5549-
عن أنس بن مالك قال: «قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر: من كان ذبح قبل الصلاة فليعد.
فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن هذا يوم يشتهى فيه اللحم وذكر جيرانه، وعندي جذعة خير من شاتي لحم، فرخص له في ذلك فلا أدري أبلغت الرخصة من سواه أم لا، ثم انكفأ النبي صلى الله عليه وسلم إلى كبشين فذبحهما، وقام الناس إلى غنيمة فتوزعوها، أو قال: فتجزعوها.»
(غنيمة) غنم قليلة (فتجزعوها) من الجزع وهو القطع والمراد اقتسموها حصصا قبل الذبح
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا صَدَقَة ) هُوَ اِبْن الْفَضْل , وَابْن عُلَيَّة هُوَ إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن مِقْسَم.
قَوْله ( فَقَامَ رَجُل ) هُوَ أَبُو بُرْدَة بْن نِيَار كَمَا فِي حَدِيث الْبَرَاءِ.
قَوْله ( إِنَّ هَذَا يَوْم يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْم ) فِي رِوَايَة دَاوُدَ بْن أَبِي هِنْد الشَّعْبِيّ عِنْد مُسْلِم " فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه , إِنَّ هَذَا يَوْم اللَّحْم فِيهِ مَكْرُوه " وَفِي لَفْظ لَهُ " مَقْرُوم " وَهُوَ بِسُكُونِ الْقَاف , قَالَ عِيَاض رُوِّينَاهُ فِي مُسْلِم مِنْ طَرِيق الْفَارِسِيّ وَالسِّجْزِيّ " مَكْرُوه " وَمِنْ طَرِيق الْعُذْرِيّ " مَقْرُوم " وَقَدْ صَوَّبَ بَعْضهمْ هَذِهِ الرِّوَايَة الثَّانِيَة وَقَالَ مَعْنَاهُ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْم يُقَال قَرَمْت إِلَى اللَّحْم وَقَرَمْته إِذَا اِشْتَهَيْته فَهُوَ مُوَافِق لِلرِّوَايَةِ الْأُخْرَى " إِنَّ هَذَا يَوْم يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْم " قَالَ عِيَاض : وَقَالَ بَعْض شُيُوخنَا صَوَاب الرِّوَايَة " اللَّحْم فِيهِ مَكْرُوه " بِفَتْحِ الْحَاء وَهُوَ اِشْتِهَاء اللَّحْم وَالْمَعْنَى تَرْك الذَّبْح وَالتَّضْحِيَة وَإِبْقَاء أَهْله فِيهِ بِلَا لَحْم حَتَّى يَشْتَهُوهُ مَكْرُوه , قَالَ وَقَالَ لِي الْأُسْتَاذ أَبُو عَبْد اللَّه بْن سُلَيْمَان مَعْنَاهُ ذَبْح مَا لَا يُجْزِئ فِي الْأُضْحِيَّة مِمَّا هُوَ لَحْم ا ه , وَبَالَغَ اِبْن الْعَرَبِيّ فَقَالَ : الرِّوَايَة بِسُكُونِ الْحَاء هُنَا غَلَط وَإِنَّمَا هُوَ اللَّحْم بِالتَّحْرِيكِ , يُقَال لَحِمَ الرَّجُل بِكَسْرِ الْحَاء يَلْحَم بِفَتْحِهَا إِذَا كَانَ يَشْتَهِي اللَّحْم , وَأَمَّا الْقُرْطُبِيّ فِي " الْمُفْهِم " فَقَالَ تَكَلَّفَ بَعْضهمْ مَا لَا يَصِحّ رِوَايَة أَنَّ اللَّحْم بِالتَّحْرِيكِ وَلَا مَعْنَى وَهُوَ قَوْل الْآخَر مَعْنَى الْمَكْرُوه أَنَّهُ مُخَالِف لِلسُّنَّةِ قَالَ وَهُوَ كَلَام مَنْ لَمْ يَتَأَمَّل سِيَاق الْحَدِيث فَإِنَّ هَذَا التَّأْوِيل لَا يُلَائِمهُ , إِذْ لَا يَسْتَقِيم أَنْ يَقُول إِنَّ هَذَا الْيَوْم اللَّحْم فِيهِ مُخَالِف لِلسُّنَّةِ وَإِنِّي عَجِلْت لِأُطْعِم أَهْلِي , قَالَ : وَأَقْرَب مَا يُتَكَلَّف لِهَذِهِ الرِّوَايَة أَنَّ مَعْنَاهُ اللَّحْم فِيهِ مَكْرُوه التَّأْخِير فَحُذِفَ لَفْظ التَّأْخِير لِدَلَالَةِ قَوْله عَجِلْت.
وَقَالَ النَّوَوِيّ : ذَكَرَ الْحَافِظ أَبُو مُوسَى أَنَّ مَعْنَاهُ هَذَا يَوْم طَلَب اللَّحْم فِيهِ مَكْرُوه شَاقّ قَالَ : وَهُوَ مَعْنًى حَسَن قُلْت : يَعْنِي طَلَبه مِنْ النَّاس كَالصَّدِيقِ وَالْجَار , فَاخْتَارَ هُوَ أَنْ لَا يَحْتَاج أَهْله إِلَى ذَلِكَ فَأَغْنَاهُمْ بِمَا ذَبَحَهُ عَنْ الطَّلَب.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة مَنْصُور عَنْ الشَّعْبِيّ كَمَا مَضَى فِي الْعِيدَيْنِ " وَعَرَفْت أَنَّ الْيَوْم يَوْم أَكْل وَشُرْب , فَأَحْبَبْت أَنْ تَكُون شَاتِي أَوَّل مَا يُذْبَح فِي بَيْتِي " وَيَظْهَر لِي أَنَّ بِهَذِهِ الرِّوَايَة يَحْصُل الْجَمْع بَيْن الرِّوَايَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ , وَأَنَّ وَصْفه اللَّحْم بِكَوْنِهِ مُشْتَهًى وَبِكَوْنِهِ مَكْرُوهًا لَا تَنَاقُض فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارَيْنِ : فَمِنْ حَيْثُ إِنَّ الْعَادَة جَرَتْ فِيهِ بِالذَّبَائِحِ فَالنَّفْس تَتَشَوَّق لَهُ يَكُون مُشْتَهًى , وَمِنْ حَيْثُ تَوَارُد الْجَمِيع عَلَيْهِ حَتَّى يَكْثُر يَصِير مُمَوَّلًا فَأُطْلِقَتْ عَلَيْهِ الْكَرَاهَة لِذَلِكَ , فَحَيْثُ وَصَفَهُ بِكَوْنِهِ مُشْتَهًى أَرَادَ اِبْتِدَاء حَاله , وَحَيْثُ وَصَفَهُ بِكَوْنِهِ مَكْرُوهًا أَرَادَ اِنْتِهَاءَهُ , وَمِنْ ثَمَّ اِسْتَعْجَلَ بِالذَّبْحِ لِيَفُوزَ بِتَحْصِيلِ الصِّفَة الْأُولَى عِنْد أَهْله وَجِيرَانه.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة فِرَاس عَنْ الشَّعْبِيّ عِنْد مُسْلِم " فَقَالَ خَالِي : يَا رَسُول اللَّه قَدْ نَكَّسْت عَنْ اِبْن لِي " وَقَدْ اِسْتَشْكَلَ هَذَا , وَظَهَرَ لِي أَنَّ مُرَاده أَنَّهُ ضَحَّى لِأَجْلِهِ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ فِي أَهْله وَجِيرَانه , فَخَصَّ وَلَده بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ أَخَصُّ بِذَلِكَ عِنْده حَتَّى يَسْتَغْنِي وَلَده بِمَا عِنْده عَنْ التَّشَوُّف إِلَى مَا عِنْد غَيْره.
قَوْله : ( وَذَكَرَ جِيرَانه ) فِي رِوَايَة عَاصِم عِنْد مُسْلِم وَإِنِّي عَجَّلْت فِيهِ نَسِيكَتِي لِأُطْعِم أَهْلِي وَجِيرَانِي وَأَهْل دَارِي.
قَوْله : ( فَلَا أَدْرِي أَبَلَغَتْ الرُّخْصَة مَنْ سِوَاهُ أَمْ لَا ) قَدْ وَقَعَ فِي حَدِيث الْبَرَاء اِخْتِصَاصه بِذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي بَعْد أَبْوَاب , وَيَأْتِي الْبَحْث فِيهِ , كَأَنَّ أَنَسًا لَمْ يَسْمَع ذَلِكَ , وَقَدْ رَوَى اِبْن عَوْن عَنْ الشَّعْبِيّ حَدِيث الْبَرَاء وَعَنْ اِبْن سِيرِينَ حَدِيث أَنَس فَكَانَ إِذَا حَدَّثَ حَدِيث الْبَرَاء يَقِف عِنْد قَوْله " وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَد بَعْدك " وَيُحَدِّث بِقَوْلِ أَنَس " لَا أَدْرِي أَبَلَغَتْ الرُّخْصَة غَيْره أَمْ لَا " وَلَعَلَّهُ اِسْتَشْكَلَ الْخُصُوصِيَّة بِذَلِكَ لِمَا جَاءَ مِنْ ثُبُوت ذَلِكَ لِغَيْرِ أَبِي بُرْدَة كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه قَرِيبًا.
قَوْله : ( ثُمَّ اِنْكَفَأَ ) مَهْمُوز أَيْ مَالَ يُقَال كَفَأْت الْإِنَاء إِذَا أَمَلْته , وَالْمُرَاد أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ مَكَان الْخُطْبَة إِلَى مَكَان الذَّبْح.
قَوْله : ( وَقَامَ النَّاس ) كَذَا هُنَا , وَفِي الرِّوَايَة الْآتِيَة فِي " بَاب مَنْ ذَبَحَ قَبْل الصَّلَاة أَعَادَ " فَتَمَسَّكَ بِهِ اِبْن التِّين فِي أَنَّ مَنْ ذَبَحَ قَبْل الْإِمَام لَا يُجْزِئهُ , وَسَيَأْتِي الْبَحْث فِيهِ.
قَوْله : ( إِلَى غَنِيمَة ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَة وَنُون مُصَغَّر ( فَتَوَزَّعُوهَا أَوْ قَالَ فَتَجَزَّعُوهَا ) شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي , وَالْأَوَّل بِالزَّايِ مِنْ التَّوْزِيع وَهُوَ التَّفْرِقَة أَيْ تَفَرَّقُوهَا , وَالثَّانِي بِالْجِيمِ وَالزَّاي أَيْضًا مِنْ الْجَزْع وَهُوَ الْقَطْع أَيْ اِقْتَسَمُوهَا حِصَصًا , وَلَيْسَ الْمُرَاد أَنَّهُمْ اِقْتَسَمُوهَا بَعْد الذَّبْح فَأَخَذَ كُلّ وَاحِد قِطْعَة مِنْ اللَّحْم وَإِنَّمَا الْمُرَاد أَخْذ حِصَّة مِنْ الْغَنَم , وَالْقِطْعَة تُطْلَق عَلَى الْحِصَّة مِنْ كُلّ شَيْء , فَبِهَذَا التَّقْرِير يَكُون الْمَعْنَى وَاحِدًا وَإِنْ كَانَ ظَاهِره فِي الْأَصْل الِاخْتِلَاف.
حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَوْمَ النَّحْرِ مَنْ كَانَ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيُعِدْ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ وَذَكَرَ جِيرَانَهُ وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَلَا أَدْرِي بَلَغَتْ الرُّخْصَةُ مَنْ سِوَاهُ أَمْ لَا ثُمَّ انْكَفَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كَبْشَيْنِ فَذَبَحَهُمَا وَقَامَ النَّاسُ إِلَى غُنَيْمَةٍ فَتَوَزَّعُوهَا أَوْ قَالَ فَتَجَزَّعُوهَا
عن أبي بكرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض: السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حر...
عن نافع قال: «كان عبد الله ينحر في المنحر» قال عبيد الله: يعني: منحر النبي صلى الله عليه وسلم.<br>
عن نافع: أن ابن عمر رضي الله عنهما أخبره قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذبح وينحر بالمصلى.»
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بكبشين وأنا أضحي بكبشين.»
عن أنس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انكفأ إلى كبشين أقرنين أملحين فذبحهما بيده» تابعه وهيب عن أيوب وقال إسماعيل وحاتم بن وردان عن أيوب عن ابن سير...
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، «أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه غنما يقسمها على صحابته ضحايا، فبقي عتود فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ضح أنت...
عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: «ضحى خال لي يقال له أبو بردة قبل الصلاة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: شاتك شاة لحم.<br> فقال: يا رسول...
عن البراء قال: «ذبح أبو بردة قبل الصلاة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أبدلها.<br> قال: ليس عندي إلا جذعة قال شعبة: وأحسبه قال هي خير من مسنة، قال...
عن أنس قال: «ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين فرأيته واضعا قدمه على صفاحهما يسمي ويكبر، فذبحهما بيده.»