4103- عن عائشة رضي الله عنها: «{إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار} قالت: كان ذاك يوم الخندق.»
أخرجه مسلم في التفسير، رقم: ٣٠٢٠.
(من فوقكم) من فوق الوادي من قبل المشرق.
(من أسفل منكم) من الوادي من قبل الغرب.
(زاغت الأبصار) حالت عن سننها ومستوى نظرها وهو كناية عن شدة الخوف.
(بلغت القلوب الحناجر) ارتفعت حتى بلغت الحلوق، وهذا أيضا كناية عن شدة الخوق.
/الأحزاب: ١٠/.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ( إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ , وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ ) قَالَتْ : " كَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ " هَكَذَا وَقَعَ مُخْتَصَرًا , وَعِنْدَ اِبْن مَرْدُوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا ( إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ ) قَالَ : عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ.
( وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ) : أَبُو سُفْيَان بْن حَرْب.
وَبَيَّنَ اِبْن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي صِفَةَ نُزُولِهِمْ قَالَ : نَزَلَتْ قُرَيْش بِمُجْتَمَعِ السُّيُولِ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ مِنْ أَحَابِيشِهِمْ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ بَنِي كِنَانَة وَتِهَامَة , وَنَزَلَ عُيَيْنَةُ فِي غَطَفَانَ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ إِلَى جَانِبِ أُحُدٍ بِبَابِ نُعْمَانَ , وَخَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ حَتَّى جَعَلُوا ظُهُورَهُمْ إِلَى سِلَع فِي ثَلَاثَة آلَافٍ , وَالْخَنْدَقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَوْمِ , وَجَعَلَ النِّسَاءَ وَالذَّرَارِيَّ فِي الْآطَامِ , قَالَ : وَتَوَجَّهَ حُيَيُّ بْن أَخَطَبَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى غَدَرُوا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الْآتِي , وَبَلَغَ الْمُسْلِمِينَ غَدْرُهُمْ فَاشْتَدَّ بِهِمْ الْبَلَاءُ , فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْطِيَ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ وَمَنْ مَعَهُ ثُلُثَ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ عَلَى أَنْ يَرْجِعُوا , فَمَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَقَالَا كُنَّا نَحْنُ وَهُمْ عَلَى الشِّرْكِ لَا يَطْمَعُونَ مِنَّا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , فَكَيْفَ نَفْعَلُهُ بَعْدَ أَنْ أَكْرَمَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْإِسْلَامِ وَأَعَزَّنَا بِك ؟ نُعْطِيهِمْ أَمْوَالنَا , مَا لَنَا بِهَذَا مِنْ حَاجَة , وَلَا نُعْطِيهِمْ إِلَّا السَّيْفَ.
فَاشْتَدَّ بِالْمُسْلِمِينَ الْحِصَارُ , حَتَّى تَكَلَّم مُعَتِّبُ بْنُ قُشَيْرٍ وَأَوْس بْن قَيْظِيّ وَغَيْرهمَا مِنْ الْمُنَافِقِينَ بِالنِّفَاقِ , وَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : ( وَإِذْ يَقُول الْمُنَافِقُونَ وَاَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ) الْآيَات قَالَ : وَكَانَ الَّذِينَ جَاءُوهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ بَنُو قُرَيْظَةَ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ قُرَيْشٌ وَغَطَفَان , قَالَ اِبْن إِسْحَاقَ فِي رِوَايَتِهِ : وَلَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ إِلَّا مُرَامَاةٌ بِالنَّبْلِ لَكِنْ كَانَ عَمْرو بْن عَبْد وُدّ الْعَامِرِيّ اِقْتَحَمَ هُوَ وَنَفَر مَعَهُ خُيُولَهُمْ مِنْ نَاحِيَةٍ ضَيِّقَةٍ مِنْ الْخَنْدَقِ حَتَّى صَارُوا بِالسَّبْخَةِ فَبَارَزَهُ عَلِيٌّ فَقَتَلَهُ , وَبَرَزَ نَوْفَل بْن عَبْد اللَّه بْن الْمُغِيرَة الْمَخْزُومِيّ فَبَارَزَهُ الزُّبَيْر فَقَتَلَهُ , وَيُقَال قَتَلَهُ عَلِيّ , وَرَجَعَتْ بَقِيَّةُ الْخُيُولِ مُنْهَزِمَة.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي " الدَّلَائِل " مِنْ طَرِيق زَيْد بْن أَسْلَمَ " أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِحُذَيْفَة : أَدْرَكْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ نُدْرِكْهُ , فَقَالَ : يَا بْن أَخِي , وَاَللَّهِ لَا تَدْرِي لَوْ أَدْرَكْته كَيْفَ تَكُونُ , لَقَدْ رَأَيْتنَا لَيْلَةَ الْخَنْدَقِ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ مَطِيرَةٍ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ يَذْهَب فَيَعْلَم لَنَا عِلْمَ الْقَوْم جَعَلَهُ اللَّه رَفِيقَ إِبْرَاهِيمَ يَوْمَ الْقِيَامَة , فَوَاَللَّهِ مَا قَامَ أَحَدٌ , فَقَالَ لَنَا الثَّانِيَة.
جَعَلَهُ اللَّه رَفِيقِي , فَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ.
فَقَالَ أَبُو بَكْر : اِبْعَثْ حُذَيْفَةَ , فَقَالَ : اِذْهَبْ , فَقُلْت أَخْشَى أَنْ أُؤْسَرَ , قَالَ : إِنَّك لَنْ تُؤْسَرَ , فَذَكَرَ أَنَّهُ اِنْطَلَقَ , وَأَنَّهُمْ تَجَادَلُوا , وَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الرِّيحَ فَمَا تَرَكَتْ لَهُمْ بِنَاء إِلَّا هَدَمَتْهُ وَلَا إِنَاء إِلَّا أَكْفَأَتْهُ " وَمِنْ طَرِيق عَمْرو بْن سَرِيع بْن حُذَيْفَة نَحْوُهُ وَفِيهِ : " إِنَّ عَلْقَمَةَ بْن عُلَاثَة صَارَ يَقُول : يَا آلَ عَامِرٍ , إِنَّ الرِّيحَ قَاتِلَتِي وَتَحَمَّلَتْ قُرَيْش وَإِنَّ الرِّيحَ لَتَغْلِبُهُمْ عَلَى بَعْضِ أَمْتِعَتِهِمْ " وَرَوَى الْحَاكِم مِنْ طَرِيق عَبْد الْعَزِيز اِبْن أَخِي حُذَيْفَة عَنْ أَبِي حُذَيْفَة قَالَ : " لَقَدْ رَأَيْتنَا لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ وَأَبُو سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ فَوْقِنَا , وَقُرَيْظَةُ أَسْفَلَ مِنَّا نَخَافُهُمْ عَلَى ذَرَارِيِّنَا , وَمَا أَتَتْ عَلَيْنَا أَشَدُّ ظُلْمَةً وَلَا رِيحًا مِنْهَا , فَجَعَلَ الْمُنَافِقُونَ يَسْتَأْذِنُونَ وَيَقُولُونَ : إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ , فَمَرَّ بِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا جَاثٍ عَلَى رُكْبَتَيّ وَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلَّا ثَلَاثُمِائَة فَقَالَ : اِذْهَبْ فَأْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ , قَالَ : فَدَعَا لِي فَأَذْهَب اللَّهُ عَنِّي الْقَرَّ وَالْفَزَعَ , فَدَخَلْت عَسْكَرَهُمْ فَإِذَا الرِّيحُ فِيهِ لَا تُجَاوِزُهُ شِبْرًا , فَلَمَّا رَجَعْت رَأَيْت فَوَارِسَ فِي طَرِيقِي فَقَالُوا : أَخْبِرْ صَاحِبَك أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَفَاهُ الْقَوْمَ " وَأَصْل هَذَا الْحَدِيث عِنْد مُسْلِم بِاخْتِصَارٍ , وَسَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الَّذِي يَلِيه شَيْء يَتَعَلَّق بِحَدِيثِ عَائِشَةَ.
حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا { إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ } قَالَتْ كَانَ ذَاكَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ
عن البراء رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم ينقل التراب يوم الخندق، حتى أغمر بطنه، أو اغبر بطنه، يقول: والله لولا الله ما اهتدينا .<br...
عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور».<br>
عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء يحدث قال: «لما كان يوم الأحزاب وخندق رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأيته ينقل من تراب الخندق، حتى وارى عني الغبار جلدة...
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «أول يوم شهدته يوم الخندق.»
عن ابن عمر قال: «دخلت على حفصة ونسواتها تنطف، قلت: قد كان من أمر الناس ما ترين، فلم يجعل لي من الأمر شيء.<br> فقالت: الحق فإنهم ينتظرونك، وأخشى أن يك...
عن سليمان بن صرد قال: «قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: نغزوهم ولا يغزوننا.»
عن سليمان بن صرد يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم «يقول، حين أجلى الأحزاب عنه: الآن نغزوهم ولا يغزوننا نحن نسير إليهم.»
عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه قال يوم الخندق: ملأ الله عليهم بيوتهم وقبورهم نارا، كما شغلونا عن صلاة الوسطى حتى غابت الشمس»....
عن جابر بن عبد الله : «أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاء يوم الخندق بعدما غربت الشمس، جعل يسب كفار قريش، وقال: يا رسول الله، ما كدت أن أصلي، حتى كادت...