5103- عن عائشة، «أن أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن عليها وهو عمها من الرضاعة، بعد أن نزل الحجاب، فأبيت أن آذن له، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته بالذي صنعت، فأمرني أن آذن له.»
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( عَنْ اِبْن شِهَاب ) لِمَالِك فِيهِ شَيْخ آخَر وَهُوَ هِشَام بْن عُرْوَة , وَسِيَاقه لِلْحَدِيثِ عَنْ عُرْوَة أَتَمّ , وَسَيَأْتِي قُبَيْل كِتَاب الطَّلَاق.
قَوْله ( إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْس ) بِقَافٍ وَعَيْن وَسِين مُهْمَلَتَيْنِ مُصَغَّر , وَتَقَدَّمَ فِي الشَّهَادَات مِنْ طَرِيق الْحَكَم عَنْ عُرْوَة " اِسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَح فَلَمْ آذَن لَهُ " وَفِي رِوَايَة مُسْلِم مِنْ هَذَا الْوَجْه أَفْلَح بْن قُعَيْس وَالْمَحْفُوظ أَفْلَح أَخُو أَبِي الْقُعَيْس , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون اِسْم أَبِيهِ قُعَيْسًا أَوْ اِسْم جَدّه فَنُسِبَ إِلَيْهِ فَتَكُون كُنْيَة أَبِي الْقُعَيْس وَافَقَتْ اِسْم أَبِيهِ أَوْ اِسْم جَدّه , وَيُؤَيِّدهُ مَا وَقَعَ فِي الْأَدَب مِنْ طَرِيق عُقَيْل عَنْ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ " فَإِنَّ أَخَا بَنِي الْقُعَيْس " وَكَذَا وَقَعَ عِنْد النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيق وَهْب بْن كَيْسَانَ عَنْ عُرْوَة , وَقَدْ مَضَى فِي تَفْسِير الْأَحْزَاب مِنْ طَرِيق شُعَيْب عَنْ اِبْن شِهَاب بِلَفْظِ " إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْس " وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق يُونُس وَمَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيِّ , وَهُوَ الْمَحْفُوظ عَنْ أَصْحَاب الزُّهْرِيِّ , لَكِنْ وَقَعَ عِنْد مُسْلِم مِنْ رِوَايَة اِبْن عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَفْلَح بْن أَبِي الْقُعَيْس , وَكَذَا لِأَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيق الثَّوْرِيِّ عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ , وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاء " أَخْبَرَنِي عُرْوَة أَنَّ عَائِشَة قَالَتْ اِسْتَأْذَنَ عَلَيَّ عَمِّي مِنْ الرَّضَاعَة أَبُو الْجَعْد " قَالَ فَقَالَ لِي هِشَام : إِنَّمَا هُوَ أَبُو الْقُعَيْس.
وَكَذَا وَقَعَ عِنْد مُسْلِم مِنْ طَرِيق أَبِي مُعَاوِيَة عَنْ هِشَام " اِسْتَأْذَنَ عَلَيْهَا أَبُو الْقُعَيْس " وَسَائِر الرُّوَاة عَنْ هِشَام قَالُوا أَفْلَح أَخُو أَبِي الْقُعَيْس كَمَا هُوَ الْمَشْهُور , وَكَذَا قَالَ سَائِر أَصْحَاب عُرْوَة , وَوَقَعَ عِنْد سَعِيد بْن مَنْصُور مِنْ طَرِيق الْقَاسِم بْن مُحَمَّد " أَنَّ أَبَا قُعَيْس أَتَى عَائِشَة يَسْتَأْذِن عَلَيْهَا " وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي " الْأَوْسَط " مِنْ طَرِيق الْقَاسِم عَنْ أَبِي قُعَيْس , وَالْمَحْفُوظ أَنَّ الَّذِي اِسْتَأْذَنَ هُوَ أَفْلَحُ وَأَبُو الْقُعَيْس هُوَ أَخُوهُ , قَالَ الْقُرْطُبِيّ : كُلّ مَا جَاءَ مِنْ الرِّوَايَات وَهْمٌ إِلَّا مَنْ قَالَ أَفْلَح أَخُو أَبِي الْقُعَيْس أَوْ قَالَ أَبُو الْجَعْد لِأَنَّهَا كُنْيَة أَفْلَح.
قُلْت : وَإِذَا تَدَبَّرْت مَا حَرَّرْت عَرَفْت أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الرِّوَايَات لَا وَهْمَ فِيهِ وَلَمْ يُخْطِئ عَطَاء فِي قَوْله أَبُو الْجَعْد فَإِنَّهُ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون حَفِظَ كُنْيَة أَفْلَح , وَأَمَّا اِسْم أَبِي الْقُعَيْس فَلَمْ أَقِف عَلَيْهِ إِلَّا فِي كَلَام الدَّارَقُطْنِيِّ فَقَالَ : هُوَ وَائِل بْن أَفْلَح الْأَشْعَرِيّ , وَحَكَى هَذَا اِبْن عَبْد الْبَرّ ثُمَّ حَكَى أَيْضًا أَنَّ اِسْمه الْجَعْد , فَعَلَى هَذَا يَكُون أَخُوهُ وَافَقَ اِسْمه اِسْم أَبِيهِ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَبُو الْقُعَيْس نَسَبٌ لِجَدِّهِ وَيَكُون اِسْمه وَائِل بْن قُعَيْس بْن أَفْلَح بْن الْقُعَيْس , وَأَخُوهُ أَفْلَح بْن قُعَيْس بْن أَفْلَح أَبُو الْجَعْد , قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ فِي " الِاسْتِيعَاب " : لَا أَعْلَم لِأَبِي الْقُعَيْس ذِكْرًا إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيث.
قَوْله ( وَهُوَ عَمّهَا مِنْ الرَّضَاعَة ) فِيهِ اِلْتِفَات , وَكَانَ السِّيَاق يَقْتَضِي أَنْ يَقُول " وَهُوَ عَمِّي " وَكَذَا وَقَعَ عِنْد النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيق مَعْنٍ عَنْ مَالِك , وَفِي رِوَايَة يُونُس عَنْ الزُّهْرِيِّ عِنْد مُسْلِم " وَكَانَ أَبُو الْقُعَيْس أَخَا عَائِشَة مِنْ الرَّضَاعَة ".
قَوْله ( فَأَبَيْت أَنْ آذَن لَهُ ) فِي رِوَايَة عِرَاك الْمَاضِيَة فِي الشَّهَادَات " فَقَالَ أَتَحْتَجِبِينَ مِنِّي وَأَنَا عَمّك " ؟ وَفِي رِوَايَة شُعَيْب عَنْ الزُّهْرِيِّ كَمَا مَضَى فِي تَفْسِير سُورَة الْأَحْزَاب " فَقُلْت : لَا آذَن لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِنَّ أَخَاهُ أَبَا الْقُعَيْس لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي , وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي اِمْرَأَة أَبِي الْقُعَيْس " وَفِي رِوَايَة مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُسْلِم " وَكَانَ أَبُو الْقُعَيْس زَوْج الْمَرْأَة الَّتِي أَرْضَعَتْ عَائِشَة ".
قَوْله ( فَأَمَرَنِي أَنْ آذَن لَهُ ) فِي رِوَايَة شُعَيْب " اِئْذَنِي لَهُ فَإِنَّهُ عَمّك تَرِبَتْ يَمِينك " وَفِي رِوَايَة سُفْيَان يَدَاك أَوْ يَمِينك , وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ هَذِهِ اللَّفْظَة فِي " بَاب الْأَكْفَاء فِي الدِّين " وَفِي رِوَايَة مَالِك عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة " إِنَّهُ عَمّك فَلْيَلِجْ عَلَيْك " وَفِي رِوَايَة الْحَكَم " صَدَقَ أَفْلَحُ , اِئْذَنِي لَهُ " وَوَقَعَ فِي رِوَايَة سُفْيَان الثَّوْرِيِّ عَنْ هِشَام عِنْد أَبِي دَاوُدَ " دَخَلَ عَلَيَّ أَفْلَحُ فَاسْتَتَرْت مِنْهُ فَقَالَ أَتَسْتَتِرِينَ مِنِّي وَأَنَا عَمّك ؟ قُلْت : مِنْ أَيْنَ ؟ قَالَ : أَرْضَعَتْك اِمْرَأَة أَخِي , قُلْت إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَة وَلَمْ يُرْضِعنِي الرَّجُل " الْحَدِيث , وَيُجْمَع بِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا أَوَّلًا فَاسْتَتَرَتْ وَدَار بَيْنهمَا الْكَلَام , ثُمَّ جَاءَ يَسْتَأْذِن ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهَا قَبِلَتْ قَوْله فَلَمْ تَأْذَن لَهُ حَتَّى تَسْتَأْذِن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة شُعَيْب فِي آخِره مِنْ الزِّيَادَة " قَالَ عُرْوَة : فَبِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَة تَقُول حَرِّمُوا مِنْ الرَّضَاع مَا يَحْرُم مِنْ النَّسَب " وَوَقَعَ فِي رِوَايَة سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ " مَا تُحَرِّمُونَ مِنْ النَّسَب " وَهَذَا ظَاهِره الْوَقْف , وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ طَرِيق يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب عَنْ عِرَاك عَنْ عُرْوَة فِي هَذِهِ الْقِصَّة " فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَحْتَجِبِي مِنْهُ , فَإِنَّهُ يَحْرُم مِنْ الرَّضَاعَة مَا يَحْرُم مِنْ النَّسَب " وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الزِّيَادَة عَنْ عَائِشَة أَيْضًا مَرْفُوعَة مِنْ وَجْه آخَر فِي أَوَّل أَبْوَاب الرَّضَاع.
وَفِي الْحَدِيث أَنَّ لَبَن الْفَحْل يُحَرِّم فَتَنْتَشِر الْحُرْمَة مَنْ اِرْتَضَعَ الصَّغِير بِلَبَنِهِ , فَلَا تَحِلّ لَهُ بِنْت زَوْج الْمَرْأَة الَّتِي أَرْضَعَتْهُ مِنْ غَيْرهَا مَثَلًا , وَفِيهِ خِلَاف قَدِيم حُكِيَ عَنْ اِبْن عُمَر وَابْن الزُّبَيْر وَرَافِع بْن خَدِيج وَزَيْنَب بِنْت أُمّ سَلَمَة وَغَيْرهمْ , وَنَقَلَهُ اِبْن بَطَّال عَنْ عَائِشَة وَفِيهِ نَظَرٌ , وَمِنْ التَّابِعِينَ عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَأَبِي سَلَمَة وَالْقَاسِم وَسَالِم وَسُلَيْمَان بْن يَسَار وَعَطَاء بْن يَسَار وَالشَّعْبِيّ وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ وَأَبِي قِلَابَةَ وَإِيَاس بْن مُعَاوِيَة أَخْرَجَهَا اِبْن أَبِي شَيْبَة وَعَبْد الرَّزَّاق وَسَعِيد بْن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذِر , وَعَنْ اِبْن سِيرِينَ " نُبِّئْت أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْل الْمَدِينَة اِخْتَلَفُوا فِيهِ " وَعَنْ زَيْنَب بِنْت أَبِي سَلَمَة أَنَّهَا سَأَلَتْ وَالصَّحَابَة مُتَوَافِرُونَ وَأُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ فَقَالُوا الرَّضَاعَة مِنْ قِبَلِ الرَّجُل لَا تُحَرِّم شَيْئًا , وَقَالَ بِهِ مِنْ الْفُقَهَاء رَبِيعَة الرَّأْي وَإِبْرَاهِيم بْن عُلَيَّة وَابْن بِنْت الشَّافِعِيّ وَدَاوُدُ وَأَتْبَاعه , وَأَغْرَبَ عِيَاض وَمَنْ تَبِعَهُ فِي تَخْصِيصهمْ ذَلِكَ بِدَاوُدَ وَإِبْرَاهِيم مَعَ وُجُود الرِّوَايَة عَمَّنْ ذَكَرْنَا بِذَلِكَ , وَحُجَّتهمْ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى ( وَأُمَّهَاتكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ ) وَلَمْ يَذْكُر الْعَمَّة وَلَا الْبِنْت كَمَا ذَكَرَهُمَا فِي النَّسَب , وَأَجِيبُوا بِأَنَّ تَخْصِيص الشَّيْء بِالذِّكْرِ لَا يَدُلّ عَلَى نَفْي الْحُكْم عَمَّا عَدَاهُ , وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ جَاءَتْ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة.
وَاحْتَجَّ بَعْضهمْ مِنْ حَيْثُ النَّظَر بِأَنَّ اللَّبَن لَا يَنْفَصِل مِنْ الرَّجُل وَإِنَّمَا يَنْفَصِل مِنْ الْمَرْأَة فَكَيْف تَنْتَشِر الْحُرْمَة إِلَى الرَّجُل ؟ وَالْجَوَاب أَنَّهُ قِيَاس فِي مُقَابَلَة النَّصّ فَلَا يُلْتَفَت إِلَيْهِ , وَأَيْضًا فَإِنَّ سَبَب اللَّبَن هُوَ مَاء الرَّجُل وَالْمَرْأَة مَعًا فَوَجَبَ أَنْ يَكُون الرَّضَاع مِنْهُمَا كَالْجَدِّ لَمَّا كَانَ سَبَب الْوَلَد أَوْجَبَ تَحْرِيم وَلَد الْوَلَد بِهِ لِتَعَلُّقِهِ بِوَلَدِهِ , وَإِلَى هَذَا أَشَارَ اِبْن عَبَّاس بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة " اللِّقَاح وَاحِد " أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْوَطْء يُدِرّ اللَّبَن فَلِلْفَحْلِ فِيهِ نَصِيب.
وَذَهَبَ الْجُمْهُور مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَفُقَهَاء الْأَمْصَار كَالْأَوْزَاعِيّ فِي أَهْل الشَّام وَالثَّوْرِيّ وَأَبِي حَنِيفَة وَصَاحِبَيْهِ فِي أَهْل الْكُوفَة وَابْن جُرَيْجٍ فِي أَهْل مَكَّة وَمَالِك فِي أَهْل الْمَدِينَة وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَأَبِي ثَوْر وَأَتْبَاعهمْ إِلَى أَنَّ لَبَن الْفَحْل يُحَرِّم وَحُجَّتهمْ هَذَا الْحَدِيث الصَّحِيح , وَأَلْزَمَ الشَّافِعِيّ الْمَالِكِيَّة فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة بِرَدِّ أَصْلِهِمْ بِتَقْدِيمِ عَمَل أَهْل الْمَدِينَة وَلَوْ خَالَفَ الْحَدِيث الصَّحِيح إِذَا كَانَ مِنْ الْآحَاد لِمَا رَوَاهُ عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن مُحَمَّد عَنْ رَبِيعَة مِنْ أَنَّ لَبَن الْفَحْل لَا يُحَرِّم , قَالَ عَبْد الْعَزِيز بْن مُحَمَّد : وَهَذَا رَأْي فُقَهَائِنَا إِلَّا الزُّهْرِيّ فَقَالَ الشَّافِعِيّ : لَا نَعْلَم شَيْئًا مِنْ عِلْمِ الْخَاصَّة أَوْلَى بِأَنْ يَكُون عَامًّا ظَاهِرًا مِنْ هَذَا , وَقَدْ تَرَكُوهُ لِلْخَبَرِ الْوَارِد , فَيَلْزَمهُمْ عَلَى هَذَا إِمَّا أَنْ يَرُدُّوا هَذَا الْخَبَر وَهُمْ لَمْ يَرُدُّوهُ أَوْ يَرُدُّوا مَا خَالَفَ الْخَبَر , وَعَلَى كُلّ حَال هُوَ الْمَطْلُوب.
قَالَ الْقَاضِي عَبْد الْوَهَّاب : يُتَصَوَّر تَجْرِيد لَبَن الْفَحْل بِرَجُلٍ لَهُ اِمْرَأَتَانِ تُرْضِع إِحْدَاهُمَا صَبِيًّا وَالْأُخْرَى صَبِيَّة فَالْجُمْهُور قَالُوا يَحْرُم عَلَى الصَّبِيّ تَزْوِيج الصَّبِيَّة , وَقَالَ مَنْ خَالَفَهُمْ : يَجُوز , وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ اِدَّعَى الرَّضَاع وَصَدَّقَهُ الرَّضِيع يَثْبُت حُكْمُ الرَّضَاع بَيْنهمَا وَلَا يَحْتَاج إِلَى بَيِّنَة , لِأَنَّ أَفْلَح اِدَّعَى وَصَدَّقَتْهُ عَائِشَة وَأَذِنَ الشَّارِع بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ.
وَتُعُقِّبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون الشَّارِع اِطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْر دَعْوَى أَفْلَحَ وَتَسْلِيم عَائِشَة , وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ قَلِيل الرَّضَاع يُحَرِّم كَمَا يُحَرِّم كَثِيره لِعَدَمِ الْاسْتِفْصَال فِيهِ , وَلَا حُجَّة فِيهِ لِأَنَّ عَدَم الذِّكْرِ لَا يَدُلّ عَلَى الْعَدَم الْمَحْض وَفِيهِ أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي حُكْم يَتَوَقَّف عَنْ الْعَمَل حَتَّى يَسْأَل الْعُلَمَاء عَنْهُ , وَأَنَّ مَنْ اِشْتَبَهَ عَلَيْهِ الشَّيْء طَالَبَ الْمُدَّعِي بِبَيَانِهِ لِيَرْجِع إِلَيْهِ أَحَدهمَا , وَأَنَّ الْعَالِم إِذَا سُئِلَ يُصَدِّق مَنْ قَالَ الصَّوَاب فِيهَا , وَفِيهِ وُجُوب اِحْتِجَاب الْمَرْأَة مِنْ الرِّجَال الْأَجَانِب وَمَشْرُوعِيَّة اِسْتِئْذَان الْمَحْرَم عَلَى مَحْرَمه , وَأَنَّ الْمَرْأَة لَا تَأْذَن فِي بَيْت الرَّجُل إِلَّا بِإِذْنِهِ , وَفِيهِ جَوَاز التَّسْمِيَة بِأَفْلَحَ , وَيُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّ الْمُسْتَفْتِي إِذَا بَادَرَ بِالتَّعْلِيلِ قَبْلَ سَمَاع الْفَتْوَى أَنْكَرَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ لَهَا " تَرِبَتْ يَمِينك " فَإِنَّ فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقّهَا أَنْ تَسْأَل عَنْ الْحُكْم فَقَطْ وَلَا تُعَلِّل , وَأَلْزَمَ بِهِ بَعْضهمْ مَنْ أَطْلَقَ مِنْ الْحَنَفِيَّة الْقَائِلِينَ أَنَّ الصَّحَابِيّ إِذَا رَوَى عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا وَصَحَّ عَنْهُ ثُمَّ صَحَّ عَنْهُ الْعَمَل بِخِلَافِهِ أَنَّ الْعَمَل بِمَا رَأَى لَا بِمَا رَوَى , لِأَنَّ عَائِشَة صَحَّ عَنْهَا أَنْ لَا اِعْتِبَار بِلَبَنِ الْفَحْل ذَكَرَهُ مَالِك فِي الْمُوَطَّأ وَسَعِيد بْن مَنْصُور فِي السُّنَن وَأَبُو عُبَيْد فِي كِتَاب النِّكَاح بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ , وَأَخَذَ الْجُمْهُور وَمِنْهُمْ الْحَنَفِيَّة بِخِلَافِ ذَلِكَ وَعَمِلُوا بِرِوَايَتِهَا فِي قِصَّة أَخِي أَبِي الْقُعَيْس وَحَرَّمُوهُ بِلَبَنِ الْفَحْل فَكَانَ يَلْزَمهُمْ عَلَى قَاعِدَتهمْ أَنْ يَتَّبِعُوا عَمَلَ عَائِشَة وَيُعْرِضُوا عَنْ رِوَايَتهَا , وَلَوْ كَانَ رَوَى هَذَا الْحُكْمَ غَيْر عَائِشَة لَكَانَ لَهُمْ مَعْذِرَة لَكِنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرهَا , وَهُوَ إِلْزَام قَوِيّ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا وَهُوَ عَمُّهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ بَعْدَ أَنْ نَزَلَ الْحِجَابُ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ
عن عقبة بن الحارث قال وقد سمعته من عقبة، لكني لحديث عبيد أحفظ، قال: «تزوجت امرأة، فجاءتنا امرأة سوداء فقالت: أرضعتكما، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم...
عن أم حبيبة قالت: «قلت: يا رسول الله، هل لك في بنت أبي سفيان قال: فأفعل ماذا؟ قلت: تنكح، قال: أتحبين.<br> قلت: لست لك بمخلية، وأحب من شركني فيك أختي،...
عن أم حبيبة قالت: «قلت: يا رسول الله، انكح أختي بنت أبي سفيان قال: وتحبين؟ قلت: نعم، لست بمخلية، وأحب من شاركني في خير أختي، فقال النبي صلى الله عليه...
عن جابر رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها» وقال داود وابن عون، عن الشعبي، عن أبي هريرة.<br>
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها.»
عن أبي هريرة يقول: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على عمتها والمرأة وخالتها» فنرى خالة أبيها بتلك المنزلة.<br> 5111- لأن عروة حدثني عن...
عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «نهى عن الشغار».<br> والشغار: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته ليس بينهما صداق...
حدثنا هشام، عن أبيه قال: «كانت خولة بنت حكيم من اللائي وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم، فقالت عائشة: أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل؟ فلما...
عن جابر بن زيد قال: أنبأنا ابن عباس رضي الله عنهما، «تزوج النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم.»