5640- عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها.»
أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن.
.
رقم 2572
(كفر الله بها عنه) محي بسببها من ذنوبه
(يشاكها) يصاب بها جسده
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( مَا مِنْ مُصِيبَة ) أَصْل الْمُصِيبَة الرَّمْيَة بِالسَّهْمِ ثُمَّ اِسْتُعْمِلَتْ فِي كُلّ نَازِلَة.
وَقَالَ الرَّاغِب : أَصَابَ يُسْتَعْمَل فِي الْخَيْر وَالشَّرّ.
قَالَ اللَّه تَعَالَى : ( إِنْ تُصِبْك حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْك مُصِيبَةٌ ) الْآيَة قَالَ : وَقِيلَ : الْإِصَابَة فِي الْخَيْر مَأْخُوذَة مِنْ الصَّوْب وَهُوَ الْمَطَر الَّذِي يَنْزِل بِقَدْرِ الْحَاجَة مِنْ غَيْر ضَرَر , وَفِي الشَّرّ مَأْخُوذَة مِنْ إِصَابَة السَّهْم.
وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ : الْمُصِيبَة فِي اللُّغَة مَا يَنْزِل بِالْإِنْسَانِ مُطْلَقًا , وَفِي الْعُرْف مَا نَزَلَ بِهِ مِنْ مَكْرُوه خَاصَّة , وَهُوَ الْمُرَاد هُنَا.
قَوْله : ( تُصِيب الْمُسْلِم ) فِي رِوَايَة مُسْلِم مِنْ طَرِيق مَالِك وَيُونُس جَمِيعًا عَنْ الزُّهْرِيّ " مَا مِنْ مُصِيبَة يُصَاب بِهَا الْمُسْلِم " وَلِأَحْمَد مِنْ طَرِيق عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر بِهَذَا السَّنَد " مَا مِنْ وَجَع أَوْ مَرَض يُصِيب الْمُؤْمِن " وَلِابْنِ حِبَّان مِنْ طَرِيق اِبْن أَبِي السَّرِيّ عَنْ عَبْد الرَّزَّاق " مَا مِنْ مُسْلِم يُشَاك شَوْكَة فَمَا فَوْقهَا " وَنَحْوه لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ.
قَوْله : ( حَتَّى الشَّوْكَة ) جَوَّزُوا فِيهِ الْحَرَكَات الثَّلَاث , فَالْجَرّ بِمَعْنَى الْغَايَة أَيْ حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى الشَّوْكَة أَوْ عَطْفًا عَلَى لَفْظ مُصِيبَة , وَالنَّصْب بِتَقْدِيرِ عَامِل أَيْ حَتَّى وَجَدَ أَنَّهُ الشَّوْكَة , وَالرَّفْع عَطْفًا عَلَى الضَّمِير فِي تُصِيب.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : قَيَّدَهُ الْمُحَقِّقُونَ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْب , فَالرَّفْع عَلَى الِابْتِدَاء وَلَا يَجُوز عَلَى الْمَحَلّ.
كَذَا قَالَ , وَوَجَّهَهُ غَيْره بِأَنَّهُ يَسُوغ عَلَى تَقْدِير أَنَّ " مِنْ " زَائِدَة.
قَوْله : ( يُشَاكُهَا ) بِضَمِّ أَوَّله أَيْ يَشُوكهُ غَيْره بِهَا , وَفِيهِ وَصْل الْفِعْل لِأَنَّ الْأَصْل يُشَاك بِهَا.
وَقَالَ اِبْن التِّين : حَقِيقَة هَذَا اللَّفْظ - يَعْنِي قَوْله : يُشَاكُهَا - أَنْ يُدْخِلهَا غَيْره.
قُلْت : وَلَا يَلْزَم مِنْ كَوْنه الْحَقِيقَة أَنْ لَا يُرَاد مَا هُوَ أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَدْخُل مَا إِذَا دَخَلْت هِيَ بِغَيْرِ إِدْخَال أَحَد.
وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة هِشَام بْن عُرْوَة عِنْد مُسْلِم " لَا يُصِيب الْمُؤْمِن شَوْكَة " فَإِضَافَة الْفِعْل إِلَيْهَا هُوَ الْحَقِيقَة , وَيَحْتَمِل إِرَادَة الْمَعْنَى الْأَعَمّ , وَهِيَ أَنْ تَدْخُل بِغَيْرِ فِعْل أَحَد أَوْ بِفِعْلِ أَحَد.
فَمَنْ لَا يَمْنَع الْجَمْع بَيْن إِرَادَة الْحَقِيقَة وَالْمَجَاز بِاللَّفْظِ الْوَاحِد يُجَوِّز مِثْل هَذَا , وَيُشَاكُهَا ضُبِطَ بِضَمِّ أَوَّله وَوَقَعَ فِي نُسْخَة الصَّغَانِيّ بِفَتْحِهِ , وَنَسَبَهَا بَعْض شُرَّاح الْمَصَابِيح لِصِحَاحِ الْجَوْهَرِيّ , لَكِنْ الْجَوْهَرِيّ إِنَّمَا ضَبَطَهَا لِمَعْنًى آخَر فَقَدَّمَ لَفْظ " يُشَاك " بِضَمِّ أَوَّله ثُمَّ قَالَ : وَالشَّوْكَة حِدَّة النَّاس وَحِدَّة السِّلَاح , وَقَدْ شَاكَ الرَّجُل يُشَاك شَوْكًا إِذَا ظَهَرَتْ فِيهِ شَوْكَته وَقَوِيَتْ.
قَوْله : ( إِلَّا كَفَّرَ اللَّه بِهَا عَنْهُ ) فِي رِوَايَة أَحْمَد " إِلَّا كَانَ كَفَّارَة لِذَنْبِهِ " أَيْ يَكُون ذَلِكَ عُقُوبَة بِسَبَبِ مَا كَانَ صَدَرَ مِنْهُ مِنْ الْمَعْصِيَة , وَيَكُون ذَلِكَ سَبَبًا لِمَغْفِرَةِ ذَنْبه.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن حِبَّان الْمَذْكُورَة " إِلَّا رَفَعَهُ اللَّه بِهَا دَرَجَة , وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَة ".
وَمِثْله لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق الْأَسْوَد عَنْ عَائِشَة , وَهَذَا يَقْتَضِي حُصُول الْأَمْرَيْنِ مَعًا : حُصُول الثَّوَاب , وَرَفْع الْعِقَاب.
وَشَاهِده مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي " الْأَوْسَط " مِنْ وَجْه آخَر عَنْ عَائِشَة بِلَفْظِ " مَا ضُرِبَ عَلَى مُؤْمِن عِرْق قَطُّ إِلَّا حَطَّ اللَّه بِهِ عَنْهُ خَطِيئَة , وَكَتَبَ لَهُ حَسَنَة , وَرَفَعَ لَهُ دَرَجَة " وَسَنَده جَيِّد.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم أَيْضًا مِنْ طَرِيق عَمْرَة عَنْهَا " إِلَّا كَتَبَ اللَّه لَهُ بِهَا حَسَنَة , أَوْ حَطَّ بِهَا خَطِيئَة " كَذَا وَقَعَ فِيهِ بِلَفْظِ " أَوْ " فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون شَكًّا مِنْ الرَّاوِي , وَيَحْتَمِل التَّنْوِيع , وَهَذَا أَوْجَه , وَيَكُون الْمَعْنَى : إِلَّا كَتَبَ اللَّه لَهُ بِهَا حَسَنَة إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ خَطَايَا , أَوْ حَطَّ عَنْهُ خَطَايَا إِنْ كَانَ لَهُ خَطَايَا.
وَعَلَى هَذَا فَمُقْتَضَى الْأَوَّل أَنَّ مَنْ لَيْسَتْ عَلَيْهِ خَطِيئَة يُزَاد فِي رَفْع دَرَجَته بِقَدْرِ ذَلِكَ , وَالْفَضْل وَاسِع.
( تَنْبِيه ) : وَقَعَ لِهَذَا الْحَدِيث سَبَب أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَصَحَّحَهُ أَبُو عَوَانَة وَالْحَاكِم مِنْ طَرِيق عَبْد الرَّحْمَن بْن شَيْبَة الْعَبْدَرِيّ " أَنَّ عَائِشَة أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَقَهُ وَجَع , فَجَعَلَ يَتَقَلَّب عَلَى فِرَاشه وَيَشْتَكِي , فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَة : لَوْ صَنَعَ هَذَا بَعْضنَا لَوَجَدْت عَلَيْهِ , فَقَالَ : إِنَّ الصَّالِحِينَ يُشَدَّد عَلَيْهِمْ , وَإِنَّهُ لَا يُصِيب الْمُؤْمِن نَكْبَة شَوْكَة " الْحَدِيث , وَفِي هَذَا الْحَدِيث تَعَقُّب عَلَى الشَّيْخ عِزّ الدِّين بْن عَبْد السَّلَام حَيْثُ قَالَ : ظَنَّ بَعْض الْجَهَلَة أَنَّ الْمُصَاب مَأْجُور , وَهُوَ خَطَأ صَرِيح , فَإِنَّ الثَّوَاب وَالْعِقَاب إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْكَسْب , وَالْمَصَائِب لَيْسَتْ مِنْهَا , بَلْ الْأَجْر عَلَى الصَّبْر وَالرِّضَا.
وَوَجْه التَّعَقُّب أَنَّ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة صَرِيحَة فِي ثُبُوت الْأَجْر , بِمُجَرَّدِ حُصُول الْمُصِيبَة , وَأَمَّا الصَّبْر وَالرِّضَا فَقَدْر زَائِد يُمْكِن أَنْ يُثَاب عَلَيْهِمَا زِيَادَة عَلَى ثَوَاب الْمُصِيبَة , قَالَ الْقَرَافِيّ : الْمَصَائِب كَفَّارَات جَزْمًا سَوَاء اِقْتَرَنَ بِهَا الرِّضَا أَمْ لَا , لَكِنْ إِنْ اِقْتَرَنَ بِهَا الرِّضَا عَظُمَ التَّكْفِير وَإِلَّا قَلَّ , كَذَا قَالَ , وَالتَّحْقِيق أَنَّ الْمُصِيبَة كَفَّارَة لِذَنْبٍ يُوَازِيهَا , وَبِالرِّضَا يُؤْجَر عَلَى ذَلِكَ , فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُصَابِ ذَنْب عُوِّضَ عَنْ ذَلِكَ مِنْ الثَّوَاب بِمَا يُوَازِيه.
وَزَعَمَ الْقَرَافِيّ أَنَّهُ لَا يَجُوز لِأَحَدٍ أَنْ يَقُول لِلْمُصَابِ : جَعَلَ اللَّه هَذِهِ الْمُصِيبَة كَفَّارَة لِذَنْبِك , لِأَنَّ الشَّارِع قَدْ جَعَلَهَا كَفَّارَة , فَسُؤَال التَّكْفِير طَلَب لِتَحْصِيلِ الْحَاصِل , وَهُوَ إِسَاءَة أَدَب عَلَى الشَّارِع.
كَذَا قَالَ.
وَتُعُقِّبَ بِمَا وَرَدَ مِنْ جَوَاز الدُّعَاء بِمَا هُوَ وَاقِع كَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُؤَال الْوَسِيلَة لَهُ.
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْكَلَام فِيمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ شَيْء , وَأَمَّا مَا وَرَدَ فَهُوَ مَشْرُوع , لِيُثَابَ مَنْ اِمْتَثَلَ الْأَمْر فِيهِ عَلَى ذَلِكَ.
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ الْمُسْلِمَ إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا
و 5642- عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها...
عن عبد الله بن كعب، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مثل المؤمن كالخامة من الزرع تفيئها الريح مرة وتعدلها مرة، ومثل المنافق كالأرزة لا تزا...
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع من حيث أتتها الريح كفأتها، فإذا اعتدلت تكفأ بالبلاء...
عن أبي هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يصب منه.»
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما رأيت أحدا أشد عليه الوجع من رسول الله صلى الله عليه وسلم.»
عن عبد الله رضي الله عنه، «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه وهو يوعك وعكا شديدا، وقلت: إنك لتوعك وعكا شديدا، قلت: إن ذاك بأن لك أجرين؟ قال: أجل،...
عن عبد الله قال: «دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فقلت: يا رسول الله، إنك لتوعك وعكا شديدا قال: أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم، قلت:...
عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني.»
عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع: نهانا عن خاتم الذهب، ولبس الحرير، والديباج، والإستبرق،...