4142-
عن الزهري قال: «قال لي الوليد بن عبد الملك: أبلغك أن عليا كان فيمن قذف عائشة؟ قلت: لا، ولكن قد أخبرني رجلان من قومك، أبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث: أن عائشة رضي الله عنها قالت لهما: كان علي مسلما في شأنها.» فراجعوه فلم يرجع.
وقال مسلما، بلا شك فيه وعليه، وكان في أصل العتيق كذلك.
(مسلما) من التسليم في الأمر، أي ساكتا، وفي رواية (مسلما) أي سالما من الخوض فيه، وروى (مسيئا).
قال في الفتح: هو الأقوى من حيث نقل الرواية.
وقواه بما في رواية ابن مردوية بلفظ: إن عليا أساء في شأني،
والله يغفر له.
قال: وإنما نسبته إلى الإساءة لأنه لم يقل كما قال أسامة: أهلك ولا نعلم إلا خيرا.
بل ضيق على بريرة، وقال: لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير، ونحو ذلك من الكلام، وخلاصة القول: أن عليا رضي الله عنه لم يكن ليسيء الظن بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحاشاه رضي الله عنه، وإنما حمله على تصرفه وقوله إشفاقه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورغبته في إذهاب الغم والكرب عن نفسه، لما رأى من شدة تأثره صلى الله عليه وسلم بالأمر.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد ) هُوَ الْجَعْفِيُّ.
قَوْله : ( أَمْلَى عَلَيَّ هِشَام بْن يُوسُف ) هُوَ الصَّنْعَانِيُّ.
قَوْله : ( مِنْ حِفْظِهِ ) فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْإِمْلَاء قَدْ يَقَع مِنْ الْكِتَابِ.
قَوْله : ( قَالَ لِي الْوَلِيد بْن عَبْد الْمَلِك ) أَيْ اِبْن مَرْوَان , فِي رِوَايَة عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر " كُنْت عِنْد الْوَلِيد بْن عَبْد الْمَلِك " أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ.
قَوْله : ( أَبَلَککٹَنَّ عَلِيًّا كَانَ فِيمَنْ قَذَفَ عَائِشَةَ ) فِي رِوَايَة عَبْد الرَّزَّاق " فَقَالَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ عَلِيّ , قُلْت : لَا " كَذَا فِي رِوَايَة عَبْد الرَّزَّاق وَزَادَ " وَلَكِنْ حَدَّثَنِي سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَعُرْوَة وَعَلْقَمَة وَعُبَيْد اللَّه كِلَيْهِم عَنْ عَائِشَة قَالَ : الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ قَالَ فَمَا كَانَ جُرْمُهُ , وَفِي تَرْجَمَة الزُّهْرِيِّ عَنْ " حِلْيَةِ أَبِي نُعَيْمٍ " , مِنْ طَرِيق اِبْن عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ " كُنْت عِنْد الْوَلِيد بْن عَبْد الْمَلِك فَتَلَا هَذِهِ الْآيَة : ( وَاَلَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَاب عَظِيم ) فَقَالَ : نَزَلَتْ فِي عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب.
قَالَ الزُّهْرِيُّ : أَصْلَحَ اللَّه الْأَمِير لَيْسَ الْأَمْر كَذَلِكَ , أَخْبَرَنِي عُرْوَة عَنْ عَائِشَة.
قَالَ : وَكَيْف أَخْبَرَك ؟ قُلْت : أَخْبَرَنِي عُرْوَة عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ اِبْن سَلُول " وَلِابْنِ مُرْدِيه مِنْ وَجْه آخَر عَنْ الزُّهْرِيِّ " كُنْت عِنْد الْوَلِيد بْن عَبْد الْمَلِك لَيْلَة مِنْ اللَّيَالِي وَهُوَ يَقْرَأ سُورَة النُّور مُسْتَلْقِيًا , فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الْآيَة ( إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ - حَتَّى بَلَغَ - وَاَلَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ ) جَلَسَ ثُمَّ قَالَ : يَا أَبَا بَكْر مَنْ تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ ؟ أَلَيْسَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب ؟ قَالَ فَقُلْت فِي نَفْسِي : مَاذَا أَقُول ؟ لَئِنْ قُلْت لَا لَقَدْ خَشِيت أَنْ أَلْقَى مِنْهُ شَرًّا , وَلَئِنْ قُلْت نَعَمْ لَقَدْ جِئْت بِأَمْرٍ عَظِيم , قُلْت فِي نَفْسِي : لَقَدْ عَوَّدَنِي اللَّه عَلَى الصِّدْق خَيْرًا , قُلْت : لَا , قَالَ فَضَرَبَ بِقَضِيبِهِ عَلَى السَّرِير ثُمَّ قَالَ : فَمَنْ فَمَنْ ؟ حَتَّى رَدَّدَ ذَلِكَ مِرَارًا , قُلْت : لَكِنْ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ".
قَوْله : ( وَلَكِنْ قَدْ أَخْبَرَنِي رَجُلَانِ مِنْ قَوْمك ) أَيْ مِنْ قُرَيْش , لِأَنَّ أَبَا بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث مَخْزُومِيّ وَأَبَا سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف زُهْرِيٌّ يَجْمَعهُمَا مَعَ بَنِي أُمَيَّة رَهْط الْوَلِيد مُرَّة بْن كَعْب بْن لُؤَيِّ بْن غَالِبٍ.
قَوْله : ( كَانَ عَلِيّ مُسَلِّمًا فِي شَأْنِهَا ) كَذَا فِي نُسَخِ الْبُخَارِيّ بِكَسْرِ اللَّامِ الثَّقِيلَةِ وَفِي رِوَايَة الْحَمَوِيِّ بِفَتْحِ اللَّامِ.
قَوْله : ( فَرَاجَعُوهُ فَلَمْ يَرْجِع ) الْمُرَاجَعَة فِي ذَلِكَ وَقَعَتْ مَعَ هِشَام بْن يُوسُف فِيمَا أَحْسَب , وَذَلِكَ أَنَّ عَبْد الرَّزَّاق رَوَاهُ عَنْ مَعْمَر فَخَالَفَهُ فَرَوَاهُ بِلَفْظِ " مُسِيئًا " كَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأَبُو نُعَيْم فِي الْمُسْتَخْرَجَيْنِ , وَزَعَمَ الْكَرْمَانِيُّ أَنَّ الْمُرَاجَعَة وَقَعَتْ فِي ذَلِكَ عِنْد الزُّهْرِيِّ , قَالَ وَقَوْله : " فَلَمْ يَرْجِع " أَيْ لَمْ يُجِبْ بِغَيْرِ ذَلِكَ , قَالَ : وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْمُرَاد فَلَمْ يَرْجِع الزُّهْرِيُّ إِلَى الْوَلِيد.
قُلْت وَيُقَوِّي رِوَايَة عَبْد الرَّزَّاق مَا فِي رِوَايَة اِبْن مَرْدُوَيهِ الْمَذْكُورَة بِلَفْظِ " أَنَّ عَلِيًّا أَسَاءَ فِي شَأْنِي وَاَللَّهُ يَغْفِر لَهُ " اِنْتَهَى.
وَقَالَ اِبْن التِّين : قَوْله : " مُسَلِّمًا " هُوَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَضُبِطَ أَيْضًا بِفَتْحِهَا وَالْمَعْنَى مُتَقَارِب.
قُلْت : وَفِيهِ نَظَر , فَرِوَايَة الْفَتْح تَقْتَضِي سَلَامَته مِنْ ذَلِكَ , وَرِوَايَة الْكَسْر تَقْتَضِي تَسْلِيمَهُ لِذَلِكَ , قَالَ اِبْن التِّين : وَرُوِيَ " مُسِيئًا " وَفِيهِ بُعْدٌ.
قُلْت : بَلْ هُوَ الْأَقْوَى مِنْ حَيْثُ تَقِلُّ الرِّوَايَةُ , وَقَدْ ذَكَرَ عِيَاض أَنَّ النَّسَفِيّ رَوَاهُ عَنْ الْبُخَارِيّ بِلَفْظِ " مُسِيئًا " قَالَ : وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو عَلِيّ بْن السَّكَن عَنْ الْفَرْبَرِيّ , وَقَالَ الْأَصِيلِيّ بَعْد أَنْ رَوَاهُ بِلَفْظِ " مُسَلِّمًا " كَذَا قَرَأْنَاهُ وَالْأَعْرَف غَيْره , وَإِنَّمَا نَسَبَتْهُ إِلَى الْإِسَاءَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ كَمَا قَالَ أُسَامَة " أَهْلُك وَلَا نَعْلَم إِلَّا خَيْرًا " بَلْ ضَيَّقَ عَلَى بَرِيرَةَ وَقَالَ : " لَمْ يُضَيِّقْ اللَّهُ عَلَيْك , وَالنِّسَاء سِوَاهَا كَثِير " وَنَحْو ذَلِكَ مِنْ الْكَلَام كَمَا سَيَأْتِي بَسْطُهُ فِي مَكَانَهُ , وَتَوْجِيه الْعُذْر عَنْهُ.
وَكَأَنَّ بَعْض مَنْ لَا خَيْر فِيهِ مِنْ النَّاصِيَةِ تَقَرَّبَ إِلَى بَنِي أُمَيَّة بِهَذِهِ الْكِذْبَةِ فَحَرَّفُوا قَوْل عَائِشَة إِلَى غَيْرِ وَجْهِهِ لِعِلْمِهِمْ بِانْحِرَافِهِمْ عَنْ عَلِيٍّ فَظَنُّوا صِحَّتَهَا , حَتَّى بَيَّنَ الزُّهْرِيُّ لِلْوَلِيدِ أَنَّ الْحَقَّ خِلَاف ذَلِكَ , فَجَزَاهُ اللَّه تَعَالَى خَيْرًا.
وَقَدْ جَاءَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ هِشَام بْن عَبْد الْمَلِك كَانَ يَعْتَقِد ذَلِكَ أَيْضًا , فَأَخْرَجَ يَعْقُوب بْن شَيْبَة فِي مُسْنَدِهِ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيّ الْحَلْوَانِيّ عَنْ الشَّافِعِيّ قَالَ : حَدَّثَا عَمِّي قَالَ : " دَخَلَ سُلَيْمَان بْن يَسَار عَلَى هِشَام بْن عَبْد الْمَلِك فَقَالَ لَهُ : يَا سُلَيْمَان الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مَنْ هُوَ ؟ قَالَ : عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ.
قَالَ : كَذَبْت , هُوَ عَلِيّ.
قَالَ : أَمِير الْمُؤْمِنِينَ أَعْلَم بِمَا يَقُول.
فَدَخَلَ الزُّهْرِيُّ فَقَالَ : يَا اِبْن شِهَابَ مَنْ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ ؟ قَالَ اِبْن أُبَيّ.
قَالَ : كَذَبْت هُوَ عَلِيّ , فَقَالَ أَنَا أَكْذِب لَا أَبَا لَك , وَاَللَّهِ لَوْ نَادَى مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ الْكَذِبَ مَا كَذَبْت , حَدَّثَنِي عُرْوَة وَسَعِيد وَعُبَيْد اللَّه وَعَلْقَمَة عَنْ عَائِشَة أَنَّ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ - فَذَكَرَ لَهُ قِصَّة مَعَ هِشَام فِي آخِرهَا - نَحْنُ هَيَّجْنَا الشَّيْخَ " هَذَا أَوْ مَعْنَاهُ.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَمْلَى عَلَيَّ هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ مِنْ حِفْظِهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ قَالَ لِي الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبَلَغَكَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ فِيمَنْ قَذَفَ عَائِشَةَ قُلْتُ لَا وَلَكِنْ قَدْ أَخْبَرَنِي رَجُلَانِ مِنْ قَوْمِكَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ لَهُمَا كَانَ عَلِيٌّ مُسَلِّمًا فِي شَأْنِهَا فَرَاجَعُوهُ فَلَمْ يَرْجِعْ وَقَالَ مُسَلِّمًا بِلَا شَكٍّ فِيهِ وَعَلَيْهِ كَانَ فِي أَصْلِ الْعَتِيقِ كَذَلِكَ
عن أم رومان وهي أم عائشة رضي الله عنهما قالت: «بينا أنا قاعدة أنا وعائشة، إذ ولجت امرأة من الأنصار فقالت: فعل الله بفلان وفعل، فقالت أم رومان: وما ذاك...
عن عائشة رضي الله عنها: «كانت تقرأ: إذ تلقونه بألسنتكم وتقول: الولق الكذب قال ابن أبي مليكة: وكانت أعلم من غيرها بذلك، لأنه نزل فيها.»
عن هشام، عن أبيه قال: «ذهبت أسب حسان عند عائشة، فقالت: لا تسبه، فإنه كان ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.<br> وقالت عائشة: استأذن النبي صلى ال...
عن مسروق قال: «دخلنا على عائشة رضي الله عنها وعندها حسان بن ثابت ينشدها شعرا، يشبب بأبيات له، وقال: حصان رزان ما تزن بريبة .<br> وتصبح غرثى من لحوم...
عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية، فأصابنا مطر ذات ليلة، فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الص...
عن قتادة: أن أنسا رضي الله عنه أخبره قال: «اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر، كلهن في ذي القعدة، إلا التي كانت مع حجته: عمرة من الحديبية ف...
عن عبد الله بن أبي قتادة : أن أباه حدثه قال: «انطلقنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية، فأحرم أصحابه ولم أحرم.»
عن البراء رضي الله عنه قال: «تعدون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحا، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية، كنا مع النبي صلى الله عليه وس...
عن البراء بن عازب رضي الله عنهما: «أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ألفا وأربعمائة أو أكثر، فنزلوا على بئر فنزحوها، فأتوا رسو...