5666- عن القاسم بن محمد قال: «قالت عائشة: وارأساه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك، فقالت عائشة: واثكلياه، والله إني لأظنك تحب موتي، ولو كان ذاك لظللت آخر يومك معرسا ببعض أزواجك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أنا وارأساه، لقد هممت أو أردت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه، وأعهد أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون، ثم قلت: يأبى الله ويدفع المؤمنون أو يدفع الله ويأبى المؤمنون.»
(وارأساه) وا أداة نداء للندبة والهاء للسكت أي أندب رأسي لما يصيبه من وجع
(ذاك) إشارة إلى ما يستلزم المرض من الموت أي لو مت وأنا حي وقيل إنها لما ندبت رأسها ذكرت الموت فقال لها ذلك
(واثكلياه) أندب مصيبتي وأصل الثكل فقد الولد أو من يعز على الفاقد ثم أصبح يقال ولا يراد حقيقته بل صار كلاما يجري على ألسنتهم عند حصول المصيبة أو توقعها
(لظللت) لكنت وبقيت
(معرسا) من أعرس بأهله إذا بنى بها وغشيها أي جامعها
(بل.
.
) أي دعي ما أنت فيه واشتغلي بسواه مما يفيد فأنت تعيشين بعدي وأنا سابقك إلى ألم الرأس الذي يعقبه الموت
(أعهد) أوصي بالخلافة
(أن يقول القائلون) كراهة أن يقول أحد الخلافة لفلان أو لفلان
(المتمنون) للخلافة فأعينه قطعا للنزاع
(يأبى الله) من لا يستحقها
(يدفع المؤمنون) عنها من هو أقل جدارة لها
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْله : ( حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن يَحْيَى أَبُو زَكَرِيَّا ) هُوَ النَّيْسَابُورِيّ الْإِمَام الْمَشْهُور وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيّ سِوَى مَوَاضِع يَسِيرَة فِي الزَّكَاة وَالْوَكَالَة وَالتَّفْسِير وَالْأَحْلَام , وَأَكْثَرَ عَنْهُ مُسْلِم , وَيُقَال إِنَّهُ تَفَرَّدَ بِهَذَا الْإِسْنَاد وَإِنَّ أَحْمَد كَانَ يَتَمَنَّى لَوْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوج إِلَى نَيْسَابُور لِيَسْمَع مِنْهُ هَذَا الْحَدِيث , وَلَكِنْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْم فِي " الْمُسْتَخْرَج " مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ سُلَيْمَان بْن بِلَال.
قَوْله : ( وَارَأْسَاهُ ) هُوَ تَفَجُّع عَلَى الرَّأْس لِشِدَّةِ مَا وَقَعَ بِهِ مِنْ أَلَم الصُّدَاع , وَعِنْد أَحْمَد وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ طَرِيق عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عُتْبَة عَنْ عَائِشَة " رَجَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جِنَازَة مِنْ الْبَقِيع فَوَجَدَنِي وَأَنَا أَجِد صُدَاعًا فِي رَأْسِيّ وَأَنَا أَقُول : وَارَأْسَاهُ ".
قَوْله : ( ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ ) ذَاكِ بِكَسْرِ الْكَاف إِشَارَة إِلَى مَا يَسْتَلْزِم الْمَرَض مِنْ الْمَوْت , أَيْ لَوْ مُتّ وَأَنَا حَيَّ , وَيُرْشِد إِلَيْهِ جَوَاب عَائِشَة , وَقَدْ وَقَعَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي رِوَايَة عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عُتْبَة وَلَفْظه " ثُمَّ قَالَ : مَا ضَرَّك لَوْ مُتّ قَبْلِي فَكَفَّنْتُك ثُمَّ صَلَّيْت عَلَيْك وَدَفَنْتُك " وَقَوْلهَا " وَاثُكْلَيَاه " بِضَمِّ الْمُثَلَّثَة وَسُكُون الْكَاف وَفَتْح اللَّام وَبِكَسْرِهَا مَعَ التَّحْتَانِيَّة الْخَفِيفَة وَبَعْد الْأَلِف هَاء لِلنُّدْبَةِ , وَأَصْل الثَّكَل فَقْد الْوَلَد أَوْ مَنْ يَعِزّ عَلَى الْفَاقِد , وَلَيْسَتْ حَقِيقَته هُنَا مُرَادَة , بَلْ هُوَ كَلَام كَانَ يَجْرِي عَلَى أَلْسِنَتهمْ عِنْد حُصُول الْمُصِيبَة أَوْ تَوَقُّعهَا.
وَقَوْلهَا " وَاَللَّه إِنِّي لَأَظُنّك تُحِبّ مَوْتِي " كَأَنَّهَا أَخَذَتْ ذَلِكَ مِنْ قَوْله لَهَا " لَوْ مُتّ قَبْلِي " وَقَوْلهَا " وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ " فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ " ذَاكَ " بِغَيْرِ لَامَ أَيْ مَوْتهَا " لَظَلِلْت آخِر يَوْمك مُعَرِّسًا " بِفَتْحِ الْعَيْن وَالْمُهْمَلَة وَتَشْدِيد الرَّاء الْمَكْسُورَة وَسُكُون الْعَيْن وَالتَّخْفِيف , يُقَال أَعْرَسَ وَعَرَّسَ إِذَا بَنَى عَلَى زَوْجَته , ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي كُلّ جِمَاع , وَالْأَوَّل أَشْهَر , فَإِنَّ التَّعْرِيس النُّزُول بِلَيْلٍ.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة عُبَيْد اللَّه " لَكَأَنِّي بِك وَاَللَّه لَوْ قَدْ فَعَلْت ذَلِكَ لَقَدْ رَجَعْت إِلَى بَيْتِي فَأَعْرَسْت بِبَعْضِ نِسَائِك.
قَالَتْ : فَتَبَسَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلهَا " بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ " هِيَ كَلِمَة إِضْرَاب , وَالْمَعْنَى : دَعِي ذِكْر مَا تَجِدِينَهُ مِنْ وَجَع رَأْسك وَاشْتَغِلِي بِي , وَزَادَ فِي رِوَايَة عُبَيْد اللَّه " ثُمَّ بُدِئَ فِي وَجَعه الَّذِي مَاتَ فِيهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
قَوْله : ( لَقَدْ هَمَمْت أَوْ أَرَدْت ) شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي نُعَيْم " أَوْ وَدِدْت " بَدَل " أَرَدْت ".
قَوْله : ( أَنْ أُرْسِل إِلَى أَبِي بَكْر وَابْنه ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالْوَاوِ وَأَلِف الْوَصْل وَالْمُوَحَّدَة وَالنُّون , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة مُسْلِم " أَوْ اِبْنه " بِلَفْظِ أَوْ الَّتِي لِلشَّكِّ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ , وَفِي أُخْرَى " أَوْ آتِيه " بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَة بَعْدهَا مُثَنَّاة مَكْسُورَة ثُمَّ تَحْتَانِيَّة سَاكِنَة مِنْ الْإِتْيَان بِمَعْنَى الْمَجِيء , وَالصَّوَاب الْأَوَّل , وَنَقَلَ عِيَاض عَنْ بَعْض الْمُحَدِّثِينَ تَصْوِيبهَا وَخَطَأَهُ.
وَقَالَ : وَيُوَضِّح الصَّوَاب قَوْلهَا فِي الْحَدِيث الْآخَر عِنْد مُسْلِم " ادْعِي لِي أَبَاك وَأَخَاك " وَأَيْضًا فَإِنَّ مَجِيئَهُ إِلَى أَبِي بَكْر كَانَ مُتَعَسِّرًا لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ حُضُور الصَّلَاة مَعَ قُرْب مَكَانهَا مِنْ بَيْته.
قُلْت : فِي هَذَا التَّعْلِيل نَظَر , لِأَنَّ سِيَاق الْحَدِيث يُشْعِر بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي اِبْتِدَاء مَرَضه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ اِسْتَمَرَّ يُصَلِّي بِهِمْ وَهُوَ مَرِيض وَيَدُور عَلَى نِسَائِهِ حَتَّى عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ وَانْقَطَعَ فِي بَيْت عَائِشَة.
وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَقَدْ هَمَمْت إِلَخْ " وَقَعَ بَعْد الْمُفَاوَضَة الَّتِي وَقَعَتْ بَيْنه وَبَيْن عَائِشَة بِمُدَّةٍ , وَإِنْ كَانَ ظَاهِر الْحَدِيث بِخِلَافِهِ.
وَيُؤَيِّد أَيْضًا مَا فِي الْأَصْل أَنَّ الْمَقَام كَانَ مَقَام اِسْتِمَالَة قَلْب عَائِشَة , فَكَأَنَّهُ يَقُول : كَمَا أَنَّ الْأَمْر يُفَوَّض لِأَبِيك فَإِنَّ ذَلِكَ يَقَع بِحُضُورِ أَخِيك , هَذَا إِنْ كَانَ الْمُرَاد بِالْعَهْدِ الْعَهْد بِالْخِلَافَةِ , وَهُوَ ظَاهِر السِّيَاق كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيره فِي كِتَاب الْأَحْكَام إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى , وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ إِحْضَار بَعْض مَحَارِمهَا حَتَّى لَوْ اِحْتَاجَ إِلَى قَضَاء حَاجَة أَوْ الْإِرْسَال إِلَى أَحَد لَوَجَدَ مَنْ يُبَادِر لِذَلِكَ.
قَوْله : ( فَأَعْهَد ) أَيْ أُوصِي.
قَوْله : ( أَنْ يَقُول الْقَائِلُونَ ) أَيْ لِئَلَّا يَقُول , أَوْ كَرَاهَة أَنْ يَقُول.
قَوْله : ( أَوْ يَتَمَنَّى الْمُتَمَنُّونَ ) بِضَمِّ النُّون جَمْع مُتَمَنِّي بِكَسْرِهَا , وَأَصْل الْجَمْع المُتَمَنِّيُونَ فَاسْتُثْقِلَتْ الضَّمَّة عَلَى الْيَاء فَحُذِفَتْ فَاجْتُمِعْت كَسْرَة النُّون بَعْدهَا الْوَاو فَضُمَّتْ النُّون , وَفِي الْحَدِيث مَا طُبِعَتْ عَلَيْهِ الْمَرْأَة مِنْ الْغَيْرَة , وَفِيهِ مُدَاعَبَة الرَّجُل أَهْله وَالْإِفْضَاء إِلَيْهِمْ بِمَا يَسْتُرهُ عَنْ غَيْرهمْ , وَفِيهِ أَنَّ ذِكْر الْوَجَع لَيْسَ بِشِكَايَةٍ , فَكَمْ مِنْ سَاكِت وَهُوَ سَاخِط , وَكَمْ مِنْ شَاكّ وَهُوَ رَاضٍ , فَالْمُعَوَّل فِي ذَلِكَ عَلَى عَمَل الْقَلْب لَا عَلَى نُطْق اللِّسَان , وَاَللَّه أَعْلَم.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَبُو زَكَرِيَّاءَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ وَا رَأْسَاهْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ فَأَسْتَغْفِرَ لَكِ وَأَدْعُوَ لَكِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ وَا ثُكْلِيَاهْ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوْتِي وَلَوْ كَانَ ذَاكَ لَظَلِلْتَ آخِرَ يَوْمِكَ مُعَرِّسًا بِبَعْضِ أَزْوَاجِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ أَنَا وَا رَأْسَاهْ لَقَدْ هَمَمْتُ أَوْ أَرَدْتُ أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ وَأَعْهَدَ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُونَ أَوْ يَتَمَنَّى الْمُتَمَنُّونَ ثُمَّ قُلْتُ يَأْبَى اللَّهُ وَيَدْفَعُ الْمُؤْمِنُونَ أَوْ يَدْفَعُ اللَّهُ وَيَأْبَى الْمُؤْمِنُونَ
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فمسسته فقلت إنك لتوعك وعكا شديدا قال: أجل كما يوعك رجلان منكم.<br> قال: لك...
عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: «جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني من وجع اشتد بي زمن حجة الوداع، فقلت: بلغ بي ما ترى وأنا ذو مال، ولا يرثني إل...
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: هلم أكتب لكم ك...
عن السائب يقول: «ذهبت بي خالتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن ابن أختي وجع فمسح رأسي ودعا لي بالبركة، ثم توضأ فشربت من وض...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة...
عن قيس بن أبي حازم قال: «دخلنا على خباب نعوده وقد اكتوى سبع كيات، فقال: إن أصحابنا الذين سلفوا مضوا ولم تنقصهم الدنيا، وإنا أصبنا ما لا نجد له موضعا...
عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لن يدخل أحدا عمله الجنة.<br> قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: لا، ولا أنا، إلا أن يتغمدني...
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو مستند إلي يقول: اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق.»
عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كان إذا أتى مريضا أو أتي به قال: أذهب الباس رب الناس، اشف وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شف...