِلَى الْمَشْهُور أَنَّ الْمَبْعَث فِي رَمَضَان فَيَصِحّ أَنَّهُ بُعِثَ عِنْد إِكْمَال الْأَرْبَعِينَ أَيْضًا.
وَأَبْعَد مِنْهُ قَوْل مَنْ قَالَ : بُعِثَ فِي رَمَضَان وَهُوَ اِبْن أَرْبَعِينَ سَنَة وَشَهْرَيْنِ , فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ وُلِدَ فِي شَهْر رَجَب , وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ.
ثُمَّ رَأَيْته كَذَلِكَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي " تَارِيخ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن الْعُتَقِيّ " وَعَزَاهُ لِلْحُسَيْنِ بْن عَلِيّ وَزَادَ " لِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَب " وَهُوَ شَاذّ.
وَمِنْ الشَّاذّ أَيْضًا مَا رَوَاهُ الْحَاكِم مِنْ طَرِيق يَحْيَى بْن سَعِيد عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب قَالَ : " أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ اِبْن ثَلَاث وَأَرْبَعِينَ " وَهُوَ قَوْل الْوَاقِدِيّ , وَتَبِعَهُ الْبِلَاذَرِيّ وَابْن أَبِي عَاصِم , وَفِي " تَارِيخ يَعْقُوب بْن سُفْيَان " وَغَيْره عَنْ مَكْحُول أَنَّهُ بُعِثَ بَعْد ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ.
‏ ‏قَوْله : ( فَلَبِثَ بِمَكَّة عَشْر سِنِينَ يَنْزِل عَلَيْهِ ) ‏ ‏مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ عَاشَ سِتِّينَ سَنَة , وَأَخْرَجَ مُسْلِم مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَنَس " أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ " وَهُوَ مُوَافِق لِحَدِيثِ عَائِشَة الْمَاضِي قَرِيبًا وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُور , وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ : لَا بُدّ أَنْ يَكُون الصَّحِيح أَحَدهمَا , وَجَمَعَ غَيْره بِإِلْغَاءِ الْكَسْر , وَسَيَأْتِي بَقِيَّة الْكَلَام عَلَى هَذَا الْمَوْضِع فِي الْوَفَاة آخَر الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
‏ ‏قَوْله : ( وَلَيْسَ فِي رَأْسه وَلِحْيَته عِشْرُونَ شَعْرَة بَيْضَاء ) ‏ ‏أَيْ بَلْ دُون ذَلِكَ , وَلِابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ مِنْ طَرِيق أَبِي بَكْر بْن عَيَّاش " قُلْت لِرَبِيعَة : جَالَسْت أَنَسًا ؟ قَالَ : نَعَمْ , وَسَمِعْته يَقُول : شَابَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِشْرِينَ شَيْبَة هَاهُنَا يَعْنِي الْعَنْفَقَة " وَلِإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَابْن حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر " كَانَ شَيْب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ شَعْرَة بَيْضَاء فِي مُقَدَّمِهِ " وَقَدْ اِقْتَضَى حَدِيث عَبْد اللَّه بْن بُسْر أَنَّ شَيْبه كَانَ لَا يَزِيد عَلَى عَشْر شَعَرَات لِإِيرَادِهِ بِصِيغَةِ جَمْع الْقِلَّة , لَكِنْ خُصَّ ذَلِكَ بِعَنْفَقَتِهِ , فَيُحْمَل الزَّائِد عَلَى ذَلِكَ فِي صُدْغَيْهِ كَمَا فِي حَدِيث الْبَرَاء , لَكِنْ وَقَعَ عِنْد اِبْن سَعْد بِإِسْنَادٍ صَحِيح عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَس فِي أَثْنَاء حَدِيث قَالَ : " وَلَمْ يَبْلُغ مَا فِي لِحْيَته مِنْ الشَّيْب عِشْرِينَ شَعْرَة " قَالَ حُمَيْدٌ : " وَأَوْمَأَ إِلَى عَنْفَقَته سَبْع عَشْرَة " وَقَدْ رَوَى اِبْن سَعْد أَيْضًا بِإِسْنَادٍ صَحِيح عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس قَالَ " مَا كَانَ فِي رَأْس النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِحْيَته إِلَّا سَبْع عَشْرَة أَوْ ثَمَانِي عَشْرَة " وَلِابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ مِنْ حَدِيث حُمَيْدٍ عَنْ أَنَس " لَمْ يَكُنْ فِي لِحْيَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِشْرُونَ شَعْرَة بَيْضَاء.
قَالَ حُمَيْدٌ : كُنَّ سَبْع عَشْرَة " وَفِي مُسْنَد عَبْد بْن حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيق حَمَّاد عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس " مَا عَدَدْت فِي رَأْسه وَلِحْيَته إِلَّا أَرْبَع عَشْرَة شَعْرَة " وَعِنْد اِبْن مَاجَهْ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَنَس " إِلَّا سَبْع عَشْرَة أَوْ عِشْرِينَ شَعْرَة " وَرَوَى الْحَاكِم فِي " الْمُسْتَدْرَك " مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَقِيل عَنْ أَنَس قَالَ : " لَوْ عَدَدْت مَا أَقْبَلَ عَلَيَّ مِنْ شَيْبه فِي رَأْسه وَلِحْيَته مَا كُنْت أَزِيدهُنَّ عَلَى إِحْدَى عَشْرَة شَيْبَة " وَفِي حَدِيث الْهَيْثَم بْن زُهَيْر عِنْد " ثَلَاثُونَ عَدَدًا ".
‏ ‏قَوْله : ( قَالَ رَبِيعَة ) ‏ ‏هُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور.
‏ ‏قَوْله : ( فَرَأَيْت شَعْرًا مِنْ شَعْره فَإِذَا هُوَ أَحْمَر فَسَأَلْت فَقِيلَ أَحْمَر مِنْ الطِّيب ) ‏ ‏لَمْ أَعْرِف الْمَسْئُول الْمُجِيب بِذَلِكَ , إِلَّا أَنَّهُ فِي رِوَايَة اِبْن عَقِيل الْمَذْكُورَة مِنْ قَبْل أَنَّ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز قَالَ لِأَنَسٍ : " هَلْ خَضَّبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَإِنِّي رَأَيْت شَعْرًا مِنْ شَعْره قَدْ لُوِّنَ , فَقَالَ : إِنَّمَا هَذَا الَّذِي لُوِّنَ مِنْ الطِّيب الَّذِي كَانَ يُطَيَّب بِهِ شَعْر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ الَّذِي غَيَّرَ لَوْنه " فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون رَبِيعَة سَأَلَ أَنَسًا عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَهُ.
وَوَقَعَ فِي " رِجَال مَالِك " لِلدَّارَقُطْنِيّ وَهُوَ فِي " غَرَائِب مَالِك " لَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : " لَمَّا مَاتَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَضَّبَ مَنْ كَانَ عِنْده شَيْء مِنْ شَعْره لِيَكُونَ أَبْقَى لَهَا ".
قُلْت : فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا اِسْتَقَامَ إِنْكَار أَنَس , وَيَقْبَل مَا أَثْبَتَهُ سِوَاهُ التَّأْوِيل , وَسَتَأْتِي الْإِشَارَة إِلَى شَيْء مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَاب اللِّبَاس إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.


حديث كان ربعة من القوم ليس بالطويل ولا بالقصير أزهر اللون ليس بأبيض أمهق ولا آدم

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏ابْنُ بُكَيْرٍ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنِي ‏ ‏اللَّيْثُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏خَالِدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ‏ ‏قَالَ سَمِعْتُ ‏ ‏أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ‏ ‏يَصِفُ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏كَانَ ‏ ‏رَبْعَةً ‏ ‏مِنْ الْقَوْمِ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ أَزْهَرَ اللَّوْنِ لَيْسَ بِأَبْيَضَ ‏ ‏أَمْهَقَ ‏ ‏وَلَا ‏ ‏آدَمَ ‏ ‏لَيْسَ ‏ ‏بِجَعْدٍ ‏ ‏قَطَطٍ ‏ ‏وَلَا ‏ ‏سَبْطٍ ‏ ‏رَجِلٍ أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ فَلَبِثَ ‏ ‏بِمَكَّةَ ‏ ‏عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ ‏ ‏وَبِالْمَدِينَةِ ‏ ‏عَشْرَ سِنِينَ وَقُبِضَ وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ قَالَ ‏ ‏رَبِيعَةُ ‏ ‏فَرَأَيْتُ شَعَرًا مِنْ شَعَرِهِ فَإِذَا هُوَ أَحْمَرُ فَسَأَلْتُ فَقِيلَ احْمَرَّ مِنْ الطِّيبِ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح البخاري

كان رسول الله ﷺ ليس بالطويل البائن ولا بالقصير ولا...

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه سمعه يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير، ولا بالأبيض الأمهق، وليس بالآدم، وليس...

كان أحسن الناس وجها وأحسنه خلقا ليس بالطويل البائن...

عن البراء، يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحسن الناس وجها وأحسنه خلقا، ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير»

لم يخضب النبي ﷺ إنما كان شيء في صدغيه

عن قتادة، قال: سألت أنسا هل خضب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال «لا إنما كان شيء في صدغيه»

كان مربوعا بعيد ما بين المنكبين له شعر يبلغ شحمة أ...

عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم «مربوعا، بعيد ما بين المنكبين، له شعر يبلغ شحمة أذنه، رأيته في حلة حمراء، لم أر شي...

كان وجه النبي ﷺ مثل القمر

عن أبي إسحاق، قال: سئل البراء أكان وجه النبي صلى الله عليه وسلم، مثل السيف؟ قال:لا بل مثل القمر "

أخذت بيده فوضعتها على وجهي فإذا هي أبرد من الثلج و...

عن أبي جحيفة، قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة إلى البطحاء، فتوضأ ثم صلى الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، وبين يديه عنزة» قال شعبة وزاد فيه...

كان رسول الله ﷺ أجود الناس وأجود ما يكون في رمضان

عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، وكان جبريل عليه السلام يلقاه في كل...

دخل النبي ﷺ مسرورا تبرق أسارير وجهه مما قاله المدل...

عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها مسرورا، تبرق أسارير وجهه، فقال: " ألم تسمعي ما قال المدلجي لزيد، وأسامة، ورأى أقدام...

كان رسول الله ﷺ إذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة...

عن كعب بن مالك، يحدث حين تخلف عن تبوك، قال: فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه من السرور، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا...