4355- عن جرير قال: «كان بيت في الجاهلية يقال له ذو الخلصة، والكعبة اليمانية، والكعبة الشأمية، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ألا تريحني من ذي الخلصة، فنفرت في مائة وخمسين راكبا فكسرناه، وقتلنا من وجدنا عنده، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فدعا لنا ولأحمس»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا خَالِد ) هُوَ اِبْن عَبْد اللَّه الطَّحَّان , وَبَيَان بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّة خَفِيفَة وَهُوَ اِبْن بِشْر , وَقَيْس هُوَ اِبْن حَازِم.
قَوْله : ( كَانَ بَيْت فِي الْجَاهِلِيَّة يُقَال لَهُ ذُو الْخَلَصَة ) فِي الرِّوَايَة الَّتِي بَعْدهَا أَنَّهُ كَانَ فِي خَثْعَم بِمُعْجَمَةٍ وَمُثَلَّثَة وَزْن جَعْفَر قَبِيلَة شَهِيرَة يَنْتَسِبُونَ إِلَى خَثْعَم بْن أَنْمَار بِفَتْحِ أَوَّله وَسُكُون النُّون أَيْ اِبْن إِرَاش بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَتَخْفِيف الرَّاءِ وَفِي آخِرِهِ مُعْجَمَة اِبْن عَنْز بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُون النُّونِ بَعْدهَا زَاي أَيْ اِبْن وَائِل يَنْتَهِي نَسَبهمْ إِلَى رَبِيعَة بْن نِزَار إِخْوَة مُضَر بْن نِزَار جَدّ قُرَيْش , وَقَدْ وَقَعَ ذِكْر ذِي الْخَلَصَة فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عِنْد الشَّيْخَيْنِ فِي كِتَاب الْفِتَن مَرْفُوعًا " لَا تَقُوم السَّاعَة حَتَّى تَضْطَرِب أَلَيَات نِسَاء دَوْس حَوْل ذِي الْخَلَصَة " وَكَانَ صَنَمًا تَعْبُدهُ دَوْس فِي الْجَاهِلِيَّة.
وَاَلَّذِي يَظْهَر لِي أَنَّهُ غَيْر الْمُرَاد فِي حَدِيث الْبَاب وَإِنْ كَانَ السُّهَيْلِيُّ يُشِير إِلَى اِتِّحَادهمَا لِأَنَّ دَوْسًا قَبِيلَة أَبِي هُرَيْرَة وَهُمْ يَنْتَسِبُونَ إِلَى دَوْس بْن عُدْثَان بِضَمِّ الْمُهْمَلَة وَبَعْد الدَّال السَّاكِنَة مُثَلَّثَة اِبْن عَبْد اللَّه بْن زَهْرَان , يَنْتَهِي نَسَبهمْ إِلَى الْأَزْدِ , فَبَيْنهمْ وَبَيْن خَثْعَمَ تَبَايُن فِي النَّسَب وَالْبَلَد.
وَذَكَرَ اِبْن دِحْيَة أَنَّ ذَا الْخَلَصَة الْمُرَاد فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة كَانَ عَمْرو بْن لُحَيّ قَدْ نَصَبَهُ أَسْفَل مَكَّة , وَكَانُوا يُلْبِسُونَهُ الْقَلَائِد وَيَجْعَلُونَ عَلَيْهِ بَيْض النَّعَام وَيَذْبَحُونَ عِنْده , وَأَمَّا الَّذِي لِخَثْعَم فَكَانُوا قَدْ بَنَوْا بَيْتًا يُضَاهُونَ بِهِ الْكَعْبَة فَظَهَرَ الِافْتِرَاق وَقَوِيَ التَّعَدُّد.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
قَوْله : ( وَالْكَعْبَة الْيَمَانِيَة وَالْكَعْبَة الشَّامِيَّة ) كَذَا فِيهِ.
قِيلَ : وَهُوَ غَلَط وَالصَّوَاب الْيَمَانِيَة فَقَطْ , سَمُّوهَا بِذَلِكَ مُضَاهَاة لِلْكَعْبَةِ , وَالْكَعْبَة الْبَيْت الْحَرَام بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يَكُون جِهَة الْيَمَن شَامِيَّة فَسَمُّوا الَّتِي بِمَكَّة شَامِيَّة وَاَلَّتِي عِنْدهمْ يَمَانِيَة تَفْرِيقًا بَيْنَهُمَا.
وَاَلَّذِي يَظْهَر لِي أَنَّ الَّذِي فِي الرِّوَايَة صَوَاب وَأَنَّهَا كَانَ يُقَال لَهَا الْيَمَانِيَة بِاعْتِبَارِ كَوِّنْهَا بِالْيَمَنِ وَالشَّامِيَّة بِاعْتِبَارِ أَنَّهُمْ جَعَلُوا بَابهَا مُقَابِل الشَّام , وَقَدْ حَكَى عِيَاض أَنَّ فِي بَعْض الرِّوَايَات " وَالْكَعْبَة الْيَمَانِيَة الْكَعْبَة الشَّامِيَّة " بِغَيْرِ وَاو.
قَالَ : وَفِيهِ إِيهَام , قَالَ : وَالْمَعْنَى كَانَ يُقَال لَهَا تَارَة هَكَذَا وَتَارَة هَكَذَا , وَهَذَا يُقَوِّي مَا قُلْته فَإِنَّ إِرَادَة ذَلِكَ مَعَ ثُبُوت الْوَاو أَوْلَى , وَقَالَ غَيْره : قَوْله : " وَالْكَعْبَة الشَّامِيَّة " مُبْتَدَأ مَحْذُوف الْخَبَر تَقْدِيره هِيَ الَّتِي بِمَكَّة , وَقِيلَ الْكَعْبَة مُبْتَدَأ الشَّامِيَّة خَبَره وَالْجُمْلَة حَال وَالْمَعْنَى وَالْكَعْبَة هِيَ الشَّامِيَّة لَا غَيْر , وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ عَنْ بَعْض النَّحْوِيِّينَ أَنَّ " لَهُ " زَائِدَة وَأَنَّ الصَّوَاب " كَانَ يُقَال الْكَعْبَة الشَّامِيَّة " أَيْ لِهَذَا الْبَيْت الْجَدِيد " وَالْكَعْبَة الْيَمَانِيَة " أَيْ لِلْبَيْتِ الْعَتِيق أَوْ بِالْعَكْسِ , قَالَ السُّهَيْلِيُّ : وَلَيْسَتْ فِيهِ زِيَادَة , وَإِنَّمَا اللَّام بِمَعْنَى مِنْ أَجْل أَيْ كَانَ يُقَال مِنْ أَجْله الْكَعْبَة الشَّامِيَّة وَالْكَعْبَة الْيَمَانِيَة أَيْ إِحْدَى الصِّفَتَيْنِ لِلْعَتِيقِ وَالْأُخْرَى لِلْجَدِيدِ.
قَوْله : ( أَلَا تُرِيحُنِي ) هُوَ بِتَخْفِيفِ اللَّام طَلَب يَتَضَمَّن الْأَمْر وَخَصَّ جَرِيرًا بِذَلِكَ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي بِلَاد قَوْمه وَكَانَ هُوَ مِنْ أَشْرَافهمْ , وَالْمُرَاد بِالرَّاحَةِ رَاحَة الْقَلْب , وَمَا كَانَ شَيْء أَتْعَبَ لِقَلْبِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَقَاء مَا يُشْرَك بِهِ مِنْ دُون اللَّه تَعَالَى.
وَرَوَى الْحَاكِم فِي " الْإِكْلِيل " مِنْ حَدِيث الْبَرَاء بْن عَازِب قَالَ : " قَدِمَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةُ رَجُل مِنْ بَنِي بَجِيلَة وَبَنِي قُشَيْرٍ جَرِير بْن عَبْد اللَّه , فَسَأَلَهُ عَنْ بَنِي خَثْعَم فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ أَبَوْا أَنْ يُجِيبُوا إِلَى الْإِسْلَام , فَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى عَامَّة مَنْ كَانَ مَعَهُ , وَنَدَبَ مَعَهُ ثَلَاثمِائَة مِنْ الْأَنْصَار وَأَمَرَهُ أَنْ يَسِير إِلَى خَثْعَم فَيَدْعُوهُمْ ثَلَاثَة أَيَّام , فَإِنْ أَجَابُوا إِلَى الْإِسْلَام قَبِلَ مِنْهُمْ وَهَدَمَ صَنَمهمْ ذَا الْخَلَصَة , وَإِلَّا وَضَعَ فِيهِمْ السَّيْف ".
قَوْله : ( فَنَفَرْت ) أَيْ خَرَجْت مُسْرِعًا.
قَوْله : ( فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ رَاكِبًا ) زَادَ فِي الرِّوَايَة الَّتِي بَعْدهَا " وَكَانُوا أَصْحَاب خَيْل " أَيْ يَثْبُتُونَ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ بَعْده : " وَكُنْت لَا أَثْبُت عَلَى الْخَيْل " وَوَقَعَ فِي رِوَايَة ضَعِيفَة فِي الطَّبَرَانِيِّ أَنَّهُمْ كَانُوا سَبْعِمِائَةٍ , فَلَعَلَّهَا إِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَة يَكُون الزَّائِد رِجَالَة وَأَتْبَاعًا.
ثُمَّ وَجَدْت فِي " كِتَاب الصَّحَابَة لِابْنِ السَّكَن " أَنَّهُمْ كَانُوا أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ فَذُكِرَ عَنْ قَيْس بْن غَرَبَة الْأَحْمَسِيِّ أَنَّهُ وَفَدَ فِي خَمْسِمِائَةٍ , قَالَ : وَقَدِمَ جَرِير فِي قَوْمه وَقَدِمَ الْحَجَّاج بْن ذِي الْأَعْيُن فِي مِائَتَيْنِ , قَالَ : وَضَمَّ إِلَيْنَا ثَلَاثمِائَة مِنْ الْأَنْصَار وَغَيْرهمْ , فَغَزَوْنَا بَنِي خَثْعَم.
فَكَأَنَّ الْمِائَة وَالْخَمْسِينَ هُمْ قَوْم جَرِير وَتَكْمِلَة الْمِائَتَيْنِ أَتْبَاعهمْ وَكَأَنَّ الرِّوَايَة الَّتِي فِيهَا سَبْعَمِائَةٍ مَنْ كَانَ مِنْ رَهْط جَرِير وَقَيْس بْن غَرَبَة لِأَنَّ الْخَمْسِينَ كَانُوا مِنْ قَبِيلَة وَاحِدَة , وَغَرَبَة بِفَتْحِ الْمُعْجَمَة وَالرَّاء الْمُهْمَلَة بَعْدهَا مُوَحَّدَة ضَبَطَهُ الْأَكْثَر.
قَوْله : ( فَكَسَرْنَاهُ ) أَيْ الْبَيْت وَسَيَأْتِي الْبَحْث فِيهِ بَعْد.
قَوْله : ( فَأَتَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْته ) كَذَا فِيهِ , وَفِي الرِّوَايَة الْأَخِيرَة أَنَّ الَّذِي أَخْبَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ رَسُول جَرِير , فَكَأَنَّهُ نُسِبَ إِلَى جَرِير مَجَازًا.
قَوْله : ( فَدَعَا لَنَا وَلِأَحْمَسَ ) بِمُهْمَلَةٍ وَزْن أَحْمَر وَهُمْ إِخْوَة بَجِيلَة بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَة وَكَسْر الْجِيم رَهْط جَرِير يَنْتَسِبُونَ إِلَى أَحْمَسَ بْن الْغَوْث بْن أَنْمَار , وَبَجِيلَة اِمْرَأَة نُسِبَتْ إِلَيْهَا الْقَبِيلَة الْمَشْهُورَة , وَمَدَار نَسَبهمْ أَيْضًا عَلَى أَنْمَار.
وَفِي الْعَرَب قَبِيلَة أُخْرَى يُقَال لَهَا أَحْمَس لَيْسَتْ مُرَادَة هُنَا يَنْتَسِبُونَ إِلَى أَحْمَس بْن ضُبَيْعَةَ بْن رَبِيعَة بْن نِزَار.
وَوَقَعَ فِي الرِّوَايَة الَّتِي بَعْد هَذِهِ " فَبَارَكَ فِي خَيْل أَحْمَس وَرِجَالهَا خَمْس مَرَّات " أَيْ دَعَا لَهُمْ بِالْبَرَكَةِ.
وَوَقَعَ عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ رِوَايَة اِبْن شِهَاب عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد " فَدَعَا لِأَحْمَس بِالْبَرَكَةِ ".
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ حَدَّثَنَا بَيَانٌ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ كَانَ بَيْتٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُقَالُ لَهُ ذُو الْخَلَصَةِ وَالْكَعْبَةُ الْيَمانِيَةُ وَالْكَعْبَةُ الشَّأْمِيَّةُ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ فَنَفَرْتُ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ رَاكِبًا فَكَسَرْنَاهُ وَقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَدَعَا لَنَا وَلِأَحْمَسَ
عن قيس قال: قال لي جرير رضي الله عنه: «قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ألا تريحني من ذي الخلصة، وكان بيتا في خثعم، يسمى الكعبة اليمانية، فانطلقت في...
عن جرير قال: «قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تريحني من ذي الخلصة، فقلت: بلى، فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس، وكانوا أصحاب خيل، وكنت لا...
عن أبي عثمان: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمرو بن العاص على جيش ذات السلاسل، قال: فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، قلت: من الرجا...
ن جرير قال: «كنت بالبحر، فلقيت رجلين من أهل اليمن: ذا كلاع وذا عمرو، فجعلت أحدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له ذو عمرو: لئن كان الذي تذكر...
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا قبل الساحل، وأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح، وهم ثلاثمائة، فخرجنا...
عن جابر بن عبد الله يقول: «بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة راكب، أميرنا أبو عبيدة بن الجراح، نرصد عير قريش، فأقمنا بالساحل نصف شهر، فأصا...
عن جابر رضي الله عنه يقول: «غزونا جيش الخبط، وأمر أبو عبيدة، فجعنا جوعا شديدا، فألقى البحر حوتا ميتا لم نر مثله، يقال له العنبر، فأكلنا منه نصف شهر،...
عن أبي هريرة : «أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه بعثه، في الحجة التي أمره النبي صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع، يوم النحر في رهط يؤذن في الناس: لا ي...
عن البراء رضي الله عنه قال: «آخر سورة نزلت كاملة براءة، وآخر سورة نزلت خاتمة سورة النساء: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}».<br>