5355-
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة ما ترك غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول.
تقول المرأة: إما أن تطعمني وإما أن تطلقني، ويقول العبد: أطعمني واستعملني، ويقول الابن: أطعمني إلى من تدعني؟ فقالوا: يا أبا هريرة، سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا، هذا من كيس أبي هريرة.»
(ما ترك غنى) ما لم يجحف بالمعطي وكان سهلا عليه وترك لديه سعة.
(سمعت هذا) أي قولك تقول المرأة .
الخ.
(كيس) وعاء أي من قوله وفي رواية (كيس) أي عقله وفطنته
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( أَفْضَل الصَّدَقَة مَا تَرَكَ غِنًى ) تَقَدَّمَ شَرْحه فِي أَوَّل الزَّكَاة وَبَيَان اِخْتِلَاف أَلْفَاظه وَكَذَا قَوْله " وَالْيَد الْعُلْيَا " وَقَوْله " وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُول " أَيْ بِمَنْ يَجِب عَلَيْك نَفَقَته , يُقَال عَالَ الرَّجُل أَهْله إِذَا مَانَهُمْ , أَيْ قَامَ بِمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْ قُوت وَكِسْوَة.
وَهُوَ أَمْرٌ بِتَقْدِيمِ مَا يَجِبُ عَلَى مَا لَا يَجِبُ.
وَقَالَ اِبْن الْمُنْذِر اُخْتُلِفَ فِي نَفَقَة مَنْ بَلَغَ مِنْ الْأَوْلَاد وَلَا مَال لَهُ وَلَا كَسْب , فَأَوْجَبَتْ طَائِفَة النَّفَقَة لِجَمِيعِ الْأَوْلَاد أَطْفَالًا كَانُوا أَوْ بَالِغِينَ إِنَاثًا وَذُكْرَانًا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَمْوَال يَسْتَغْنُونَ بِهَا , وَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى أَنَّ الْوَاجِب أَنْ يُنْفِق عَلَيْهِمْ حَتَّى يَبْلُغ الذَّكَر أَوْ تَتَزَوَّج الْأُنْثَى ثُمَّ لَا نَفَقَة عَلَى الْأَب إِلَّا إِنْ كَانُوا زَمْنَى , فَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ أَمْوَال فَلَا وُجُوب عَلَى الْأَب.
وَأَلْحَق الشَّافِعِيّ وَلَد الْوَلَد وَإِنْ سَفَلَ بِالْوَلَدِ فِي ذَلِكَ , وَقَوْله " تَقُول الْمَرْأَة " وَقَعَ فِي رِوَايَة لِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن عَجْلَان عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِح بِهِ " فَقِيلَ مَنْ أَعُول يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ اِمْرَأَتك " الْحَدِيث , وَهُوَ وَهْم وَالصَّوَاب مَا أَخْرَجَهُ هُوَ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ اِبْن عَجْلَان بِهِ وَفِيهِ " فَسُئِلَ أَبُو هُرَيْرَة : مَنْ تَعُول يَا أَبَا هُرَيْرَة " وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهَذَا بَعْض الشُّرَّاح وَغَفَلَ عَنْ الرِّوَايَة الْأُخْرَى , وَرَجَّحَ مَا فَهِمَهُ بِمَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيق عَاصِم عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " الْمَرْأَة تَقُول لِزَوْجِهَا أَطْعِمْنِي " وَلَا حُجَّة فِيهِ لِأَنَّ فِي حِفْظ عَاصِم شَيْئًا , وَالصَّوَاب التَّفْصِيل , وَكَذَا وَقَعَ لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيق أَبِي مُعَاوِيَة عَنْ الْأَعْمَش بِسَنَدِ حَدِيث الْبَاب " قَالَ أَبُو هُرَيْرَة تَقُول اِمْرَأَتك إِلَخْ " وَهُوَ مَعْنَى قَوْله فِي آخِر حَدِيث الْبَاب " لَا هَذَا مِنْ كِيس أَبِي هُرَيْرَة " وَقَعَ فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ الْمَذْكُورَة " قَالُوا يَا أَبَا هُرَيْرَة شَيْء تَقُول مِنْ رَأْيك أَوْ مِنْ قَوْل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : هَذَا مِنْ كِيسِي " وَقَوْله مِنْ كِيسِي هُوَ بِكَسْرِ الْكَاف لِلْأَكْثَرِ أَيْ مِنْ حَاصِله إِشَارَة إِلَى أَنَّهُ مِنْ اِسْتِنْبَاطه مِمَّا فَهِمَهُ مِنْ الْحَدِيث الْمَرْفُوع مَعَ الْوَاقِع , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْأَصِيلِيّ بِفَتْحِ الْكَاف أَيْ مِنْ فِطْنَته.
قَوْله ( تَقُول الْمَرْأَة إِمَّا أَنْ تُطْعِمنِي ) فِي رِوَايَة النَّسَائِيِّ عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الْعَزِيز عَنْ حَفْص بْن غِيَاث بِسَنَدِ حَدِيث الْبَاب " إِمَّا أَنْ تُنْفِق عَلَيَّ ".
قَوْله ( وَيَقُول الْعَبْد أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي ) فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ " وَيَقُول خَادِمك أَطْعِمْنِي وَإِلَّا فَبِعْنِي.
قَوْله ( وَيَقُول الِابْن أَطْعِمْنِي , إِلَى مَنْ تَدَعنِي ) ؟ فِي رِوَايَة النَّسَائِيِّ وَالْإِسْمَاعِيلِيّ " تَكِلنِي " وَهُوَ بِمَعْنَاهُ.
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ الْأَوْلَاد لَهُ مَال أَوْ حِرْفَة لَا تَجِب نَفَقَته عَلَى الْأَب , لِأَنَّ الَّذِي يَقُول " إِلَى مِنْ تَدَعنِي " ؟ إِنَّمَا هُوَ مَنْ لَا يَرْجِع إِلَى شَيْء سِوَى نَفَقَة الْأَب , وَمَنْ لَهُ حِرْفَة أَوْ مَال لَا يَحْتَاج إِلَى قَوْل ذَلِكَ.
وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ " إِمَّا أَنْ تُطْعِمنِي وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقنِي " مَنْ قَالَ يُفَرَّق بَيْن الرَّجُل وَامْرَأَته إِذَا أَعْسَر بِالنَّفَقَةِ وَاخْتَارَتْ فِرَاقه , وَهُوَ قَوْل جُمْهُور الْعُلَمَاء.
وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ : يَلْزَمهَا الصَّبْر , وَتَتَعَلَّق النَّفَقَة بِذِمَّتِهِ.
وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُور بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا ) , وَأَجَابَ الْمُخَالِف بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْفِرَاق وَاجِبًا لَمَا جَازَ الْإِبْقَاء إِذَا رَضِيَتْ , وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْإِجْمَاع دَلَّ عَلَى جَوَاز الْإِبْقَاء إِذَا رَضِيَتْ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى عُمُوم النَّهْي.
وَطَعَنَ بَعْضهمْ فِي الِاسْتِدْلَال بِالْآيَةِ الْمَذْكُورَة بِأَنَّ اِبْن عَبَّاس وَجَمَاعَة مِنْ التَّابِعِينَ قَالُوا : نَزَلَتْ فِيمَنْ كَانَ يُطَلِّق فَإِذَا كَادَتْ الْعِدَّة تَنْقَضِي رَاجَعَ , وَالْجَوَاب أَنَّ مِنْ قَاعِدَتهمْ " أَنَّ الْعِبْرَة بِعُمُومِ اللَّفْظ ".
حَتَّى تَمَسَّكُوا بِحَدِيثِ جَابِر بْن سَمُرَة " اُسْكُنُوا فِي الصَّلَاة " اُتْرُكْ رَفْع الْيَدَيْنِ عِنْد الرُّكُوع مَعَ أَنَّهُ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الْإِشَارَة بِالْأَيْدِي فِي التَّشَهُّد بِالسَّلَامِ عَلَى فُلَان وَفُلَان , وَهُنَا تَمَسَّكُوا بِالسَّبَبِ.
وَاسْتُدِلَّ لِلْجُمْهُورِ أَيْضًا بِالْقِيَاسِ عَلَى الرَّقِيق وَالْحَيَوَان , فَإِنَّ مَنْ أَعْسَرَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ أُجْبِرَ عَلَى بَيْعه اِتِّفَاقًا.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا تَرَكَ غِنًى وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ تَقُولُ الْمَرْأَةُ إِمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِي وَيَقُولُ الْعَبْدُ أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي وَيَقُولُ الِابْنُ أَطْعِمْنِي إِلَى مَنْ تَدَعُنِي فَقَالُوا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا هَذَا مِنْ كِيسِ أَبِي هُرَيْرَةَ
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول.»
عن ابن عيينة قال: قال لي معمر: قال لي الثوري: هل سمعت في الرجل يجمع لأهله قوت سنتهم أو بعض السنة؟ قال معمر: فلم يحضرني، ثم ذكرت حديثا حدثناه ابن ش...
عن ابن شهاب قال: أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان، وكان محمد بن جبير بن مطعم ذكر لي ذكرا من حديثه فانطلقت حتى دخلت على مالك بن أوس فسألته، فقال مالك: «...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «جاءت هند بنت عتبة، فقالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل مسيك فهل علي حرج أن أطعم من الذي له عيالنا قال: لا إلا بالمعروف...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره فله نصف أجره.»
عن ابن أبي ليلى: حدثنا علي «أن فاطمة عليهما السلام أتت النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى وبلغها أنه جاءه رقيق، فلم تصادفه...
عن علي بن أبي طالب «أن فاطمة عليها السلام أتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما، فقال: ألا أخبرك ما هو خير لك منه؟ تسبحين الله عند منامك ثلاثا وثل...
عن الأسود بن يزيد «سألت عائشة رضي الله عنها، ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في البيت؟ قالت: كان في مهنة أهله، فإذا سمع الأذان خرج.»
عن عائشة، «أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولد...