5507-
عن عائشة رضي الله عنها: «أن قوما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن قوما يأتونا باللحم لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا، فقال: سموا عليه أنتم وكلوه» قالت: وكانوا حديثي عهد بالكفر.
تابعه علي عن الدراوردي وتابعه أبو خالد والطفاوي.
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله ( أُسَامَة بْن حَفْص الْمَدَنِيّ ) هُوَ شَيْخ لَمْ يَزِدْ الْبُخَارِيّ فِي التَّارِيخ فِي تَعْرِيفه عَلَى مَا فِي هَذَا الْإِسْنَاد , وَذَكَرَ غَيْره أَنَّهُ رَوَى عَنْهُ أَيْضًا يَحْيَى بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي قُتَيْلَة بِالْقَافِ وَالْمُثَنَّاة مُصَغَّر , وَلَمْ يَحْتَجّ الْبُخَارِيّ بِأُسَامَة هَذَا لِأَنَّهُ قَدْ أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيث مِنْ رِوَايَة الطَّفَاوِيّ وَغَيْره كَمَا سَأُبَيِّنُهُ.
قَوْله ( تَابَعَهُ عَلِيٌّ عَنْ الدَّرَاوَرْدِيّ ) هُوَ عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن الْمَدِينِيّ شَيْخ الْبُخَارِيّ وَالدّرَاوَرْدِيّ هُوَ عَبْد الْعَزِيز بْن مُحَمَّد , وَإِنَّمَا يُخَرِّج لَهُ الْبُخَارِيّ فِي الْمُتَابَعَات , وَمُرَاد الْبُخَارِيّ أَنَّ الدَّرَاوَرْدِيّ رَوَاهُ عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة مَرْفُوعًا كَمَا رَوَاهُ أُسَامَة بْن حَفْص , وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق يَعْقُوب بْن حُمَيْدٍ عَنْ الدَّرَاوَرْدِيّ بِهِ.
قَوْله ( وَتَابَعَهُ أَبُو خَالِد وَالطَّفَاوِيّ ) يَعْنِي عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة فِي رَفْعه أَيْضًا , فَأَمَّا رِوَايَة أَبِي خَالِد - وَهُوَ سُلَيْمَان بْن حِبَّان الْأَحْمَر - فَقَدْ وَصَلَهَا عَنْهُ الْمُصَنِّف فِي كِتَاب التَّوْحِيد وَقَالَ عَقِبه " وَتَابَعَهُ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن وَالدَّرَاوَرْدِيّ وَأُسَامَة بْن حَفْص " وَأَمَّا رِوَايَة الطَّفَاوِيّ وَهُوَ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن فَقَدْ وَصَلَهَا عَنْهُ الْمُصَنِّف فِي كِتَاب الْبُيُوع , وَحَالَفَهُمْ مَالِك فَرَوَاهُ عَنْ هِشَام عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا لَيْسَ فِيهِ عَائِشَة , قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي " الْعِلَل " : رَوَاهُ عَبْد الرَّحِيم بْن سُلَيْمَان وَمُحَاضِر بْن الْمُوَرِّع وَالنَّضْر بْن شُمَيْلٍ وَآخَرُونَ عَنْ هِشَام مَوْصُولًا وَرَوَاهُ مَالِك مُرْسَلًا عَنْ هِشَام , وَوَافَقَ مَالِكًا عَلَى إِرْسَاله الْحَمَّادَانِ وَابْن عُيَيْنَةَ وَالْقَطَّان عَنْ هِشَام , وَهُوَ أَشْبَه بِالصَّوَابِ , وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب رَوَاهُ عَنْ عَبْد الْوَهَّاب بْن عَطَاء عَنْ مَالِك مَوْصُولًا.
قُلْت : رِوَايَة عَبْد الرَّحِيم عِنْد اِبْن مَاجَهْ وَرِوَايَة النَّضْر عِنْد النَّسَائِيِّ وَرِوَايَة مُحَاضِر عِنْد أَبِي دَاوُدَ , وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَة جَعْفَر بْن عَوْن عَنْ هِشَام مُرْسَلًا , وَيُسْتَفَاد مِنْ صَنِيع الْبُخَارِيّ أَنَّ الْحَدِيث إِذَا اُخْتُلِفَ فِي وَصْله وَإِرْسَاله حُكِمَ لِلْوَاصِلِ بِشَرْطَيْنِ : أَحَدهمَا أَنْ يَزِيد عَدَد مَنْ وَصَلَهُ عَلَى مَنْ أَرْسَلَهُ , وَالْآخَر أَنْ يَحْتَفّ بِقَرِينَةٍ تُقَوِّي الرِّوَايَة الْمَوْصُولَة , لِأَنَّ عُرْوَة مَعْرُوف بِالرِّوَايَةِ عَنْ عَائِشَة مَشْهُور بِالْأَخْذِ عَنْهَا , فَفِي ذَلِكَ إِشْعَار بِحِفْظِ مَنْ وَصَلَهُ عَنْ هِشَام دُون مَنْ أَرْسَلَهُ.
وَيُؤْخَذ مِنْ صَنِيعه أَيْضًا أَنَّهُ وَإِنْ اِشْتَرَطَ فِي الصَّحِيح أَنْ يَكُون رَاوِيه مِنْ أَهْل الضَّبْط وَالْإتْقَان أَنَّهُ إِنْ كَانَ فِي الرَّاوِي قُصُور عَنْ ذَلِكَ وَوَافَقَهُ عَلَى رِوَايَة ذَلِكَ الْخَبَر مَنْ هُوَ مِثْله اِنْجَبَرَ ذَلِكَ الْقُصُور بِذَلِكَ وَصَحَّ الْحَدِيث عَلَى شَرْطه.
قَوْله ( أَنَّ قَوْمًا قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) لَمْ أَقِف عَلَى تَعْيِينهمْ , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة مَالِك " سُئِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
قَوْله ( إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِلَحْمٍ ) فِي رِوَايَة أَبِي خَالِد " يَأْتُونَا بِلُحْمَان " وَفِي رِوَايَة النَّضْر بْن شُمَيْلٍ عَنْ هِشَام عِنْد النَّسَائِيِّ " إِنَّ نَاسًا مِنْ الْأَعْرَاب " وَفِي رِوَايَة مَالِك " مِنْ الْبَادِيَة ".
قَوْله ( لَا نَدْرِي أَذُكِرَ اِسْم اللَّه عَلَيْهِ ) كَذَا هُنَا بِضَمِّ الذَّال عَلَى الْبِنَاء لِلْمَجْهُولِ , وَفِي رِوَايَة الطَّفَاوِيّ الْمَاضِيَة فِي الْبُيُوع " اُذْكُرُوا " وَفِي رِوَايَة أَبِي خَالِد " لَا نَدْرِي يَذْكُرُونَ " زَادَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَته " أَمْ لَمْ يَذْكُرُوا , أَفَنَأْكُل مِنْهَا " ؟.
قَوْله ( سَمُّوا عَلَيْهِ أَنْتُمْ وَكُلُوا ) فِي رِوَايَة الطَّفَاوِيّ " سَمُّوا اللَّه " وَفِي رِوَايَة النَّضْر وَأَبِي خَالِد " اُذْكُرُوا اِسْم اللَّه " زَادَ أَبُو خَالِد " أَنْتُمْ ".
قَوْله ( قَالَتْ وَكَانُوا حَدِيثِي عَهْد بِالْكُفْرِ ) وَفِي لَفْظ " حَدِيث عَهْدهمْ " وَهِيَ جُمْلَة اسْمِيَّة قُدِّمَ خَبَرهَا وَوَقَعَتْ صِفَة لِقَوْلِهِ " أَقْوَامًا " وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون خَبَرًا ثَانِيًا بَعْد الْخَبَر الْأَوَّل وَهُوَ قَوْله " يَأْتُونَنَا بِلَحْمٍ ".
قَوْله ( بِالْكُفْرِ ) وَفِي لَفْظ " بِكُفْرٍ " وَفِي رِوَايَة أَبِي خَالِد " بِشِرْكٍ " وَفِي رِوَايَة أَبِي دَاوُدَ " بِجَاهِلِيَّةٍ " زَادَ مَالِك فِي آخِره " وَذَلِكَ فِي أَوَّل الْإِسْلَام " وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهَذِهِ الزِّيَادَة قَوْم فَزَعَمُوا أَنَّ هَذَا الْجَوَاب كَانَ قَبْل نُزُول قَوْله تَعَالَى ( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اِسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ) قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : وَهُوَ تَعَلُّق ضَعِيف , وَفِي الْحَدِيث نَفْسه مَا يَرُدّهُ لِأَنَّهُ أَمَرَهُمْ فِيهِ بِالتَّسْمِيَةِ عِنْد الْأَكْل فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْآيَة كَانَتْ نَزَلَتْ بِالْأَمْرِ بِالتَّسْمِيَةِ عِنْد الْأَكْل , وَأَيْضًا فَقَدْ اِتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْأَنْعَام مَكِّيَّة وَأَنَّ هَذِهِ الْقِصَّة جَرَتْ بِالْمَدِينَةِ , وَأَنَّ الْأَعْرَاب الْمُشَار إِلَيْهِمْ فِي الْحَدِيث هُمْ بَادِيَة أَهْل الْمَدِينَة , وَزَادَ اِبْن عُيَيْنَةَ فِي رِوَايَته " اِجْتَهِدُوا أَيْمَانهمْ وَكُلُوا " أَيْ حَلِّفُوهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ سَمَّوْا حِين ذَبَحُوا , وَهَذِهِ الزِّيَادَة غَرِيبَة فِي هَذَا الْحَدِيث , وَابْن عُيَيْنَةَ ثِقَة لَكِنْ رِوَايَته هَذِهِ مُرْسَلَة , نَعَمْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد نَحْوه لَكِنْ قَالَ " اِجْتَهِدُوا أَيْمَانهمْ أَنَّهُمْ ذَبَحُوهَا " وَرِجَاله ثِقَات , وَلِلطَّحَاوِيّ فِي " الْمُشْكِل " : " سَأَلَ نَاس مِنْ الصَّحَابَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : أَعَارِيب يَأْتُونَنَا بِلُحْمَان وَجُبْن وَسَمْن مَا نَدْرِي مَا كُنْهُ إِسْلَامهمْ , قَالَ : اُنْظُرُوا مَا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْكُمْ فَأَمْسِكُوا عَنْهُ , وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَقَدْ عَفَا لَكُمْ عَنْهُ , وَمَا كَانَ رَبّك نَسِيًّا , اُذْكُرُوا اِسْم اللَّه عَلَيْهِ " قَالَ الْمُهَلَّب : هَذَا الْحَدِيث أَصْل فِي أَنَّ التَّسْمِيَة عَلَى الذَّبِيحَة لَا تَجِب , إِذْ لَوْ كَانَتْ وَاجِبَة لَاشْتُرِطَتْ عَلَى كُلّ حَال , وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَة عَلَى الْأَكْل لَيْسَتْ فَرْضًا , فَلَمَّا نَابَتْ عَنْ التَّسْمِيَة عَلَى الذَّبْح دَلَّ عَلَى أَنَّهَا سُنَّة لِأَنَّ السُّنَّة لَا تَنُوب عَنْ الْفَرْض , وَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْأَمْر فِي حَدِيث عَدِيّ وَأَبِي ثَعْلَبَة مَحْمُول عَلَى التَّنْزِيه مِنْ أَجْل أَنَّهُمَا كَانَا يَصِيدَانِ عَلَى مَذْهَب الْجَاهِلِيَّة فَعَلَّمَهُمَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْر الصَّيْد وَالذَّبْح فَرَضَهُ وَمَنْدُوبه لِئَلَّا يُوَاقِعَا شُبْهَة مِنْ ذَلِكَ , وَلْيَأْخُذَا بِأَكْمَل الْأُمُور فِيمَا يَسْتَقْبِلَانِ , وَأَمَّا الَّذِينَ سَأَلُوا عَنْ هَذِهِ الذَّبَائِح فَإِنَّهُمْ سَأَلُوا عَنْ أَمْر قَدْ وَقَعَ وَيَقَع لِغَيْرِهِمْ لَيْسَ فِيهِ قُدْرَة عَلَى الْأَخْذ بِالْأَكْمَلِ , فَعَرَّفَهُمْ بِأَصْلِ الْحِلّ فِيهِ.
وَقَالَ اِبْن التِّين : يَحْتَمِل أَنْ يُرَاد بِالتَّسْمِيَةِ هُنَا عِنْد الْأَكْل , وَبِذَلِكَ جَزَمَ النَّوَوِيّ , قَالَ اِبْن التِّين : وَأَمَّا التَّسْمِيَة عَلَى ذَبْح تَوَلَّاهُ غَيْرهمْ مِنْ غَيْر عِلْمهمْ فَلَا تَكْلِيف عَلَيْهِمْ فِيهِ , وَإِنَّمَا يُحْمَل عَلَى غَيْر الصِّحَّة إِذَا تَبَيَّنَ خِلَافهَا , وَيَحْتَمِل أَنْ يُرِيد أَنَّ تَسْمِيَتكُمْ الْآن تَسْتَبِيحُونَ بِهَا أَكْل مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَذُكِرَ اِسْم اللَّه عَلَيْهِ أَمْ لَا إِذَا كَانَ الذَّابِح مِمَّنْ تَصِحّ ذَبِيحَته إِذَا سُمِّيَ.
وَيُسْتَفَاد مِنْهُ أَنَّ كُلّ مَا يُوجَد فِي أَسْوَاق الْمُسْلِمِينَ مَحْمُول عَلَى الصِّحَّة , وَكَذَا مَا ذَبَحَهُ أَعْرَاب الْمُسْلِمِينَ , لِأَنَّ الْغَالِب أَنَّهُمْ عَرَفُوا التَّسْمِيَة , وَكَذَا الْأَخِير جَزَمَ اِبْن عَبْد الْبَرّ فَقَالَ : فِيهِ أَنَّ مَا ذَبَحَهُ الْمُسْلِم يُؤْكَل وَيُحْمَل عَلَى أَنَّهُ سُمِّيَ , لِأَنَّ الْمُسْلِم لَا يُظَنّ بِهِ فِي كُلّ شَيْء إِلَّا الْخَيْر حَتَّى يَتَبَيَّن خِلَاف ذَلِكَ , وَعَكَسَ هَذَا الْخَطَّابِيُّ فَقَالَ : فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَة غَيْر شَرْط عَلَى الذَّبِيحَة لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ شَرْطًا لَمْ تُسْتَبَحْ الذَّبِيحَة بِالْأَمْرِ الْمَشْكُوك فِيهِ , كَمَا لَوْ عَرَضَ الشَّكّ فِي نَفْس الذَّبْح فَلَمْ يَعْلَم هَلْ وَقَعَتْ الذَّكَاة الْمُعْتَبَرَة أَوْ لَا , وَهَذَا هُوَ الْمُتَبَادَر مِنْ سِيَاق الْحَدِيث حَيْثُ وَقَعَ الْجَوَاب فِيهِ " فَسَمُّوا أَنْتُمْ وَكُلُوا " كَأَنَّهُ قِيلَ لَهُمْ لَا تَهْتَمُّوا بِذَلِكَ بَلْ الَّذِي يُهِمّكُمْ أَنْتُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اِسْم اللَّه وَتَأْكُلُوا , وَهَذَا مِنْ أُسْلُوب الْحَكِيم كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الطِّيبِيُّ.
وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى عَدَم الِاشْتِرَاط قَوْله تَعَالَى ( وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ ) فَأَبَاحَ الْأَكْل مِنْ ذَبَائِحهمْ مَعَ وُجُود الشَّكّ فِي أَنَّهُمْ سَمَّوْا أَمْ لَا.
( تَكْمِلَة ) : قَالَ الْغَزَالِيّ فِي " الْإحْيَاء " فِي مَرَاتِب الشُّبُهَات : الْمَرْتَبَة الْأَوْلَى مَا يَتَأَكَّد الِاسْتِحْبَاب فِي التَّوَرُّع عَنْهُ.
هُوَ مَا يَقْوَى فِيهِ دَلِيل الْمُخَالِف , فَمِنْهُ التَّوَرُّع عَنْ أَكْل مَتْرُوك التَّسْمِيَة , فَإِنَّ الْآيَة ظَاهِرَة فِي الْإِيجَاب , وَالْأَخْبَار مُتَوَاتِرَة بِالْأَمْرِ بِهَا , وَلَكِنْ لَمَّا صَحَّ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الْمُؤْمِن يَذْبَح عَلَى اِسْم اللَّه سَمَّى أَوْ لَمْ يُسَمِّ " اِحْتَمَلَ أَنْ يَكُون عَامًّا مُوجِبًا لِصَرْفِ الْآيَة وَالْإِخْبَار عَنْ ظَاهِر الْأَمْر , وَاحْتَمَلَ أَنْ يُخَصَّص بِالنَّاسِي وَيَبْقَى مَنْ عَدَاهُ عَلَى الظَّاهِر , وَهَذَا الِاحْتِمَال الثَّانِي أَوْلَى وَاَللَّه أَعْلَم.
قُلْت : الْحَدِيث الَّذِي اِعْتَمَدَ عَلَيْهِ وَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ بَالَغَ النَّوَوِيّ فِي إِنْكَاره فَقَالَ : هُوَ مُجْمَع عَلَى ضَعْفه , قَالَ : وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة وَقَالَ : مُنْكَر لَا يُحْتَجّ بِهِ , وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي " الْمَرَاسِيل " عَنْ الصَّلْت أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " ذَبِيحَة الْمُسْلِم حَلَال ذَكَرَ اِسْم اللَّه أَوْ لَمْ يَذْكُر " قُلْت : الصَّلْت يُقَال لَهُ السَّدُوسِيّ وَذَكَرَهُ اِبْن حِبَّان فِي الثِّقَات , وَهُوَ مُرْسَل جَيِّد , وَحَدِيث أَبِي هُرَيْرَة فِيهِ مَرْوَان بْن سَالِم وَهُوَ مَتْرُوك , لَكِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ اِبْن عَبَّاس كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّل " بَاب التَّسْمِيَة عَلَى الذَّبِيحَة " وَاخْتُلِفَ فِي رَفْعه وَوَقْفه , فَإِذَا اِنْضَمَّ إِلَى الْمُرْسَل الْمَذْكُور قَوِيَ , أَمَّا كَوْنه يَبْلُغ دَرَجَة الصِّحَّة فَلَا.
وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ حَفْصٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ قَوْمًا قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَا بِاللَّحْمِ لَا نَدْرِي أَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا فَقَالَ سَمُّوا عَلَيْهِ أَنْتُمْ وَكُلُوهُ قَالَتْ وَكَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِالْكُفْرِ تَابَعَهُ عَلِيٌّ عَنْ الدَّرَاوَرْدِيِّ وَتَابَعَهُ أَبُو خَالِدٍ وَالطُّفَاوِيُّ
عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: «كنا محاصرين قصر خيبر فرمى إنسان بجراب فيه شحم، فنزوت لآخذه فالتفت، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم فاستحييت منه»...
عن رافع بن خديج قال: «قلت: يا رسول الله، إنا لاقو العدو غدا وليست معنا مدى، فقال: اعجل أو أرن ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكل، ليس السن والظفر، وسأحدث...
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: «نحرنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فرسا فأكلناه.»
عن أسماء قالت: «ذبحنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا ونحن بالمدينة فأكلناه.»
عن أسماء بنت أبي بكر قالت: «نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا فأكلناه» تابعه وكيع وابن عيينة عن هشام في النحر.<br>
عن هشام بن زيد قال: «دخلت مع أنس على الحكم بن أيوب، فرأى غلمانا أو فتيانا نصبوا دجاجة يرمونها، فقال أنس: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تصبر البهائم...
عن ابن عمر رضي الله عنهما، «أنه دخل على يحيى بن سعيد، وغلام من بني يحيى رابط دجاجة يرميها، فمشى إليها ابن عمر حتى حلها، ثم أقبل بها وبالغلام معه، فقا...
عن سعيد بن جبير قال: «كنت عند ابن عمر فمروا بفتية أو بنفر نصبوا دجاجة يرمونها، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا عنها، وقال ابن عمر: من فعل هذا؟ إن النبي صلى...
عن عبد الله بن يزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «نهى عن النهبة والمثلة.»