4200-
عن أنس رضي الله عنه قال: «صلى النبي صلى الله عليه وسلم الصبح قريبا من خيبر بغلس، ثم قال: الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين فخرجوا يسعون في السكك، فقتل النبي صلى الله عليه وسلم المقاتلة وسبى الذرية، وكان في السبي صفية، فصارت إلى دحية الكلبي، ثم صارت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل عتقها صداقها».
فقال عبد العزيز بن صهيب لثابت: يا أبا محمد، آنت قلت لأنس: ما أصدقها؟ فحرك ثابت رأسه تصديقا له.
(بغلس) ظلمة الليل إذا اختلطت بضوء الصباح.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن زَيْد عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس ) تَقَدَّمَ فِي صَلَاة الْخَوْفِ مَعَ ثَابِتٍ عَبْد الْعَزِيز بْن صُهَيْب.
قَوْله : ( فَخَرَجُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ , فَقَتَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُقَاتِلَةَ وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ ) فِيهِ اِخْتِصَارٌ كَبِير , لِأَنَّهُ يُوهِم أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ عَقِبَ الْإِغَارَةِ عَلَيْهِمْ , وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَ اِبْن إِسْحَاقَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ عَلَى مُحَاصَرَتِهِمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً , وَقِيلَ : أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ.
وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْله : " إِنَّهُمْ أَصَابَتْهُمْ مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ " فَإِنَّهُ دَالّ عَلَى طُولِ مُدَّةِ الْحِصَارِ , إِذْ لَوْ وَقَعَ الْفَتْحُ مِنْ يَوْمِهِمْ لَمْ يَقَعْ لَهُمْ ذَلِكَ.
وَفِي حَدِيثِ سَلَمَة بْن الْأَكْوَع وَسَهْل بْن سَعْد الْآتِيَيْنِ قَرِيبًا فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ مَا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ , وَكَذَا فِي حَدِيثِ سَهْلٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ الَّذِي قَتَلَ نَفْسَهُ , وَكَذَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّهُمْ حَاصَرُوهُمْ.
حَدِيث أَنَس أَيْضًا فِي ذِكْرِ صَفِيَّةَ , ذَكَرَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ , وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ مِنْ وَجْهٍ ثَالِثٍ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا سِيَاقًا.
وَصْفِيَّة هِيَ بِنْتُ حُيَيِّ بْن أَخْطَبَ بْن سَعْيَةَ - بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّة سَاكِنَة - اِبْن عَامِر بْن عُبَيْد بِن كَعْبٍ , مِنْ ذُرِّيَّةِ هَارُونَ بْن عِمْرَانَ أَخِي مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ , وَأُمُّهَا بَرَّةُ بِنْتُ شَمْوَال مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ , وَكَانَتْ تَحْتَ سَلَّامِ بْنِ مُشْكِمِ الْقُرَظِيّ ثُمَّ فَارَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا كِنَانَةُ بْنُ الرَّبِيعِ بْن أَبِي الْحَقِيقِ النَّضِيرِيّ فَقُتِلَ عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ , ذَكَرَ ذَلِكَ اِبْن سَعْد وَأَسْنَدَ بَعْضَهُ مِنْ وَجْهٍ مُرْسَلٍ.
قَوْله : ( وَكَانَ فِي السَّبْي صَفِيَّة بِنْت حُيَيِّ فَصَارَتْ إِلَى دِحْيَةَ , ثُمَّ صَارَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ " فَجَاءَ دِحْيَةُ فَقَالَ : أَعْطِنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ جَارِيَة مِنْ السَّبْي , قَالَ : اِذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَة , فَأَخَذَ صَفِيَّة , فَجَاءَ رَجُل فَقَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه أَعْطَيْت دِحْيَة صَفِيَّةَ سَيِّدَةَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لَك , قَالَ اُدْعُوهُ بِهَا , فَجَاءَ بِهَا , فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : خُذْ جَارِيَة مِنْ السَّبْي غَيْرَهَا , وَعِنْدَ اِبْن إِسْحَاق أَنَّ صَفِيَّةَ سُبِيَتْ مِنْ حِصْنِ الْقَمُوصِ وَهُوَ حِصْنُ بَنِي أَبِي الْحَقِيقِ , وَكَانَتْ تَحْتَ كِنَانَة بْن الرَّبِيعِ بْن أَبِي الْحَقِيقِ وَسُبِيَ مَعَهَا بِنْتُ عَمِّهَا - وَعِنْدَ غَيْرِهِ بِنْتُ عَمِّ زَوْجِهَا - فَلَمَّا اِسْتَرْجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّة مِنْ دِحْيَة أَعْطَاهُ بِنْتَ عَمِّهَا.
قَالَ السُّهَيْلِيُّ : لَا مُعَارَضَة بَيْنَ هَذِهِ الْأَخْبَار فَإِنَّهُ أَخَذَهَا مِنْ دِحْيَة قَبْل الْقَسَمِ , وَاَلَّذِي عَوَّضَهُ عَنْهَا لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الْبَيْعِ بَلْ عَلَى سَبِيلِ النَّفْلِ.
قُلْت : وَقَعَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْن سَلَمَةَ عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس عِنْد مُسْلِم أَنَّ صَفِيَّة وَقَعَتْ فِي سَهْم دِحْيَةَ , وَعِنْدَهُ أَيْضًا فِيهِ " فَاشْتَرَاهَا مِنْ دِحْيَةَ بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ " فَالْأَوْلَى فِي طَرِيقِ الْجَمْعِ أَنَّ الْمُرَادَ بِسَهْمِهِ هُنَا نُصِيبُهُ الَّذِي اِخْتَارَهُ لِنَفْسِهِ , وَذَلِكَ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْطِيَهُ جَارِيَةً فَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ جَارِيَةً , فَأَخَذَ صَفِيَّة.
فَلَمَّا قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا بِنْت مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِهِمْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّنْ تُوهَبُ لِدِحْيَةَ لِكَثْرَةِ مَنْ كَانَ فِي الصَّحَابَةِ مِثْلَ دِحْيَة وَفَوْقه وَقِلَّة مَنْ كَانَ فِي السَّبْي مِثْل صَفِيَّة فِي نَفَاسَتِهَا , فَلَوْ خَصَّهُ بِهَا لَأَمْكَنَ تَغَيُّرُ خَاطِرِ بَعْضِهِمْ , فَكَانَ مِنْ الْمَصْلَحَة الْعَامَّة اِرْتِجَاعهَا مِنْهُ وَاخْتِصَاص النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا , فَإِنَّ فِي ذَلِكَ رِضَا الْجَمِيعِ , وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ مِنْ شَيْء.
وَأَمَّا إِطْلَاق الشِّرَاءِ عَلَى الْعِوَضِ فَعَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ , وَلَعَلَّهُ عَوَّضَهُ عَنْهَا بِنْت عَمّهَا أَوْ بِنْت عَمِّ زَوْجهَا فَلَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ فَأَعْطَاهُ مِنْ جُمْلَةِ السَّبْيِ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ.
وَعِنْد اِبْن سَعْد مِنْ طَرِيق سُلَيْمَانَ بْن الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس وَأَصْله فِي مُسْلِم " صَارَتْ صَفِيَّة لِدِحْيَةَ , فَجَعَلُوا يَمْدَحُونَهَا , فَبَعَثَ رَسُول اللَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَى بِهَا دِحْيَة مَا رَضِيَ " وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي أَوَائِل الصَّلَاةِ , وَيَأْتِي تَمَام قِصَّتِهَا فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي عَشَرَ , وَيَأْتِي الْكَلَام عَلَى قَوْله فِي الْحَدِيثِ " وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا " فِي كِتَابِ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ قَرِيبًا مِنْ خَيْبَرَ بِغَلَسٍ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ { فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ } فَخَرَجُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ فَقَتَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُقَاتِلَةَ وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ وَكَانَ فِي السَّبْيِ صَفِيَّةُ فَصَارَتْ إِلَى دَحْيَةَ الْكَلْبِيِّ ثُمَّ صَارَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا فَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ لِثَابِتٍ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ آنْتَ قُلْتَ لِأَنَسٍ مَا أَصْدَقَهَا فَحَرَّكَ ثَابِتٌ رَأْسَهُ تَصْدِيقًا لَهُ
عن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: «سبى النبي صلى الله عليه وسلم صفية، فأعتقها وتزوجها.<br> فقال ثابت لأنس: ما أصدقها؟ قال: أصدقها نفسها، فأعتقها.»
عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون فاقتتلوا، فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره وما...
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «شهدنا خيبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل ممن معه يدعي الإسلام: هذا من أهل النار.<br> فلما حضر القتال قاتل ال...
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: «لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، أو قال: لما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أشرف الناس على واد،...
عن يزيد بن أبي عبيد قال: «رأيت أثر ضربة في ساق سلمة، فقلت: يا أبا مسلم، ما هذه الضربة؟ فقال: هذه ضربة أصابتني يوم خيبر، فقال الناس: أصيب سلمة، فأتيت...
عن سهل قال: «التقى النبي صلى الله عليه وسلم والمشركون في بعض مغازيه، فاقتتلوا، فمال كل قوم إلى عسكرهم، وفي المسلمين رجل لا يدع من المشركين شاذة ولا ف...
عن أبي عمران قال: «نظر أنس إلى الناس يوم الجمعة، فرأى طيالسة، فقال: كأنهم الساعة يهود خيبر.»
عن سلمة رضي الله عنه قال: «كان علي رضي الله عنه تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر، وكان رمدا، فقال: أنا أتخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلح...
عن سهل بن سعد رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله ويحبه الله...