5673-
عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لن يدخل أحدا عمله الجنة.
قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: لا، ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة، فسددوا وقاربوا، ولا يتمنين أحدكم الموت، إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب.»
(عمله) أي عمله وحده لا يجعله مستحقا للجنة وموجبا لها لأنه لا يقابل شيئا من نعم الله عز وجل على الإنسان وإنما هو سبب لتفضل الله عز وجل بذلك (يتغمدني) يغمرني ويسترني (فسددوا) اطلبوا السداد وهو الصواب بفعل القربات دون غلو ولا تقصير (قاربوا) الكمال في الاستقامة إن لم تصلوا إليه (إما محسنا) إما يكون محسنا فيزداد ببقائه حيا (فلعله) بحياته (يستعتب) يتوب ويرد المظالم ويطلب رضا الله عز وجل ومغفرته
فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
قَوْلُهُ : ( أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْد مَوْلَى عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف ) هُوَ أَبُو عُبَيْد مَوْلَى اِبْن أَزْهَر وَاسْمه سَعِيد بْن عُبَيْد , وَابْن أَزْهَر الَّذِي نُسِبَ إِلَيْهِ هُوَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَزْهَر بْن عَوْف , وَهُوَ اِبْن أَخِي عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف الزُّهْرِيّ ; هَكَذَا اِتَّفَقَ هَؤُلَاءِ عَنْ الزُّهْرِيّ فِي رِوَايَته عَنْ أَبِي عُبَيْد , وَخَالَفَهُمْ إِبْرَاهِيم بْن سَعْد عَنْ الزُّهْرِيّ فَقَالَ " عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَقَالَ : رِوَايَة الزُّبَيْدِيّ أَوْلَى بِالصَّوَابِ , وَإِبْرَاهِيم بْن سَعْد ثِقَة , يَعْنِي وَلَكِنَّهُ أَخْطَأَ فِي هَذَا.
قَوْله : ( لَنْ يُدْخِل أَحَدًا عَمَله الْجَنَّة ) الْحَدِيث يَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ فِي كِتَاب الرِّقَاق , فَإِنَّهُ أَوْرَدَهُ مُفْرَدًا مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَغَيْره , وَإِنَّمَا أَخْرَجَهُ هُنَا اِسْتِطْرَادًا لَا قَصْدًا , وَالْمَقْصُود مِنْهُ الْحَدِيث الَّذِي بَعْده وَهُوَ قَوْله " وَلَا يَتَمَنَّى إِلَخْ " وَقَدْ أَفْرَدَهُ فِي كِتَاب التَّمَنِّي مِنْ طَرِيق مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيّ , وَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق الزُّبَيْدِيّ عَنْ الزُّهْرِيّ.
قَوْله : ( وَلَا يَتَمَنَّى ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِإِثْبَاتِ التَّحْتَانِيَّة , وَهُوَ لَفْظ نَفْي بِمَعْنَى النَّهْي.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ " لَا يَتَمَنَّ " عَلَى لَفْظ النَّهْي , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة مَعْمَر الْآتِيَة فِي التَّمَنِّي بِلَفْظِ " لَا يَتَمَنَّى " لِلْأَكْثَرِ وَبِلَفْظِ " لَا يَتَمَنَّيَنَّ " لِلْكُشْمِيهَنِيّ , وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة هَمَّام عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بِزِيَادَةِ نُون التَّأْكِيد , وَزَادَ بَعْد قَوْله أَحَدكُمْ الْمَوْت " وَلَا يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِيه " وَهُوَ قَيْد فِي الصُّورَتَيْنِ , وَمَفْهُومه أَنَّهُ إِذَا حَلَّ بِهِ لَا يَمْنَع مِنْ تَمَنِّيه رِضًا بِلِقَاءِ اللَّه وَلَا مِنْ طَلَبه مِنْ اللَّه لِذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ , وَلِهَذِهِ النُّكْتَة عَقَّبَ الْبُخَارِيّ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة بِحَدِيثِ عَائِشَة " اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى " إِشَارَة إِلَى أَنَّ النَّهْي مُخْتَصّ بِالْحَالَةِ الَّتِي قَبْل نُزُول الْمَوْت , فَلِلَّهِ دَرّه مَا كَانَ أَكْثَر اِسْتِحْضَاره وَإِيثَاره لِلْأَخْفَى عَلَى الْأَجْلَى شَحْذًا لِلْأَذْهَانِ.
وَقَدْ خَفِيَ صَنِيعه هَذَا عَلَى مَنْ جَعَلَ حَدِيث عَائِشَة فِي الْبَاب مُعَارِضًا لِأَحَادِيث الْبَاب أَوْ نَاسِخًا لَهَا , وَقَوِيَ ذَلِكَ بِقَوْل يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام ( تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ) قَالَ اِبْن التِّين : قِيلَ إِنَّ النَّهْىَ مَنْسُوخ بِقَوْلِ يُوسُف فَذَكَرَهُ , وَبِقَوْلِ سُلَيْمَان ( وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِك فِي عِبَادك الصَّالِحِينَ ) وَبِحَدِيثِ عَائِشَة فِي الْبَاب , وَبِدُعَاءِ عُمَر بِالْمَوْتِ وَغَيْره.
قَالَ وَلَيْسَ الْأَمْر كَذَلِكَ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ إِنَّمَا سَأَلُوا مَا قَارَبَ الْمَوْت.
قُلْت : وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مُرَاد يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام , فَقَالَ قَتَادَة : لَمْ يَتَمَنَّ الْمَوْت أَحَد إِلَّا يُوسُف حِين تَكَامَلَتْ عَلَيْهِ النِّعَم وَجُمِعَ لَهُ الشَّمْل اِشْتَاقَ إِلَى لِقَاء اللَّه , أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْهُ.
وَقَالَ غَيْره : بَلْ مُرَاده تَوَفَّنِي مُسْلِمًا عِنْد حُضُور أَجَلِي , كَذَا أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي حَاتِم عَنْ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم , وَكَذَلِكَ مُرَاد سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام.
وَعَلَى تَقْدِير الْحَمْل عَلَى مَا قَالَ قَتَادَة فَهُوَ لَيْسَ مِنْ شَرْعِنَا , وَإِنَّمَا يُؤْخَذ بِشَرْعِ مَنْ قَبْلنَا مَا لَمْ يَرِد فِي شَرْعنَا النَّهْي عَنْهُ بِالِاتِّفَاقِ , وَقَدْ اِسْتَشْكَلَ الْإِذْن فِي ذَلِكَ عِنْد نُزُول الْمَوْت لِأَنَّ نُزُول الْمَوْت لَا يَتَحَقَّق , فَكَمْ مَنْ اِنْتَهَى إِلَى غَايَة جَرَتْ الْعَادَة بِمَوْتِ مَنْ يَصِل إِلَيْهَا ثُمَّ عَاشَ.
وَالْجَوَاب أَنَّهُ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد أَنَّ الْعَبْد يَكُون حَاله فِي ذَلِكَ الْوَقْت حَال مَنْ يَتَمَنَّى نُزُوله بِهِ وَيَرْضَاهُ أَنْ لَوْ وَقَعَ بِهِ , وَالْمَعْنَى أَنْ يَطْمَئِنّ قَلْبه إِلَى مَا يَرِد عَلَيْهِ مِنْ رَبّه وَيَرْضَى بِهِ وَلَا يَقْلَق , وَلَوْ لَمْ يَتَّفِق أَنَّهُ يَمُوت فِي ذَلِكَ الْمَرَض.
قَوْلُهُ ( إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَزْدَاد خَيْرًا , وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعْتِب ) أَيْ يَرْجِع عَنْ مُوجِب الْعَتْب عَلَيْهِ.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَة هَمَّام عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عِنْد أَحْمَد " وَأَنَّهُ لَا يَزِيد الْمُؤْمِن عُمْره إِلَّا خَيْرًا " وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْمَعْنَى فِي النَّهْي عَنْ تَمَنِّي الْمَوْت وَالدُّعَاء بِهِ هُوَ اِنْقِطَاع الْعَمَل بِالْمَوْتِ , فَإِنَّ الْحَيَاة يَتَسَبَّب مِنْهَا الْعَمَل , وَالْعَمَل يُحَصِّل زِيَادَة الثَّوَاب , وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا اِسْتِمْرَار التَّوْحِيد فَهُوَ أَفْضَل الْأَعْمَال.
وَلَا يَرُدّ عَلَى هَذَا أَنَّهُ يَجُوز أَنْ يَقَع الِارْتِدَاد وَالْعِيَاذ بِاَللَّهِ تَعَالَى عَنْ الْإِيمَان لِأَنَّ ذَلِكَ نَادِر , وَالْإِيمَان بَعْد أَنْ تُخَالِط بَشَاشَته الْقُلُوب لَا يَسْخَطهُ أَحَد , وَعَلَى تَقْدِير وُقُوع ذَلِكَ - وَقَدْ وَقَعَ لَكِنْ نَادِرًا - فَمَنْ سَبَقَ لَهُ فِي عِلْم اللَّه خَاتِمَة السُّوء فَلَا بُدّ مِنْ وُقُوعهَا طَالَ عُمْره أَوْ قَصُرَ , فَتَعْجِيله بِطَلَبِ الْمَوْت لَا خَيْر لَهُ فِيهِ.
وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِسَعْدٍ : يَا سَعْد إِنْ كُنْت خُلِقْت لِلْجَنَّةِ فَمَا طَالَ مِنْ عُمْرك أَوْ حَسُنَ مِنْ عَمَلك فَهُوَ خَيْر لَك " أَخْرَجَهُ بِسَنَدٍ لَيِّن , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة هَمَّام عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عِنْد أَحْمَد وَمُسْلِم " وَأَنَّهُ لَا يَزِيد الْمُؤْمِن عُمْره إِلَّا خَيْرًا " وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ قَدْ يَعْمَل السَّيِّئَات فَيَزِيدهُ عُمْره شَرًّا , وَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ : أَحَدهَا حَمْل الْمُؤْمِن عَلَى الْكَامِل وَفِيهِ بُعْد , وَالثَّانِي أَنَّ الْمُؤْمِن بِصَدَدِ أَنْ يَعْمَل مَا يُكَفِّر ذُنُوبه إِمَّا مِنْ اِجْتِنَاب الْكَبَائِر وَإِمَّا مِنْ فِعْل حَسَنَات أُخَر تُقَاوِم سَيِّئَاته , وَمَا دَامَ الْإِيمَان بَاقٍ فَالْحَسَنَات بِصَدَدِ التَّضْعِيف , وَالسَّيِّئَات بِصَدَدِ التَّكْفِير.
وَالثَّالِث يُقَيِّد مَا أُطْلِق فِي هَذِهِ الرِّوَايَة بِمَا وَقَعَ فِي رِوَايَة الْبَاب مِنْ التَّرَجِّي حَيْثُ جَاءَ بِقَوْلِهِ " لَعَلَّهُ " وَالتَّرَجِّي مُشْعِر بِالْوُقُوعِ غَالِبًا لَا جَزْمًا , فَخَرَجَ الْخَبَر مَخْرَج تَحْسِين الظَّنّ بِاَللَّهِ , وَأَنَّ الْمُحْسِن يَرْجُو مِنْ اللَّه الزِّيَادَة بِأَنْ يُوَفِّقهُ لِلزِّيَادَةِ مِنْ عَمَله الصَّالِح , وَأَنَّ الْمُسِيء لَا يَنْبَغِي لَهُ الْقُنُوط مِنْ رَحْمَة اللَّه وَلَا قَطْع رَجَائِهِ , أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ شَيْخنَا فِي " شَرْح التِّرْمِذِيّ ".
وَيَدُلّ عَلَى أَنَّ قِصَر الْعُمْر قَدْ يَكُون خَيْرًا لِلْمُؤْمِنِ حَدِيث أَنَس الَّذِي فِي أَوَّل الْبَاب " وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاة خَيْرًا لِي " وَهُوَ لَا يُنَافِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة " أَنَّ الْمُؤْمِن لَا يَزِيدهُ عُمْره إِلَّا خَيْرًا " إِذَا حُمِلَ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عَلَى الْأَغْلَب وَمُقَابِله عَلَى النَّادِر , وَسَيَأْتِي الْإِلْمَام بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا فِي كِتَاب التَّمَنِّي إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْدٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ قَالُوا وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَلَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَزْدَادَ خَيْرًا وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعْتِبَ
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو مستند إلي يقول: اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق.»
عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كان إذا أتى مريضا أو أتي به قال: أذهب الباس رب الناس، اشف وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شف...
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مريض فتوضأ فصب علي أو قال: صبوا عليه، فعقلت، فقلت: لا يرثني إلا كلالة...
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعك أبو بكر وبلال قالت: فدخلت عليهما، فقلت: يا أبت، كيف تجدك؟ ويا بلال، كيف ت...
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء.»
عن ربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: «كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نسقي القوم ونخدمهم ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة.»
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «الشفاء في ثلاثة: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار، وأنهى أمتي عن الكي» رفع الحديث، ورواه القمي عن ليث عن مجاهد عن ابن...
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الشفاء في ثلاثة: في شرطة محجم، أو شربة عسل، أو كية بنار، وأنهى أمتي عن الكي.»
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الحلواء والعسل.»