5563-
عن البراء قال: «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال: من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا فلا يذبح حتى ينصرف.
فقام أبو بردة بن نيار، فقال: يا رسول الله، فعلت، فقال: هو شيء عجلته.
قال: فإن عندي جذعة هي خير من مسنتين، آذبحها؟ قال: نعم، ثم لا تجزي عن أحد بعدك».
قال عامر: هي خير نسيكته.
(خير نسيكتيه) أي الجذعة التي قال عنها هي خير ذبيحتيه أي أحسن من الذبيحة الأولى لحما وغيره
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
حَدِيث الْبَرَاء , أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيق فِرَاس بْن يَحْيَى عَنْ الشَّعْبِيّ , وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثه قَرِيبًا.
قَوْله : ( مَنْ صَلَّى صَلَاتنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتنَا ) الْمُرَاد مَنْ كَانَ عَلَى دِين الْإِسْلَام.
قَوْله : ( فَلَا يَذْبَح ) أَيْ الْأُضْحِيَّة ( حَتَّى يَنْصَرِف ) تَمَسَّكَ بِهِ الشَّافِعِيَّة فِي أَنَّ أَوَّل وَقْت الْأُضْحِيَّة قَدْر فَرَاغ الصَّلَاة وَالْخُطْبَة , وَإِنَّمَا شَرَطُوا فَرَاغ الْخَطِيب لِأَنَّ الْخُطْبَتَيْنِ مَقْصُودَتَانِ مَعَ الصَّلَاة فِي هَذِهِ الْعِبَادَة , فَيُعْتَبَر مِقْدَار الصَّلَاة وَالْخُطْبَتَيْنِ عَلَى أَخَفّ مَا يَجْزِي بَعْد طُلُوع الشَّمْس , فَإِذَا ذَبَحَ بَعْد ذَلِكَ أَجْزَأَهُ الذَّبْح عَنْ الْأُضْحِيَّة , سَوَاء صَلَّى الْعِيد أَمْ لَا , وَسَوَاء ذَبَحَ الْإِمَام أُضْحِيَّته أَمْ لَا , وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ أَهْل الْمِصْر وَالْحَاضِر وَالْبَادِي وَنَقَلَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ مَالِك وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيّ : لَا تَجُوز أُضْحِيَّة قَبْل أَنْ يَذْبَح الْإِمَام , وَهُوَ مَعْرُوف عَنْ مَالِك وَالْأَوْزَاعِيِّ لَا الشَّافِعِيّ , قَالَ الْقُرْطُبِيّ : ظَوَاهِر الْأَحَادِيث تَدُلّ عَلَى تَعْلِيق الذَّبْح بِالصَّلَاةِ , لَكِنْ لَمَّا رَأَى الشَّافِعِيّ أَنَّ مَنْ لَا صَلَاة عِيد عَلَيْهِ مُخَاطَب بِالتَّضْحِيَةِ حَمَلَ الصَّلَاة عَلَى وَقْتهَا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَاللَّيْث : لَا ذَبْح قَبْل الصَّلَاة , وَيَجُوز بَعْدهَا وَلَوْ لَمْ يَذْبَح الْإِمَام , وَهُوَ خَالِص بِأَهْلِ الْمِصْر , فَأَمَّا أَهْل الْقُرَى وَالْبَوَادِي فَيَدْخُل وَقْت الْأُضْحِيَّة فِي حَقّهمْ إِذَا طَلَعَ الْفَجْر الثَّانِي.
وَقَالَ مَالِك : يَذْبَحُونَ إِذَا نَحَرَ أَقْرَب أَئِمَّة الْقُرَى إِلَيْهِمْ , فَإِنْ نَحَرُوا قَبْل أَجْزَأَهُمْ.
وَقَالَ عَطَاء وَرَبِيعَة : يَذْبَح أَهْل الْقُرَى بَعْد طُلُوع الشَّمْس.
وَقَالَ أَحْمَد وَإِسْحَاق : إِذَا فَرَغَ الْإِمَام مِنْ الصَّلَاة جَازَتْ الْأُضْحِيَّة , وَهُوَ وَجْه لِلشَّافِعِيَّةِ قَوِيّ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيل وَإِنْ ضَعَّفَهُ بَعْضهمْ , وَمِثْله قَوْل الثَّوْرِيّ : يَجُوز بَعْد صَلَاة الْإِمَام قَبْل خُطْبَته وَفِي أَثْنَائِهَا , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون قَوْله " حَتَّى يَنْصَرِف " أَيْ مِنْ الصَّلَاة , كَمَا فِي الرِّوَايَات الْأُخَر.
وَأَصْرَح مِنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ عِنْد أَحْمَد مِنْ طَرِيق يَزِيد بْن الْبَرَاء عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ " إِنَّمَا الذَّبْح بَعْد الصَّلَاة " وَوَقَعَ فِي حَدِيث جُنْدُب عِنْد مُسْلِم " مَنْ ذَبَحَ قَبْل أَنْ يُصَلِّي فَلْيَذْبَح مَكَانهَا أُخْرَى " قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : هَذَا اللَّفْظ أَظْهَر فِي اِعْتِبَار فِعْل الصَّلَاة مِنْ حَدِيث الْبَرَاء , أَيْ حَيْثُ جَاءَ فِيهِ " مَنْ ذَبَحَ قَبْل الصَّلَاة " قَالَ : لَكِنْ إِنْ أَجْرَيْنَاهُ عَلَى ظَاهِره اِقْتَضَى أَنْ لَا تُجْزِئ الْأُضْحِيَّة فِي حَقّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ الْعِيد , فَإِنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ أَحَد فَهُوَ أَسْعَد النَّاس بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيث , وَإِلَّا وَجَبَ الْخُرُوج عَنْ الظَّاهِر فِي هَذِهِ الصُّورَة وَيَبْقَى مَا عَدَاهَا فِي مَحِلّ الْبَحْث.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي صَحِيح مُسْلِم فِي رِوَايَة أُخْرَى " قَبْل أَنْ يُصَلِّي أَوْ نُصَلِّي " بِالشَّكِّ قَالَ النَّوَوِيّ : الْأُولَى بِالْيَاءِ وَالثَّانِيَة بِالنُّونِ , وَهُوَ شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي , فَعَلَى هَذَا إِذَا كَانَ بِلَفْظِ " يُصَلِّي " سَاوَى لَفْظ حَدِيث الْبَرَاء فِي تَعْلِيق الْحُكْم بِفِعْلِ الصَّلَاة.
قُلْت : وَقَدْ وَقَعَ عِنْد الْبُخَارِيّ فِي حَدِيث جُنْدُب فِي الذَّبَائِح بِمِثْلِ لَفْظ الْبَرَاء , وَهُوَ خِلَاف مَا يُوهِمهُ سِيَاق صَاحِب الْعُمْدَة , فَإِنَّهُ سَاقَهُ عَلَى لَفْظ مُسْلِم , وَهُوَ ظَاهِر فِي اِعْتِبَار فِعْل الصَّلَاة , فَإِنَّ إِطْلَاق لَفْظ الصَّلَاة وَإِرَادَة وَقْتهَا خِلَاف الظَّاهِر , وَأَظْهَر مِنْ ذَلِكَ قَوْله " قَبْل أَنْ نُصَلِّي " بِالنُّونِ , وَكَذَا قَوْله " قَبْل أَنْ نَنْصَرِف " سَوَاء قُلْنَا مِنْ الصَّلَاة أَمْ مِنْ الْخُطْبَة.
وَادَّعَى بَعْض الشَّافِعِيَّة أَنَّ مَعْنَى قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ ذَبَحَ قَبْل أَنْ يُصَلِّي فَلْيَذْبَحْ مَكَانهَا أُخْرَى " أَيْ بَعْد أَنْ يَتَوَجَّه مِنْ مَكَان هَذَا الْقَوْل , لِأَنَّهُ خَاطَبَ بِذَلِكَ مَنْ حَضَرَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ : مَنْ ذَبَحَ قَبْل فِعْل هَذَا مِنْ الصَّلَاة وَالْخُطْبَة فَلْيَذْبَحْ أُخْرَى , أَيْ لَا يَعْتَدّ بِمَا ذَبَحَهُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ.
وَأَوْرَدَ الطَّحَاوِيُّ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيث اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْر عَنْ جَابِر بِلَفْظِ " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْم النَّحْر بِالْمَدِينَةِ , فَتَقَدَّمَ رِجَال فَنَحَرُوا وَظَنُّوا أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَحَرَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُعِيدُوا " قَالَ وَرَوَاهُ حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ أَبِي الزُّبَيْر عَنْ جَابِر بِلَفْظِ " أَنَّ رَجُلًا ذَبَحَ قَبْل أَنْ يُصَلِّي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَهَى أَنْ يَذْبَح أَحَد قَبْل الصَّلَاة " وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان.
وَيَشْهَد لِذَلِكَ قَوْله فِي حَدِيث الْبَرَاء " إِنَّ أَوَّل مَا نَصْنَع أَنْ نَبْدَأ بِالصَّلَاةِ , ثُمَّ نَرْجِع فَنَنْحَر " فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ وَقْت الذَّبْح يَدْخُل بَعْد فِعْل الصَّلَاة , وَلَا يُشْتَرَط التَّأْخِير إِلَى نَحْر الْإِمَام.
وَيُؤَيِّدهُ - مِنْ طَرِيق النَّظَر - أَنَّ الْإِمَام لَوْ لَمْ يَنْحَر لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُسْقِطًا عَنْ النَّاس مَشْرُوعِيَّة النَّحْر , وَلَوْ أَنَّ الْإِمَام نَحَرَ قَبْل أَنْ يُصَلِّي لَمْ يُجْزِئهُ نَحْره , فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ وَالنَّاس فِي وَقْت الْأُضْحِيَّة سَوَاء.
وَقَالَ الْمُهَلَّب : إِنَّمَا كُرِهَ الذَّبْح قَبْل الْإِمَام لِئَلَّا يَشْتَغِل النَّاس بِالذَّبْحِ عَنْ الصَّلَاة.
قَوْله : ( فَقَامَ أَبُو بُرْدَة بْن نِيَار فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه فَعَلْت ) أَيْ ذَبَحْت قَبْل الصَّلَاة.
وَوَقَعَ عِنْد مُسْلِم مِنْ هَذَا الْوَجْه " نَسَكْت عَنْ اِبْن لِي " وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهه.
قَوْله : ( هِيَ خَيْر مِنْ مُسِنَّتَيْنِ ) كَذَا وَقَعَ هُنَا بِالتَّثْنِيَةِ , وَهِيَ مُبَالَغَة.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة غَيْره " مِنْ مُسِنَّة " بِالْإِفْرَادِ وَتَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ أَيْضًا.
قَوْله : ( قَالَ عَامِر هِيَ خَيْر نَسِيكَتَيْهِ ) كَذَا فِيهِ بِالتَّثْنِيَةِ , وَفِيهِ ضَمّ الْحَقِيقَة إِلَى الْمَجَاز بِلَفْظٍ وَاحِد , فَإِنَّ النَّسِيكَة , هِيَ الَّتِي أَجْزَأَتْ عَنْهُ وَهِيَ الثَّانِيَة , وَالْأُولَى لَمْ تُجْزِ عَنْهُ , لَكِنْ أَطْلَقَ عَلَيْهَا نَسِيكَة لِأَنَّهُ نَحَرَهَا عَلَى أَنَّهَا نَسِيكَة أَوْ نَحَرَهَا فِي وَقْت النَّسِيكَة , وَإِنَّمَا كَانَتْ خَيْرهمَا لِأَنَّهَا أَجْزَأَتْ عَنْ الْأُضْحِيَّة بِخِلَافِ الْأُولَى , وَفِي الْأُولَى خَيْر فِي الْجُمْلَة بِاعْتِبَارِ الْقَصْد الْجَمِيل , وَوَقَعَ عِنْد مُسْلِم مِنْ هَذَا الْوَجْه " قَالَ ضَحِّ بِهَا فَإِنَّهَا خَيْر نَسِيكَة " وَنَقَلَ اِبْن التِّين عَنْ الشَّيْخ أَبِي الْحَسَن يَعْنِي اِبْن الْقَصَّار أَنَّهُ اِسْتَدَلَّ بِتَسْمِيَتِهَا نَسِيكَة عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوز بَيْعهَا وَلَوْ ذُبِحَتْ قَبْل الصَّلَاة , وَلَا يَخْفَى وَجْه الضَّعْف عَلَيْهِ.
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا فَلَا يَذْبَحْ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَعَلْتُ فَقَالَ هُوَ شَيْءٌ عَجَّلْتَهُ قَالَ فَإِنَّ عِنْدِي جَذَعَةً هِيَ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّتَيْنِ آذْبَحُهَا قَالَ نَعَمْ ثُمَّ لَا تَجْزِي عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ قَالَ عَامِرٌ هِيَ خَيْرُ نَسِيكَتَيْهِ
عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يضحي بكبشين أملحين أقرنين ووضع رجله على صفحتهما ويذبحهما بيده.»
عن أنس قال: «ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما.»
عن مسروق: «أنه أتى عائشة، فقال لها: يا أم المؤمنين، إن رجلا يبعث بالهدي إلى الكعبة، ويجلس في المصر فيوصي أن تقلد بدنته، فلا يزال من ذلك اليوم محرما ح...
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «كنا نتزود لحوم الأضاحي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة» وقال غير مرة لحوم الهدي.<br>
عن أبي سعيد يحدث «أنه كان غائبا فقدم فقدم إليه لحم، قال: وهذا من لحم ضحايانا، فقال: أخروه لا أذوقه قال: ثم قمت فخرجت حتى آتي أخي أبا قتادة، وكان أخاه...
عن سلمة بن الأكوع قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وفي بيته منه شيء، فلما كان العام المقبل قالوا: يا رسول الله، نف...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «الضحية كنا نملح منه فنقدم به إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فقال: لا تأكلوا إلا ثلاثة أيام».<br> وليست بعزيمة،...
عن الزهري قال: حدثني أبو عبيد مولى ابن أزهر «أنه شهد العيد يوم الأضحى مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فصلى قبل الخطبة،» ثم خطب الناس، فقال: يا أيها ا...
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلوا من الأضاحي ثلاثا، وكان عبد الله يأكل بالزيت حين ينفر من منى من أجل لحوم ال...