حديث الرسول ﷺ English الإجازة تواصل معنا
الحديث النبوي

نهى النبي ﷺ عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر - صحيح البخاري

صحيح البخاري | كتاب النكاح باب نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة آخرا (حديث رقم: 5115 )


5115- عن علي رضي الله عنه، قال لابن عباس: إن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر.»

أخرجه البخاري

شرح حديث ( نهى النبي ﷺ عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر)

فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

‏ ‏قَوْله ( أَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ ) ‏ ‏أَيْ اِبْن أَبِي طَالِب , وَأَبُوهُ مُحَمَّد هُوَ الَّذِي يُعْرَف بِابْنِ الْحَنَفِيَّة , وَأَخُوهُ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد.
أَمَّا الْحَسَن فَأَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيّ غَيْر هَذَا , مِنْهَا مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي الْغُسْل مِنْ رِوَايَته عَنْ جَابِر , وَيَأْتِي لَهُ فِي هَذَا الْبَاب آخَر عَنْ جَابِر وَسَلَمَة بْن الْأَكْوَع , وَأَمَّا أَخُوهُ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد فَكُنْيَته أَبُو هَاشِم وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيّ سِوَى هَذَا الْحَدِيث , وَوَثَّقَهُ اِبْن سَعْد وَالنَّسَائِيُّ وَالْعِجْلِيّ , وَقَدْ تَقَدَّمَتْ لَهُ طَرِيق أُخْرَى فِي غَزْوَة خَيْبَر مِنْ كِتَاب الْمَغَازِي , وَتَأْتِي أُخْرَى فِي كِتَاب الذَّبَائِح , وَأُخْرَى فِي تَرْكِ الْحِيَل ; وَقَرَنَهُ فِي الْمَوَاضِع الثَّلَاثَة بِأَخِيهِ الْحَسَن , وَذَكَرَ فِي التَّارِيخ عَنْ اِبْن عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ " أَخْبَرَنَا الْحَسَن وَعَبْد اللَّه اِبْنَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ وَكَانَ الْحَسَن أَوْثَقهمَا " وَلِأَحْمَد عَنْ سُفْيَان " وَكَانَ الْحَسَن أَرْضَاهُمَا إِلَى أَنْفُسنَا , وَكَانَ عَبْد اللَّه يَتَّبِع السَّبَئِيَّة " ا ه وَالسَّبَئِيَّة بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَة يُنْسَبُونَ إِلَى عَبْد اللَّه بْن سَبَأ , وَهُوَ مِنْ رُؤَسَاء الرَّوَافِض , وَكَانَ الْمُخْتَار بْن أَبِي عُبَيْد عَلَى رَأْيه , وَلَمَّا غُلِبَ عَلَى الْكُوفَة وَتَتَبَّعَ قَتَلَة الْحُسَيْن فَقَتَلَهُمْ أَحَبَّتْهُ الشِّيعَة ثُمَّ فَارَقَهُ أَكْثَرهمْ لَمَّا ظَهَرَ مِنْهُ مِنْ الْأَكَاذِيب , وَكَانَ مِنْ رَأْي السَّبَئِيَّة مُوَالَاة مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب.
وَكَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ الْمَهْدِيّ وَأَنَّهُ لَا يَمُوت حَتَّى يَخْرُج فِي آخِر الزَّمَان.
وَمِنْهُمْ مَنْ أَقَرَّ بِمَوْتِهِ وَزَعَمَ أَنَّ الْأَمْر بَعْده صَارَ إِلَى اِبْنه أَبِي هَاشِم هَذَا.
وَمَاتَ أَبُو هَاشِم فِي آخِر وِلَايَة سُلَيْمَان بْن عَبْد الْمَلِك سَنَة ثَمَان أَوْ تِسْع وَتِسْعِينَ.
‏ ‏قَوْله ( عَنْ أَبِيهِمَا ) ‏ ‏فِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيِّ فِي " الْمُوَطَّآت " مِنْ طَرِيق يَحْيَى بْن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ " عَنْ مَالِك عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عَبْد اللَّه وَالْحَسَن اِبْنَيْ مُحَمَّد أَخْبَرَاهُ أَنَّ أَبَاهُمَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب أَخْبَرَهُمَا ".
‏ ‏قَوْله ( أَنَّ عَلِيًّا قَالَ لِابْنِ عَبَّاس ) ‏ ‏سَيَأْتِي بَيَان تَحْدِيثه لَهُ بِهَذَا الْحَدِيث فِي تَرْكِ الْحِيَل بِلَفْظِ " أَنَّ عَلِيًّا قِيلَ لَهُ أَنَّ اِبْن عَبَّاس لَا يَرَى بِمُتْعَةِ النِّسَاء بَأْسًا " وَفِي رِوَايَة الثَّوْرِيّ وَيَحْيَى بْن سَعِيد كِلَاهُمَا عَنْ مَالِك عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ " أَنَّ عَلِيًّا سَمِعَ اِبْن عَبَّاس وَهُوَ يُفْتِي فِي مُتْعَة النِّسَاء فَقَالَ : أَمَا عَلِمْت " وَأَخْرَجَهُ سَعِيد بْن مَنْصُور عَنْ هُشَيْمٍ " عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد عَنْ الزُّهْرِيِّ بِدُونِ ذِكْرِ مَالِك وَلَفْظه " أَنَّ عَلِيًّا مَرَّ بِابْنِ عَبَّاس وَهُوَ يُفْتِي فِي مُتْعَة النِّسَاء أَنَّهُ لَا بَأْس بِهَا " , وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق جُوَيْرِيَةَ عَنْ مَالِك يُسْنِدهُ أَنَّهُ " سَمِعَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب يَقُول لِفُلَانٍ إِنَّك رَجُل تَائِه " وَفِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيق الثَّوْرِيّ أَيْضًا " تَكَلَّمَ عَلِيّ وَابْن عَبَّاس فِي مُتْعَة النِّسَاء فَقَالَ لَهُ عَلِيّ : إِنَّك اِمْرُؤُ تَائِه " وَلِمُسْلِمٍ مِنْ وَجْه آخَر أَنَّهُ " سَمِعَ اِبْن عَبَّاس يَلِينَ فِي مُتْعَة النِّسَاء فَقَالَ لَهُ : مَهْلًا يَا اِبْن عَبَّاس " وَلِأَحْمَد مِنْ طَرِيق مَعْمَر " رَخَّصَ فِي مُتْعَة النِّسَاء ".
‏ ‏قَوْله ( أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُتْعَة ) ‏ ‏فِي رِوَايَة أَحْمَد عَنْ سُفْيَان نَهَى عَنْ نِكَاح الْمُتْعَة.
‏ ‏قَوْله ( وَعَنْ لُحُوم الْحُمُر الْأَهْلِيَّة زَمَن خَيْبَر ) ‏ ‏هَكَذَا لِجَمِيعِ الرُّوَاة عَنْ الزُّهْرِيِّ " خَيْبَر " بِالْمُعْجَمَةِ أَوَّله وَالرَّاء آخِره إِلَّا مَا رَوَاهُ عَبْد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد عَنْ مَالِك فِي هَذَا الْحَدِيث فَإِنَّهُ قَالَ " حُنَيْن " بِمُهْمَلَةٍ أَوَّله وَنُونَيْنِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَنَبَّهَا عَلَى أَنَّهُ وَهْمٌ تَفَرَّدَ بِهِ عَبْد الْوَهَّاب , وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيق أُخْرَى عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد فَقَالَ خَيْبَر عَلَى الصَّوَاب , وَأَغْرَب مِنْ ذَلِكَ رِوَايَة إِسْحَاق بْن رَاشِد عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْهُ بِلَفْظِ " نَهَى فِي غَزْوَة تَبُوك عَنْ نِكَاح الْمُتْعَة " وَهُوَ خَطَأ أَيْضًا.
‏ ‏قَوْله ( زَمَن خَيْبَر ) الظَّاهِر أَنَّهُ ظَرْف لِلْأَمْرَيْنِ , وَحَكَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحُمَيْدِيّ أَنَّ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ كَانَ يَقُول : قَوْله " يَوْم خَيْبَر " يَتَعَلَّق بِالْحُمُرِ الْأَهْلِيَّة لَا بِالْمُتْعَةِ , قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : وَمَا قَالَهُ مُحْتَمِل يَعْنِي فِي رِوَايَته هَذِهِ , وَأَمَّا غَيْره فَصَرَّحَ أَنَّ الظَّرْف يَتَعَلَّق بِالْمُتْعَةِ , وَقَدْ مَضَى فِي غَزْوَة خَيْبَر مِنْ كِتَاب الْمَغَازِي وَيَأْتِي فِي الذَّبَائِح مِنْ طَرِيق مَالِك بِلَفْظِ " نَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم خَيْبَر عَنْ مُتْعَة النِّسَاء وَعَنْ لُحُوم الْحُمُر الْأَهْلِيَّة " وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ رِوَايَة اِبْن عُيَيْنَةَ أَيْضًا , وَسَيَأْتِي فِي تَرْكِ الْحِيَل فِي رِوَايَة عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ الزُّهْرِيِّ " أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا يَوْم خَيْبَر " وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم وَزَادَ مِنْ طَرِيقه " فَقَالَ مَهْلًا يَا اِبْن عَبَّاس " وَلِأَحْمَد مِنْ طَرِيق مَعْمَر بِسَنَدِهِ أَنَّهُ " بَلَغَهُ أَنَّ اِبْن عَبَّاس رَخَّصَ فِي مُتْعَة النِّسَاء , فَقَالَ لَهُ : إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا يَوْم خَيْبَر , وَعَنْ لُحُوم الْحُمُر الْأَهْلِيَّة " وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ رِوَايَة يُونُس بْن يَزِيد عَنْ الزُّهْرِيِّ مِثْل رِوَايَة مَالِك , وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيق اِبْن وَهْب عَنْ مَالِك وَيُونُس وَأُسَامَة بْن زَيْد ثَلَاثَتهمْ عَنْ الزُّهْرِيِّ كَذَلِكَ , وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّ اِبْن عُيَيْنَةَ رَوَاهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ " نَهَى عَنْ أَكْل الْحُمُر الْأَهْلِيَّة عَام خَيْبَر , وَعَنْ الْمُتْعَة بَعْد ذَلِكَ أَوْ فِي غَيْر ذَلِكَ الْيَوْم " ا ه وَهَذَا اللَّفْظ الَّذِي ذَكَرَهُ لَمْ أَرَهُ مِنْ رِوَايَة اِبْن عُيَيْنَةَ , فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَابْن أَبِي عُمَر وَالْحُمَيْدِيّ وَإِسْحَاق فِي مَسَانِيدهمْ عَنْ اِبْن عُيَيْنَةَ بِاللَّفْظِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ مِنْ طَرِيقه , لَكِنْ مِنْهُمْ مَنْ زَادَ لَفْظ " نِكَاح " كَمَا بَيَّنْته , وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق عُثْمَان بْن أَبِي شَيْبَة وَإِبْرَاهِيم بْن مُوسَى وَالْعَبَّاس بْن الْوَلِيد , وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم عَنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة وَمُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر وَزُهَيْر بْن حَرْب جَمِيعًا عَنْ اِبْن عُيَيْنَةَ بِمِثْلِ لَفْظ مَالِك , وَكَذَا أَخْرَجَهُ سَعِيد بْن مَنْصُور عَنْ اِبْن عُيَيْنَةَ لَكِنْ قَالَ " زَمَن " بَدَل " يَوْم " قَالَ السُّهَيْلِيُّ : وَيَتَّصِل بِهَذَا الْحَدِيث تَنْبِيه عَلَى إِشْكَال لِأَنَّ فِيهِ النَّهْي عَنْ نِكَاح الْمُتْعَة يَوْم خَيْبَر , وَهَذَا شَيْء لَا يَعْرِفهُ أَحَد مِنْ أَهْل السِّيَر وَرُوَاة الْأَثَر , قَالَ : فَالَّذِي يَظْهَر أَنَّهُ وَقَعَ تَقْدِيم وَتَأْخِير فِي لَفْظ الزُّهْرِيِّ , وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ سَبَقَهُ إِلَيْهِ غَيْره فِي النَّقْل عَنْ اِبْن عُيَيْنَةَ , فَذَكَرَ اِبْن عَبْد الْبَرّ مِنْ طَرِيق قَاسِم بْن أَصَبْغ أَنَّ الْحُمَيْدِيّ ذَكَرَ عَنْ اِبْن عُيَيْنَةَ أَنَّ النَّهْي زَمَن خَيْبَر عَنْ لُحُوم الْحُمُر الْأَهْلِيَّة , وَأَمَّا الْمُتْعَة فَكَانَ فِي غَيْر يَوْم خَيْبَر , ثُمَّ رَاجَعْت " مُسْنَد الْحُمَيْدِيّ " مِنْ طَرِيق قَاسِم بْن أَصْبَغَ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيل السُّلَمِيّ عَنْهُ فَقَالَ بَعْد سِيَاق الْحَدِيث " قَالَ اِبْن عُيَيْنَةَ : يَعْنِي أَنَّهُ نَهَى عَنْ لُحُوم الْحُمُر الْأَهْلِيَّة زَمَن خَيْبَر , وَلَا يَعْنِي نِكَاح الْمُتْعَة " قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : وَعَلَى هَذَا أَكْثَر النَّاس.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ : يُشْبِه أَنْ يَكُون كَمَا قَالَ لِصِحَّةِ الْحَدِيث فِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِيهَا بَعْد ذَلِكَ ثُمَّ نَهَى عَنْهَا , فَلَا يَتِمّ اِحْتِجَاج عَلِيّ إِلَّا إِذَا وَقَعَ النَّهْي أَخِيرًا لِتَقُومَ بِهِ الْحُجَّة عَلَى اِبْن عَبَّاس.
وَقَالَ أَبُو عَوَانَة فِي صَحِيحه سَمِعْت أَهْل الْعِلْم يَقُولُونَ : مَعْنَى حَدِيث عَلِيّ أَنَّهُ نَهَى يَوْم خَيْبَر عَنْ لُحُوم الْحُمُر , وَأَمَّا الْمُتْعَة فَسَكَتَ عَنْهَا وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهَا يَوْم الْفَتْح ا ه.
وَالْحَامِل لِهَؤُلَاءِ عَلَى هَذَا مَا ثَبَتَ مِنْ الرُّخْصَة فِيهَا بَعْد زَمَن خَيْبَر كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ , لَكِنْ يُمْكِن الِانْفِصَال عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ عَلِيًّا لَمْ تَبْلُغهُ الرُّخْصَة فِيهَا يَوْم الْفَتْح لِوُقُوعِ النَّهْي عَنْهَا عَنْ قُرْبٍ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه , وَيُؤَيِّد ظَاهِر حَدِيث عَلِيّ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَة وَصَحَّحَهُ مِنْ طَرِيق سَالِم بْن عَبْد اللَّه " أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ اِبْن عُمَر عَنْ الْمُتْعَة فَقَالَ : حَرَام.
فَقَالَ : إِنَّ فُلَانًا يَقُول فِيهَا.
فَقَالَ : وَاللَّه لَقَدْ عَلِمَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَهَا يَوْم خَيْبَر وَمَا كُنَّا مُسَافِحِينَ " قَالَ السُّهَيْلِيُّ : وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وَقْتِ تَحْرِيم نِكَاح الْمُتْعَة فَأَغْرَب مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ رِوَايَة مَنْ قَالَ فِي غَزْوَة تَبُوك , ثُمَّ رِوَايَة الْحَسَن أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي عُمْرَة الْقَضَاء , وَالْمَشْهُور فِي تَحْرِيمهَا أَنَّ ذَلِكَ فِي غَزْوَة الْفَتْح كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيث الرَّبِيع بْن سَبْرَة عَنْ أَبِيهِ وَفِي رِوَايَة عَنْ الرَّبِيع أَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُدَ أَنَّهُ كَانَ فِي حَجَّة الْوَدَاع , قَالَ وَمَنْ قَالَ مِنْ الرُّوَاة كَانَ فِي غَزْوَة أَوْطَاسٍ فَهُوَ مُوَافِق لِمَنْ قَالَ عَام الْفَتْح ا ه.
فَتَحَصَّلَ مِمَّا أَشَارَ إِلَيْهِ سِتَّة مَوَاطِن : خَيْبَر , ثُمَّ عُمْرَة الْقَضَاء , ثُمَّ الْفَتْح , ثُمَّ أَوَطَاسَ , ثُمَّ تَبُوك , ثُمَّ حَجَّة الْوَدَاع.
وَبَقِيَ عَلَيْهِ حُنَيْن لِأَنَّهَا وَقَعَتْ فِي رِوَايَة قَدْ نَبَّهْت عَلَيْهَا قَبْلُ , فَإِمَّا أَنْ يَكُون ذَهِلَ عَنْهَا أَوْ تَرَكَهَا عَمْدًا لِخَطَأِ رُوَاتهَا , أَوْ لِكَوْنِ غَزْوَة أَوْطَاسٍ وَحُنَيْن وَاحِدَة.
فَأَمَّا رِوَايَة تَبُوك فَأَخْرَجَهَا إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَابْن حِبَّان مِنْ طَرِيقه مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَزَلَ بِثَنِيَّةِ الْوَدَاع رَأَى مَصَابِيح وَسَمِعَ نِسَاء يَبْكِينَ , فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ فَقَالُوا : يَا رَسُول اللَّه , نِسَاء كَانُوا تَمَتَّعُوا مِنْهُنَّ.
فَقَالَ : هَدَمَ الْمُتْعَةَ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْمِيرَاثُ " وَأَخْرَجَهُ الْحَازِمِيُّ مِنْ حَدِيث جَابِر قَالَ " خَرَجْنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى غَزْوَة تَبُوك حَتَّى إِذَا كُنَّا عِنْد الْعَقَبَة مِمَّا يَلِي الشَّام جَاءَتْ نِسْوَة قَدْ كُنَّا تَمَتَّعْنَا بِهِنَّ يَطُفْنَ بِرِحَالِنَا , فَجَاءَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ , قَالَ فَغَضِبَ وَقَامَ خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَنَهَى عَنْ الْمُتْعَة , فَتَوَادَعْنَا يَوْمئِذٍ فَسُمِّيَتْ ثَنِيَّة الْوَدَاع ".
وَأَمَّا رِوَايَة الْحَسَن وَهُوَ الْبَصْرِيّ فَأَخْرَجَهَا عَبْد الرَّزَّاق مِنْ طَرِيقه وَزَادَ " مَا كَانَتْ قَبْلهَا وَلَا بَعْدهَا " وَهَذِهِ الزِّيَادَة مُنْكَرَة مِنْ رَاوِيهَا عَمْرو بْن عُبَيْد , وَهُوَ سَاقِط الْحَدِيث , وَقَدْ أَخْرَجَهُ سَعِيد بْن مَنْصُور مِنْ طَرِيق صَحِيحَة عَنْ الْحَسَن بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَة.
وَأَمَّا غَزْوَة الْفَتْح فَثَبَتَتْ فِي صَحِيح مُسْلِم كَمَا قَالَ : وَأَمَّا أَوْطَاس فَثَبَتَتْ فِي مُسْلِم أَيْضًا مِنْ حَدِيث سَلَمَة بْن الْأَكْوَع.
وَأَمَّا حَجَّة الْوَدَاع فَوَقَعَ عِنْد أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيث الرَّبِيع بْن سَبْرَة عَنْ أَبِيهِ.
وَأَمَّا قَوْله لَا مُخَالَفَة بَيْن أَوْطَاس وَالْفَتْح فَفِيهِ نَظَرٌ , لِأَنَّ الْفَتْح كَانَ فِي رَمَضَان ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى أَوْطَاسٍ فِي شَوَّال , وَفِي سِيَاق مُسْلِم أَنَّهُمْ لَمْ يَخْرُجُوا مِنْ مَكَّة حَتَّى حَرُمَتْ , وَلَفْظَة " إِنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَتْح , فَأَذِنَ لَنَا فِي مُتْعَة النِّسَاء , فَخَرَجْت أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ قَوْمِي - فَذَكَرَ قِصَّة الْمَرْأَة , إِلَى أَنْ قَالَ - ثُمَّ اِسْتَمْتَعْت مِنْهَا , فَلَمْ أَخْرُج حَتَّى حَرَّمَهَا " وَفِي لَفْظ لَهُ " رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا بَيْن الرُّكْن وَالْبَاب وَهُوَ يَقُول " بِمِثْلِ حَدِيث اِبْن نُمَيْر وَكَانَ تَقَدَّمَ فِي حَدِيث اِبْن نُمَيْر أَنَّهُ قَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاس إِنِّي قَدْ كُنْت أَذِنْت لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاع مِنْ النِّسَاء , وَأَنَّ اللَّه قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة " وَفِي رِوَايَة " أَمَرَنَا بِالْمُتْعَةِ عَام الْفَتْح حِين دَخَلْنَا مَكَّة , ثُمَّ لَمْ نَخْرُج حَتَّى نَهَانَا عَنْهَا " وَفِي رِوَايَة لَهُ " أَمَرَ أَصْحَابه بِالتَّمَتُّعِ مِنْ النِّسَاء - فَذَكَرَ الْقِصَّة قَالَ - فَكُنَّ مَعَنَا ثَلَاثًا , ثُمَّ أَمَرَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفِرَاقِهِنَّ " وَفِي لَفْظ " فَقَالَ إِنَّهَا حَرَام مِنْ يَوْمكُمْ هَذَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة " فَأَمَّا أَوْطَاس فَلَفْظ مُسْلِم " رَخَّصَ لَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَام أَوْطَاس فِي الْمُتْعَة ثَلَاثًا , ثُمَّ نَهَى عَنْهَا " وَظَاهِر الْحَدِيثَيْنِ الْمُغَايَرَة , لَكِنْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَطْلَقَ عَلَى عَام الْفَتْح عَام أَوْطَاس لِتُقَارِبهُمَا , وَلَوْ وَقَعَ فِي سِيَاقه أَنَّهُمْ تَمَتَّعُوا مِنْ النِّسَاء فِي غَزْوَة أَوْطَاس لَمَّا حَسُنَ هَذَا الْجَمْع , نَعَمْ وَيَبْعُد أَنْ يَقَع الْإِذْن فِي غَزْوَة أَوْطَاس بَعْد أَنْ يَقَع التَّصْرِيح قَبْلهَا فِي غَزْوَة الْفَتْح بِأَنَّهَا حَرُمَتْ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة , وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَلَا يَصِحّ مِنْ الرِّوَايَات شَيْء بِغَيْرِ عِلَّة إِلَّا غَزْوَة الْفَتْح.
وَأَمَّا غَزْوَة خَيْبَر وَإِنْ كَانَتْ طُرُق الْحَدِيث فِيهَا صَحِيحَة فَفِيهَا مِنْ كَلَام أَهْل الْعِلْم مَا تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا عُمْرَة الْقَضَاء فَلَا يَصِحّ الْأَثَر فِيهَا لِكَوْنِهِ مِنْ مُرْسَل الْحَسَن وَمَرَاسِيله ضَعِيفَة لِأَنَّهُ كَانَ يَأْخُذ عَنْ كُلّ أَحَد , وَعَلَى تَقْدِير ثُبُوته فَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَيَّام خَيْبَر لِأَنَّهُمَا كَانَا فِي سَنَة وَاحِدَة فِي الْفَتْح وَأَوْطَاس سَوَاء.
وَأَمَّا قِصَّة تَبُوك فَلَيْسَ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة التَّصْرِيح بِأَنَّهُمْ اِسْتَمْتَعُوا مِنْهُنَّ فِي تِلْكَ الْحَالَة , فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ وَقَعَ قَدِيمًا ثُمَّ وَقَعَ التَّوْدِيع مِنْهُنَّ حِينَئِذٍ وَالنَّهْي , أَوْ كَانَ النَّهْي وَقَعَ قَدِيمًا فَلَمْ يَبْلُغ بَعْضهمْ فَاسْتَمَرَّ عَلَى الرُّخْصَة , فَلِذَلِكَ قَرَنَ النَّهْي بِالْغَضَبِ لِتَقَدُّمِ النَّهْي فِي ذَلِكَ , عَلَى أَنَّ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة مَقَالًا , فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَة مُؤَمِّل بْن إِسْمَاعِيل عَنْ عِكْرِمَة بْن عَمَّار وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَقَال.
وَأَمَّا حَدِيث جَابِر فَلَا يَصِحّ فَإِنَّهُ مِنْ طَرِيق عَبَّاد بْن كَثِير وَهُوَ مَتْرُوك.
وَأَمَّا حَجَّة الْوَدَاع فَهُوَ اِخْتِلَاف عَلَى الرَّبِيع بْن سَبْرَة , وَالرِّوَايَة عَنْهُ بِأَنَّهَا فِي الْفَتْح أَصَحّ وَأَشْهَر , فَإِنْ كَانَ حَفِظَهُ فَلَيْسَ فِي سِيَاق أَبِي دَاوُدَ سِوَى مُجَرَّد النَّهْي , فَلَعَلَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ إِعَادَة النَّهْي لِيَشِيعَ وَيَسْمَعهُ مَنْ لَمْ يَسْمَعهُ قَبْل ذَلِكَ.
فَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْمَوَاطِن كَمَا قُلْنَا صَحِيحًا صَرِيحًا سِوَى غَزْوَة خَيْبَر وَغَزْوَة الْفَتْح , وَفِي غَزْوَة خَيْبَر مِنْ كَلَام أَهْل الْعِلْم مَا تَقَدَّمَ , وَزَادَ اِبْن الْقَيِّم فِي " الْهَدْي " أَنَّ الصَّحَابَة لَمْ يَكُونُوا يَسْتَمْتِعُونَ بِالْيَهُودِيَّاتِ , يَعْنِي فَيَقْوَى أَنَّ النَّهْي لَمْ يَقَع يَوْم خَيْبَر أَوْ لَمْ يَقَع هُنَاكَ نِكَاح مُتْعَة , لَكِنْ يُمْكِن أَنْ يُجَاب بِأَنَّ يَهُود خَيْبَر كَانُوا يُصَاهِرُونَ الْأَوْس وَالْخَزْرَج قَبْل الْإِسْلَام فَيَجُوز أَنْ يَكُون هُنَاكَ مِنْ نِسَائِهِمْ مَنْ وَقَعَ التَّمَتُّع بِهِنَّ فَلَا يَنْهَض الِاسْتِدْلَال بِمَا قَالَ , قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي " الْحَاوِي " : فِي تَعْيِين مَوْضِع تَحْرِيم الْمُتْعَة وَجْهَانِ أَحَدهمَا أَنَّ التَّحْرِيم تَكَرَّرَ لِيَكُونَ أَظْهَر وَأَنْشَر حَتَّى يَعْلَمهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْضُر فِي بَعْض الْمَوَاطِن مَنْ لَا يَحْضُر فِي غَيْرهَا , وَالثَّانِي أَنَّهَا أُبِيحَتْ مِرَارًا , وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمَرَّة الْأَخِيرَة " إِلَى يَوْم الْقِيَامَة " إِشَارَة إِلَى أَنَّ التَّحْرِيم الْمَاضِي كَانَ مُؤْذِنًا بِأَنَّ الْإِبَاحَة تَعْقُبهُ , بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ تَحْرِيم مُؤَبَّد لَا تَعْقُبهُ إِبَاحَة أَصْلًا , وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَد , وَيَرُدّ الْأَوَّل التَّصْرِيح بِالْإِذْنِ فِيهَا فِي الْمَوْطِن الْمُتَأَخِّر عَنْ الْمَوْطِن الَّذِي وَقَعَ التَّصْرِيح فِيهِ بِتَحْرِيمِهَا كَمَا فِي غَزْوَة خَيْبَر ثُمَّ الْفَتْح.
وَقَالَ النَّوَوِيّ : الصَّوَاب أَنَّ تَحْرِيمهَا وَإِبَاحَتهَا وَقَعَا مَرَّتَيْنِ فَكَانَتْ مُبَاحَة قَبْل خَيْبَر ثُمَّ حُرِّمَتْ فِيهَا ثُمَّ أُبِيحَتْ عَام الْفَتْح وَهُوَ عَام أَوْطَاس ثُمَّ حُرِّمَتْ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا , قَالَ : وَلَا مَانِع مِنْ تَكْرِير الْإِبَاحَة.
وَنَقَلَ غَيْره عَنْ الشَّافِعِيّ أَنَّ الْمُتْعَة نُسِخَتْ مَرَّتَيْنِ , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِل النِّكَاح حَدِيث اِبْن مَسْعُود فِي سَبَب الْإِذْن فِي نِكَاح الْمُتْعَة وَأَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا غَزَوْا اِشْتَدَّتْ عَلَيْهِمْ الْعُزْبَة فَأَذِنَ لَهُمْ فِي الِاسْتِمْتَاع فَلَعَلَّ النَّهْي كَانَ يَتَكَرَّر فِي كُلّ مَوَاطِن بَعْد الْإِذْن , فَلَمَّا وَقَعَ فِي الْمَرَّة الْأَخِيرَة أَنَّهَا حُرِّمَتْ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَمْ يَقَع بَعْد ذَلِكَ إِذْن وَاللَّهُ أَعْلَم.
وَالْحِكْمَة فِي جَمْع عَلِيّ بَيْن النَّهْي عَنْ الْحُمُر وَالْمُتْعَة أَنَّ اِبْن عَبَّاس كَانَ يُرَخِّص فِي الْأَمْرَيْنِ مَعًا , وَسَيَأْتِي النَّقْل عَنْهُ فِي الرُّخْصَة فِي الْحُمُر الْأَهْلِيَّة فِي أَوَائِل كِتَاب الْأَطْعِمَة , فَرَدَّ عَلَيْهِ عَلِيّ فِي الْأَمْرَيْنِ مَعًا وَأَنَّ ذَلِكَ يَوْم خَيْبَر , فَإِمَّا أَنْ يَكُون عَلَى ظَاهِره وَأَنَّ النَّهْي عَنْهُمَا وَقَعَ فِي زَمَن وَاحِد.
وَإِمَّا أَنْ يَكُون الْإِذْن الَّذِي وَقَعَ عَام الْفَتْح لَمْ يَبْلُغ عَلِيًّا لِقِصَرِ مُدَّة الْإِذْن وَهُوَ ثَلَاثَة أَيَّام كَمَا تَقَدَّمَ.
وَالْحَدِيث فِي قِصَّة تَبُوك عَلَى نَسْخِ الْجَوَاز فِي السَّفَر لِأَنَّهُ نَهَى عَنْهَا فِي أَوَائِل إِنْشَاء السَّفَر مَعَ أَنَّهُ كَانَ سَفَرًا بَعِيدًا وَالْمَشَقَّة فِيهِ شَدِيدَة كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَدِيث فِي تَوْبَة كَعْب , وَكَانَ عِلَّة الْإِبَاحَة وَهِيَ الْحَاجَة الشَّدِيدَة اِنْتَهَتْ مِنْ بَعْد فَتْحِ خَيْبَر وَمَا بَعْدهَا وَاللَّه أَعْلَم.
وَالْجَوَاب عَنْ قَوْل السُّهَيْلِيّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي خَيْبَر نِسَاء يُسْتَمْتَع بِهِنَّ ظَاهِر مِمَّا بَيَّنْته مِنْ الْجَوَاب عَنْ قَوْل اِبْن الْقَيِّم لَمْ تَكُنْ الصَّحَابَة يَتَمَتَّعُونَ بِالْيَهُودِيَّاتِ , وَأَيْضًا فَيُقَال كَمَا تَقَدَّمَ لَمْ يَقَع فِي الْحَدِيث التَّصْرِيح بِأَنَّهُمْ اِسْتَمْتَعُوا فِي خَيْبَر , وَإِنَّمَا فِيهِ مُجَرَّد النَّهْي , فَيُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّ التَّمَتُّع مِنْ النِّسَاء كَانَ حَلَالًا وَسَبَب تَحْلِيله مَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود حَيْثُ قَالَ " كُنَّا نَغْزُو وَلَيْسَ لَنَا شَيْء - ثُمَّ قَالَ - فَرَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِح الْمَرْأَة بِالثَّوْبِ " فَأَشَارَ إِلَى سَبَب ذَلِكَ وَهُوَ الْحَاجَة مَعَ قِلَّة الشَّيْء , وَكَذَا فِي حَدِيث سَهْل بْن سَعْد الَّذِي أَخْرَجَهُ اِبْن عَبْد الْبَرّ بِلَفْظِ " إِنَّمَا رَخَّصَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُتْعَة لِعُزْبَةٍ كَانَتْ بِالنَّاسِ شَدِيدَة , ثُمَّ نَهَى عَنْهَا " فَلَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَر وَسَّعَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْمَال وَمِنْ السَّبْي فَنَاسَبَ النَّهْي عَنْ الْمُتْعَة لِارْتِفَاعِ سَبَب الْإِبَاحَة , وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ تَمَام شُكْرِ نِعْمَة اللَّه عَلَى التَّوْسِعَة بَعْد الضِّيق , أَوْ كَانَتْ الْإِبَاحَة إِنَّمَا تَقَع فِي الْمَغَازِي الَّتِي يَكُون فِي الْمَسَافَة إِلَيْهَا بُعْدٌ وَمَشَقَّة , وَخَيْبَر بِخِلَافِ ذَلِكَ لِأَنَّهَا بِقُرْبِ الْمَدِينَة فَوَقَعَ النَّهْي عَنْ الْمُتْعَة فِيهَا إِشَارَة إِلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْر تَقَدُّم إِذْن فِيهَا , ثُمَّ لَمَّا عَادُوا إِلَى سَفْرَة بَعِيدَة الْمُدَّة وَهِيَ غَزَاة الْفَتْح وَشَقَّتْ عَلَيْهِمْ الْعُزُوبَة أَذِنَ لَهُمْ فِي الْمُتْعَة لَكِنْ مُقَيَّدًا بِثَلَاثَةِ أَيَّام فَقَطْ دَفْعًا لِلْحَاجَةِ , ثُمَّ نَهَاهُمْ بَعْد اِنْقِضَائِهَا عَنْهَا كَمَا سَيَأْتِي مِنْ رِوَايَة سَلَمَة , وَهَكَذَا يُجَاب عَنْ كُلّ سَفْرَة ثَبَتَ فِيهَا النَّهْي بَعْد الْإِذْن , وَأَمَّا حَجَّة الْوَدَاع فَالَّذِي يَظْهَر أَنَّهُ وَقَعَ فِيهَا النَّهْي مُجَرَّدًا إِنْ ثَبَتَ الْخَبَر فِي ذَلِكَ , لِأَنَّ الصَّحَابَة حَجُّوا فِيهَا بِنِسَائِهِمْ بَعْد أَنْ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَكُونُوا فِي شِدَّة وَلَا طُول عُزْبَةٍ , وَإِلَّا فَمَخْرَج حَدِيث سَبْرَة رَاوِيه هُوَ مِنْ طَرِيق اِبْنه الرَّبِيع عَنْهُ , وَقَدْ اِخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي تَعْيِينهَا ; وَالْحَدِيث وَاحِد فِي قِصَّة وَاحِدَة فَتَعَيَّنَ التَّرْجِيح , وَالطَّرِيق الَّتِي أَخْرَجَهَا مُسْلِم مُصَرِّحَة بِأَنَّهَا فِي زَمَن الْفَتْح أَرْجَح فَتَعَيَّنَ الْمَصِير إِلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَم.


حديث نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر

الحديث بالسند الكامل مع التشكيل

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏ابْنُ عُيَيْنَةَ ‏ ‏أَنَّهُ سَمِعَ ‏ ‏الزُّهْرِيَّ ‏ ‏يَقُولُ أَخْبَرَنِي ‏ ‏الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ‏ ‏وَأَخُوهُ ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِمَا ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏عَلِيًّا ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏لِابْنِ عَبَّاسٍ ‏ ‏إِنَّ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏نَهَى عَنْ الْمُتْعَةِ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ زَمَنَ ‏ ‏خَيْبَرَ ‏

كتب الحديث النبوي الشريف

المزيد من أحاديث صحيح البخاري

سمعت ابن عباس سئل عن متعة النساء فرخص

عن ‌أبي جمرة قال: سمعت ‌ابن عباس «سئل عن متعة النساء فرخص، فقال له مولى له: إنما ذلك في الحال الشديد وفي النساء قلة أو نحوه، فقال ابن عباس: نعم.»

إنه قد أذن لكم أن تستمتعوا فاستمتعوا

و 5118 - عن جابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع قالا: «كنا في جيش، فأتانا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه قد أذن لكم أن تستمتعوا فاستمتعوا» 5...

هي خير منك رغبت في النبي ﷺ فعرضت عليه نفسها

حدثنا ‌مرحوم قال: سمعت ‌ثابتا البناني قال: «كنت عند أنس وعنده ابنة له قال أنس: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرض عليه نفسها قالت: يا ر...

عرضت امرأة نفسها على النبي ﷺ فقال له رجل يا رسول...

عن ‌سهل ، «أن امرأة عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له رجل: يا رسول الله، زوجنيها، فقال: ما عندك؟ قال: ما عندي شيء، قال: اذهب فالتمس ولو...

أتيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة فقال سأنظر في...

عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يحدث «أن عمر بن الخطاب» حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوف...

لو لم أنكح أم سلمة ما حلت لي إن أباها أخي من الرض...

عن عراك بن مالك: أن زينب بنت أبي سلمة، أخبرته: أن أم حبيبة، قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا قد تحدثنا أنك ناكح درة بنت أبي سلمة، فقال رسول الل...

رأيتك في المنام يجيء بك الملك في سرقة من حرير فقا...

عن ‌عائشة رضي الله عنها قالت: «قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيتك في المنام يجيء بك الملك في سرقة من حرير، فقال لي هذه امرأتك، فكشفت عن وجهك...

ما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء

عن ‌سهل بن سعد «أن امرأة جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، جئت لأهب لك نفسي، فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد النظر إ...

كان النكاح في الجاهلية على أربعة أنحاء

عروة بن الزبير : أن ‌عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته: «أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء: فنكاح منها نكاح الناس اليوم، يخطب الرجل إل...