حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

بعث النبي ﷺ بعثا قبل الساحل وأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح - صحيح البخاري

صحيح البخاري | كتاب المغازي باب غزوة سيف البحر (حديث رقم: 4360 )


4360- عن ‌جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا قبل الساحل، وأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح، وهم ثلاثمائة، فخرجنا وكنا ببعض الطريق فني الزاد، فأمر أبو عبيدة بأزواد الجيش فجمع، فكان مزودي تمر، فكان يقوتنا كل يوم قليل قليل حتى فني، فلم يكن يصيبنا إلا تمرة تمرة، فقلت: ما تغني عنكم تمرة؟ فقال: لقد وجدنا فقدها حين فنيت، ثم انتهينا إلى البحر، فإذا حوت مثل الظرب، فأكل منها القوم ثمان عشرة ليلة، ثم أمر أبو عبيدة بضلعين من أضلاعه فنصبا، ثم أمر براحلة فرحلت ثم مرت تحتهما فلم تصبهما.»

أخرجه البخاري

شرح حديث (بعث النبي ﷺ بعثا قبل الساحل وأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح)

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

‏ ‏قَوْله : ( عَنْ وَهْب بْن كَيْسَانَ عَنْ جَابِر ) ‏ ‏.
‏ ‏قَوْله : ( قِبَل السَّاحِل ) ‏ ‏بِكَسْرِ الْقَاف وَفَتْح الْمُوَحَّدَة أَيْ جِهَته , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة عُبَادَةَ بْن الْوَلِيد بْن عُبَادَةَ " سِيف الْبَحْر " وَسَأَذْكُرُ مَنْ أَخْرَجَهَا.
‏ ‏قَوْله : ( وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَة ) ‏ ‏فِي رِوَايَة أَبِي حَمْزَة الْخَوْلَانِيِّ عَنْ جَابِر بْن أَبِي عَاصِم فِي الْأَطْعِمَة " تَأَمَّرَ عَلَيْنَا قَيْس بْن سَعْد بْن عُبَادَةَ عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَالْمَحْفُوظ مَا اِتَّفَقَتْ عَلَيْهِ رِوَايَات الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ أَبُو عُبَيْدَة وَكَأَنَّ أَحَد رُوَاته ظَنَّ مِنْ صَنِيع قَيْس بْن سَعْد فِي تِلْكَ الْغَزْوَة مَا صَنَعَ مِنْ نَحْر الْإِبِل الَّتِي اِشْتَرَاهَا أَنَّهُ كَانَ أَمِير السَّرِيَّة , وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
‏ ‏قَوْله : ( فَخَرَجْنَا فَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيق فَنِيَ الزَّاد , فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَة بِأَزْوَادِ الْجَيْش فَجُمِعَ فَكَانَ مِزْوَد تَمْر ) ‏ ‏الْمِزْوَد بِكَسْرِ الْمِيم وَسُكُون الزَّاي مَا يُجْعَل فِيهِ الزَّاد.
‏ ‏قَوْله : ( فَكَانَ يَقُوتنَا ) ‏ ‏بِفَتْحِ أَوَّله وَالتَّخْفِيف مِنْ الثُّلَاثِيّ , وَبِضَمِّهِ وَالتَّشْدِيد مِنْ التَّقْوِيت.
‏ ‏قَوْله : ( كُلّ يَوْم قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى فَنِيَ فَلَمْ يَكُنْ يُصِيبنَا إِلَّا تَمْرَة تَمْرَة ) ‏ ‏ظَاهِر هَذَا السِّيَاق أَنَّهُمْ كَانَ لَهُمْ زَادَ بِطَرِيقِ الْعُمُوم وَأَزْوَاد بِطَرِيقِ الْخُصُوص.
فَلَمَّا فَنِيَ الَّذِي بِطَرِيقِ الْعُمُوم اِقْتَضَى رَأْي أَبِي عُبَيْدَة أَنْ يَجْمَع الَّذِي بِطَرِيقِ الْخُصُوص لِقَصْدِ الْمُسَاوَاة بَيْنهمْ فِي ذَلِكَ فَفَعَلَ , فَكَانَ جَمِيعه مِزْوَدًا وَاحِدًا , وَوَقَعَ عِنْد مُسْلِم مِنْ حَدِيث أَبِي الزُّبَيْر عَنْ جَابِر " بَعَثَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّرَ عَلَيْنَا أَبَا عُبَيْدَة , فَتَلَقَّيْنَا لِقُرَيْشٍ , وَزَوَّدَنَا جِرَابًا مِنْ تَمْر لَمْ يَجِد لَنَا غَيْره , وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَة يُعْطِينَا تَمْرَة تَمْرَة " وَظَاهِره مُخَالِف لِرِوَايَةِ الْبَاب , وَيُمْكِن الْجَمْع بِأَنَّ الزَّاد الْعَامّ كَانَ قَدْر جِرَاب , فَلَمَّا نَفِدَ وَجَمَعَ أَبُو عُبَيْدَة الزَّاد الْخَاصّ اِتَّفَقَ أَنَّهُ أَيْضًا كَانَ قَدْر جِرَاب وَيَكُون كُلّ مِنْ الرَّاوِيَيْنِ ذَكَرَ مَا لَمْ يَذْكُرهُ الْآخَر , وَأَمَّا تَفْرِقَة ذَلِكَ تَمْرَة تَمْرَة فَكَانَ فِي ثَانِي الْحَال.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجِهَاد مِنْ طَرِيق هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ وَهْب بْن كَيْسَانَ فِي هَذَا الْحَدِيث " خَرَجْنَا وَنَحْنُ ثَلَاثُمِائَة نَحْمِل زَادَنَا عَلَى رِقَابنَا , فَفَنِيَ زَادنَا , حَتَّى كَانَ الرَّجُل مِنَّا يَأْكُل كُلّ يَوْم تَمْرَة " وَأَمَّا قَوْل عِيَاض يُحْتَمَل أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي أَزْوَادهمْ تَمْر غَيْر الْجِرَاب الْمَذْكُور فَمَرْدُود لِأَنَّ حَدِيث الْبَاب صَرِيح فِي أَنَّ الَّذِي اِجْتَمَعَ مِنْ أَزْوَادهمْ كَانَ مِزْوَد تَمْر , وَرِوَايَة أَبِي الزُّبَيْر صَرِيحَة فِي أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّدَهُمْ جِرَابًا مِنْ تَمْر , فَصَحَّ أَنَّ التَّمْر كَانَ مَعَهُمْ مِنْ غَيْر الْجِرَاب.
وَأَمَّا قَوْل غَيْره يُحْتَمَل أَنْ يَكُون تَفْرِقَته عَلَيْهِمْ تَمْرَة تَمْرَة كَانَ مِنْ الْجِرَاب النَّبَوِيّ قَصْدًا لِبَرَكَتِهِ , وَكَانَ يُفَرِّق عَلَيْهِمْ مِنْ الْأَزْوَاد الَّتِي جُمِعَتْ أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ , فَبَعِيد مِنْ ظَاهِر السِّيَاق بَلْ فِي رِوَايَة هِشَام بْن عُرْوَة عِنْد اِبْن عَبْد الْبَرّ " فَقُلْت أَزْوَادنَا حَتَّى مَا كَانَ يُصِيب الرَّجُل مِنَّا إِلَّا تَمْرَة ".
‏ ‏قَوْله : ( فَقُلْت : مَا تُغْنِي عَنْكُمْ تَمْرَة ) ‏ ‏؟ هُوَ صَرِيح فِي أَنَّ السَّائِل عَنْ ذَلِكَ وَهْب بْن كَيْسَانَ فَيُفَسَّر بِهِ الْمُبْهَم فِي رِوَايَة هِشَام بْن عُرْوَة الَّتِي مَضَتْ فِي الْجِهَاد فَإِنَّ فِيهَا " فَقَالَ رَجُل يَا أَبَا عَبْد اللَّه - وَهِيَ كُنْيَة جَابِر - أَيْنَ كَانَتْ تَقَع التَّمْرَة مِنْ الرَّجُل " ؟ وَعِنْد مُسْلِم مِنْ رِوَايَة أَبِي الزُّبَيْر أَنَّهُ أَيْضًا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : " لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدهَا حِين فَنِيَتْ " أَيْ مُؤَثِّرًا.
وَفِي رِوَايَة أَبِي الزُّبَيْر " فَقُلْت كَيْف كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ بِهَا ؟ قَالَ : نَمُصّهَا كَمَا يَمُصّ الصَّبِيّ الثَّدْي , ثُمَّ نَشْرَب عَلَيْهَا الْمَاء , فَتَكْفِينَا يَوْمنَا إِلَى اللَّيْل ".
‏ ‏قَوْله : ( ثُمَّ اِنْتَهَيْنَا إِلَى الْبَحْرِ ) ‏ ‏أَيْ إِلَى سَاحِل الْبَحْرِ , وَهُوَ صَرِيح الرِّوَايَة الثَّانِيَة , وَفِي رِوَايَة أَبِي الزُّبَيْر " فَانْطَلَقْنَا عَلَى سَاحِل الْبَحْر ".
‏ ‏قَوْله : ( فَإِذَا حُوت مِثْل الظَّرِب ) ‏ ‏أَمَّا الْحُوت فَهُوَ اِسْم جِنْس لِجَمِيعِ السَّمَك , وَقِيلَ هُوَ مَخْصُوص بِمَا عَظُمَ مِنْهَا , وَالظَّرِب بِفَتْحِ الْمُعْجَمَة الْمُشَالَة , وَوَقَعَ فِي بَعْض النُّسَخ بِالْمُعْجَمَةِ السَّاقِطَة حَكَاهَا اِبْن التِّين.
وَالْأَوَّل أَصْوَب , وَبِكَسْرِ الرَّاء بَعْدهَا مُوَحَّدَة : الْجَبَل الصَّغِير.
وَقَالَ الْقَزَّاز : هُوَ بِسُكُونِ الرَّاء إِذَا كَانَ مُنْبَسِطًا لَيْسَ بِالْعَالِي.
وَفِي رِوَايَة أَبِي الزُّبَيْر " فَوَقَعَ لَنَا عَلَى سَاحِل الْبَحْر كَهَيْئَةِ الْكَثِيب الضَّخْم : فَأَتَيْنَاهُ فَإِذَا هُوَ دَابَّة تُدْعَى الْعَنْبَر " وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة " فَأَلْقَى لَنَا الْبَحْر دَابَّة يُقَال لَهَا الْعَنْبَر " وَفِي رِوَايَة الْخَوْلَانِيِّ " فَهَبَطْنَا بِسَاحِلِ الْبَحْر فَإِذَا نَحْنُ بِأَعْظَم حُوت " قَالَ أَهْل اللُّغَة : الْعَنْبَر سَمَكَة بَحْرِيَّة كَبِيرَة يُتَّخَذ مِنْ جِلْدهَا التِّرْسَة , وَيُقَال إِنَّ الْعَنْبَر الْمَشْمُوم رَجِيع هَذِهِ الدَّابَّة.
وَقَالَ اِبْن سَيْنَاء : بَلْ الْمَشْمُوم يَخْرُج مِنْ الْبَحْر , وَإِنَّمَا يُؤْخَذ مِنْ أَجْوَاف السَّمَك الَّذِي يَبْتَلِعهُ.
وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الشَّافِعِيّ قَالَ : سَمِعْت مَنْ يَقُول رَأَيْت الْعَنْبَر نَابِتًا فِي الْبَحْر مُلْتَوِيًا مِثْل عُنُق الشَّاة , وَفِي الْبَحْر دَابَّة تَأْكُلهُ وَهُوَ سُمٌّ لَهَا فَيَقْتُلهَا فَيَقْذِفهَا , فَيَخْرُج الْعَنْبَر مِنْ بَطْنهَا.
وَقَالَ الْأَزْهَرِيّ : الْعَنْبَر سَمَكَة تَكُون بِالْبَحْرِ الْأَعْظَم يَبْلُغ طُولهَا خَمْسِينَ ذِرَاعًا يُقَال لَهَا بَالْة وَلَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ : قَالَ الْفَرَزْدَق : ‏ ‏فَبِتْنَا كَأَنَّ الْعَنْبَر الْوَرْد بَيْننَا ‏ ‏وَبَالْة بَحْر فَاؤُهَا قَدْ تَخَرَّمَا ‏ ‏أَيْ قَدْ تَشَقَّقَ.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرو بْن دِينَار فِي أَوَاخِر الْبَاب " فَأَلْقَى لَنَا الْبَحْر حُوتًا مَيِّتًا " وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جَوَاز أَكْل مَيْتَة السَّمَك , وَسَيَأْتِي الْبَحْث فِيهِ فِي كِتَاب الْأَطْعِمَة إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
‏ ‏قَوْله : ( فَأَكَلَ مِنْهُ الْقَوْم ثَمَان عَشْرَة لَيْلَة ) ‏ ‏فِي رِوَايَة عَمْرو بْن دِينَار ( فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْف شَهْر ) وَفِي رِوَايَة أَبِي الزُّبَيْر " فَأَقَمْنَا عَلَيْهَا شَهْرًا " وَيُجْمَع بَيْن هَذَا الِاخْتِلَاف بِأَنَّ الَّذِي قَالَ : ثَمَان عَشْرَة ضَبَطَ مَا لَمْ يَضْبِطهُ غَيْره , وَأَنَّ مَنْ قَالَ نِصْف شَهْر أَلْغَى الْكَسْر الزَّائِد وَهُوَ ثَلَاثَة أَيَّام , وَمَنْ قَالَ شَهْرًا جَبَرَ الْكَسْر أَوْ ضَمَّ بَقِيَّة الْمُدَّة الَّتِي كَانَتْ قَبْل وِجْدَانهمْ الْحُوت إِلَيْهَا , وَرَجَّحَ النَّوَوِيّ رِوَايَة أَبِي الزُّبَيْر لِمَا فِيهَا مِنْ الزِّيَادَة , وَقَالَ اِبْن التِّين : إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهْمٌ.
اِنْتَهَى.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْحَاكِم " اِثْنَيْ عَشَر يَوْمًا " وَهِيَ شَاذَّة , وَأَشَدّ مِنْهَا شُذُوذًا رِوَايَة الْخَوْلَانِيِّ " فَأَقَمْنَا قَبْلهَا ثَلَاثًا " وَلَعَلَّ الْجَمْع الَّذِي ذَكَرْته أَوْلَى.
وَاَللَّه أَعْلَم.
‏ ‏قَوْله : ( ثُمَّ أَمَرَ أَبُو عُبَيْدَة بِضِلْعَيْنِ مِنْ أَضْلَاعه فَنُصِبَا ) ‏ ‏كَذَا فِيهِ , وَاسْتُشْكِلَ لِأَنَّ الضِّلْع مُؤَنَّثَة , وَيُجَاب بِأَنَّ تَأْنِيثه غَيْر حَقِيقِيّ فَيَجُوز فِيهِ التَّذْكِير.
‏ ‏قَوْله : ( ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ فَرُحِلَتْ ثُمَّ مَرَّتْ تَحْتهمَا فَلَمْ تُصِبْهُمَا ) ‏ ‏وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة " فَعَمَدَ إِلَى أَطْوَل رَجُل مَعَهُ فَمَرَّ تَحْته " وَفِي حَدِيث عُبَادَةَ بْن الصَّامِت عِنْد اِبْن إِسْحَاق " ثُمَّ أَمْر بِأَجْسَم بَعِير مَعَنَا فَحَمَلَ عَلَيْهِ أَجْسَم رَجُل مِنَّا فَخَرَجَ مِنْ تَحْتهمَا وَمَا مَسَّتْ رَأْسه " وَهَذَا الرَّجُل لَمْ أَقِف عَلَى اِسْمه , وَأَظُنّهُ قَيْس بْن سَعْد بْن عُبَادَةَ فَإِنَّ لَهُ ذِكْرًا فِي هَذِهِ الْغَزْوَة كَمَا سَتَرَاهُ بَعْد , وَكَانَ مَشْهُورًا بِالطُّولِ , وَقِصَّته فِي ذَلِكَ مَعَ مُعَاوِيَة لَمَّا أَرْسَلَ إِلَيْهِ مَلَكَ الرُّوم بِالسَّرَاوِيلِ مَعْرُوفَة , فَذَكَرَهَا الْمُعَافِي الْحَرِيرِيّ فِي الْجَلِيس وَأَبُو الْفَرْج الْأَصْبِهَانِي وَغَيْرهمَا , وَمُحَصِّلهَا أَنَّ أَطْوَل رَجُل مِنْ الرُّوم نَزَعَ لَهُ قَيْس بْن سَعْد سَرَاوِيله فَكَانَ طُول قَامَة الرُّومِيّ , بِحَيْثُ كَانَ طَرَفهَا عَلَى أَنْفه وَطَرَفهَا بِالْأَرْضِ , وَعُوتِبَ قَيْس فِي نَزْع سَرَاوِيله فِي الْمَجْلِس فَأَنْشَدَ : ‏ ‏أَرَدْت لِكَيْمَا يَعْلَم النَّاس أَنَّهَا ‏ ‏سَرَاوِيل قَيْس وَالْوُفُود شُهُود ‏ ‏وَأَنْ لَا يَقُولُوا غَابَ قَيْس وَهَذِهِ ‏ ‏سَرَاوِيل عَادِي نَمَتْهُ ثَمُود ‏ ‏وَزَادَ مُسْلِم فِي رِوَايَة أَبِي الزُّبَيْر " فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَة ثَلَاثَة عَشَر رَجُلًا فَأَقْعَدَهُمْ فِي وَقْبِ عَيْنه " وَالْوَقْب تَقَدَّمَ ضَبْطه وَهُوَ حُفْرَة الْعَيْن فِي عَظْم الْوَجْه , وَأَصْله نُقْرَة فِي الصَّخْرَة يَجْتَمِع فِيهَا الْمَاء وَالْجَمْع وِقَاب بِكَسْرِ أَوَّله , وَوَقَعَ فِي آخِر صَحِيح مُسْلِم مِنْ طَرِيق عُبَادَةَ بْن الْوَلِيد " أَنَّ عُبَادَةَ بْن الصَّامِت قَالَ : خَرَجْت أَنَا وَأَبِي نَطْلُب الْعِلْم - فَذَكَر حَدِيثًا طَوِيلًا وَفِي آخِره - وَشَكَا النَّاس إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُوع فَقَالَ : عَسَى اللَّه أَنْ يُطْعِمكُمْ , فَأَتَيْنَا سِيف الْبَحْر فَزَخَرَ الْبَحْر زَخْرَة فَأَلْقَى دَابَّة فَأَوْرَيْنَا عَلَى شِقّهَا النَّار فَاطَّبَخْنَا وَاشْتَوَيْنَا وَأَكَلْنَا وَشَبِعْنَا.
قَالَ جَابِر : فَدَخَلْت وَفُلَان وَفُلَان حَتَّى عَدَّ خَمْسَة فِي حِجَاج عَيْنهَا وَمَا يَرَانَا أَحَد , حَتَّى خَرَجْنَا وَأَخَذْنَا ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعهَا فَقَوَّسْنَاهُ ثُمَّ دَعَوْنَا بِأَعْظَم رَجُل فِي الرَّكْب وَأَعْظَم جَمَل فِي الرَّكْب وَأَعْظَم كِفْل فِي الرَّكْب فَدَخَلَ تَحْته مَا يُطَأْطِأُ رَأْسه ".
وَظَاهِر سِيَاقه أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لَهُمْ فِي غَزْوَة مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَكِنْ يُمْكِن حَمْل قَوْله فَأَتَيْنَا سِيف الْبَحْر عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوف عَلَى شَيْء مَحْذُوف تَقْدِيره : فَبَعَثَنَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَر فَأَتَيْنَا إِلَخْ , فَيَتَحَدَّ مَعَ الْقِصَّة الَّتِي فِي حَدِيث الْبَاب.


حديث بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا قبل الساحل وأمر عليهم أبا عبيدة بن

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏إِسْمَاعِيلُ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنِي ‏ ‏مَالِكٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ‏ ‏أَنَّهُ قَالَ ‏ ‏بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بَعْثًا قِبَلَ السَّاحِلِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ ‏ ‏أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ ‏ ‏وَهُمْ ثَلَاثُ مِائَةٍ فَخَرَجْنَا وَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَنِيَ الزَّادُ فَأَمَرَ ‏ ‏أَبُو عُبَيْدَةَ ‏ ‏بِأَزْوَادِ الْجَيْشِ فَجُمِعَ فَكَانَ ‏ ‏مِزْوَدَيْ ‏ ‏تَمْرٍ فَكَانَ يَقُوتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلٌ قَلِيلٌ حَتَّى فَنِيَ فَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُنَا إِلَّا تَمْرَةٌ تَمْرَةٌ فَقُلْتُ مَا تُغْنِي عَنْكُمْ تَمْرَةٌ فَقَالَ لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَحْرِ فَإِذَا حُوتٌ مِثْلُ ‏ ‏الظَّرِبِ ‏ ‏فَأَكَلَ مِنْهَا الْقَوْمُ ‏ ‏ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ثُمَّ أَمَرَ ‏ ‏أَبُو عُبَيْدَةَ ‏ ‏بِضِلَعَيْنِ مِنْ أَضْلَاعِهِ فَنُصِبَا ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ فَرُحِلَتْ ثُمَّ مَرَّتْ تَحْتَهُمَا فَلَمْ تُصِبْهُمَا ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح البخاري

بعثنا رسول الله ﷺ ثلاث مائة راكب أميرنا أبو عبيدة...

‌عن جابر بن عبد الله يقول: «بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة راكب، أميرنا أبو عبيدة بن الجراح، نرصد عير قريش، فأقمنا بالساحل نصف شهر، فأصا...

جعنا جوعا شديدا فألقى البحر حوتا ميتا لم نر مثله ي...

عن جابر رضي الله عنه يقول: «غزونا جيش الخبط، وأمر أبو عبيدة، فجعنا جوعا شديدا، فألقى البحر حوتا ميتا لم نر مثله، يقال له العنبر، فأكلنا منه نصف شهر،...

لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان

عن ‌أبي هريرة : «أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه بعثه، في الحجة التي أمره النبي صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع، يوم النحر في رهط يؤذن في الناس: لا ي...

آخر سورة نزلت كاملة براءة وآخر سورة نزلت خاتمة سور...

عن ‌البراء رضي الله عنه قال: «آخر سورة نزلت كاملة براءة، وآخر سورة نزلت خاتمة سورة النساء: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}».<br>

أتى نفر من بني تميم النبي ﷺ فقال اقبلوا البشرى يا...

عن ‌عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: «أتى نفر من بني تميم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: اقبلوا البشرى يا بني تميم، قالوا: يا رسول الله، قد بشرتنا ف...

هم أشد أمتي على الدجال وكانت فيهم سبية عند عائشة...

عن ‌أبي هريرة رضي الله عنه قال: «لا أزال أحب بني تميم بعد ثلاث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولها فيهم: هم أشد أمتي على الدجال، وكانت فيهم س...

خلاف أبو بكر وعمر حين قدم ركب من بني تميم على النب...

عن عبد الله بن الزبير: «أنه قدم ركب من بني تميم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: أمر القعقاع بن معبد بن زرارة، قال عمر: بل أمر الأقرع بن حا...

قدم وفد عبد القيس على رسول الله ﷺ فقال مرحبا بالق...

عن ‌أبي جمرة، «قلت لابن عباس رضي الله عنهما: إن لي جرة ينتبذ لي نبيذ، فأشربه حلوا في جر، إن أكثرت منه فجالست القوم فأطلت الجلوس خشيت أن أفتضح، فقال: ق...

يا رسول الله إنا هذا الحي من ربيعة وقد حالت بيننا...

عن ابن عباس يقول: «قدم وفد عبد القيس على النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله، إنا هذا الحي من ربيعة، وقد حالت بيننا وبينك كفار مضر، فلسنا ن...