3900- عن عطاء بن أبي رباح قال: «زرت عائشة مع عبيد بن عمير الليثي، فسألناها عن الهجرة فقالت: لا هجرة اليوم، كان المؤمنون يفر أحدهم بدينه إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، مخافة أن يفتن عليه، فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام، واليوم يعبد ربه حيث شاء، ولكن جهاد ونية.»
(يفتن عليه) يعذب حتى يرجع عن دينه.
(جهاد ونية) أي يجاهد، أو ينوي الجهاد، فيحصل له الأجر والثواب إذا لم يجاهد فعلا.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( قَالَ يَحْيَى بْن حَمْزَة : وَحَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ ) هُوَ مَعْطُوف عَلَى الَّذِي قَبْله , وَقَدْ أَفْرَدَهُمَا فِي أَوَاخِر غَزْوَة الْفَتْح , وَأَوْرَدَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا عَنْ إِسْحَاق بْن يَزِيد الْمَذْكُور بِإِسْنَادِهِ , وَأَخْرَجَ اِبْن حِبَّان الثَّانِي مِنْ طَرِيق الْوَلِيد بْن مُسْلِم عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ : " سَأَلْته عَنْ اِنْقِطَاع فَضِيلَة الْهِجْرَة إِلَى اللَّه وَرَسُوله فَقَالَ " فَذَكَرَهُ.
قَوْله : ( عَنْ عَطَاء ) فِي رِوَايَة اِبْن حِبَّان " حَدَّثَنَا عَطَاء ".
قَوْله : ( زُرْت عَائِشَة مَعَ عُبَيْد بْن عُمَيْر اللَّيْثِيّ ) تَقَدَّمَ فِي أَبْوَاب الطَّوَاف مِنْ الْحَجّ أَنَّهَا كَانَتْ حِينَئِذٍ مُجَاوِرَة فِي جَبَل ثَبِير.
قَوْله : ( فَسَأَلَهَا عَنْ الْهِجْرَة ) أَيْ الَّتِي كَانَتْ قَبْل الْفَتْح وَاجِبَة إِلَى الْمَدِينَة ثُمَّ نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ : " لَا هِجْرَة بَعْد الْفَتْح " وَأَصْل الْهِجْرَة هَجْر الْوَطَن , وَأَكْثَر مَا يُطْلَق عَلَى مَنْ رَحَلَ مِنْ الْبَادِيَة إِلَى الْقَرْيَة , وَوَقَعَ عِنْد الْأُمَوِيّ فِي الْمَغَازِي مِنْ وَجْه آخَر عَنْ عَطَاء " فَقَالَتْ إِنَّمَا كَانَتْ الْهِجْرَة قَبْل فَتْح مَكَّة وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ ".
قَوْله : ( لَا هِجْرَة الْيَوْم ) أَيْ بَعْد الْفَتْح.
قَوْله : ( كَانَ الْمُؤْمِنُونَ يَفِرّ أَحَدهمْ بِدِينِهِ إِلَخْ ) أَشَارَتْ عَائِشَة إِلَى بَيَان مَشْرُوعِيَّة الْهِجْرَة وَأَنَّ سَبَبهَا خَوْف الْفِتْنَة , وَالْحُكْم يَدُور مَعَ عِلَّته , فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى عِبَادَة اللَّه فِي أَيّ مَوْضِع اِتَّفَقَ لَمْ تَجِب عَلَيْهِ الْهِجْرَة مِنْهُ وَإِلَّا وَجَبَتْ , وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمَاوَرْدِيّ : إِذَا قَدَرَ عَلَى إِظْهَار الدِّين فِي بَلَد مِنْ بِلَاد الْكُفْر فَقَدْ صَارَتْ الْبَلَد بِهِ دَار إِسْلَام , فَالْإِقَامَة فِيهَا أَفْضَل مِنْ الرِّحْلَة مِنْهَا لِمَا يُتَرَجَّى مِنْ دُخُول غَيْره فِي الْإِسْلَام , وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَة إِلَى ذَلِكَ فِي أَوَائِل الْجِهَاد فِي " بَاب وُجُوب النَّفِير " فِي الْجَمْع بَيْن حَدِيث اِبْن عَبَّاس " لَا هِجْرَة بَعْد الْفَتْح " وَحَدِيث عَبْد اللَّه بْن السَّعْدِيّ " لَا تَنْقَطِع الْهِجْرَة " وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : كَانَتْ الْهِجْرَة أَيْ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّل الْإِسْلَام مَطْلُوبَة , ثُمَّ اُفْتُرِضَتْ لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَة إِلَى حَضْرَته لِلْقِتَالِ مَعَهُ وَتَعَلُّم شَرَائِع الدِّين , وَقَدْ أَكَّدَ اللَّه ذَلِكَ فِي عِدَّة آيَات حَتَّى قَطَعَ الْمُوَالَاة بَيْن مَنْ هَاجَرَ وَمَنْ لَمْ يُهَاجِر فَقَالَ تَعَالَى : ( وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وِلَايَتهمْ مِنْ شَيْء حَتَّى يُهَاجِرُوا ) فَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّة وَدَخَلَ النَّاس فِي الْإِسْلَام مِنْ جَمِيع الْقَبَائِل سَقَطَتْ الْهِجْرَة الْوَاجِبَة وَبَقِيَ الِاسْتِحْبَاب.
وَقَالَ الْبَغَوِيُّ فِي " شَرْح السُّنَّة " : يَحْتَمِل الْجَمْع بَيْنهمَا بِطَرِيقٍ أُخْرَى.
بِقَوْلِهِ : " لَا هِجْرَة بَعْد الْفَتْح " أَيْ مِنْ مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة , وَقَوْله : " لَا تَنْقَطِع " أَيْ مِنْ دَار الْكُفْر فِي حَقّ مَنْ أَسْلَمَ إِلَى دَار الْإِسْلَام , قَالَ : وَيَحْتَمِل وَجْهًا آخَر وَهُوَ أَنَّ قَوْله لَا هِجْرَة أَيْ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ كَانَ بِنِيَّةِ عَدَم الرُّجُوع إِلَى الْوَطَن الْمُهَاجَر مِنْهُ إِلَّا بِإِذْنٍ , وَقَوْله : " لَا تَنْقَطِع " أَيْ هِجْرَة مَنْ هَاجَرَ عَلَى غَيْر هَذَا الْوَصْف مِنْ الْأَعْرَاب وَنَحْوهمْ.
قُلْت : الَّذِي يَظْهَر أَنَّ الْمُرَاد بِالشِّقِّ الْأَوَّل وَهُوَ الْمَنْفِيّ مَا ذَكَرَهُ فِي الِاحْتِمَال الْأَخِير , وَبِالشِّقِّ الْآخَر الْمُثْبَت مَا ذَكَرَهُ فِي الِاحْتِمَال الَّذِي قَبْله , وَقَدْ أَفْصَح اِبْن عُمَر بِالْمُرَادِ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ بِلَفْظِ " اِنْقَطَعَتْ الْهِجْرَة بَعْد الْفَتْح إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَا تَنْقَطِع الْهِجْرَة مَا قُوتِلَ الْكُفَّار " أَيْ مَا دَامَ فِي الدُّنْيَا دَار كُفْر , فَالْهِجْرَة وَاجِبَة مِنْهَا عَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَخَشِيَ أَنْ يُفْتَن عَنْ دِينه , وَمَفْهُومه أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ أَنْ يَبْقَى فِي الدُّنْيَا دَار كُفْر أَنَّ الْهِجْرَة تَنْقَطِع لِانْقِطَاعِ مُوجِبهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَطْلَقَ اِبْن التِّين أَنَّ الْهِجْرَة مِنْ مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة كَانَتْ وَاجِبَة وَأَنَّ مَنْ أَقَامَ بِمَكَّة بَعْد هِجْرَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَة بِغَيْرِ عُذْر كَانَ كَافِرًا , وَهُوَ إِطْلَاق مَرْدُود , وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَحَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ زُرْتُ عَائِشَةَ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ فَسَأَلْنَاهَا عَنْ الْهِجْرَةِ فَقَالَتْ لَا هِجْرَةَ الْيَوْمَ كَانَ الْمُؤْمِنُونَ يَفِرُّ أَحَدُهُمْ بِدِينِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخَافَةَ أَنْ يُفْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ وَالْيَوْمَ يَعْبُدُ رَبَّهُ حَيْثُ شَاءَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ
عن عائشة رضي الله عنها: «أن سعدا قال: اللهم إنك تعلم: أنه ليس أحد أحب إلي أن أجاهدهم فيك، من قوم كذبوا رسولك صلى الله عليه وسلم وأخرجوه، اللهم فإني...
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربعين سنة، فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه، ثم أمر بالهجرة، فهاجر عشر سنين، وما...
عن ابن عباس قال: «مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث عشرة، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين».<br>
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر فقال: إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما...
عن عائشة رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: «لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى ا...
عن أسماء رضي الله عنها: «صنعت سفرة للنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، حين أرادا المدينة، فقلت لأبي: ما أجد شيئا أربطه إلا نطاقي، قال: فشقيه، ففعلت، ف...
عن البراء رضي الله عنه قال: «لما أقبل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة تبعه سراقة بن مالك بن جعشم، فدعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم فساخت به ف...
عن أسماء رضي الله عنها: «أنها حملت بعبد الله بن الزبير، قالت: فخرجت وأنا متم، فأتيت المدينة فنزلت بقباء، فولدته بقباء، ثم أتيت به النبي صلى الله عليه...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «أول مولود ولد في الإسلام عبد الله بن الزبير، أتوا به النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم تمرة فلاكه...