3826-
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح، قبل أن ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي، فقدمت إلى النبي صلى الله عليه وسلم سفرة، فأبى أن يأكل منها، ثم قال زيد: إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم، ولا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه.
وأن زيد بن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم، ويقول: الشاة خلقها الله، وأنزل لها من السماء الماء، وأنبت لها من الأرض، ثم تذبحونها على غير اسم الله.
إنكارا لذلك وإعظاما له».
(بلدح) واد في طريق التنعيم إلى مكة.
(سفرة) طعام يتخذه المسافر، وأكثر ما يحمل في جلد مستدير، ولذلك أصبح يطلق لفظ سفرة على ما يوضع فيه الطعام أو عليه.
(أنصابكم) جمع نصب، وهو كل ما نصب وعظم من دون الله عز وجل، وقيل: هي حجارة كانت حول الكعبة يذبحون عليها للأصنام.
(إنكارا لها) أي منكرا عليهم فعل ذلك.
(إعظاما له) أي لله تعالى خالقها.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( بِأَسْفَل بَلْدَحَ ) هُوَ مَكَان فِي طَرِيق التَّنْعِيم بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَة وَالْمُهْمَلَة بَيْنهمَا لَام سَاكِنَة وَآخِره مُهْمَلَة , وَيُقَال هُوَ وَادٍ.
قَوْله : ( فَقُدِّمَتْ ) بِضَمِّ الْقَاف.
قَوْله : ( إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ , وَفِي رِوَايَة الْجُرْجَانِيّ " فَقَدَّمَ إِلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُفْرَة " قَالَ عِيَاض : الصَّوَاب الْأَوَّل , قُلْت : رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ تُوَافِق رِوَايَة الْجُرْجَانِيّ , وَكَذَا أَخْرَجَهُ الزُّبَيْر بْن بَكَّار وَالْفَاكِهِيّ وَغَيْرهمَا , وَقَالَ اِبْن بَطَّال : كَانَتْ السُّفْرَة لِقُرَيْشٍ قَدَّمُوهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبَى أَنْ يَأْكُل مِنْهَا فَقَدَّمَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْدِ بْن عَمْرو فَأَبَى أَنْ يَأْكُل مِنْهَا وَقَالَ مُخَاطِبًا لِقُرَيْشٍ الَّذِينَ قَدَّمُوهَا أَوَّلًا : " إِنَّا لَا نَأْكُل مَا ذُبِحَ عَلَى أَنْصَابكُمْ " اِنْتَهَى.
وَمَا قَالَهُ مُحْتَمَل , لَكِنْ لَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ لَهُ الْجَزْم بِذَلِكَ , فَإِنِّي لَمْ أَقِف عَلَيْهِ فِي رِوَايَة أَحَد.
وَقَدْ تَبِعَهُ اِبْن الْمُنِير فِي ذَلِكَ وَفِيهِ مَا فِيهِ.
قَوْله : ( عَلَى أَنْصَابكُمْ ) بِالْمُهْمَلَةِ جَمْع نُصُب بِضَمَّتَيْنِ وَهِيَ أَحْجَار كَانَتْ حَوْل الْكَعْبَة يَذْبَحُونَ عَلَيْهَا لِلْأَصْنَامِ , قَالَ الْخَطَّابِيُّ : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْكُل مِمَّا يَذْبَحُونَ عَلَيْهَا لِلْأَصْنَامِ , وَيَأْكُل مَا عَدَا ذَلِكَ وَإِنْ كَانُوا لَا يَذْكُرُونَ اِسْم اللَّه عَلَيْهِ , لِأَنَّ الشَّرْع لَمْ يَكُنْ نَزَلَ بَعْد , بَلْ لَمْ يَنْزِل الشَّرْع بِمَنْعِ أَكْل مَا لَمْ يُذْكَر اِسْم اللَّه عَلَيْهِ إِلَّا بَعْد الْمَبْعَث بِمُدَّةٍ طَوِيلَة.
قُلْت : وَهَذَا الْجَوَاب أَوْلَى مِمَّا اِرْتَكَبَهُ اِبْن بَطَّال , وَعَلَى تَقْدِير أَنْ يَكُون حَارِثَة ذَبَحَ عَلَى الْحَجْر الْمَذْكُور فَإِنَّمَا يُحْمَل عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا ذَبَحَ عَلَيْهِ لِغَيْرِ الْأَصْنَام , وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى : ( وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُب ) فَالْمُرَاد بِهِ مَا ذُبِحَ عَلَيْهَا لِلْأَصْنَامِ , ثُمَّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَقِيلَ : لَمْ يَنْزِل عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَحْرِيم ذَلِكَ شَيْء.
قُلْت : وَفِيهِ نَظَر , لِأَنَّهُ كَانَ قَبْل الْمَبْعَث فَهُوَ مِنْ تَحْصِيل الْحَاصِل : وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيث سَعِيد بْن زَيْد الَّذِي قَدَّمْته وَهُوَ عِنْد أَحْمَد " وَكَانَ اِبْن زَيْد يَقُول : عُذْت بِمَا عَاذَ بِهِ إِبْرَاهِيم , ثُمَّ يَخِرّ سَاجِدًا لِلْكَعْبَةِ , قَالَ : فَمَرَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَيْد بْن حَارِثَة وَهُمَا يَأْكُلَانِ مِنْ سُفْرَة لَهُمَا فَدَعَيَاهُ فَقَالَ : يَا اِبْن أَخِي لَا آكُل مِمَّا ذُبِحَ عَلَى النُّصُب , قَالَ : فَمَا رُؤِيَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُل مِمَّا ذُبِحَ عَلَى النُّصُب مِنْ يَوْمه ذَلِكَ ".
وَفِي حَدِيث زَيْد بْن حَارِثَة عِنْد أَبِي يَعْلَى وَالْبَزَّار وَغَيْرهمَا قَالَ : " خَرَجْت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا مِنْ مَكَّة وَهُوَ مُرْدِفِي , فَذَبَحْنَا شَاة عَلَى بَعْض الْأَنْصَاب فَأَنْضَجْنَاهَا , فَلَقِينَا زَيْد بْن عَمْرو " فَذَكَرَ الْحَدِيث مُطَوَّلًا وَفِيهِ : " فَقَالَ زَيْد : إِنِّي لَا آكُل مِمَّا لِمَ يُذْكَر اِسْم اللَّه عَلَيْهِ " قَالَ الدَّاوُدِيّ : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل الْمَبْعَث يُجَانِب الْمُشْرِكِينَ فِي عَادَاتهمْ , لَكِنْ لَمْ يَكُنْ يَعْلَم مَا يَتَعَلَّق بِأَمْرِ الذَّبْح , وَكَانَ زَيْد قَدْ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ أَهْل الْكِتَاب الَّذِينَ لَقِيَهُمْ.
وَقَالَ السُّهَيْلِيّ : فَإِنْ قِيلَ فَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَوْلَى مِنْ زَيْد بِهَذِهِ الْفَضِيلَة , فَالْجَوَاب أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيث أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ مِنْهَا , وَعَلَى تَقْدِير أَنْ يَكُون أَكَلَ فَزَيْد إِنَّمَا كَانَ يَفْعَل ذَلِكَ بِرَأْيٍ يَرَاهُ لَا بِشَرْعٍ بَلَغَهُ , وَإِنَّمَا كَانَ عِنْد أَهْل الْجَاهِلِيَّة بَقَايَا مِنْ دَيْن إِبْرَاهِيم , وَكَانَ فِي شَرْع إِبْرَاهِيم تَحْرِيم الْمَيْتَة لَا تَحْرِيم مَا لَمْ يُذْكَر اِسْم اللَّه عَلَيْهِ , وَإِنَّمَا نَزَلَ تَحْرِيم ذَلِكَ فِي الْإِسْلَام , وَالْأَصَحّ أَنَّ الْأَشْيَاء قَبْل الشَّرْع لَا تُوصَف بِحِلٍّ وَلَا بِحُرْمَةٍ , مَعَ أَنَّ الذَّبَائِح لَهَا أَصْل فِي تَحْلِيل الشَّرْع , وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ إِلَى نُزُول الْقُرْآن , وَلَمْ يُنْقَل أَنَّ أَحَدًا بَعْد الْمَبْعَث كَفّ عَنْ الذَّبَائِح حَتَّى نَزَلَتْ الْآيَة.
قُلْت : وَقَوْله إِنَّ زَيْدًا فَعَلَ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْل الدَّاوُدِيّ إِنَّهُ تَلَقَّاهُ عَنْ أَهْل الْكِتَاب , فَإِنَّ حَدِيث الْبَاب بَيَّنَ فِيمَا قَالَ السُّهَيْلِيّ , وَإِنَّ ذَلِكَ قَالَهُ زَيْد بِاجْتِهَادٍ لَا بِنَقْلٍ عَنْ غَيْره , وَلَا سِيَّمَا وَزَيْد يُصَرِّح عَنْ نَفْسه بِأَنَّهُ لَمْ يَتَّبِع أَحَدًا مِنْ أَهْل الْكِتَابَيْنِ.
وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاض فِي الْمِلَّة الْمَشْهُورَة فِي عِصْمَة الْأَنْبِيَاء قَبْل النُّبُوَّة إِنَّهَا كَالْمُمْتَنِعِ لِأَنَّ النَّوَاهِي إِنَّمَا تَكُون بَعْد تَقْرِير الشَّرْع , وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ مُتَعَبِّدًا قَبْل أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ عَلَى الصَّحِيح , فَعَلَى هَذَا فَالنَّوَاهِي إِذَا لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَة فَهِيَ مُعْتَبَرَة فِي حَقّه وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى الْقَوْل الْآخَر فَالْجَوَاب عَنْ قَوْله " ذَبَحْنَا شَاة عَلَى بَعْض الْأَنْصَاب " يَعْنِي الْحِجَارَة الَّتِي لَيْسَتْ بِأَصْنَامٍ وَلَا مَعْبُودَة , إِنَّمَا هِيَ مِنْ آلَات الْجَزَّار الَّتِي يَذْبَح عَلَيْهَا , لِأَنَّ النُّصُب فِي الْأَصْل حَجَر كَبِير , فَمِنْهَا مَا يَكُون عِنْدهمْ مِنْ جُمْلَة الْأَصْنَام فَيَذْبَحُونَ لَهُ وَعَلَى اِسْمه , وَمِنْهَا مَا لَا يُعْبَد بَلْ يَكُون مِنْ آلَات الذَّبْح فَيَذْبَح الذَّابِح عَلَيْهِ لَا لِلصَّنَمِ , أَوْ كَانَ اِمْتِنَاع زَيْد مِنْهَا حَسْمًا لِلْمَادَّةِ.
قَوْله : ( فَإِنَّ زَيْد بْن عَمْرو ) هُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ بِأَسْفَلِ بَلْدَحٍ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيُ فَقُدِّمَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُفْرَةٌ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ زَيْدٌ إِنِّي لَسْتُ آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ وَلَا آكُلُ إِلَّا مَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَأَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَعِيبُ عَلَى قُرَيْشٍ ذَبَائِحَهُمْ وَيَقُولُ الشَّاةُ خَلَقَهَا اللَّهُ وَأَنْزَلَ لَهَا مِنْ السَّمَاءِ الْمَاءَ وَأَنْبَتَ لَهَا مِنْ الْأَرْضِ ثُمَّ تَذْبَحُونَهَا عَلَى غَيْرِ اسْمِ اللَّهِ إِنْكَارًا لِذَلِكَ وَإِعْظَامًا لَهُ
عن ابن عمر : «أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشأم، يسأل عن الدين ويتبعه، فلقي عالما من اليهود فسأله عن دينهم، فقال: إني لعلي أن أدين دينكم فأخبرني،...
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «لما بنيت الكعبة، ذهب النبي صلى الله عليه وسلم وعباس ينقلان الحجارة، فقال عباس للنبي صلى الله عليه وسلم: اجع...
عن عمرو بن دينار وعبيد الله بن أبي يزيد قالا: «لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم حول البيت حائط، كانوا يصلون حول البيت، حتى كان عمر، فبنى حول...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما ن...
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من الفجور في الأرض، وكانوا يسمون المحرم صفرا، ويقولون: إذا برا الدبر، وعفا الأثر،...
عن سعيد بن المسيب، عن أبيه، عن جده قال: «جاء سيل في الجاهلية، فكسا ما بين الجبلين» .<br> قال سفيان: ويقول: إن هذا لحديث له شأن.<br>
عن قيس بن أبي حازم قال: «دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب، فرآها لا تكلم فقال: ما لها لا تكلم؟ قالوا: حجت مصمتة، قال لها، تكلمي، فإن هذا ل...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «أسلمت امرأة سوداء لبعض العرب، وكان لها حفش في المسجد، قالت: فكانت تأتينا فتحدث عندنا، فإذا فرغت من حديثها قالت: ويوم ا...
عن ابن عمر رضي الله عنهما: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله فكانت قريش تحلف بآبائها، فقال: لا تحلفوا بآبائكم.»