4104-
عن البراء رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم ينقل التراب يوم الخندق، حتى أغمر بطنه، أو اغبر بطنه، يقول:
والله لولا الله ما اهتدينا .
ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا .
وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الألى قد بغوا علينا .
إذا أرادوا فتنة أبينا
ورفع بها صوته: أبينا أبينا.»
(أغمر بطنه) وارى التراب جلد بطنه وغطاه، لكثفاته عليه.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( عَنْ الْبَرَاء ) سَيَأْتِي بَعْد حَدِيث اِبْن عَبَّاس الطَّرِيق الْأُخْرَى لِحَدِيثِ الْبَرَاءِ , وَفِيهِ تَصْرِيح أَبِي إِسْحَاق بِسَمَاعِهِ لَهُ مِنْ الْبَرَاءِ.
قَوْله : ( حَتَّى أَغْمَرَ بَطْنَهُ أَوْ اِغْبَرَّ بَطْنُهُ ) كَذَا وَقَعَ بِالشَّكِّ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ فِيهِمَا , فَأَمَّا الَّتِي بِالْمُوَحَّدَةِ فَوَاضِح مِنْ الْغُبَارِ , وَأَمَّا الَّتِي بِالْمِيمِ فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : إِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَة فَالْمَعْنَى وَارَى التُّرَابُ جِلْدَةَ بَطْنِهِ , وَمِنْهُ غِمَارُ النَّاسِ وَهُوَ جَمْعُهُمْ إِذَا تَكَاثَفَ وَدَخَلَ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ , قَالَ : وَرَوَى أَعْفَر بِمُهْمَلَةٍ وَفَاءٍ , وَالْعَفَرُ بِالتَّحْرِيكِ التُّرَابُ , وَقَالَ عِيَاض : وَقَعَ لِلْأَكْثَرِ بِمُهْمَلَةٍ وَفَاءٍ وَمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ فَمِنْهُمْ مَنْ ضَبَطَهُ بِنَصْبِ بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ ضَبَطَهُ بِرَفْعِهَا , وَعِنْدَ النَّسَفِيّ " حَتَّى غَبَّرَ بَطْنَهُ أَوْ اِغْبَرَّ " بِمُعْجَمَةٍ فِيهِمَا وَمُوَحَّدَة , وَلِأَبِي ذَرّ وَأَبِي زَيْد " حَتَّى أَغْمَرَ " قَالَ وَلَا وَجْه لَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى سَتَرَ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى " حَتَّى وَارَى عَنِّي التُّرَابُ بَطْنَهُ " قَالَ : وَأَوْجَهُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ اِغْبَرَّ بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ وَبِرَفْعِ بَطْنِهِ.
قُلْت : وَفِي حَدِيثِ أُمٍّ سَلَمَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَاطِيهِمْ اللَّبَنَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ , وَقَدْ اِغْبَرَّ شَعْرُ صَدْرِهِ " وَفِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ " حَتَّى وَارَى عَنِّي الْغُبَارُ جِلْدَ بَطْنِهِ وَكَانَ كَثِيرَ الشَّعْرِ " وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ كَانَ كَثِيرَ شَعْرِ الصَّدْرِ , وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ فِي صِفَتِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ دَقِيقَ الْمَسْرُبَةِ أَيْ الشَّعْرِ الَّذِي فِي الصَّدْرِ إِلَى الْبَطْنِ , فَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بِأَنَّهُ كَانَ مَعَ دِقَّتِهِ كَثِيرًا أَيْ لَمْ يَكُنْ مُنْتَشِرًا بَلْ كَانَ مُسْتَطِيلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْله : ( يَقُول : وَاَللَّهِ لَوْلَا اللَّه مَا اِهْتَدَيْنَا ) بَيَّنَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ أَنَّ هَذَا الرَّجَزَ مِنْ كَلَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ , وَقَوْله : " إِنَّ الْأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا " لَيْسَ بِمَوْزُونٍ , وَتَحْرِيرُهُ إِنَّ الَّذِينَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا فَذَكَرَ الرَّاوِي الْأُلَى بِمَعْنَى الَّذِينَ وَحَذَفَ قَدْ , وَزَعَمَ اِبْن التِّينِ أَنَّ الْمَحْذُوفَ " قَدْ " وَ " هُمْ " قَالَ : وَالْأَصْل أَنَّ الْأُلَى هُمْ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا , وَهُوَ يَتَّزِنُ بِمَا قَالَ.
لَكِنْ لَا يَتَعَيَّن.
وَذَكَرَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ فِي مُسْلِمٍ بِلَفْظِ " أَبَوْا " بَدَل بَغَوْا وَمَعْنَاهُ صَحِيح , أَيْ أَبَوْا أَنْ يَدْخُلُوا فِي دِينِنَا.
وَوَقَعَ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ لِحَدِيثِ الْبَرَاءِ " إِنَّ الْأُلَى قَدْ رَغِبُوا عَلَيْنَا " كَذَا لِلسَّرَخْسِيِّ وَالْكُشْمِيهَنِيّ وَأَبِي الْوَقْتِ وَالْأَصِيلِيِّ , وَكَذَا فِي نُسْخَةِ اِبْنِ عَسَاكِر , وَلِلْبَاقِينَ " قَدْ بَغَوْا " كَالْأُولَى.
وَأَمَّا الْأَصِيلِيّ فَضَبَطَهَا بِالْغَيْنِ الثَّقِيلَة وَالْمُوَحَّدَة , وَضَبَطَهَا فِي " الْمَطَالِع " بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَة , وَضُبِطَتْ فِي رِوَايَة أَبِي الْوَقْت كَذَا لَكِنْ بِزَايٍ أَوَّله وَالْمَشْهُور مَا فِي " الْمَطَالِع ".
قَوْله : ( وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ : أَبَيْنَا أَبَيْنَا ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِمُوَحَّدَةٍ وَفِي آخِرِ الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ قَالَ : " ثُمَّ يَمُدُّ صَوْتَهُ بِآخِرِهَا " وَهُوَ يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ " أَبَيْنَا " مَا وَقَعَ فِي آخِرِ الْقِسْمِ الْأَخِيرِ وَهُوَ قَوْلُهُ : " إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا " وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ مَا وَقَعَ فِي الْقِسْمِ الْأَخِيرِ وَهُوَ قَوْلُهُ : " إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَبَيْنَا " فَإِنَّهُ رُوِيَ بِالْوَجْهَيْنِ , وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرّ وَأَبِي الْوَقْت وَكَرِيمَة " أَتَيْنَا " بِمُثَنَّاةٍ بَدَلَ الْمُوَحَّدَةِ , وَالْأَصِيلِيّ وَالسَّجْزِيّ بِمُثَنَّاةٍ , قَالَ عِيَاض : كِلَاهُمَا صَحِيح الْمَعْنَى , أَمَّا الْأَوَّل فَمَعْنَاهُ إِذَا صِيحَ بِنَا لِفَزَعٍ أَوْ حَادِث أَبَيْنَا الْفِرَارَ وَثَبَتْنَا , وَأَمَّا الثَّانِي فَمَعْنَاهُ جِئْنَا وَأَقْدَمنَا عَلَى عَدُوِّنَا.
قَالَ : وَالرِّوَايَةُ فِي هَذَا الْقِسْمِ بِالْمُثَنَّاةِ أَوْجَهُ لِأَنَّ إِعَادَةَ الْكَلِمَةِ فِي قَوَافِي الرَّجَزِ عَنْ قُرْبٍ عَيْبٌ مَعْلُومٌ عِنْدَهُ , فَالرَّاجِحُ أَنَّ قَوْلَهُ : " إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا " بِالْمُوَحَّدَةِ , وَقَوْله : " إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا " بِالْمُثَنَّاةِ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ " وَإِنْ أَرَادُونَا عَلَى فِتْنَةٍ أَبَيْنَا " وَهُوَ تَغْيِيرٌ.
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْقُلُ التُّرَابَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى أَغْمَرَ بَطْنَهُ أَوْ اغْبَرَّ بَطْنُهُ يَقُولُ وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا وَثَبِّتْ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا إِنَّ الْأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ أَبَيْنَا أَبَيْنَا
عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور».<br>
عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء يحدث قال: «لما كان يوم الأحزاب وخندق رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأيته ينقل من تراب الخندق، حتى وارى عني الغبار جلدة...
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «أول يوم شهدته يوم الخندق.»
عن ابن عمر قال: «دخلت على حفصة ونسواتها تنطف، قلت: قد كان من أمر الناس ما ترين، فلم يجعل لي من الأمر شيء.<br> فقالت: الحق فإنهم ينتظرونك، وأخشى أن يك...
عن سليمان بن صرد قال: «قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: نغزوهم ولا يغزوننا.»
عن سليمان بن صرد يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم «يقول، حين أجلى الأحزاب عنه: الآن نغزوهم ولا يغزوننا نحن نسير إليهم.»
عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه قال يوم الخندق: ملأ الله عليهم بيوتهم وقبورهم نارا، كما شغلونا عن صلاة الوسطى حتى غابت الشمس»....
عن جابر بن عبد الله : «أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاء يوم الخندق بعدما غربت الشمس، جعل يسب كفار قريش، وقال: يا رسول الله، ما كدت أن أصلي، حتى كادت...
عن ابن المنكدر قال: سمعت جابرا يقول: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: من يأتينا بخبر القوم.<br> فقال الزبير: أنا، ثم قال: من يأتينا ب...