5038-
عن عائشة قالت: «سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في سورة بالليل فقال: يرحمه الله، لقد أذكرني كذا وكذا آية، كنت أنسيتها من سورة كذا وكذا».
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله فِي الرِّوَايَة الثَّالِثَة ( كُنْت أُنْسِيتهَا ) هِيَ مُفَسِّرَة لِقَوْلِهِ " أَسْقَطْتُهَا " فَكَأَنَّهُ قَالَ أَسْقَطْتُهَا نَسِيَانًا لَا عَمْدًا , وَفِي رِوَايَة مَعْمَر عَنْ هِشَام عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ " كُنْت نَسِيتهَا " بِفَتْحِ النُّون لَيْسَ قَبْلهَا هَمْزَة قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ : النِّسْيَان مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآن يَكُون عَلَى قِسْمَيْنِ : أَحَدهمَا نِسْيَانه الَّذِي يَتَذَكَّرهُ عَنْ قُرْبٍ , وَذَلِكَ قَائِم بِالطِّبَاعِ الْبَشَرِيَّة , وَعَلَيْهِ يَدُلّ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود فِي السَّهْو " إِنَّمَا أَنَا بِشْر مِثْلكُمْ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ " وَالثَّانِي أَنْ يَرْفَعهُ اللَّه عَنْ قَلْبه عَلَى إِرَادَة نَسْخِ تِلَاوَته , وَهُوَ الْمُشَار إِلَيْهِ بِالِاسْتِثْنَاءِ فِي قَوْله تَعَالَى ( سَنُقْرِئُك فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه ) قَالَ : فَأَمَّا الْقِسْم الْأَوَّل فَعَارِض سَرِيع الزَّوَال لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) وَأَمَّا الثَّانِي فَدَاخِل فِي قَوْله تَعَالَى ( مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَة أَوْ نُنْسِهَا ) عَلَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ بِضَمِّ أَوَّله مِنْ غَيْر هَمْزَة.
قُلْت : وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيه هَذِهِ الْقِرَاءَة وَبَيَان مَنْ قَرَأَ بِهَا فِي تَفْسِير الْبَقَرَة.
وَفِي الْحَدِيث حُجَّة لِمَنْ أَجَازَ النِّسْيَان عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا لَيْسَ طَرِيقه الْبَلَاغ مُطْلَقًا , وَكَذَا فِيمَا طَرِيقه الْبَلَاغ لَكِنْ بِشَرْطَيْنِ : أَحَدهمَا أَنَّهُ بَعْدَمَا يَقَع مِنْهُ تَبْلِيغه , وَالْآخَر أَنَّهُ لَا يَسْتَمِرّ عَلَى نِسْيَانه بَلْ يَحْصُل لَهُ تَذَكُّره إِمَّا بِنَفْسِهِ وَإِمَّا بِغَيْرِهِ.
وَهَلْ يُشْتَرَط فِي هَذَا الْفَوْر ؟ قَوْلَانِ , فَأَمَّا قَبْل تَبْلِيغه فَلَا يَجُوز عَلَيْهِ فِيهِ النِّسْيَان أَصْلًا.
وَزَعَمَ بَعْض الْأُصُولِيِّينَ وَبَعْض الصُّوفِيَّة أَنَّهُ لَا يَقَع مِنْهُ نِسْيَان أَصْلًا وَإِنَّمَا يَقَع مِنْهُ صُورَته لِيَسُنّ , قَالَ عِيَاض : لَمْ يَقُلْ بِهِ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ أَحَد إِلَّا أَبَا الْمُظَفَّر وَالتَّزْوِيج , وَهُوَ قَوْل ضَعِيف.
وَفِي الْحَدِيث أَيْضًا جَوَاز رَفْع الصَّوْت بِالْقِرَاءَةِ فِي اللَّيْل وَفِي الْمَسْجِد وَالدُّعَاء لِمَنْ حَصَلَ لَهُ مِنْ جِهَته خَيْر وَإِنْ لَمْ يَقْصِد الْمَحْصُول مِنْهُ ذَلِكَ , وَاخْتَلَفَ السَّلَف فِي نِسْيَان الْقُرْآن فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ مِنْ الْكَبَائِر , وَأَخْرَجَ أَبُو عُبَيْد مِنْ طَرِيق الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم مَوْقُوفًا قَالَ : مَا مِنْ أَحَد تَعَلَّمَ الْقُرْآن ثُمَّ نَسِيَهُ إِلَّا بِذَنْبٍ أَحْدَثَهُ , لِأَنَّ اللَّه يَقُول ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَة فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ) وَنِسْيَان الْقُرْآن مِنْ أَعْظَم الْمَصَائِب وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث أَنَس مَرْفُوعًا " عُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوب أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَم مِنْ سُورَة مِنْ الْقُرْآن أُوتِيَهَا رَجُل ثُمَّ نَسِيَهَا " فِي إِسْنَاده ضَعْف.
وَقَدْ أَخْرَجَ اِبْن أَبِي دَاوُدَ مِنْ وَجْه آخَر مُرْسَل نَحْوه وَلَفْظه " أَعْظَم مِنْ حَامِل الْقُرْآن وَتَارِكه " وَمِنْ طَرِيق أَبِي الْعَالِيَة مَوْقُوفًا " كُنَّا نَعُدّ مِنْ أَعْظَم الذُّنُوب أَنْ يَتَعَلَّم الرَّجُل الْقُرْآن ثُمَّ يَنَام عَنْهُ حَتَّى يَنْسَاهُ " وَإِسْنَاده جَيِّد.
وَمِنْ طَرِيق اِبْن سِيرِينَ بِإِسْنَادٍ صَحِيح الَّذِي يَنْسَى الْقُرْآن كَانُوا يَكْرَهُونَهُ وَيَقُولُونَ فِيهِ قَوْلًا شَدِيدًا وَلِأَبِي دَاوُدَ عَنْ سَعْد بْن عُبَادَةَ مَرْفُوعًا " مَنْ قَرَأَ الْقُرْآن ثُمَّ نَسِيَهُ لَقِيَ اللَّه وَهُوَ أَجْذَم " وَفِي إِسْنَاده أَيْضًا مَقَال , وَقَدْ قَالَ بِهِ مِنْ الشَّافِعِيَّة أَبُو الْمَكَارِم وَالرُّويَانِيّ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْإِعْرَاض عَنْ التِّلَاوَة يَتَسَبَّب عَنْهُ نِسْيَان الْقُرْآن , وَنِسْيَانه يَدُلّ عَلَى عَدَم الِاعْتِنَاء بِهِ وَالتَّهَاوُن بِأَمْرِهِ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : مَنْ حَفِظَ الْقُرْآن أَوْ بَعْضه فَقَدْ عَلَتْ رُتْبَته بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظهُ , فَإِذَا أَخَلَّ بِهَذِهِ الرُّتْبَة الدِّينِيَّة حَتَّى تَزَحْزَحَ عَنْهَا نَاسَبَ أَنْ يُعَاقَب عَلَى ذَلِكَ , فَإِنَّ تَرْكَ مُعَاهَدَة الْقُرْآن يُفْضِي إِلَى الرُّجُوع إِلَى الْجَهْل , وَالرُّجُوع إِلَى الْجَهْل بَعْد الْعِلْم شَدِيد.
وَقَالَ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ : يُكْرَه لِلرَّجُلِ أَنْ يَمُرّ عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا لَا يَقْرَأ فِيهَا الْقُرْآن.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَقْرَأُ فِي سُورَةٍ بِاللَّيْلِ فَقَالَ يَرْحَمُهُ اللَّهُ لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً كُنْتُ أُنْسِيتُهَا مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا
عن عبد الله قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما لأحدهم، يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي».<br>
عن أبي مسعود الأنصاري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الآيتان من آخر سورة البقرة، من قرأ بهما في ليلة كفتاه».<br>
عن حديث المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبد القاري: أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول: «سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صل...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «سمع النبي صلى الله عليه وسلم قارئا يقرأ من الليل في المسجد، فقال: يرحمه الله، لقد أذكرني كذا وكذا آية، أسقطتها من سورة...
عن عبد الله قال: «غدونا على عبد الله، فقال رجل: قرأت المفصل البارحة، فقال: هذا كهذ الشعر، إنا قد سمعنا القراءة، وإني لأحفظ القرناء التي كان يقرأ بهن...
عن ابن عباس رضي الله عنهما: «في قوله: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل جبريل بالوحي، وكان مما يحرك به لسانه...
حدثنا قتادة قال: «سألت أنس بن مالك عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كان يمد مدا».<br>
عن قتادة قال: «سئل أنس: كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كانت مدا، ثم قرأ: {بسم الله الرحمن الرحيم} يمد ببسم الله، ويمد بالرحمن، ويمد با...
عبد الله بن مغفل قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ وهو على ناقته، أو جمله، وهي تسير به، وهو يقرأ سورة الفتح، أو من سورة الفتح، قراءة لينة، يق...